(الرجل الثاني).. فيلم بوليسي جيد الصنع لايستطيع أحد أن يتجاوزه حتى الآن!
كتب : أحمد السماحي
أثناء كتابته مقدمة كتابي (الدنجوان رشدي أباظة.. أسطورة الأبيض والأسود)، قالي لي النجم الكبير (نور الشريف) كنت معجب جدا بالفنان (رشدي أباظة)، وأعتبره النجم المصري الوحيد الذي ينطبق عليه لقب (النجم الهوليودي)، فحياته الشخصية والفنية وتقلبه بين الأدوار المختلفة والمتنوعة وسحر أدائه فى كل هذه الأدوار تجعله ينطبق عليه ما ذكرته، ولقد شاهدت فيلمه (الرجل الثاني) 100 مرة، وفي كل مرة أستمتع بهذا الفيلم الخالد.
ما ذكره (نور الشريف) عن فيلم (الرجل الثاني) ينطبق على كثير من الجمهور، الذي كان ينتظر عرض هذا الفيلم فى التليفزيون وقت سطوة التليفزيون المصري، وقبل ظهور الفضائيات والإنترنت، وحتى الآن يحمل الفيلم سحرا خاصا وجاذبية شديدة للمشاهد رغم أن الجمهور يحفظون مشاهده.
هذا الأسبوع قررنا في باب (فيلم لا ينسى)، وبمناسبة الذكرى الـ 44 لرحيل النجم الكبير (رشدي أباظة) في 27 يوليو عام 1980، أن نتوقف عند فيلمه (الرجل الثاني) الذي ينتمي إلى القالب البوليسي، الذي سبق وقدمه المخرج (عز الدين ذوالفقار) في فيلم (قطار الليل) عام 1953، لكنه يقدمه بشكل أنضج وأكثر خبرة خاصة أنه قد مر على إخراجه لـ (قطار الليل) حوالي خمس سنوات.
قصة (الرجل الثاني)
تدور أحداث فيلم (الرجل الثاني) حول عصابة دولية لتهريب المجوهرات ـين القاهرة وبيروت، والرأس المدبر والمحرك والمخـطط لهذه العصابة هو (عصمت كاظم) الرجل الثانى فـى العصابة، وتعاونه عشيقـه الراقصة (سمرة) التى تعـل فى الملهى الـذى يديره.
ويمارس (عصمت) عمليات التهريب والاحتيال من خلال هذا الملهي ليكون ستارا لأعماله غير المشروعة، بينما زعيم العصابة الحقيقي (الرجل الأول) الذي تبحث عنه الشرطة يظل لغزا طوال الأحداث ولا يظهر سوي في اللحظات الأخيرة من الفيلم.
وتبدأ أحداث (الرجل الثاني) عندما تصدر الأوامر من زعيم العصابة بقتل (أكرم) الشقيق الأكبر لـ (لمياء) التي تقوم بدورها الفنانة (صباح) لوجود خلافات بينهم، وتبلغ (لمياء) الشرطة لتنتقم من العصابة، فترسل الشرطة أحد ضباطها (صلاح ذو الفقار) ليتقمص دور (أكرم) ويتقرب من (عصمت)، ليتعرف علي أسراره ويكشف العصابة وفي النهاية يسقط (عصمت) قتيلا برصاص زعيم العصابة الحقيقي الذي ينكشف أمره للبوليس.
نقد الفيلم
كتب الناقد السينمائي (طارق الشناوي) نقدا لفيلم (الرجل الثاني) فى كتابه عن (عز الدين ذوالفقار) الذي أصدره مهرجان القاهرة السينمائي قال في نهايته: استطاع (عز الدين) أن يضبط الإيقاع اللاهث للفيلم، ونجح فريق العمل، مدير التصوير (وحيد فريد) والمونتير (ألبير نجيب)، ومصمم المناظر (أنطون بوليزويس، وشادي عبدالسلام) فى تقديم أفضل ما عنده، وأن يمنح المشاهد متعة مباشرة فى أغنيات (صباح) ورقصات (سامية جمال)الموظفة فنيا داخل الصالة.
وفى نفس الوقت نرى مباراة فنية بين (صباح) و(سامية)، وأخرى بين (رشدي( و(صلاح)، ورغم نجاح الجميع إلا أن (رشدي أباظة) أحدث تماسا بين تلك الشخصية التى قدمها والجمهور، ولا يزال هذا التماس قائما حتى بعد مرور 40 عاما على تصوير الفيلم – وقت كتابة الكتاب – الرجل الثاني نموذج لسينما (الأكشن) جيدة الصنع لا أعتقد أن أحدا على مستوى السينما المصرية استطاع أن يتجاوزه حتى الآن.
سر بكاء رشدي أباظة
شهد هذا فيلم (الرجل الثاني) بداية العلاقة العاطفية بين (رشدي أباظة)، و(سامية جمال)، وفى هذه الفترة كان يعاني من خلافات عائلية مع زوجته الأمريكية (بوبي) الذى كادت بإهمالها أن تتسبب دون أن تقصد فى قتل ابنتها (قسمت) التى كانت جرحاً صغيراً كبر مع الأيام في قلب الطائر (الأباظي)، فقبلها كان يقطن قلوب النساء ثم يغادرها بلا خسائر جسيمة، أما الآن فقد باتت (قسمت رشدي أباظة) ثمناً متوقعاً للانفصال الوشيك، فأي مستقبل ينتظر هذه الصغيرة؟!
سأل نفسه وهو في طريقه إلى الاستديو في الصباح التالي، وحتى وصوله إلى البلاتوه لم يصل إلى إجابة مقنعة، فأرجأ الأمر إلى لحظة (اللا حل)، لكن المشهد الذي سيؤديه نكأ هذا الجرح الدامي، فقد وقف المخرج (عز الدين ذو الفقار) يشرحه بشئ من الحماسة.
ودارت الكاميرا، ووقفت (سامية جمال) تنتحب وهى تبلغ (رشدي) أن ابنته الصغيرة ماتت بسبب أفعاله الشريرة وصرخت قائلة: (بنتك ماتت يا عصمت، بنتك ماتت يا عصمت)، وهزت الكلمات وجدان الفتى الأباظي.
وتخيل (قسمت) وهى تدفع ثمن إهمال أمها وانشغال والدها في عمله، فانهمرت الدموع من عينيه وتهدج صوته، وساد الصمت البلاتوه، وأشار(عز الدين ذو الفقار) للمصورين بمواصلة التصوير للإمساك بهذه اللحظة النادرة، وفور انتهاء المشهد انفجرت موجة من التصفيق، وهنأ الجميع (رشدي) على هذا الصدق الجميل.
وحدها (سامية جمال) كانت تعرف الحقيقة، لذا كان طبيعياً أن تهمس في أذنه: (أحزانك يا رشدي حققت لك الصدق والتفوق في هذا المشهد)، وكان هذا المشهد بداية الحب والزواج بين الراقصة الشهيرة والدنجوان.
بطاقة الفيلم:
تأليف وسيناريو: عزالدين ذوالفقار ويوسف جوهر
حوا : يوسف جوهر
تصوير: وحيد فريد
مونتاج: ألبير نجيب
مناظر: شادي عبدالسلام وانطون بوليزويس
اكسسوار: نجيب خوري
موسيقى: أندريا رايدار
مكياج: سيد محمد
الملابس: عزيزة مراد
تسجيل الأغاني: نصري عبدالنور
مدير الإنتاج: محمد حجاج
انتاج: عز الدين ذوالفقار
الأغاني (عطشانه، وآه من عينه) تأليف فتحي قورة، ألحان: منير مراد، توزيع أندريه رايدر، (قولي أيوه) تأليف مأمون الشناوي، ألحان: محمد الموجي.
بطولة : (صباح، سامية جمال، رشدي أباظة، صلاح ذوالفقار،صلاح نظمي، عبدالخالق صالح، بدر نوفل، قدرية قدري، عبدالغني النجدي، محمود فرج)
أحداث سينمائية حدثت عام 1959
** صدر القرار الجمهوري رقم 1439 بتاريخ 22 سبتمبر 1959 بإنشاء المعهد العالي للسينما التابع لوزارة الثقافة والإرشاد القومي، وبدأت الدراسة بالمعهد فى 24 أكتوبر 1959 ، وتولى المخرج (محمد كريم) عمادة المعهد، وكان الهدف من إنشائه هو العمل على تخرج فئات مثقفة ثقافة فنية واسعة للعمل في مختلف فروع السينما.
وتكون المعهد من خمس شعب هى (الإخراج والسيناريو والمونتاج، التصوير والمعمل، الصوت، التمثيل والمكياج، الديكور وتصميم الملابس).
** قدم مجموعة من المخرجين أفلامهم الأولى وهم المنتج رمسيس نجيب الذي اتجه للإخراج فى هذا العام وقدم (هدى)، وقدم محمد كامل حسن (السابحة في النار)، وقدم حسين حلمي المهندس (شمس لا تغيب)، ريمون نصور (نور الليل)، إبراهيم السيد (الله أكبر).
** قدم المخرج (بركات) فيلم (دعاء الكروان) عن قصة للدكتور (طه حسين) وهو أحد أهم الأفلام الكلاسيكية فى تاريخ السينما المصرية، وقدم (صلاح أبوسيف) تجربته الهامة والجريئة في فيلم (بين السماء والأرض) الذي فشل تماما مع الجمهور، إلا أنه أعيد تقييمه بعد ذلك بإعتباره أحد الأفلام المهمة فى تاريخ السينما، حيث دارت حوادثه داخل مصعد كهربائي توقف وبه ثلاثة عشر راكبا كادوا يختنقون داخله.
أشهر أفلام 1959
عرض عام 1959 مجموعة كبيرة من الأفلام وصل عددها إلى 57 فيلما سينمائيا وكان أشهرها هذه الأفلام (دعاء الكروان، بين السماء والأرض، المرأة المجهولة، حكاية حب، حسن ونعيمة، كل دقة في قلبي، بين الإطلال، أنا حرة، صراع فى النيل، ليلى بنت الشاطئ، أنا بريئة، إحنا التلامذة، حسن وماريكا).
فضلا عن (عاشت للحب، المليونير الفقير، العتبة الخضراء، من أجل إمرأة، إحترس من الحب، عش الغرام، مفتش المباحث، حماتي ملاك، من أجل حبي، أم رتيبة، نساء محرمات، قاطع طريق، لن أعود، اسماعيل ياسين بوليس سري) وغيرها.