(زياد سحاب).. صاحب التجربة الموسيقية الخضراء التى لم تنضج بعد!
كتب: أحمد السماحي
(زياد سحاب) مغني وملحن لبناني صاحب تجربة موسيقية بسيطة جدا، وحقيقية جدا، لكن هذه التجربة مازالت خضراء، لم تكتمل حتى الآن، بسبب الأوضاع السياسية المتردية التى يمر بها العالم العربي منذ 13 عاما، هذه السنوات التى آثرت على كل شيئ بالسلب.
منذ طفولته والموسيقى والغناء بالنسبة لـ (زياد سحاب) غذاء يوميا، فوالده هو المؤرخ الموسيقي (فيكتور سحاب) رئيس مجلس الموسيقى الدولي لليونسكو، وعمّه المايسترو (إلياس سحاب)، وعمه الآخر هو المايسترو (سليم سحاب).
في هذا الجو نشأ وعاش (زياد سحاب)، لهذا كان طبيعيا أن تكون علاقته ممتدة ووطيدة بأساطين النغم مثل (سلامة حجازي، والشيخ سيد درويش، زكريا أحمد، محمد عبد الوهاب، أم كلثوم، كمال الطويل، ومحمد الموجي، وبليغ حمدي) وغيرهم، ووقع في غرام الشيخ (محمد عمران).
زياد سحاب وكمال الطويل
في عمر العاشرة انضم (زياد سحاب) لفرقة بيروت للموسيقى العربية، وفي عمر الثالثة عشرة قدّم أولى حفلاته كعازف عود في دار الأوبرا المصرية ضمن مهرجان الموسيقى العربية عام 1995، ولنجاحه الكبير في الحفل دعته دار الأوبرا للمشاركة في حفل ثانٍ.
وبسبب تلك الحفلات تعرف الصبي (زياد سحاب) على الموسيقار الكبير كمال الطويل، وتوالت لقاءاتهما، حتى أنه شجّعه على الدراسة في مصر، وبالفعل جاء (زياد سحاب) إلى مصر عام 2001 للالتحاق بأكاديمية الفنون.
وسكن بشارع (عماد الدين) بمنطقة وسط البلد، ونظرا لعدم وجود تليفزيون لديه، شغل نفسه بالقراءة فكان يسير يوميا من شارع عماد الدين إلى مكتبة (مدبولي) بميدان طلعت حرب، ليشتري كتابا، وبعد انتهائه منه يشتري آخر.
وبعد عام لم يستطع تكملة دراسته في القاهرة، وعاد إلى لبنان، وانشغل في الموسيقى والغناء، وبدأ الطريق يمتلأ بالشوك والألم والحزن العميق، وقابل (زياد سحاب) كل هذه العقبات مرتفع الرأس في اعتزاز لا يشوبه غرور، وإيمانا بقضيته الفنية المختلفة.
هذه القضية الفنية التى آمن بها مجموعة من الشعراء أصحاب الكلمة المختلفة مثل (محمد خير، أمين حداد، صديق قديم) وغيرهم من الشعراء، فضلا عن مجموعة من المشجعين.
ورغم عدم معرفتي بـ (زياد سحاب) الشخصية لكنني على يقين أنه يتميز في علاقاته الشخصية بالعاطفية والإخلاص الشديد لمن تربطهم به علاقات إنسانية.
قوة الكلمة وعذوبة اللحن
على مدى مشواره الفني قدم (زياد) العديد من الألبومات الغنائية التى تتميز بقوة الكلمة وواقعيتها وتعبيرها عن قضايا إنسانية محلية وعربية.
وقوة الكلمة نتيجة طبيعية لما تربى عليه (زياد سحاب) لأن والده كان يجبره هو وإخوته لمدة ساعة على سماع تجويد القرآن، وكان متعصباً للغة العربية، وعندما كان (زياد) يسأله عن معنى كلمة يقول له افتح كتاب (لسان العرب) ما تسألني؟!
ولم تتميز ألبومات (زياد سحاب) فقط بقوة الكلمة، ولكن بعذوبة وبساطة اللحن، فألحانه هى السهل الممتنع، التى تجذب المستمع إليها بقوة وصدق العاطفة المنسوجة منها.
ورغم واقعية تجربة (زياد سحاب) لكن كثيرا ما يترك الواقع ويرتفع فوقه بجناحيه، وذلك لأن الواقع الذي نعيش فيه واقع مرير، لو استسلمنا له سنصاب باليأس والإحباط.
زياد سحاب.. رح نبقي نغني
هذا الأسبوع في باب (غلاف ألبوم) نتوقف مع ألبوم (رح نبقى نغني) الذي لحن كل أغنياته (زياد سحاب)، والذي يتكون من 12 أغنية، كتب (زياد) منهم أربع أغنيات هي: (ما أنا بحب الرواق، كذا كتاب، الوضع الإقليمي، رح نبقى نغني).
وكتب (صديق قديم) اثنين منهما، وهما (شو كانت حلوة بلادي، على راسك يا مدينة)، وكتب الشاعر المصري (محمد خير) أغنية (أنا قلبي لما حكى).
واختار زياد سحاب من كلمات الشاعر الكبير (أحمد فؤاد نجم) خمس أغنيات هي (فات الهوى، وعينيكي، قل أعوذ مد بوزو، توت حاوي، سافر غريب الدار).
والملاحظ أن (زياد سحاب) أعاد تلحين غناء بعض الأغنيات التى كتبها الشاعر المتميز (أحمد فؤاد نجم)، ولحنها الموسيقار العبقري عمار الشريعي للنجم (مدحت صالح) فى مسلسل (أبوالعلا البشري 90) الجزء الثاني.
من الأغنيات التى أعاد تلحينها زياد (سافر غريب الحي) التى كانت مقدمة المسلسل، و(عينيكي، وفات الهوى)!، ويبدو أنه لم يشاهد المسلسل، ولم يسمع بالأغنيات التى أبدع فيها (مدحت صالح).
والحقيقة أن (زياد سحاب) قدم وجهة نظر تلحينية مختلفة عن التى قدمها (عمار الشريعي)، وإن كنت أحببت أكثر ما قدمه العبقري عمار الشريعي.
(زياد سحاب) شكر في (غلاف الألبوم) كلا من (يارا، عائلة سحاب، عائلة فايد، محمد خير، رنا حايك، خالد صاغية، نزار العلي، سحر مندور، نعيم رمال، سيد درويش، محمد عبدالوهاب).
شو كانت حلوة بلادي
من الأغنيات التى توقفت عندها كثيرا أغنية (شو كانت حلوة بلادي) التى كتبها (صديق قديم)، وغنتها المغنية (ياسمينا فايد)، والتى يقول مطلعها:
لو كل الأغاني لـ غنوها لحروبن غنوها للحب
لو كل الشهدا لـ بعتوهن تيموتوا، بقيو وزرعوا الأرض
لو كل الأطفال لـ حملوا رايات النصر، لعبوا ورسموا الفي
لو كل هلي نحنا، لـ دفنونا بالعتمة منسأل وينا الشمس
شو كنت حلوة بلادي.
ما أنا بحب الرواق
من أجمل أغنيات الألبوم التى كتبها ولحنها وغناها (زياد سحاب) أغنية (ما أنا بحب الرواق) التى يقول مطلعها:
على فكرة، رح اتجوز، حتى أرجع طلق
حتى هالغلطة ما أرجع عيدا
خليني اتعلم من كيسي عا بكير، واقعد، أندم عا رواق
ما أنا بحب الرواق
على فكرة رح أعمل ثورة، حتى تفشل طبعا
حتى هالغلطة ما أرجع عيدا
حلو الواحد يعمل غلطة، ويبقى عارف أنا غلطة
حلو الواحد يقنع حالو، أنو اليسار، منو أونطة
وأنو في طائفية، الدنيا كلا ديمقراطية
خليني أحلم، عارواق، وببقى بتعلم عارواق
ما أنا بحب الرواق
أنا قلبي لما حكى
تألق وأبدع (زياد سحاب) في لحنه (أنا قلبي لما حكى) كلمات الشاعر (محمد خير) الذي قال في بعض كلماتها:
أنا قلبي لما حكى، ارتاح في أفراحك
طب ليه يا طير البكا، رفرفت بجناحك
طب ليه بقا عيونك بتخبي مكنونك
ولا كنت مجنونك، ولا كنت أنا جراحك
أنا قلبي بعد الليل، فتح عيونو وصحا
وقلنا الليل طويل، طب ليه تعاندي الضحى
طب ليه بقا الأحزان، بتعلم الكتمان
ما هربنا منها زمان، ما هربنا لبراحك.