رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: هند صبري و(مفترق طرق).. نيل من كرامة المرأة! 

بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة

مسلسل (مفترق طرق) الذي عرضته منصة (شاهد) مؤخراً، لم يضع أبطال حكايته على مفترق طرق وخصوصاً بطلته الرئيسية (أميرة الألفي) فقط، ولكنه وضع نجومه وممثلي شخصياته الدرامية أيضاً على (مفترق طرق)، ووضع جمهور مشاهديه على (مفترق طرق).

نتحدث بداية عن نجمة المسلسل هند صبري، وضعت نفسها ووضعتنا على (مفترق طرق)، فقد شاهدناها في أكثر من عمل تجسد شخصية المرأة القوية المعتزة بذاتها والرافضة للتنازل عن كرامتها مهما كانت الأثمان.

وتابعناها نجمة تتبنى الدفاع عن حقوق وكرامة المرأة، شاركت في ندوات ومؤتمرات تناقش قضايا المرأة، وقدمت نفسها للرأي العام باعتبارها ناشطة اجتماعية في الدفاع عن حقوق النساء وأسست مع أخريات صفحة (انتفاضة المرأة في العالم العربي) على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) في أكتوبر 2011.

وأطلقت حملة إلكترونية تدعم مطالب المرأة العربية في الحرية، الاستقلالية، والأمان، وطالبت النساء برفع الصوت ضد أي اعتداء معنوي أو بدني.

كل ما فعلته (هند صبري) كممثلة وكناشطة اجتماعية دفاعاً عن المرأة مشروع ومحمود ونرفع لها القبعة عليه، ولكن أن يتصدر اسمها مسلسلا يحط من شأن المرأة فهذا هو المفاجأة التي تكشف عن، إما توجه جديد في حياة النجمة التونسية، وإما عدم اتساق بين مواقفها وأفعالها وأدوارها.

من حقها أن تغير قناعاتها وأن تحيد عن طريق بنت من خلاله شهرتها وكوّنت صورتها عند الناس، وكل ما يلزم فقط أن تخرج على الناس وتعلن توبتها عن ما سبق.

تعبيرات الوجه باهتة رغم العواصف التي تعصف بحياتها وبمشاعرها
أجادت في المشهد الأخير

تعبيرات الوجه باهتة

ولكن المستغرب هو أن كل تصريحات (هند) تعكس قناعتها بأن هذا المسلسل وشخصية (أميرة الألفي) تكريس لما سبقه، وأنها بها تواصل مسيرتها الداعمة للمرأة، وكأن شخصية (أميرة) المهزوزة في قرارتها.

والمتغاضية عن خيانة زوجها لها والعاجزة عن الوقوف في وجهه والمساعدة له لكي ينال البراءة في قضايا فساد بحجة حماية أبنائها، إضافة لها في ملف الدفاع عن كرامة المرأة!

المسلسل وضع الجمهور أيضاً في (مفترق طرق)، فقد شاهدنا (هند صبري) وهى تجسد شخصية المحامية (أميرة الألفي) في أسوأ حالاتها الفنية، تعبيرات الوجه باهتة رغم العواصف التي تعصف بحياتها وبمشاعرها وبمستقبل ابنها وابنتها.

وللحق فإن مشهدين فقط في المسلسل أجادت تمثيلهما واستحضرت خلالهما موهبتها من الإجازة المفتوحة التي منحتها لها، الأول مشهد اعتراف (يحيى) بحبه لها منذ كانا في الجامعة سوياً وإخراجه للدبلة التي يحتفظ بها وعليها اسمها على مدار 15 عاماً.

ولعل ما ساعدها على الإجادة في هذا المشهد هو أداء (إياد نصار) له بعبقرية كانت ستظهر فرقاً كبيراً في إمكانات كل منهما لو لم تجتهد في أدائه، والمشهد الثاني هو مشهد الختام بعد أن أخبرتها ابنة خالتها هنا (نهى عابدين) وهى منهارة بخيانتها لها مع زوجها عمر (ماجد المصري).

لتذهب إليه ووجهها يكسوه الغضب بعد أن تأكدت أن من يخون مرة سيخون مرات وتصفعه على وجهه أمام المدعوين في حفل افتتاحه لمكتبه الجديد للمحاماة، لينتهي المسلسل من دون توضيح لمصير علاقتهما، ولتترك لكل مشاهد أن يضع النهاية التي يراها مناسبة لهذه العلاقة المرضيّة.

أميرة قدمها صناع (مفترق طرق) على أنها المرأة القوية الصلبة في مواجهة عواصف الزوج وعواصف بيئة العمل والمضحية بكل شيء لأجل ابنها وابنتها، ولكن ما وصلنا كمشاهدين غير ذلك تماماً.

حيث رأيناها أحياناً إنسانة مستسلمة، وأحياناً انتهازية بموافقتها منذ البداية على الزواج من أستاذها في الجامعة بلا حب وليس للمشاعر مكان في حياتها، ورأيناها وهى تتوقف عن العمل بعد الزواج امرأة بلا طموح، ورأيناها وهى تبحث لزوجها الخائن على دليل لبراءته رغم يقينها بأنه فاسد امرأة تضلل العدالة.

وما كان عليها أن تساوم على وعد منه بتطليقها مقابل سعيها لتبرئته، فالطلاق الذي رضخت وتنازلت عنه بعد ذلك حق لها بعد خيانته لها لا ينبغي المساومة عليه، خصوصاً أن المسلسل يقدمها في شخصية محامية ماهرة تجيد خلق أدلة البراءة لموكلي المكتب الذي تعمل به.

امرأة بلا كرامة رغم أن صناع المسلسل قدموها لكي تظهر متسامحة

امرأة بلا كرامة

وتعلم جيداً ما لها وما على زوجها قانونياً في قضيتها الشخصية، كما شاهدناها وهي تتنازل عن حقها مع الزوج بعد الخيانة وحقها مع الزوج وشركائه بعد فضيحة الفساد على مواقع التواصل امرأة بلا كرامة رغم أن صناع المسلسل قدموها لكي تظهر متسامحة.

ورأيناها بعد أن وعدت الرجل الذي أحبها في صمت 15 عاماً بالزواج بعد نيل الطلاق وبادلته المشاعر ثم تخلت عنه امرأة مهزوزة لا مضحية لأجل أولادها، فللتضحية حدود، ولو كانت شرحت لأولادها أسبابها لاستوعبوا قرارها ووقفوا بجانبها.

ليست (أميرة الألفي) وحدها النموذج المسيء للمرأة في (مفترق طرق)، فهناك غريمتها في المكتب، (دارين/ جومانة مراد) التي تحب (يحيى) وتصر على الزواج منه رغم علمها بحبه لأميرة منذ أيام الجامعة.

ورغم إبلاغه لها صراحة وعدة مرات أنه لم ولن يحب سوى (أميرة)، إلا أنها تواصل الإلحاح عليه واستعطافه لكي يتزوجها حتى يتحقق لها ذلك، هى نموذج لامرأة لا تعرف الكرامة ولم تسمع عنها.

المسلسل يستعرض أنماطاً من الحب الضال بأعمار مختلفة، (زياد) ابن (أميرة وعمر) يحب زميلته في المدرسة وهى نصابة ومحتالة، (أميرة) بين حب (يحيى) وخيانة زوجها عمر.

حماتها والدة عمر (ليلى عز العرب) تحب المحامي (عامر نجاتي/ سامي مغاوري)، (ولاء) المساعدة في مكتب المحاماة (هدى المفتي) تحب (رامز) المحامي (علي الطيب)، ولكل منهم حكاية.

وأكثر الحكايات إساءة للمرأة حكاية (أميرة) مع (عمر) ومع (يحيى) وحكاية (دارين ويحيى) وهما الحكايتان الرئيسيتان بجانب محاور فرعية من خلال القضايا التي يتم توكيل مكتب المحاماة فيها، والتي حاول من خلالها المسلسل أن يقدم المحامي بديلاً عن رجال المباحث والتحريات، وهو ما لا نلمسه في الواقع.

بالنسبة للتمثيل، شاهدنا هند صبري بوجه جامد عاجز عن التعبير عن مكنون شخصية أميرة الألفي وأزماتها، وجومانة مراد في أسوأ أدوارها أداءً، وماحد المصري بلا طعم ولا لون.

إياد نصار
هدى المفتي
علي الطيب

إياد وهدى والطيب

وكان الأفضل أداءً (إياد نصار وهدى المفتي وعلي الطيب)، والغريب أن يتفوق بعض نجوم الشرف أداءً على الأبطال الرئيسيين مثل (أيمن الشيوي وسامي مغاوري ومحمد أبو داوود).

(مفترق طرق) مسلسل تم تعريبه عن أصل أمريكي باسم (الزوجة الجيدة)، رغم أنه يتمحور على زوجة جيدة بالنسبة للأزواج الخونة، وليست جيدة لمن يبحثون عن حياة مستقيمة.

وهو رؤية درامية وسيناريو وحوار (شريف بدر الدين ووائل حمدي)، ورؤية فنية (أحمد خالد موسى)، وإخراج (محمد يحيى مورو)، وجاءت أحداثه مملة مصابة بداء المط والتطويل واللف والدوران لتكبير مساحته وزيادة عدد حلقاته التي بلغت 45 حلقة.

هو ليس مسلسلاً مبتذلاً مثل بعض المسلسلات التي تنتجها بعض المنصات، ولكنه أيضاً ليس مسلسلاً جيداً، بل مجرد عمل لملء مساحات فارغة عند المنصة التي عرضته ولإتاحة فرصة عمل للعاملين فيه.

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.