بقلم الناقد: عمر علي
طرح في موسم عيد الأضحى الماضي أربعة أفلام متنوعة كالعادة ما بين الكوميدي والأكشن ومنها (عصابة الماكس)، وهى الأنواع التي يفضل المنتجين والموزعين طرحها في مواسم الأعياد نظراً لإقبال الجمهور عليها.
ثلاثة من هذه الأفلام حملت توقيع مخرجين وكتاب ومنتجين كبار وهم (ولاد رزق 3) للمخرج طارق العريان ، (اللعب مع العيال) للمخرج شريف عرفه ، (أهل الكهف) للمخرج عمرو عرفة.
أما الفيلم الرابع والأخير هو (عصابة الماكس) والذي يعد استثناءا لأن صناعه الأساسيين خلف الكاميرا يقدمون فيلمهم الأول، وهم المخرج حسام سليمان والمؤلفين أمجد الشرقاوي ورامي علي والمنتج عمرو كمال.
تحكي قصة فيلم (عصابة الماكس)، حول المكسيكي اللص الذي يعمل بعمليات التهريب والسرقة دون مساعدة أحد إلى أن يطلب منه أحد مهربي الآثار أن يقوم بتوصيل مومياء فرعونية لمهرب آخر على الحدود ويقبض الثمن ويعود ويحصل على عمولته.
يوافق المكسيكي تحت تهديد ويلجأ لصديقه سائق الأتوبيس نفسين ويعرف منه أن الكمائن لا تقوم بتفتيش الأتوبيسات التي يستقلها الأطفال أو العائلات، هنا يفكر المكسيكي في حيلة أن يقوم بتشكيل عائلة مزيفة لتقوم بتنفيذ العملية معه كي يعبر الكمائن دون تفتيش الشرطة.
وهنا تبدأ المفارقات الكوميدية بينه وبين أفراد العائلة المزيفة من جهة وبين مهرب آثار آخر يريد الإستيلاء على التابوت.
فكرة (عصابة الماكس)
ربما تبدو فكرة فيلم (عصابة الماكس) متشابهة مع الفيلم الأمريكي (we’re the millers)، الذي أنتج عام 2013 من بطولة (جيسون سوديكس وجنيفر أنستون)، وإخراج (روسون مارشال)، ولكنه تشابه لا يصل إلى حد الإقتباس أو التطابق التام.
لأن الفيلم الأمريكي من الأساس ليس فيلماً جيداً وكتابه ومخرجه لم ينجحوا على الإطلاق في صنع فيلم يمكن حتى قبوله على المستوى الأفلام الكوميدية الخفيفة.
وذلك لأن الإهتمام الأكبر على ما يبدو كان بوضع أكبر قدر ممكن من الإيفيات والتلمحيات الجنسية الفجة حتى لو لم يكن لها أي معنى أو توظيف درامي، بالتالي ضاعت بساطة الفكرة وقوتها وسط كل ذلك العبث.
لكن صناع (عصابة الماكس) أحسنوا استغلال هذه الفكرة البراقة، وصنعوا فيلماً كوميدياً بحق ربما من أفضل أفلام الكوميديا التي قدمت في السنوات الأخيرة ونجحوا في تقديم معالجة درامية مختلفة تماماً عن الفيلم الأمريكي.
فالفيلم الأمريكي احتوى على أربعة شخصيات رئيسية فقط، هما البطل المهرب والبطلة صديقته التي يحبها، وشاب وفتاة مراهقين من جيرانه، لكن (عصابة الماكس) احتوى على سبع شخصيات رئيسية متضمنة شخصية البطل.
مواقف كوميدية ذكية
لهذا نجح الكتاب في تصميم شخصيات ومواقف كوميدية ذكية انتزعت ضحكات الجمهور، من ضمنها مشهد الحفلة داخل القصر بكل تفاصيله ومشهد اعتراف أهل قرية هاني، وشخصيتي اللصوص الأغبياء الذي يطاردون العصابة والذين جسدهم (أحمد فهيم ومصطفى بسيط).
أما أفضل شخصيات الفيلم على مستوى التصميم والأداء كانت شخصية (البارون) التي جسدها الممثل الواعد بقوة (حاتم صلاح) وشخصية (نوجة) التي جسدها القديرة (لبلبة).
على مستوى الإخراج استطاع (حسام سليمان) في تجربته الأولى أن يقدم فيلماً متوازناً على جميع النواحي بين، استطاع توجيه ممثليه واختيارهم بعناية واستطاع قيادة حتى العناصر خلف الكاميرا من تصوير ومونتاج وموسيقى لتوصيل حالة الفيلم.
ويحسب له أن قدم نوعاً سينمائياً يسمي بالإنجليزية [Road trip movie].. أي الفيلم الذي تدور أحداثه على طريق سفر، وهو نوعاً صعباً بمفرده تحديداً، إذ أضيفت له الكوميديا والأكشن والأغاني.
بالنسبة لأحمد فهمي فبعد انفصاله الفني عن رفقاء بداياته (شيكو وهشام ماجد) قدم أربعة أفلام من بطولته هم (كلب بلدي) 2016 و(الكويسين) 2018 و(مستر إكس) 2023 وأخيرا (عصابة الماكس)، وبحيادية شديدة يجب أن نقول أن (عصابة الماكس) هو الأفضل على جميع النواحي.
أما إنتاجياً فيحسب للمنتج (عمرو كمال) أن لم يراهن على أسماء براقة خلف الكاميرا ليضمن النجاح فحسب، فالمنتج التقليدي يفضل أن يستعين بمخرج كبير ومؤلف كبير تحديداً في أول أفلامه لكي يقلل المجازفة ويضمن الشكل النهائي للفيلم.
ولكنه لم يفعل ذلك وقرر أن يراهن على مجموعة من الشباب الجدد ويقدم معهم تجربته الأولى، وقرر أن يقدم نوع سينمائي صعب ويتطلب مواقع تصوير كثيرة بالتالي هو مكلف إنتاجياً جداً، لكن الرهان على الموهوب دائماً ما تكون نتيجته نجاح فني وتجاري كبير وهو ما تحقق بالفعل.