* عرض (عايش لغناياتي) تناول مسيرة 50 عاما من غنائي، وسرد المراحل المهمة في مشواري الفني
* اليوم الذي لا أعمل فيه أشعر أنني متطفل على هذه الحياة، وعلى هذه الساحة
* الفئة القليلة من المطربيين الذين لهم موقف مما يحدث الآن، ويعبرون عنه، ويغنون قضايا تهم العرب والإنسانية يبعدونهم فورا عن دائرة الضوء!
* سياستي التى انتهجتها طوال مشواري أنني لا أبحث عن موقع في هذه الساحة، بقدر ما أبحث عن موقف، وعن قضية، وعن عمل يذكره لي التاريخ، ويبقى في التاريخ
*من يتولى قيادة الإعلام العربي، والمسئولين عن الفضائيات لايحبون من لهم مواقف واضحة تجاه القضايا العربية، ولديهم وجهة نظر، أو من يغنون للقضايا!.
حوار أجراه: أحمد السماحي
(لطفي بوشناق) واحد من قلة من المطربيين الذين يؤكدون من خلال دقة اختياراتهم الغنائية، ومن خلال أصواتهم العذبة أن الغناء حلال مائة في المائة، ونعمة من الخالق يرزقها لقلة من الموهوبين الموعودين.
و(لطفي بوشناق) وعى تماما لهذه النعمة التى وهبها له الله، وحافظ عليها ولم يبتذلها، لهذا ارتفع بمستوى الأغنية العربية واهتم إلى أقصى حد باختيار كلماته وألحانه.
وحاول باستمرار اختيار نصوص لها جمالها وقيمتها، بالإضافة إلى دقة أدائه وشدة وضوح الكلمات والحروف في صوته، وذلك لأن (لطفي بوشناق) يجلو الألفاظ فيجعلها واضحة مشحونة بالعاطفة.
ويخلق لدى من يسمعها إحساسا عميقا بالكلمة، والنغم، وعذوبة الأداء، ومن هنا فإن العرب في كل مكان يرتبطون بصوت (لطفي بوشناق) ارتباطا عميقا، ويعرفون بعضهم من خلال وحدة العواطف التى يثيرها في قلوبهم، ويسمعونه كأن بهم سحرا.
فـ (لطفي بوشناق) في حياتنا ملحمة غنائية كبيرة رائعة استطاع أن يعبر عن هموم وقضايا المواطن العربي في كل مكان، من خلال مسيرته الفنية منذ بداياته الفنية، وحتى الآن.
لهذا كله أحبته أجيال شعبنا العربي المختلفة من رجال ونساء وشباب، من عاشقين، وعاملين، ومتصوفين، وثوار، لأنه عبر عن كل هذه المشاعر، عن الحب والعمل والثورة والتصوف، بشكل رائع.
كما لعب (لطفي بوشناق) أيضا دورا هاما سبقته فيه سيدة الغناء العربي (أم كلثوم)، وهو تدعيم اللغة العربية بأغنياته التى قدمها سواء باللغة العربية الفصحى، أوأغنياته بالعامية.
وذلك لأن أداءه للحروف والكلمات في الفصحى والعامية أداء سليم، يتميز بالوضوح والصفاء الكامل، كما أن أغنياته باللهجة العامية قريبة إلى العربية الفصحى.
(لطفي بوشناق).. عايش لغناياتي
منذ أيام أحيا (لطفي بوشناق)، أولى حفلات الدورة الـ 58 من مهرجان (قرطاج الدولي) في تونس، بعرضٍ يحتفي بمسيرته الفنية الممتدة منذ 5 عقود، غنى فيه لمدة 3 ساعات، وسط حضور ضخم، وتفاعل كبير من الجمهور.
وكان العرض الذي حمل عنوان (عايش لغناياتي)، من إخراج ابنه (عبد الحميد بوشناق)، وشارك فيه عدد من الفنانين التونسيين، والمطربة اللبنانية الكبيرة (ميشلين خليفة)، التى غنت مع (لطفي بوشناق) الديو الشهير (العين اللي ما تشوفكشي).
وأطل (لطفي بوشناق) على جمهور مهرجان قرطاج، في إحدى فقرات العرض بربطة عنق مستوحاة من الكوفية الفلسطينية، وكرمه في ختام فقرته الغنائية (منصف بوكثير) الوزير المكلف بتسيير وزارة الشؤون الثقافية في تونس.
(شهريار النجوم) دق باب عملاق الأغنية العربية (لطفي بوشناق) وسألنه عن قلة عدم تواجده في مصر وبعض الدول العربية مؤخرا، ورأيه في الساحة الغنائية، وهل انتهى عصر طرح الألبومات، وغيرها من الأسئلة فإلى نص هذه (الدردشة) السريعة:
في البداية أعرب (لطفي بوشناق) عن سعادته الغامرة بالنجاح الذي حققه العرض الذي قدمه في افتتاح الدورة الـ 58 لمهرجان (قرطاج الدولي) الذي أخرجه ابنيه (عبدالحميد بوشناق، وحمزة)، منذ أيام.
وتناول العرض مسيرة 50 عاما من الغناء، وسرد من خلاله المراحل المهمة في مشواره الفني، والحمد الله كان عرضا متميزا، ولاقى إعجاب الجمهور.
وأضاف قائلا: لا أستطيع أن أتكلم عن العرض، حتى لا أكون خصما وحكم في نفس الوقت، ومادح نفسه يقرؤك السلام!، ولكن الحمد الله التعليقات التى تلقيتها كلها كانت جيدة جدا، والناس كانت كلها مبسوطة.
(لطفي بوشناق) وقضايا أمته
عن سر عدم تواجده في مصر وبعض الدول العربية بقوة مؤخرا رد بسؤال مليئ بالسخرية المرة، حيث قال: بل أين أنتم من (لطفي بوشناق)؟!، أنا موجود، وأعمل دائما، لأن اليوم الذي لا أعمل فيه أشعر أنني متطفل على هذه الحياة، وعلى هذه الساحة.
فأنا في حالة شغل وعمل متواصل، فالكلمات والقصائد موجودة والحمد الله، ومن خلالها أقدم بصوتي وألحاني كل يوم الجديد.
لكن اسمح لي أن أطرح عليك سؤال: هل ما تشاهده في وسائل الإعلام المصرية والعربية وعلى شاشات الفضائيات – إلا بعض الاستثناءات – يعبر عنك وعن ذائقة معظم الشعب العربي؟!
الإجابة على سؤالك يا عزيزي تحتاج إلى حديث طويل جدا جدا، لأن الفئة القليلة من المطربين الذين لهم موقف مما يحدث الآن، ويعبرون عنه، ويغنون قضايا تهم العرب والإنسانية يبعدونهم فورا عن دائرة الضوء!
وأنا سياستي التى انتهجتها طوال مشواري أنني لا أبحث عن موقع في هذه الساحة، بقدر ما أبحث عن موقف، وعن قضية، وعن عمل يذكره لي التاريخ، ويبقى في التاريخ، والله غالب!
وأكد صاحب (دلال حبيبي، ياللي ناديتك، الليالي الجميلة، هدي الخطاوي، أحبك موت، عذرك معاك، علمني يا سيدي) وغيرها: أن الساحة الغنائية مليئة بالمبدعين في كل مجالات الأغنية سواء شعراء أو ملحنيين أو موزعين أو مطربيين أو عازفين.
ولكن من يتولى قيادة الإعلام العربي، والمسئولين عن الفضائيات لايحبون من لهم مواقف واضحة تجاه القضايا العربية، ولديهم وجهة نظر، أو من يغنون للقضايا، هؤلاء غير مرضي عنهم لأنهم يحركون مشاعر الناس، والمسئولين لا يريدون هذا، لهذا يبعدونهم على الفور!، ويدعمون كل من لا يستحق الدعم!
لهذا أشعر الآن أن هناك مؤامرة خطيرة لاقتلاع الأمة العربية من جذورها، ومن تاريخها، ومن أصالتها!
دور الفن والفنان
وأوضح مطرب (يا عزيز الحسن رفقا، أحذرك، ليش تجرحني، كل ما فيك، يا ساكنة) وغيرها أن دور الفن والفنان مهمان جدا في التعبير عن القضايا التى تمر بالوطن، فالفنان أهم من السياسي مع احترامه لكل السياسيين.
وذلك لأن السياسي يأخذ فترته ويمر مرور الكرام، ويتم نسيانه، لكن الفنان هو الباقي في الذاكرة، لو سألت أي مواطن عربي من كان رئيس وزراء مصر في عصر سيدة الغناء العربي (أم كلثوم)، لن يعرف!.
ومن سيعرف سيطرح لك أكثر من اسم، لكن تظل (أم كلثوم) علم ورمز قائم بنفسه، ونفس الكلام لو قلت لك من كان يحكم أيام الشيخ (سيد درويش)، لن تجد إجابة! لكن يظل (سيد درويش) علامة مضيئة في تاريخ العالم العربي.
ودور الفن والفنان مهمان جدا، بل من أهم الأسلحة التى بقيت لدى العرب لإثبات الهوية، وتبليغ الرسالة، وتلميع الصورة، ودعم الاتصال.
وأشار مطرب (سهول فلسطين، وأمتاه، سوريا قلعة الأحرار، حسيت وجع الناس، جسد واحد، العشق ليلى، اللي باعك بالورد، لا تغضبي) وغيرها: أن عصر الألبومات انتهى!
فمسألة أن الجمهور ينتظر عاما كاملا أو أكثر حتى تطرح له ألبوم يتضمن 10 أغنيات لم تعد مجدية، خاصة في ظل عدم وجود شركات كاسيت الآن، كما أن وصلت التكنولوجيا الحديثة عملت انقلاب في صناعة الأغنية.
وحلت مواقع مثل (اليوتيوب) ومنصات الأغاني، ووسائل التواصل الإجتماعي، بديلا عن شركات الكاسيت، وكفت ووفت، الآن يمكن أن تطرح كل يوم أغنية جديدة.
كلمة لأصحاب القرار
عن جديده الغنائي القادم قال عملاق الأغنية العربية (لطفي بوشناق): لديّ العديد والعديد من الأغنيات الجديدة الجاهزة على الانطلاق، لأنني كما ذكرت لك في بداية حديثنا لايمر عليّ يوم من غير شغل.
لكن السؤال أين المحطات الفضائية التى تتبنى هذه الأغنيات وتعرضها وتبثها؟، هل الفضائيات يمكن أن تبث أغنية تقول كلماتها التي كتبها الشاعر اللبناني ميشال جحا:
يا أمم الأرض أينما كنتم في الدنيا
من مهد الحرف أناديكم
من قلب الشرق أحييكم، وضميرا أسأله فيكم
هل شجرا لايثمر يعطي الفي
هل بشرا من غيره يأبى أن يحيا
يا أمم الأرض أن أعطيناكم حرفا بالحب معمد
إن أعطيناكم موسى، عيسى، ومحمد
وزرعنا النور بأعينكم
وشذا الأيمان بأنفسكم
يا أمم الأرض إن كنتم بشرا
فأعطونا أمانا وسلام
وإن كنتم شجرا فأعطونا ظلا لننام
أترى إنسان من ينسى كون الإنسان
وجميع الخلق سواسية عند الديان
فتعالوا نسمو بأنفسنا فوق الأحقاد
ونخلي العمر يواكبه فرح الأعياد
فالناس من دون الوفا والحب لا شيئ.
ويضيف (لطفي بوشناق): ولديّ أغنية أخرى بعنوان (هى كلمة باختصار) تقول كلماتها:
هى كلمة باختصار، كلمة لأصحاب القرار
يكفي خلينا نعيش، يكفي ملينا دمار
ما يهم لونك، دينك، لا يسارك، لا يمينك
خلوا كل الناس أخوة بالتسامح والحوار
هى كلمة بىختصار، كلمة لأصحاب القرار
شوفوا كام من أم ماتت، وكم وراها من رضيع
وشوفوا كام حرب فاتت خلفت مشهد فظيع
شوفوا كام من أمة ضاعت، وشوفوا كم أمه تضيع
ياللي بإيديكم طلبنا احنا ملينا، تعبنا، يكفي حرب
ويكفي ظلم، ويكفي تشريد ودمار
هى كلمة باختصار، كلمة لأصحاب القرار
ويتابع (لطفي بوشناق): كما قدمت 11 عملا عن الأحداث الجارية في غزة، ورغم هذا لم يمر بعضها مرور الكرام على موقع (اليوتيوب)، حيث تعرضت الأغنيات لصعوبات كثيرة وحذف ومسح وغيرها، ورغم هذا عندى أغنية حاليا اسمها (خليك صامد يا فلسطيني).