(محمود مرسي).. دنجوان غير مسار شخصياته كي يحقق لنفسه المكاسب(2/2)
* جسد دور الرجل الدنجوان الشكاك في أكثر من فيلم منها (الخائنة) و(زوجتي والكلب)
* في السبعينيات تغيرت الصورة التي سبق لـ (محمود مرسي) أن قدمها، فهو يجسد دور الدنجوان الناضج جدا من فيلما إلى آخر.
* دور العسكري القديم في فيلم (أغنية علي الممر) كان استثناءا في أفلام محمود مرسي في السبعينات
* مع التقدم في العمر أتجه الممثل المتميز إلي الدراما التليفزيونية فكان في صدارة الأعمال يقوم بدور رجل المجتمع الفاضل صاحب الحكمة ورب العائلة المسئول المثالي
* التركيبة الجسمانية والصوت الأجش قد لاعب دورا بارزاً في صبغ ملامح العاشق في بعض أفلامه
بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم
في مشوار (محمود مرسي) الفني، الذي نتحدث عنه كدنجوان تكررت شخصية الرجل الشكاك في أفلام كثيرة قام ببطولتها، ومن أبرزها الزوج المليء بالشكوك في فيلم (زوجتي والكلب)، فهو هنا عامل الفنار الذي تزوج حديثاً.
والذي يحكي لزملائه في العمل عن مغامراته النسائية الكثيرة قبل أن يتزوج، ويفخر أنه قد قام بخيانه زملاءه في العمل مع زوجاتهن.
أذن فنحن أمام دنجوان خائن وليس نبيلاً، ومثلما خان زملائه فإن الشكوك تلاحقه، وهو يتخيل بجنون أن زميله الشاب الذي أرسله إلى امرأته سوف يتصرف بنفس الطريقة، وهى أن يخونه، وتمتليء الشاشة بالهواجس والهلوسات التي لا علاج لها.
(محمود مرسي) و(الخائنة)
في فيلم (الخائنة) للمخرج كمال الشيخ لعب (محمود مرسي) دور رجل المجتمع صاحب المنصب الكبير الذي يشك في زوجته الفاضلة، وتجتمع كافة القرائن أمامه من خلال تسجيلات بالصورة المتحركة أن الزوجة امرأة خائنة! وأنها كانت علي علاقة ببعض زملاءه المقربين.
ويعني هذا أننا مجدداً أمام دنجوان غير سوي لا يعرف الاستقرار العاطفي، وأن هذه الوساس قد تكون قائمة علي قرائن حقيقية أو هي زرع لأفكار غير حقيقية ما يجعله يدفع ثمن سلوكه القديم.
وفي هذه المرة نجد أنفسنا أمام رجل وسيم ناجح لكنه وبكل الأسباب والتسميات مريض نفسياً، وغير صالح لأن يكون بين الدنجوانات.
(محمود مرسي).. (ليل وقضبان)
أما في فيلم (ليل وقضبان) للمخرج أشرف فهمي، وبطولة (سميرة أحمد، ومحمود ياسين) لعب (محمود مرسي) أيضا دور الرجل المتقدم في السن الذي يعمل حكمدار للسجن المليء بالمعتقلين.
وله ماض مزدحم بالنساء العابرات، لكنه لا يستطيع أن يمنع زوجته من استدعاء المهندس السجين إلي مسكنها في الحصن الذي تسكنه من أجل أصلاح الأضاءة، وتعذبه الهواجس، والشكوك، وهذه الهواجس تذكرنا بعامل الفنار في فيلم (زوجتي والكلب) الذي يعاني من الشك والوسوسة.
في السبعينيات تغيرت الصورة التي سبق لـ (محمود مرسي) أن قدمها، فهو يجسد دور الدنجوان الناضج جدا من فيلما إلي أخر، ابتدأ من فيلم (إمرأة عاشقة) ثم فيلم (أمواج بلا شاطيء)، وحتي (الشحاذ) ثم (طائر الليل الحزين).
طبعا هناك أسثناء لدور العسكري القديم في فيلم (أغنية علي الممر)، لكن هنا في فيلم (امرأة عاشقة) هو الأب صاحب الأسطول البحري الكبير المتزوج من امرأة ناضجة مثله، ولديه أبنه من زيجة سابقة يعيش معاً.
وتقع الزوجة في حب (الإبن) هذا الدنجوان الشاب الذي هو بذرة لزوجها الدنجوان الناضج، الرجل لا يمكن أن يصدق أن هناك حبا محرما قد تم بذره بين الطرفين هي علاقة أثمة ليس للأب يد فيها.
فالتحول الذي حدث لهذه المرأة الأسطورية – فيدرا – لم يكن باختيار أحد أن يغيره أو يقضي عليه.
وقف كلا من (شادية وحسين فهمي) أمام (محمود مرسي) في بطولة هذا الفيلم، ثم عادا للوقوف أمامه من جديد في فيلم (أمواج بلا شاطيئ) إخراج أشرف فهمي.
والذي تدور أحداثه حول شاب وسيم في مقتبل حياته العملية يُدعى (نادر/ حسين فهمي) يحيا حياة الأثرياء مع والدته الأرملة (نازك / ليلى فوزي).
ويقوم بالإشراف عليهم صديق والده (صالح / محمود مرسي)، الذي يتولى إدارة شركتهم، ويكتشف نادر علاقة عاطفية بين والدته و(صالح) تعصف بتفكيره.
فيحاول الانتقام من والدته، ويأتي بأول عاهرة قبلها عند الشاطيء وهي (ميمي / شادية) ويتزوجها، ويجعلها سيدة البيت، هنا يكرر (محمود مرسي) صورة الدنجوان الكبير الوسيم، الذي يقع في خصومة مع الدنجوان الصغير وهو أيضا وسيم.
وكما نري هنا فأننا أمام مجتمع ثري بالغ الرقي تم تمزيقه من خلال علاقات ممنوعة فصارت الجدران التي تحمي الرجل مشروخة تماماً، أنها من زجاج هش ويدفع العشاق هنا الثمن غاليا جدا.
(سعد اليتيم) و(حد السيف)
مع التقدم في العمر أتجه الممثل المتميز إلي الدراما التليفزيونية فكان في صدارة الأعمال، يقوم بدور رجل المجتمع الفاضل صاحب الحكمة ورب العائلة المسئول المثالي.
ولكننا نتكلم عن (محمود مرسي) هنا كممثل سينما، حيث قلت أدواره بشكل ملحوظ، وصار في بعض الأحيان فتوة عجوز يعيش مع أبنته الوحيدة منكسراً خائفا عليها من ماضيه الأسود ومن حاضره المليء بالخصوم.
وذلك في فيلم (سعد اليتيم) إخراج أشرف فهمي، صاحب أغلب أفلامه منذ السبعينيات، وفي فيلم (حد السيف) لـ (عاطف سالم)، هو وكيل الوزارة رب الأسرة الذي عليه تسديد تكاليف أفرادها ومتطلبات الحياة وغيرها.
والذي يضطر إلي العمل كعازف قانون في أحد الملاهي الليلية كي ترقص علي موسيقاه إحدي الراقصات، صاحبة الفرقة التي توفر له أموالاً يتمكن بها من اقامة حياة أفضل.
هذا الرجل يعيش في تواكل اجتماعي ملحوظ ففي الملهي الليلي يضع نظارة سوداء علي عينه، ويضع قبعة علي رأسه حتي لا يتعرف عليه أحد من المقربين عليه.
وعندما ينكشف أمره يصيبه الحرج، وهو يحاول تبرير لأبناءه ونسائبه ماذا يفعل وهو لا يمتلك سوى مرتبه الحكومي الضئيل الذي لا يكفي غلاء المعيشة!
من الواضح هنا أن (محمود مرسي) يقوم بنفس الدور الذي سبق ولعبه فريد شوقي، الذي جسد دور (الشحاذ) في فيلم (الموظفون في الأرض) الذي كان يدور حادثة حقيقية نشرتها الصحف حول وكيل وزارة يتحول إلي شحاذ!.
ولا شك أن الصفات التي نعرفها عن الممثل وأدواره لا تجعله صالحاً بأن يكون متسولا بل عازف قانون!، وهي المهنة لا تدفع صاحبها إلي الشعور بالحرج إلي هذه الدرجة التي صورها الفيلم!.
ولذا فأن الدنجوان العجوز هنا يحاول مقاومة الراقصة الفاتنة حين تبلغه أنها عاشقة له، لأنه لا يود خيانة زوجته الوقورة، وكل علاقته بهذا الأمر أنه يريد النقود حيث أن وظيفته المرموقة لن تسد له مطالبه الأساسية في الحياة.
(محمود مرسي) و(الاندماج)
هذا هو الدنجوان بصورتها التي عرضناها لـ (محمود مرسي)، واحد من أندر وأكفء الممثلين المعروفين بالأندماج، ولاشك أن هذه التركيبة الجسمانية والصوت الأجش قد لاعب دورا بارزاً في صبغ ملامح العاشق في بعض أفلامه.
ففي فيلم (أبناء الصمت) إخراج محمد راضي، كان هو رئيس التحرير الذي يعمل في صحيفة قومية لا يؤمن قط بما يكتب خاصة ما يمس القضايا الوطنية، ومنها أمكانية دخول الجيش في حرب مع الأعداء!.
وبينما الشبان الصغار يدفعون دمائهم دفاعا عن الوطن علي الجبهة، فأن هذا الصحفي الذي يعيش في الجبهة الداخلية يعيش حياة اللهو والمجون مع سكرتيرته، وهناك الكثير من البنات الصغيرات في حياته.
وهكذا فأننا قدمنا نموذجا لدنجوان غير مسار شخصياته وكل ما اكتسب من مميزات كي يحقق لنفسه المكاسب، وأي مكاسب!