بقلم الفنان التشكيلي الكبير: حسين نوح
في مسلسل (مفترق طرق) يتأكد للمشاهد أن النجاح في الدراما إنما يعتمد على العمود الفقري للنجاح (الورق، السيناريو، الأحداث)، ولأن العمل عن مسلسل أمريكي باسم the good wife فقد حقق مبتغاه.
فجاء المسلسل مختلفاً يجعل المشاهد يتابعه بشغف رغم الإسهاب في بعض الحلقات فكانت أفضل أن يكون العمل في ثلاثين حلقة فقط، ولكنه التعريب فقد يجد البعض أن الأحداث غريبة عن الواقع الذي نعايشه، ولكن للحق الواقع أحياناً قد يكون صادمآً فالعالم أصبح على الهواء.
مسلسل (مفترق طرق) من إخراج الواعي (محمد يحيي) ويدور حول (أميرة الألفي/ هند صبري)، حين تجد نفسها في (مفترق طرق، فقد تم القبض على زوجها المحافظ المرموق (عمر المنسي/ ماجد المصري) في قضايا مخلة بالشرف فتعود للمحاماة لمكتب صديقها القديم (يحيي/ إياد نصار)، لتعمل معه لتتكفل بإسرتها الابنه والابن. وتدور الاحداث من خلال مكتب المحاماه الذي نتعرض فيه بالتوازي لقضايا جديدة جاذبة لنتعرف بتوسع على فكرة الجاني والضحية وكُتبت الحلقات بأسلوب جذاب جعلنا نتابع بشغف كل حلقه وننتظر القادم
التمثيل في (مفترق طرق) هو أهم ما يميز هذا العمل أكثر من رائع والسبب الكاستنج المهني الواعي وهو من أهم عوامل تميز المخرج.
قدم المخرج نفسه ومنذ التترات واختيار اسم العمل بمشاهد للتقاطعات وسط المدينه ثم ينتقل للكوبري الكبير تعبيراً عن وسيلة التواصل بين التباعدات والاختلافات بين البشر مع موسيقي تخدم الصورة.
كما استخدم في مشاهد المحكمة قاعات المحاكم الحقيقية ليضيف تأكيداً للواقع جاذباً للمشاهد، واستخدم (الكلوز شوت) لتأكيد قيم تُنطق لتضيف، وليس لاستعراض لجمال النجوم.
وكانت الإضاءة موظفة من مصدر سيطرت الشياكة والجمال على المكتب الكبير ومشاهد الاجتماعات فزادت من مصداقية العمل، وليس غريباً فأصحاب المكتب تميزهم الشياكة وهي قيمه مضافة واعية.
هند وإياد وجومانا
كان مخرج (مفترق طرق) موفقاً أيضاً في اختيار أماكن التصوير ومنها مكتب المحاماه للأبطال، فكان مناسباً ومساعداً على تقديم الدراما في واقع مختار بدقة وساعد وعي المخرج بحركه العاملين بالمكتب في الباك جراوند في المشاهد فأضفت واقعية.
كذلك نجح المخرج المبدع في ربط الداخلي الكلاسيك بالخارجي للمنازل القديمة وسط البلد بالقاهرة العلوية، كما حدث في شقة البطلة (أميرة الألفي)، والمقيمة بأولادها عند والدة زوجها المحافظ المسجون (عمر المنسي).
البطلة (هند صبري) أكدت مدى النضج والخبرة فتقمصت بوعي شخصية الزوجة التي خدعها الزوج اللعوب، وساعدها أنها تمتلك عيون معبرة متميزة بنني أسود مميز لامع فجعل التعبير اكثر واقعية وتلك من ادوات الممثل المؤثرة.
كما يحدث عند مشاهدة النجوم العالميين مثل (أودري هيبورن، ونتالي بورتمان، وسالي فيلد وسير(أنطوني هوبكنز).
نجم العمل الرائع والناضج (إياد نصار) أداء وتقمص لدورمركب صعب نجح في تقديمه بموضوعية وسلاسة بمهنية واعية بمكنون الشخصية، وكذلك (ماجد المصري)، كان اختياره للدور موفق فهو دور له أكثر من وجه وأجده احياناً يظهر الممثل ويعلو.
كانت المنافسة الفنية بين (هند صبري وجومانا مراد) واضحة خصوصاً في الملابس ونجحت (هند)، فقد حافظت علي لبس الشخصية الواعي بدور المحامية، أما (جومانا) فقد نجحت تمثيلا.
بل تألقت واظهرت قدرات في دور مركب تضعها مع الكبار، ولكن هرب منها أحياناً ارتداء ملابس الشخصية ومكياجها لتظل الجميلة، وأسجل أنها ابدعت تمثيلاً بوعي لشخصية شديدة الصعوبة.
(هدى المفتي) نجحت بتألق
الفنانة الشابة (هدى المفتي) نجحت بتألق واع بتقمص الدور(المحامية)، وأجادت وجعلت من ملابس الشخصية تأكيداً لصفاتها المهارية في تخصصها وشخصيتها المميزة الذكية، فجاء تفسير معنى الشرف في المنافسة منها موضوعياً، كذلك (نهى عابدين) إضافة كبيرة أظهرت قدرات في الأداء الواعي لشخصية (هنا).
اما أهم ما يميز هذا العمل والملفت لي هو أن مصر لاتنضب ولا تخلو من تفريخ لمبدعين في كل المجالات نعم وبلا أي شيفونية أو تحيز.
في هذا العمل ثلاثة أطفال أراهم قادمون، لتأكيد خصوبة المجتمع المصري بالمواهب القادمة.
الابنة (زينة/ جودي مسعود) ممثلة واعدة بلا أفورة، الابن (يوسف سليمان/ زياد) يمثل بثقة الكبار دون رهبة.
كل المشاركين تمثيلاً في هذا العمل تألقوا فجاء الأداء المدوزن بلغه الموسيقيين أي المظبوط بلا أفورة ولا هبوط ساذج.. هنا أسجل الشكر لهم جميعاً.
نأتي لـ (نادين عصام/ منة) صديقه الابن، لقد انتفضت واقفاً لأتابع سيطرة تلك الصغيرة على تفاصيل الشخصية المركبة المكتوبة بدقة وحرفية ومتعرجة دسمة يتمناها دائماً كبار النجوم.
إبداع علي الطيب
ولكن نادين قبضت على تفاصيل شخصية البنت الطموحة والذكية والخبيثة التي تكذب أحيانا، ومرات تعرف مدخلاً لكل طريق يحقق طموحها لتخرج من ظروف حياتها الصعبة، وأطالبها فقط بعدم استخدام عضلات وجهها والحواجب كثيراً، فقد يكون ملائماً ومقبولاً في هذا العمل لتلك الشخصية وعليها بالحذر في القادم.
(سامي مغاوري/ عامر نجاتي)، و(محمد أبو داود، وأيمن الشيوي، وليلي عز العرب وأميرة العايدي، ومصطفي حشيش تأكيد لأداء الكبار إبداعاً، و(علي الطيب/ رامز) في هذا العمل أكد أننا امام ممثل موهوب،
كان الحوار مكتوباً لكل شخصية بحرفية أصبحت لا أجدها في كثير من الأعمال، وهى أن تتحدث الشخوص من واقع ثقافتها وبيئتها وخلفيتها ولا تقترب من شخصية الكاتب.
أما الموسيقي. للمبدع (طارق الناصر) مستخدماً صولو البيانو مع نقل لصوت الكمان مناسب للأحداث بوعىي خصوصاً في المشاهد العاطفية.
الحلقه قبل الأخيرة طرح فكرة: (هل الحب ضرير؟)، وحوار مكتوب بعبقرية بين حالتين للحب كل منهما يدافع عن وجهة نظره/ وهذا طرح جيد لموضوع يستحق.. شكراً لكل من شارك في هذا العمل ومزيد من التألق فمصر تستحق.