رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

د. ثروت الخرباوي يكتب: موسوعة الأكاذيب واحتلال (العقل)!

بقلم المفكر الكبير الدكتور: ثروت الخرباوي

انتبه معي عزيزي القارىء، أرجووووووك انتبه، فأنت الآن تعيش في عالم تغيير الحقيقة، وتغييب الوعي، أنت الآن ومنذ فترة خاضع لعملية خطيرة أطلقوا عليها: (إخضاع العقول)، أو إدارة (العقل) البشري، أجروا تجاربهم على القرود أولا وعندما نجحت التجربة نفذوها على الإنسان.

وإذا كان الاحتلال القديم يسعى إلى السيطرة على الأرض، وقد كان هذا مكلفا، لذلك أصبح المشروع الآن هو احتلال (العقل)، لن أقص عليكم قصة احتلال (العقل) من بدايتها إذ أنها قصة طويلة.

ولكني سأقص عليكم القصة التي تحدث الآن، وسأخبركم بأمر هام هو أنني لا أعرف ماذا سيفعلون بعقولنا المحتلة؟ ومن ثم بنا؟ ومن ثم ببلادنا، ولا تستصغر شيئا فمعظم النار من مستصغر الشرر، فلربما تحرك فراشة أجنحتها في استراليا فيترتب على هذا قيام ثورات في منطقة الهلال الخصيب أو شمال إفريقية أو الخليج العربي أو أو أو.

والآن إلى الموضوع الذي وصفتُه بالمستصغر، خذ عندك يا سيدي، أنت تقرأ في الفيس منشورا (بوست) ينعي أحد الفنانين، فتدخل سريعا وتترحم عليه دون أن تتأكد من صحة الخبر، ثم تقوم بنشر هذا المنشور، فيفعل غيرك مثلك وهكذا، إلى أن يتضح أن هذا الخبر كاذب، فأين كان (العقل) عندما فعلت ذلك؟

كان عقلك مربوطا بحبل، وشخص ما خفي يقوم بسحب (العقل) إلى الناحية التي يريدها، وبعدها خبر كاذب عن وفاة فنان آخر أو نجم من نجوم المجتمع والكل ينشر دون أن يتحقق من صحة الخبر، فالحبل في يد الشحص الخفي وهو يسحبنا دائما إلى ما يريد، وعقولنا تم صياعتها بخاصية (التصديق).

أمينة ذهني

قصة مختلقة ووهمية

أما القصص الوهمية الكاذبة اللامنطقية فهي أكثر القصص انتشارا، فقد تم إعداد حبكتها بشكل يجعلها قصصا مدهشة وغريبة، وطالما أنك اندهشت فستصدق، وعلى سبيل المثال سبق لي أن كتبت مقالا عن السيدة (أمينة ذهني)، تلك المرأة العجوز التي قامت بدور (حماة نجيب الريحاني) في فيلم (سلامة في خير).

حيث انتشرت قصة وهمية ولا تزال تنتشر في كل الوسائل بأنها بعد أن أدت دورها في الفيلم قتلها سائق تاكسي وألقاها في الصحراء فأكلتها الذئاب، وبعد عشرين سنة اعترف السائق بجريمته التي لم يكن أحد يعرفها فأخذ إعدام، يا سادة يا كرام هذه قصة مختلقة ووهمية لا أصل لها، أرجوكم، حرام عليكم، كفوا عن تصديقها ونشرها.

والقصة الأخرى التي لايصدقها (العقل) انتشرت أيضا عن فيلم (سلامة في خير) هى قصة الممثلة اليونانية التي قامت بدور (أم يني)، حيث نسجوا حكاية مفادها أن (أم يني) امرأة قاتلة وأنها حرضت زوجها على قتل شقيقه الذي راودها عن نفسها، ثم حرضت نفس الزوج على قتل أمه، ثم أضرمت النار في زوجها.

ولكن الله كتب له النجاة، فهربت لسنوات إلى أن شاهدها زوجها وهو يشاهد الفيلم في دار السينما تؤدي دورها فصرخ ثم ذهب إلى قسم الشرطة وأبلغ عنها فقبضوا عليها وأعدموها، ولكي نصدق القصة قالوا إن البوليس قبض على (نيازي مصطفى) وقبضوا فوق البيعة على المنتج، أما لماذا قبضوا عليهما؟ الله أعلم!

ولكي يحبكوا القصة زعموا أن (نيازي مصطفى) كتب هذه الأحداث في مذكراته!! ولكن أين مذكرات (نيازي مصطفى؟ طبعا لا وجود لها لأنه لم يكتب مذكرات.

ومع ذلك ستقابلك تلك القصص الوهمية على (التيك توك واليوتيوب والفيس بوك) وغيرهم بشكل متكرر وسخيف، والناس تشاهد وتصدق ثم يقوم فلان أو علان بنشر هذه القصص باعتباره من العالمين ببواطن الأمور!.

ولكن لماذا لم يكتب أحد تلك القصص الوهمية قبل الفيس بوك؟ لأن في الزمن الماضي لو كتب أحدهم هذه القصص لقام الناس بـ (زفه زفة الإنجليزي في العشة)!!

ومنذ فترات تظهر علينا قصة بين الحين والحين عن الكاتب الكبير (محمد حسنين هيكل) حيث تقول القصة الوهمية إن:

(آمال طليمات) والشهيرة بميمي إبنة السيدة (روزاليوسف) وأخت الكاتب الكبير (إحسان عبد القدوس) هى الزوجة الأولي للكاتب الصحفي (محمد حسنين هيكل)؛ وقد تم الزواج فى مطلع العام 1943 فى محاولة (هيكل) الطموح لأن يصبح كبيراً فى عالم الصحافة من خلال (روز اليوسف) السيدة والمجلة، وابنة صاحبة المجلة.

ولقد فطنت (السيدة روز اليوسف) لطمع هيكل وانتهازيته وتسلقه؛ وقد حذرت ابنتها من هذا الزواج المبكر وهى صغيرة، كما حذرتها من شخص (هيكل) وعدم استوائه، ولهذا فقد أسكنتهما فى غرفة (بير السلم) فى البيت الذي كان يدار منه إصدار المجلة.

وسرعان ما انكشف (هيكل)، فقد تأكد من أنه لن يحصل علي مبتغاه، من زواجه من أبنة (روز اليوسف) فطلق (ميمي) بعد فترة زواج قصيرة.

ليس هناك أي صلة بين هيكل وآمال طليمات

زواج (هيكل) و(آمال طليمات)

هذه قصة مختلقة وغبية في آن واحد لايصدقها (العقل)، فلا (هيكل) تزوج (آمال)، ولا ربطته بها أي صلة، بل إنه عام 1943 لم يكن قد التقى بالسيدة (فاطمة اليوسف) بعد.

ولكن ما هى القصة الحقيقية لزواج وأزواج السيدة (آمال طليمات)؟ نعطي الفضل أولا لأصحابه، وأصحابه هم (مؤسسة المرأة والذاكرة)، وهى مؤسسة بحثية تأسست عام 1995، ويديرها مجلس أمناء يضم نخبة من أستاذات الأدب والاجتماع بجامعة القاهرة، معهن مجموعة متميزة من الباحثات والباحثين.

ولأن من ضمن أغراض تلك المؤسسة إعداد قاعدة بيانات للخبيرات المصريات المتميزات في مجالاتهن في تخصصات مختلفة؛ ويهدف المشروع من وراء ذلك زيادة الوعي حول إنجازات النساء المصريات.

ثم حدث أن قام فريق من تلك المؤسسة بإجراء مقابلة مع السيدة (آمال طليمات) في الرابع عشر من شهر مايو عام 2001، روت فيها كل ما يخص حياتها الشخصية فقالت إنها:

(تزوجت للمرة الأولى من ابن عمها وكان عمرها وقتئذ 17 عاماً، ولم تستمر الزيجة طويلاً نظراً لصغر سنها، وأيضاً لفارق السن الكبير بينهما، ثم تزوجت مرة أخرى من الصحفي (صلاح عبد الجيد)، وأنجبت منه ابنها زكي، ولكن لم تستمر هذه الزيجة أيضاً، وحدث الانفصال.

وتُرْجِع (آمال) سبب زواجها من الأول ثم الثاني لرغبتها في الهروب من المنزل وتحقيق الاستقرار الذي لم تنعم به في ظل انفصال والديها وانشغال والدتها الدائم عنها.

آمال طليمات

(آمال طليمات) و(أحمد الجندي)

ولم تكن لديها الرغبة في العودة للعيش في منزل والدتها، فعاشت مع ابنها (زكي صلاح عبد الجيد) في منزل منفصل، وظلت به حتى التقت بزوجها الثالث (أحمد الجندي).

وكان صديقاً لأخيها من أمها (إحسان عبد القدوس) فتزوجا وأنجبت منه ابنتيها (فاطمة وزين)، واستمر زواجهما الذي قام على الحب والتفاهم لمدة 25 عاماً، ثم حدثت أشياء لم تعكر العلاقة بينهما ولكن ترتب عليها انفصالهما.

ثم توفيت (آمال طليمات) في نوفمبر من عام ،2018 ونشر نعيها في جريدة الأهرام وتضمن أسماء أولادها من زوجيها وأحفادها.

أما (محمد حسنين هيكل) فكما قلت لم يلتق بالسيدة روزاليوسف إلا عام 1944 أثناء وجوده في فرنسا بعد أن انسحب الألمان منها  عقب هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية.

وكان اللقاء في باريس حيث التقى بالسيدة فاطمة اليوسف (روزاليوسف) التي أعجبت بنشاطه الصحفي وطلبت منه الالتحاق بمجلة (روزاليوسف) فوافق، متى كان ذلك؟ عام 1944، فكيف تزوج من ابنتها قبل أن يعرفهم بعام؟!.. أين (العقل).

المهم أنه في مجلة (روزاليوسف) تعرف على (محمد التابعي) أحد رواد الصحافة المصرية، ثم عمل من عام 1953 وحتى عام 1956 في مجلة (آخر ساعة) ، ومن بعد ذلك أخذ يتنقل بين الصحف إلى أن استقر به المقام في الأهرام عام 1957.

والزواج الوحيد أو كما يقولون الرباط المقدس فقد انعقد بين هيكل حينما تجاوز الثلاثين بعامين، وبين السيدة الفاضلة (هدايت علوي تيمور)، وكان ذلك في بداية عام 1955 بعد أن التقى بها في حفل اجتماعي.

وبعدها بأيام التقى بها في مكتب (مصطفى أمين) ويبدو أنه كان لقاءً مرتبا، وظلت السيدة  هدايت تيمور رفيقة حياته إلى أن توفاه الله عام 2016.

والأكيد والمؤكد الذي يقبله (العقل)، أن (هيكل) لم تقم بينه و(آمال طليمات) أي صلة في أي وقت من الأوقات.

أما القصة المشبوهة بزواج (هيكل) من (آمال طليمات) فقد بدأت في النشر على (الفيس بوك) أولا بعد وفاة (آمال طليمات) عام 2018 بأيام، وذلك من خلال جروب اسمه زكريات زمان، ثم تم تناقله عبر عدة جروبات، ثم بدأ في الانتشار.

والملاحظ أنه كان يختفي فترة، ثم  إذا به ينشط عام 2020، ثم اختفى، ثم نشط مرة أخرى عام 2022، وكان في كل مرة يجد تعقيبات كثيرة جدا، لكن لم يقم ولو شخص واحد برفض تلك القصة أو إنكارها فالكل كان مسحوبا من حبل، الله أعلم إلى أي جهة يقودها أو يقودنا هذا الحبل.

الآن من خلال (شهريار النجوم) كتبت عن عدة أكاذيب كبرى، الأولى عن فيلم (آلام المسيح)، الذي زعموا أن الفنان الكبير (أحمد علام) قام ببطولته، والثاني عن السيدة (أمينة ذهني) المرأة العجوز في فيلم (سلامة في خير)، والثالث عن اليونانية (أم يني) في فيلم (سلامة في خير)، والرابع عن زواج وهمي بين (هيكل) و(آمال طليمات).

فهل هذه هي الأكاذيب الوحيدة التي يروجها الناس على أنها حقيقية؟ لو تفرغت للكتابة في هذا الموضوع في كل المجالات أدبية وفنية وسياسية وتاريخية لكتبت موسوعة كبرى، وسأضع لها عنوانا هو (موسوعة الأكاذيب).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.