(عبادي الجوهر).. مسنا بإحساسه الدافئ والمفعم بالشجن في (موسم جدة)
كتب: أحمد السماحي
عاش الجمهور السعودي والعربي خلال الساعات الماضية ليلة ممتعة مليئة بالسلطنة والغناء الممزوج بالطرب، والمشغول بالأصالة مع أخطبوط العود المطرب الكبير (عبادي الجوهر).
وذلك في ليلة من ليالي الغناء الساحرة التى يحتضنها مسرح (عبادي الجوهر أرينا) التى أقيمت الليلة عليها، ضمن فعاليات موسم جدة 2024، وبرعاية وتنظيم شركة (بنش مارك).
قاد الليلة المايسترو والموسيقار المصري الذي نفتخر بوجوده وسطنا (أمير عبدالمجيد)، الذي زين الليلة بطلته المتميزة، وروعة قيادته للفرقة التى جعلت المطرب (عبادي الجوهر) في حالة هدوء وراحة نفسية، وتركيز وهو يغني، لهذا أبدع في تقديم روائعه التى تنقل فيها بين الماضي والحاضر بإبداع وسلطنة ومزاج عالي.
يفسر تميز وتفرد (عبادي الجوهر) أنه عرف ذوق جمهوره وذوقه ومزاجه وفهم مشاعر الجماهير العربية المختلفة فهما أصيلا عميقا، ولذلك تربت لديه حاسة تمكنه من معرفة الجمهور الذي يغني له، حتى يستطيع أن يقدم له ما يرضيه ويحبه ويتجاوب مع إحساسه وشعوره وذوقه.
الوصلة الأولى
بدأ عبادي ليلته الطربية برائعته (دخون) كلمات الشاعر السعودي المبدع عبدالرحمن بن مساعد، والتى يقول مطلعها:
هو فيه مثلك، ياللي الحسن ظلك
ليه العطر؟! وانتي انفاسك دخون
وليه الكحل، وإنتي ماغيرك عيون
وليه تفكيرك يكون، إنك تكوني دايم أجمل
أنتي أجمل من جمالك، من دلالك من خيالك
ياللي كل افراح قلبي والحزن.
بعدها توالت أغنياته التى تنقل فيها بين العديد من أغنياته المليئة بالمفردات التى تعبر عن مشاعر الحب المتناقضة، المليئة بالشوق والحب، والفراق، والعذاب، والنسيان، والألم، بطريقة مؤثرة.
وهذه الأغنيات هي (مو بس محتاجك) كلمات ظل الذهب، (ما على الدنيا عتب) كلمات فيصل بن يزيد، (يا ظلوم الناس) كلمات طلال الرشيد (الملتاع)، (حبر ورق) كلمات صالح إدريس.
و(غريب) كلمات محمد العبدالله الفيصل، (من عذابي قلت لعيونك هلا) كلمات خالد الفيصل، (طال السكوت ولي متى حبل الزعل مشدود) كلمات يوسف ناصر.
ولم ينس (عبادي الجوهر) في ليلته أستاذه المطرب والملحن الكبير (صوت الأرض) طلال مداح، فغنى له أغنية (يا حلاوة يا حبيبي) كلمات لطفي زيني، وذكر (الجوهر) أنه كان يغنيها وهو في سن الخامسة عشر، ويقول مطلعها:
يا حلاوه يا حبيبي، يحق لك
تؤمر وتنهى، من يقدر يسألك
يا حلاوه يا حبيبى كل شي لايق عليك
خفه الدم اللي تذبح، والسحر اللي في عينيك
دوخوني، حيروني، خلوا امرى في ايديك ..
عبادي الجوهر .. والمزهرية
أنهى أخطبوط العود وصلته الأولى في ليلته برائعته التى لا تنسى (المزهرية) كلمات بدر بن عبد المحسن، والتى يقول مطلعها:
لا أنتي وردة، ولا قلبي مزهرية من خزف
صدفه وحده جمعتنّا، شوفي وشلون الصدف
التقينا في مدينة، وفرقتنا الف ميناء
اتذكرين الريح، والموج، والسفينة
كانت الرحلة حزينة، للأسف…
الوصلة الثانية ….على المهياف
بدأ (عبادي الجوهر) الوصلة الثانية برائعة لا يقدمها كثيرا في حفلاته وهى (على المهياف) كلمات بدر بن عبدالمحسن، والتى يقول مطلعها:
على آخر تراب الأرض، أحس أن المسافة شبر
وأحلام الليالي صبر، وكل الأرض ما تحمل تعب مشوار
أحس إني رغم صغري ثواني عمر في صدري
ندم، ندم، ندم، ندم جبّارعلى اخر تراب الأرض
بعدها وعلى مدى ساعة ونصف تقريبا رجع بنا سفير الحزن والوتر الحزين المطرب (عبادي الجوهر) إلى ذكريات ممتعة مليئة بالشجن وهو يغني روائع غنائية للأسف لم نعد نسمع مثلها كثيرا مثل (سلم على ذاك المسا اللي جمعنا بالف خير) كلمات رحاب.
بعدها قدم أغنية (كفاك غرور) رائعة بدر بن عبدالمحسن والتى يقول فيها:
كفاك غرور، صحيح أن السحاب انتي
وأعشاب الربيع انتي، وأجمل من على هذا التراب انتي
وفي عز الليل لو بنتي
يطير الصبح من كف الربى عصفور
ولكن الليالي تدور، كفاك غرور
وتوالت الأغنيات الرائعة التى قدمها عبادي الجوهر، فقدم أغنية (متشابهة) كلمات سعود سالم، وذكر أنها مطلوبة منه والتى يقول مطلعها:
متشابهة متشابهه يالدور، متشابهه
شبك وباب ونور، متشابهه
نجمه على المفرق ضوت
وغرس مانشب بالسور
متشابهه يالدور، متشابهه
رائعة أختفت في طريق الليل
بعدها قدم رائعة أخرى مليئة بالحب والشجن والوحدة وأصوات الطبيعة وهى (اختفت) كلمات محمد بن خالد، والتى يقول في بداياتها:
اختفت في طريق الليل
مابقي إلا انا وحدي انا
فضلت انا وحدي هنا
اسمع سواليف الشجر
ثم سحرنا (عبادي الجوهر) بصوته وأدائه وهو يغنى رائعة عبدالرحمن بن مساعد (تدرين وادري بنفترق، تدرين قلبي بيحترق، حنا اتفقنا في كل شي الا الزمن).
أعقبها برائعة أخرى، وقدمها سفير الحزن والوتر عبادي الجوهر وهو في حالة سلطنة، وهى (حبيبتي كل العواذل تشابه، قلبه ظلام ووجه يشبه للأصحاب) كلمات طلال الرشيد.
وسحرنا (الجوهر) وهو يغني رائعة أخرى لعبدالرحمن بن مساعد وهى (عيونك آخر آمالي، وليلي اطول من اليم، كيف القى كلامٍ عذب يوصف دافي احساسي) التى رددها معه الجمهور كلمة، كلمة.
عبادي الجوهر.. قالوا ترى
كان الشاعر عبدالرحمن بن مساعد هو الجوكر في ليلة عبادي الجوهر، حيث غنى له العديد من الأغنيات التى جمعتهما معا كانت آخر الأغنيات التى قدمها سفير الحزن في ليلته أغنية (قالوا ترى) التى يقول مطلعها :
قالوا ترى مالك امل في قربها لو يوم
ابعد وجنب دربها.. وهذا هو المقسوم
قلت اتركوني واسكتوا خلو العتب واللوم
قدني غرقت في بحرها ولا عاد يفيد العوم
كان مسك الختام في ليلة أخطبوط العود أغنية (على المحبة نلتقي أحباب، الحب یجمعنا بدون اسباب، والشاھد الله حبكم ماغاب مھما نتفارق نلتقي ثاني، وأشوفكم یا أعز خلاني)، وفيها ظهر حفيد (عبادي الجوهر) على المسرح فسرق الأضواء من جده.
الكوبليه الأخير
سفير الحزن والوتر الحزين المطرب عبادي الجوهر جعلنا في ليلته في حالة سياحة عاطفية لمشاعر متعددة ومختلفة تمر بكل العاشقين توصف حالات من الحب، والحنين، والألم، والفراق، والغياب، والغدر، والندم، والاحتياج، وتأثير هذه الحالات على القلوب والعيون والمشاعر والأحاسيس.
وتجاوب الجمهور بقوة مع كل حالة غنائية قدمها، وذلك لأن عبادي الجوهر طوال مشواره لم يحاول أن ينزل إلى مستوى النزوات العابرة التى يمكن أن يحس بها جمهوره، وتأخذ عليه، ولكنه صمم على أن يغني أغنياته المختارة الراقية.
وعندما غنى عبادي الجوهر مسنا جميعا بإحساسه الدافي، ونطقه العربي السليم، وباختياره الأغنيات التى قدمها في ليلته، واستطاع أن يوقظ شيئا أصيلا وعميقا في قلوبنا.
وفى النهاية لابد أن نشكر الفرقة الموسيقية التى كانت تصاحبه، حيث تفوق كل عازف من العازفين على نفسه، وهذا راجع في اعتقادي لمايسترو الليلة الموسيقار المبدع عاشق الأصالة أمير عبد المجيد.