بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
عجيب أمر منظومتنا في (الإعلام) بشقيها العام والموازى، فهما في شغل شاغل خاص بهم، فلا أمور هامه من حولنا خاضو فيها ولا شأن داخلي تناولوه.
فبينما إنشغل (الإعلام) العام بحركة تغييراته التي تم إرجائها لحين عودة مجلس النواب من إجازته لأن قسم القيادات سيكون أمامه، أو مشغول بالنقل إلي العاصمه الإدارية ومواصلاتها أو مشغول بمستحقات ماليه متأخرة ومخطاطاته المستقبلية.
ولم يصل لأعينه بقية البساط المسحوب من حفلات ومهرجانات وأحداث كان له السبق فيها ودعمها بالحضور السيد الرئيس والسيد رئيس الحكومه في العلمين، فلا نعول عليهم خيرا وكفاهم ماهم فيه من إنعزال وتقوقع وهموم داخليه تمس المواطن المصري.
أما (الإعلام) الموازي فقد قرروا أن يكون الصيف ساخنا لأهل الثراء من أهل الساحل فبجانب قصورهم ويخوتهم وسياراتهم وإنفاقهم، نظمنا لهم مهرجانا فنيا ورياضيا هائلا لئلا نترك لهم لحظة واحده يشعرون فيها بضيق أو فراغ دون لهو أو استمتاع.
وأهمل (الإعلام) الجانبان: إنجاز منتخبنا الأوليمبي مثلا في أولمبياد باريس، فلا مباراة سعي لنقلها ولا مكالمات أجراها ولا مدربا دعمه وشد على يديه بإنجازه الرياضي هذا.
ومع تعدد إنجازات أبناء مصر العلماء في الخارج لم يبادر (الإعلام) بدعم هذا وسط ملاسناته وأكلاته وحفلاته، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، العالم المصري (محمود جعفر) بجامعة هامبورج بألمانيا، والذي أحدث ثورة علميه تقنيه في مجال نقل وتخزين وتأمين المعلومات بصورة ضوئيه وليست إلكترونية.
وأصبح حديث الأوساط العلميه العالميه لم يتطرق له إعلامنا أبدا وسط أخبار من تزوج ومن سافر ومن تنزه ومن طلق وغيرها من شائعات تشغل شاشات (الإعلام)،ومن.. ومن؟!
معسكر الإعلام في الساحل
وأقاليم مصر في صعيدها وشمالها وشرقها وغربها تئن تحت وطأة الأسعار وحوادث الطرق والإهمال، في ظل أن أقام (الإعلام) معسكره الوطني في الساحل!
ألا يمكن أن نقيم مهرجانا في صعيد مصر ترفيها وجذبا للإستثمار أو الاهتمام بقضايا المواطن الواقع بين سندان الأسعار وأزمة الكهرباء والدولار وغيرها من هموم أخرى.
أم ألا يصح أن نقيم نشاطا فنيا أو رياضيا حقيقيا في دلتاه تخفيفا من ضغوط الحياة على بسطاء مصر، وتعريفا بفرص الإستثمار بها.
ألايمكن ان نقيم هذا النشاط في أطراف مصر شرقا وغربا دمجا لأهلها وتعريفا بمعالمها وطرحا لخريطتنا الإستثماريه بهذه الأطراف المهملة منذ سنوات وتغيب عن عين (الإعلام) الوطني!
وهل غاب التثقيف السياسي عما يحدث من حولنا وحالة الفوران في دول المنطقة التي تغلي بالأحداث والمهرجانات والتظاهرات الفنية.
هل شرح (الإعلام) مخاطر سياسة الاغتيالات التي تشهدها القضية الفلسطينية؟، هل أوضح عواقب الرد والإنتقام الإسرائيلي الغادر في ظل حرب الإبادة الشرسة التي تجري على التراب المقدس؟
هل قدم شروحا لوجهة نظر مصر لكل ما يجري على الأرض المحتلة، وخاصة مسار التفاوض وموقف محور (فيلادليفيا) ومعبر (رفح)، الذي يشكل أزمة كبيرة؟
هل تمت التعبئة السياسيه للمواطنين وتقديم تحليلات لصمت مصر أحيانا وحديثها في أحيان أخرى؟
هل تركنا مواطنينا لمثقفي القريه وفلاحها الفصيح وأطروحات السوشيال ميديا، فماذا يشغل إعلامنا حقا هذه الأيام؟
هل نوعيات الطبخ التي لانملك ثمنها، أم أخبار الحوامل والمطلقات من المشاهيرواليوتيوبر؟
وأين سياسات التنوع الإعلامي، وأين حقوق الفئات الإعلامية؟، وأين تنوع المضامين في محتوى (الإعلام)؟، وأين خبراء وضع الخرائط للبث؟، وأين متخصصي المحتوي ومواصفاته؟
اللهم إرحم إعلامنا
بل أين خطط (الإعلام) أصلا، وأين أحداثه وتحركاته في أقاليم مصر، وأين صناعة أحداثه من ملتقيات ومنتديات وتنافسات ومهرجانات وابداعات وتكريمات؟
اللهم إرحم إعلاما كان مربيا، وكان معلما، وكان مرشدا، وكان مثقفا، وكان دليلا، وكان صوت دولة وصورتها، وكان فخر أمة وعزتها ،وكان ملتحما جماهيريا ولم يكن متقوقعا منعزلا أو مرتديا (شورت وفانلة وكاب) علي البحر.
أفيقوا وشاهدوا صناعة (الإعلام) من حولنا وصناعة الأخبار أيضا، ومواد التثقيف والتعريف، وكيف يلهث خلفها مواطنونا، وإنظروا إلي ساحات السوشيال ميديا التي أدلي فيها كل من هب ودب بفكره ووجهة نظره الشخصية.
التي قد تشكل رأيا لشاب أو فتاه أو مواطن بسيط لم يقدم لهم إعلامهم شرحا ولا تحليلا ولا إرشادا ولا توعية ولا توثيقا ولا تثقيف.
أفيقوا يرحمكم الله، فالعالم من حولنا يسعي ويطور محتواه وينافس على مشاهدينه ويخدم دوله وأهلها وينوع في محتواه.
أصلح الله حال إعلامنا وبسط نشاطه في ربوع مصرنا، ونوع محتواه ليشمل كافة الموضوعات والطوائف، وتحيا دوما مصر ويعلو صوتها وصورتها.. آمين.