رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(هاني شحاتة): كتبت (مكتوب لي أغنيلك) لحمدي صديق، فغناها إيمان البحر درويش!

كتب: أحمد السماحي

(هاني شحاتة) واحد من أعمق شعراء مصر المعاصرين في كتابة الأغنية المصرية، وواحد من جيل أضاف مفردات جديدة لقاموس الأغنية المصرية لم يكن موجودا قبلهم.

و(هاني شحاتة) لا يؤلف بل يشعر، يمارس الشعور بأدق خلجات الناس وآلامهم وأحزانهم وأفراحهم، ويستخرج كلماته من آبار شعبية لا تنضب، فإذا الكلمات صور وتشخيصات للشخصية المصرية في جوانبها المتعددة في مختلف أحوالها ومشاعرها.

كلمات (هاني شحاتة) دفقات من الشعور المملوء شجنا وحزنا وبهجة، ووعيا، وبحكم أنه (مزاجنجي) لا يكتب إلا إذا كان يريد أن يكتب، وإذا كتب، لا يكتب إلا في إطار رؤاه هو وقناعاته هو.

ولم تجبره سلطة، ولا شهوة، ولا حاجة للكتابة بما لا يدخل في قناعاته، لهذا لم يكن غزيرا في انتاجه مثل كثير من أبناء جيله، لكنه كان صاحب بصمة خاصة، وكلمة مطرزة بالصوروالألوان الطبيعية.

تجد في أشعاره صور درامية مثل أغنيته البديعة (لحظة غروب)

في أشعاره صور درامية

هذه الكلمة التى تلونت بالشكل الدرامي بحكم هواية (هاني شحاته) للتمثيل الذي مارسه فترة وهو طالب في كلية (الهندسة) جامعة الأسكندرية، لهذا تجد في أشعاره صور درامية مثل أغنيته البديعة (لحظة غروب) التى قام بغنائها مولانا (علي الحجار).

والتى يقول فيها: (كان السبب أنى ما عنديش من الدهب غير بس قلب عرف التعب، علشان معاكى فى يوم وهب للدنيا حب)، فيه جمال كده، بالزمة!.

أو يقول في أغنية (ايه سهرني) للديفا (سميرة سعيد): (رغم أن فراقنا دا كان ذنبك، وأنت إللي ظلمني كتير قلبك، لكن رجعني أني بحبك).

يؤكد مع (عفاف راضي) في أغنيتهما (زمانك راح)، أن زمن الحبيب راح

زمن الحبيب راح

أو يؤكد مع (عفاف راضي) في أغنيتهما (زمانك راح)، أن زمن الحبيب راح، رغم الألم الذي تركه هذا الفراق، والتى يقول فيها (هاني شحاتة):

زمانك حلم ضاع مني، وانا برسم لبكره طريق

 كأنك كنت يوم مني، وإحساسك كأنه بريء

ياريت ما خدعني إحساسك، وعشت في وهم إخلاصك

ولا قلبي بعشقك باح، زمانك راح  

زمانك راح، معدش في صحبتك إفراح

الملحن الكبير فاروق الشرنوبي وقت تلحين (مكتوب لي أغنيلك)

هاني شحاته و(مكتوب لي أغنيلك)

هذا الأسبوع في باب (حواديت الأغاني) نتوقف عند واحدة من أجمل الأغنيات الوطنية التى مرت علينا في الثلاثين سنة الماضية، وهى أغنية (مكتوب لي أغنيلك) الممزوجة كلماتها بعشق مصر.

وعلى عكس كثير من الأغنيات الوطنية التى يغلب عليها الحزن، جاءت أغنية (مكتوب لي أغنيلك) مليئة بالبهجة والافتتنان المجنون بمصر الحبيبة.

فشاعرنا (هاني شحاتة) كان طليعيا رائداً في المزاوجة بين العاطفي والوطني، والغناء للوطن وللحبيبة، وهذا هو الغناء الأسمى.

عن ظروف ولادة هذه الأيقونة الوطنية العاطفية، التى كانت ضمن أغنيات ألبوم (نفسي) لمطربنا الغالي إيمان البحر درويش، يعود (هاني شحاتة) للوراء 40 عاما.

ويحكي لنا (حدوتة) أغنية (مكتوب لي أغنيلك) فيقول: كانت تربطني بزميلي – الذي أصبح فيما بعد المطرب والملحن – (حمدي صديق) صداقة وطيدة، ونحن طلبة في كلية الهندسة جامعة الأسكندرية.

وفي إحدى السنوات قررنا تقديم مسرحية (حكاية ولد بيحب مصر) عن قصة حياة الشاعر والكاتب (نجيب سرور)، وقد كنت أجسد دور نجيب سرور.

ومن خلال هذه المسرحية، تعرفت على الموسيقار العبقري (فاروق الشرنوبي)، الذي أعتبره ثاني العباقرة في مجال التلحين بعد الموسيقار العبقري (بليغ حمدي).

وفي هذه الفترة أعطيت (فاروق الشرنوبي) كلمات أغنية (مكتوب لي أغنيلك) ليقوم بتلحينها، لصديقي المطرب (حمدي صديق)، وبعد انتهاء (الشرنوبي) من تلحين الأغنية، شعر (حمدي صديق) أنها ليست شبهه، وبعيدة عن نوعية الأعمال التى يقدمها.

وأثناء ذلك صادف أن المطرب (إيمان البحر درويش) صديق (حمدي صديق) منذ أيام كلية الهندسة، كان موجودا في الأسكندرية يزور أهله.

استمع إيمان البحر إلى أغنية (مكتوب لي أغنيلك)، فانبهر بما سمعه

انبهر (إيمان البحر درويش) بالأغنية

وكان (إيمان) في هذه الفترة (1984) نجما ساطعا بعد نجاحه المبهر في ألبومه الأول (الوارثين) الذي كان يغني فيه أغنيات جده الشيخ (سيد درويش).

وكنت تجمعني بإيمان معرفة جيدة منذ أيام كلية (الهندسة)، فهو كان يدرب كورال فريق الهندسة، وأنا كنت عضوا بارزا في فريق التمثيل، لكنه لم يكن يعرف أنني شاعر أيضا بجوار موهبة التمثيل.

وجاء إيمان لزيارة (حمدى صديق)، وكان (فاروق الشرنوبي) عنده، واستمع إيمان البحر إلى أغنية (مكتوب لي أغنيلك)، فانبهر بما سمعه، وانبهر أكثر بموهبة (فاروق الشرنوبي) التلحينية، ويومها أخذ منه ثلاث ألحان هى (نفسي) كلمات الصديق عماد حسن، و(مكتوب لي أغنيلك)، و(بشرة خير) من كلماتي.

 وقرر أن يضم الأغنيات الثلاثة لألبومه الجديد الذي يقدم فيه لأول مرة أغنيات عصرية خاصة به.

وطلب مني إضافة موال في بداية أغنية (مكتوب لي أغنيلك)، ورغم انتهاء (فاروق الشرنوبي) من تلحين الأغنية كاملة، لكننا نزولا على رغبة (إيمان البحر درويش) أضفنا (موال) في بداية الأغنية.

والتى كانت تقول كلماتها:

الموال: يا مصر يا حافظة قرآنك وأناجيلك

ولو تناديني من الغربة أنا أجيلك

وفي وقت الشدة أدعيلك، وأنا جيلك

و مهما تموت هنا أجيال، أنا جيلك

مكتوب لي أغنيلك، وأغزل مواويلك

وإن جف نبع الحب ، يرويه عسل نيلك

عشقك في مهدي ابتدى، وأنا دمعي قطرة ندى

علمني أول ندى يا غالية أدعيلك

ياللي الدهب شعرك مفرود على ضهرك

لو امتلك مهرك حيقيدلي قنديلك

يا صابحة متعطرة من حلفا للقنطرة

أنا اللي دمعي اشترى أغلى مناديلك

مكتوبلي أغنيلك ، وأغزل مواويلك

وإن جف نبع الحب ، يرويه عسل نيلك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.