(عماد حمدي).. العاشق المتيم للنجمات (مديحة يسري، فاتن حمامة، صباح، شادية) وغيرهم (1/2)
* كان أبرز من يجسدون دور العشاق في زمن الرومانسية، لهذا السبب كان مطلوبا في داخل مصر وخارجها
* أقل الفنانين انفعالا وتصرف على السجية حسب نوع المشهد، بالتالي فإننا قليلا ما رأيناه في مشاهد المشاجرات أو المطاردات.
* الصبر الذي تعلمه من حرفة الصيد قد ترك أثرا عليه وهو يتكلم علي السجية، ويعشق بمكنونه العاطفي
* واحد من أطول الفنانين تواجدا منذ بداية عام 1945 وتحرك ومعه الزمن
* قال لي المخرج (صلاح أبو سيف) يوما أنه ندم بشدة لانه ختار (عماد حمدي) لبطولة فيلمه الأول (دايما في قلبي)، ولم يختار أنور وجدي!
بقلم الناقد والباحث السينمائي: محمود قاسم
ذات يوم كنا في باريس وسألت الفنانة (مديحة يسري) عن السبب الذي وراء هذا التواجد الفني لـ (عماد حمدي) في الأفلام المصرية خاصة في الخمسينيات، فقالت لي: أنه كان أبرز من يجسدون دور العشاق في زمن الرومانسية، لهذا السبب كان مطلوبا في داخل مصر وخارجها.
نعم تنتابني الأفكار كثيرا أن (عماد حمدي) هو على رأٍس الممثلين الذين يتمتعوا بموهبة لا مثيل لها، فهو أقل الفنانين انفعالا وتصرف علي السجية حسب نوع المشهد.
وبالتالي فإننا قليلا ما رأيناه في مشاهد المشاجرات أو المطاردات، فهو يختلف كثيرا عن (زكي رستم، وأنور وجدي) ونجوم الطرب والغناء الذين ملئوا عصر (عماد حمدي).
لم يكن الرجل مطربا ولا مصارعا ولا رياضيا، ولكن يبدو أن الصبر الذي تعلمه من حرفة الصيد قد ترك أثرا عليه وهو يتكلم علي السجية، ويعشق بمكنونه العاطفي.
و(عماد حمدي) واحد من أطول الفنانين تواجدا منذ بداية عام 1945 وتحرك ومعه الزمن، وينضج بشكل ملحوظ مهما تغيرت ملامحة ولكنه يبقي مطلوبا من المخرجين في الأدوار الصعبة حتي فيلمة الأخير.
حتي وإن قال لي المخرج (صلاح أبو سيف) يوما إنه ندم بشدة لانه أختار (عماد حمدي) لبطولة فيلمه الأول (دايما في قلبي)، ولم يختار(أنور وجدي).
وأقول للمخرج الكبير أن النجاح الذي حققه (أنور وجدي) كان أكثر اتساعا، لكن ممثلنا (الدنجوان) أنسب في دور العاشق الذي يختفي مع سفينته، ويترك حبيبته الوحيدة تعاني من غيبته، فتعرف السكوت وتتهاوي اجتماعيا ثم تفاجيء به يعود إليها ويطلبها للزواج دون أن يعرف ماضيها المشين أثناء السفر.
(عماد حمدي).. العاشق المتيم
أدى (عماد حمدي) دور العاشق المتيم أمام أبرز نجمات عصره دون استثناء مثل (فاتن حمامة، ومديحة يسري، وشادية، ثم مريم فخر الدين، وهند رستم، وصباح).
وتكررت مرات التواجد أمام كل منهن أكثر من مرة خاصة في الخمسينيات، وفيما بعد قام بدور الأب لممثلات اللائي ينتمين إلي العقود التالية حتي الثمانينيات.
فقد عملت معه (فاتن حمامة) في عشرين فيلما أغلبها علامات بارزة في السينما المصرية، وهناك أعداد كبيرة من الأفلام مثل فيها أمام كل من زوجته (شادية)، وأيضا مع (سميرة أحمد، ماجدة ، ليلي مراد، راقية إبراهيم، سامية جمال، وهدى سلطان) وغيرهن.
في هذه الأدوار كانت أغلب الشخصيات هو رجل ناضج، وقور، عاشق، وفي العديد منها كان ضابطاً أي أنه قد فتح نافذته وأبوابه لدخول العاشقات.
(فاتن حمامة) و(عماد حمدي)
كما أشرناً فإن الصفات التي تحلي بها (عماد حمدي) ساعدت في تشكيل واحد من أبرز زمن الرومانسية، وقد برز أمام (فاتن حمامة) مرتين في نهاية الأربعينيات مثلا في فيلم (ست البيت) إخراج أحمد كامل مرسي.
وهو هنا الابن الحائر بين زوجته الشابه وأمه التي ليس لها غيره، يسكن الثلاثة معا في البيت الكبير، وتريد كل امرأة امتلاك هذا الرجل لنفسهأ، والذي عليه أن يوازن بين عاطفة الزوج العاشق ومشاعر الأبن المضيع.
ورغم اختلاف الطبائع فإن العاشق هنا، رجل حكيم للغاية يتمكن من حجز عواصف الخلافات التي تدور عادة بين الزوجة والحماه.
منذ اللقاء الأول بين (فاتن وعماد)، فهناك تماس حدث بين الزميلين عملا معاً في أكبر مجموعة من الأفلام الرومانسية، لاحظ أن هناك ثنائيا آخر مشى على نفس المنوال في حقبة السبعينات بين (محمود ياسين ونجلاء فتحي) فيما بعد.
وبالنسبة لفاتن و(عماد حمدي)، كان يمكن أن نراهما في فيلمين، وأكثر في عام واحد ومن أشهر هذه المحطات دون ترتيب: (لاأنام، الزوجة العذراء، لا تطفيء الشمس، المنزل رقم 13).
(والله معنا، حتي نلتقي، لن أبكي أبدا، موعد مع السعادة، أنا الماضي، أثار في الرمال، وداعا يا غرامي، حب في الظلام، بين الأطلال، عبيد المال، أشكي لمين، بعد الوداع)، وغيرها.
(عماد حمدي).. أقنعة متعددة
قد ذكرنا هذه الأفلام لتوضيح أن هناك أقنعة متعددة لـ (عماد حمدي)، لكن العشق هو نفسه، فهو أحياناً عسكري مراسلة يجد نفسه يعمل في بيت قائده الكبير الذي تزوج من حبيبته فعاش وسط التناقضات الحادة.
وهو في فيلم آخر ضابط كبير من الثوار بترت يسراه في الحرب وصار عليه أن يجند حبيبته لاستحضار وثائق أبيها الوزير الفاسد.
وهو في فيلم (حتي نلتقي) كاتب السيناريو المتزوج الذي يقع في غرام بطلة فيلمه المأزومة من تجارب أبيها العاطفية فتهجره.
وفي فيلم (بين الأطلال) هو أيضا مؤلف القصص الذي يقع في حب قارئته ويموت ليتركها تتولي رعاية أبنته من زوجته، أنه الحب المستحيل الذي ينتهي بالموت أو الانفصال.
كما أنه الموسيقار الذي يعشق تلميذته العاشقة، وهو أيضا متزوج وعليه أن يواظب بين التلميذة والزوجة، هذه الزوجة التي تكتشف العلاقة وتترك له البيت فينهار!، وذلك في فيلم (لا تطفيء الشمس).
(مديحة يسري) و(عماد حمدي)
قامت (مديحة يسري) ببطوله ثلاثة عشر فيلماً أمام (عماد حمدي)، تكرر فيها صورة نفس الرجل الرومانسي، وغالبا ما تنتهي القصة بالفراق أو الموت مثلما حدث في فيلم (إني راحلة)، حيث تموت العاشقة بعد وفاة حبيبها، وهى تحرق الكوخ الذي جمعهما.
وقامت (مديحة) بدور الزوجة التي تترك رجلها المريض ليلة العيد، في فيلم (حياة أو موت) ثم نرى تفاصيل رحلة ابنتها إلي ميدان العتبة لاستجلاب دواء به سم قاتل.
وقد لعب (عماد حمدي) دور زوج (مديحة يسري) في أفلام منها (وفاء، وقتلت زوجتي) وغيرها، وسوف يبقي في مسيرة النجمين أنهما عملاً معا في مجموعة أفلام مرحلة بعد منتصف العمر مثلما حدث في فيلم (الخطايا).
وهما زوجان قابل بعضهما، أثناء الشباب ثم تزوجاً وأنجباً وعاش معاً بقية سنوات العمر، وأيضا في فيلم (العريس يصل غداً)، ثم (سلاسل من حرير) وأخيرا (النصف الآخر).