* استغل فرصة عدم عرض أعمال فنية علي حاليا، وأشحن نفسي فنيا وإنسانيا بمشاهدة أعمال فنية عالمية كثيرة
* قلة مشاركتي في بطولة أعمال فنية، تصاحبني منذ تخرجي من المعهد العالي للفنون المسرحية
* موقفي المعارض للنظام السوري الحالي، واغترابي وابتعادي عن سوريا حالت دون مشاركتي في كثير من الأعمال الفنية
* عندي طاقات فنية لم يخرج منها حتى الآن غير 10%
* هذه الفترة تستهويني الشخصيات المعقدة غير العادية، التى ليست سهلة المنال.
* أدوار النبل والفروسية والشخصيات التى تتمتع بالشهامة عرضت عليّ بمحض المصادفة، وكذلك آخر أدواري التى تتسم بالندالة.
أجرى الحوار: أحمد السماحي
(مازن الناطور).. أحد نجوم الفن العربي الذي وقع على موهبته ظلم شديد، ربما بسبب زحام وضجيج أنصاف الموهوبين عديمي الملكات الذي يحد في كثير من الأحيان من إعطاء المواهب الحقيقية فرصتها لنستمتع بموهبتها.
وربما بسبب ظروف (مازن الناطور) الشخصية، وموقفه المعارض من النظام السوري الحالي، واغترابه عن موطنه الأصلي سوريا الحبيبة.
وربما بسبب خجل (مازن الناطور)، وجلوسه في منزله مع عائلته، ينتظر ما يعرض عليه، وعدم سعيه إلى (مسح الجوخ) والنفاق للمنتجين والمخرجين.
في النهاية يوجد ظلم وقع على موهبة (مازن الناطور)، الذي جمع بين الموهبة والدراسة، حيث يقوم الفن الناجح على أساس من التجربة الحية، والنظرة الإنسانية الواسعة.
فضلا عن الإحساس العميق والثقافة، تلك كلها هى العناصر التى خلقت نجاح (مازن الناطور)، والتى ساعدت على تفتح موهبته.
ولعل من تابع مشوار (مازن الناطور) يجد أنه عرف بالضبط أي نوع من الأحاسيس يمكن أن يعتمد عليها، وينطلق منها، وعرف كيف يستخدم صوته، وحركة جسده، وطريقة ابتسامته وارتعاشته وصمته.
فمثلا من تابع أدوار البدايات البدوية تحديدا يجد أنه تفوق في هذه الأدوار، وأبرز إمكانات خصبة وأعمق، ما كان يبدو في طريقة تمثيله، رغم أنه كان شابا وقتها، إنه يصور العذاب النفسي الذي يمتزج فيه الحزن بالضياع مع الشعور المتصوف بأن الإنسان يقف بين أظافر العذاب ولا حيلة له.
ومن تابع دوره في آخر أعماله (ابتسم أيها الجنرال) يدرك تماما أي مجهود بذله هذا الممثل الكبير في فهم النص وتفسيره، وكيف امتزجت موهبته بوعي كبير وثقافة دقيقة ساعدته أن يكون راسخ القدم وهو يؤدي دور(أنيس الرومي)، هذا التعلب الاقتصادي المليئ بالندالة والجشع وحب النساء.
(شهريار النجوم) دق باب الفنان السوري الموهوب (مازن الناطور) وأجرى معه هذا الحوار الذي تحدث فيه عن أهم المحطات الفنية في مشواره، والدور الذي أتعبه، والدور الذي خذله.
وكذلك الدور الذي راهن عليه وخسر الرهان، والدور الذي لم يتوقع له النجاح فكسر الدنيا، وغيرها فإليكم نص حواري معه أتمنى أن ينال إعجابك عزيزي القاري:
* أين مازن الناطور بعد تجسيدك الرائع لشخصية الحوت الاقتصادي (أنيس الرومي) في مسلسل (ابتسم أيها الجنرال)؟
** موجود أمارس حياتي الطبيعية مع عائلتي وأولادي، واستغل فرصة عدم عرض أعمال فنية علي حاليا وأشحن نفسي فنيا وإنسانيا، بمشاهدة أعمال فنية عالمية كثيرة على بعض المنصات العالمية مثل (نتفليكس) وغيرها.
ومنذ أيام قدمت أمسية شعرية رائعة في مكتبة (محمد بن راشد) بدعوة كريمة من المكتبة مع زميلتي الإعلامية (روان ناصر)، وألقينا مجموعة من القصائد المألوفة من أشعار سمو الشيخ (محمد بن راشد ال مكتوم).
والقصائد التى ألقيتها هى (صوب دار الخلّ انويت السفر، جفني جفا ماغطّت العين بنعاس، شوف تأثيرك من الجرح الوثيق، اسمعت في الهاتف، ولاريت صوت يصحي عوق واسقام).
ووقع اختياري على هذه القصائد تحديدا لأنها مفهومة من قبل بعض جمهور الإمارات، حيث سبق وتغنى بها مجموعة من كبار المطربيين العرب مثل (عبدالكريم عبدالقادر، وميحد حمد، وعيضة المنهالي) وغيرهم.
وأرى أن مثل هذه الأمسيات الشعرية ضرورية للجمهور خاصة من الشباب، فهي تمثل همزة وصل مع الأدب خاصة مع الشعر عمود الأدب، وكان نسبة الحضور معقولة جدا في ظل سفر كثير من الأسر لقضاء فترات الإجازات والمصايف خارج الإمارات.
وأرجع إلى سؤالك أين مازن الناطور؟ في انتظار عمل مناسب، وخلال الفترة القادمة موعودين بالمشاركة في بطولة مسلسل انتهى من كتابته الكاتب السوري المبدع (سامر رضوان) وربنا يقدم إللي فيه الخير.
* هل قلة أعمالك الفنية تعود إلى ابتعادك عن موطنك الأصلي سوريا، وإقامتك حاليا في الإمارات؟
** قلة مشاركتي في بطولة أعمال فنية، تصاحبني منذ تخرجي من المعهد العالي للفنون المسرحية، لأنني دقيق في اختياراتي، وما يعرض علي الآن وأقوم بتمثيله هو المتاح.
لكن بالتأكيد موقفي المعارض للنظام السوري الحالي، واغترابي وابتعادي عن سوريا حالت دون مشاركتي في كثير من الأعمال الفنية، ومنها فرص راحت علي ولا تعوض!
* هل ندمت على ضياع هذه الفرص، وعلى موقفك المعارض للنظام السوري؟
** لست نادما على شيئ، ومقتنع بمواقفي وما قمت بعمله مقتنع به جدا، ولو رجع بي الزمان إلى الوراء سأتخذ نفس الموقف.
* ماهي مواصفات الشخصية التى تنال إعجاب (مازن الناطور)؟
** أي شخصية فيها شيئ جديد ومتميز، وأشعر بعد قراءاتي لها أنها مكتوبة بشكل صحيح وعميق، ولها أبعاد نفسية وإنسانية، وليست شخصية عادية لا تقدم ولا تؤخر، ومكتوبة فقط للكتابة، وهذه الفترة تستهويني الشخصيات المعقدة غير العادية التى ليست سهلة المنال.
* كيف تشتغل على الشخصية التى تعرض عليك وتحولها من مجرد كلمات إلى شخصية من دم ولحم؟
** عندما يعرض عليّ عمل فني، أقرأ العمل من بدايته لنهايته، وإذا أحببت العمل بشكل عام أثناء القراءة، وحسيت أن الشخصية المعروضة عليّ، مكتوبة وموظفة صح، وشعرت أنني سأقدم من خلالها شيئ جديد متميز.
عندئذ أبدأ في التركيز عليها، وأشتغل عليها، وأعطيها من روحي ومن تراكم الخبرات الحياتية والمشاهدات الفنية، لأنني في النهاية المسئول عنها أمام الجمهور، وأخلق لها عالمها وإحساسها وانفعالاتها وذكراتها الانفعالية حتى تخرج بالشكل المناسب لها.
* ماهي أبراز الأدوار التي تعتبرها محطات رئيسية في مشوارك الفني؟
** ليست أعمال كثيرة، أولها وحسب تاريخ انتاجها المسلسل البدوي (غدر الزمان) الذي عرض عام 1993، وهو من تأليف نصر الدين أحمد، ومعالجة درامية وإخراج سالم الكردي.
وبطولة (رشيد عساف، سوزان نجم الدين، نذير سرحان، يارا صبري، تولاي هارون) وغيرهم، وجسدت من خلاله دور (درويش).
المسلسل الثاني الذي أعتبره محطة مهمة ورئيسية في مشواري الفني المسلسل البدوي (جواهر) الذي عرض عام 1994، سيناريو وحوار هشام يانس، إخراج نجدت أنزور.
وبطولة (منى واصف، عبدالرحمن آل رشي، مرح جبر، واحة الراهب) وغيرهم، وجسدت من خلاله دور (حمد) الذي حقق نجاحا كبيرا.
المسلسل الثالث هو (الرحيل إلى الوجه الآخر) الذي عرض عام 2002، وكان من تأليف عبد الله عباسي، وإخراج غزوان بريجان، وقام ببطولته (أسعد فضة، عبير شمس الدين، طارق مرعشلي، سليم كلاس، حسام تحسين بيك)، ومن خلاله أديت دور (خالد).
المسلسل الرابع هو (رفيف وعكرمة) الذي عرض عام 2008، تأليف عبدالمجيد حيدر، ومحمد أبو لبن، وإخراج مأمون البني، وبطولة (يارا صبري، سلمي المصري، سليم صبري، أسامة حلال، أماني الحكيم، ميلاد يوسف، واحة الراهب، بشار زرقان) وغيرهم، وجسدت من خلاله دور (عكرمة).
المسلسل الخامس هو (ابتسم أيها الجنرال) الذي عرض عام 2023، تأليف سامر رضوان، إخراج عروة محمد، وبطولة (مكسيم خليل، عبدالحكيم قطيفان، ريم علي، عزة البحرة، سوسن أرشيد، مرح جبر) وجسدت من خلاله دور رجل الأعمال (أنيس الرومي).
* من خلال أعمالك الفنية التى ليست بالكثير بالنسبة لسنوات عمرك الفني: من هو المخرج الذي استطاع أن يقدم (مازن الناطور) في أفضل صورة من خلال أعماله؟
** غزوان بريجان مخرج مسلسل (الرحيل إلى الوجه الآخر)، لأنني أحترم المخرج الذي يعطي حرية للممثل، ولا يناصبه العداء بحكم أنه وراء الكاميرا والممثل أمامها، حيث يوجد نوعية من المخرجين على مستوى العالم كله وليس فقط العالم العربي عندهم عقدة نفسية من الممثل!
لكن (غزوان) يحترم ويحب الممثل ويثق في قدراته ويعطيه الحرية ليقدم أفضل ما عنده.
* (مازن الناطور): ما هو الدور الذي لم تتوقع له النجاح وحقق نجاحا كبيرا، والعكس؟
** شخصية (خالد) في مسلسل (الرحيل إلى الوجه الآخر) لم أتوقع للمسلسل كل هذا النجاح، سواء للعمل أو لدوري، حيث فوجئت بهذا النجاح، خاصة لشخصية (خالد) حتى أصبحت لصيقة بي، وفي كل مكان أذهب إليه في العالم العربي أجد من يذكرني بهذه الشخصية، وبعضهم يؤكد لي أنه شاهد المسلسل أكثر من مرة.
أما الدور الذي كنت أتوقع له النجاح ولم يحدث فهو دور (عكرمة) في المسلسل الإجتماعي الكوميدي (رفيف وعكرمة).
* ما الشخصية التي تعبتك للتسلل الي أعماقها، وتقديمها للناس بصورة بسيطة؟
** شخصية (زكريا السماك) في مسلسل (رمح النار) قصة جلال إكرامي، إعداد وسيناريو وحوار غسان جباعي، بطولة (جمال سليمان، نجاح سفكوني، زيناتي قدسية، نادين خوري، نادرة عمران) وغيرهم.
* (مازن الناطور): من خلال متابعتي لأدوارك لاحظت أنها في البداية كانت تتسم بالنيل والفروسية والشهامة، هل هذا كان مقصودا منك أم جاء بمحض المصادفة واختيارات مخرجين ومنتجين؟
** ليست اختياراتي، ولكنها جاءت بمحض المصادفة، أو هكذا كان يراني المنتجين والمخرجين في هذه الفترة، لكني ضد أن يتم حصر الممثل في دور معين، حيث يوجد نظرية عند البعض طالما الممثل نجح في دور اللص، أو الشرطي، أو القاضي مثلا تجد كل الأدوار التى تعرض عليه هى نفس الدور.
وأنا أرفض هذه البدلات الجاهزة التى تتوزع على الممثلين في الدراما العربية، وأحب لعب كل الأدوار، وعندي طاقات كثيرة لم يستغل منها غير 10%!.
ولكن هكذا سارت الأمور، وهكذا وصلتني الفرص، وهكذا تعاملت معها، وكل واحد مننا بيأخذ نصيبه.
* وماذا عن التحول المفاجئ في أدوارك الأخيرة، سواء في (بستان الشرق) أو (ابتسم أيها الجنرال)، وتقديمك لأدوار تتسم بالندالة، والأنانية، والجشع المادي والنسائي، هل كان الغرض منها تغيير جلدك الفني أم جاءت أيضا بمحض مصادفة؟
** الحقيقة جاءت أيضا بمحض المصادفة، لكنها صادفت هوى في نفسي، لأنني من البداية أرفض قولبة الممثل في دور معين، وأرى أن الممثل يجب كما ذكرت لك أن يلعب كل الأدوار.
ورغم حبي لشخصية (فؤاد) في المسلسل الكوميدي (بستان الشرق) و(أنيس الرومي) في (ابتسم أيها الجنرال)، لكن المسلسل الأول للأسف الشديد لم يخدم، وقدم في ظروف سيئة جدا لهذا فشل.
أما مسلسل (ابتسم أيها الجنرال) فالورق كان قويا ورائعا، وهذا ساعدني على أداء دوري بحماس واستمتاع، ولكن للأسف الشديد جاء المسلسل مليئا بالأخطاء الفنية الهائلة، كما أن عرضه على قناة واحدة حصريا قلل من فرصة انتشاره عربيا.
ورغم هذا أحببت شخصية (أنيس الرومي) وأرجو أن أكون وفقت في تقديمها.