الذباب الإلكتروني يشن هجوما على فيلم (الملحد) ويطالب بمقاطعته!
كتب: أحمد السماحي
منذ أيام وبمجرد الإعلان عن عرض فيلم (الملحد) تأليف إبراهيم عيسى، إخراج محمد العدل، بطولة (محمود حميدة، حسين فهمي، صابرين، شيرين رضا، أحمد حاتم، تارا عماد) وغيرهم، في دور العرض يوم 14 أغسطس القادم،.
حتى اشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي بالهجوم على (الملحد) – الذي لم يعرض بعد – وتطالب بمقاطعته!، وليس هذا فقط، فبمجرد عرض (البرومو) الرسمي للفيلم، بدأت الحملة تشتعل أكثر.
وتهاجم كل العاملين في الفيلم، خاصة مؤلف الفيلم الكاتب المبدع الموهوب (إبراهيم عيسى)، وتشن هجوما على الرقابة التى وافقت على عرض فيلم عنوانه (الملحد).
فقال أحدهم: المنتج أحمد السبكى من أكثر الناس الذين انتجوا أفلام شوهت المجتمع المصري، حيث نشر أفكار البلطجة، والآن يريد نشر الفكر العلمانى، الموضوع خطة محكمة لنشر الإلحاد فى الدول العربية، ونشر المثلية والاعتراف بيها).
وقال آخر: فيلم (الملحد) تأليف إبراهيم عيسي المعروف عنه كرهه للدين الإسلامي، وكل أفكاره تدور حول مهاجمة الدين الإسلامي.
وقال ثالث: (هذا الفيلم لو الناس لم تشاهده فى السينمات هيفشل، ولن تتكرر التجربة، ياريت من الآن الناس تقاطع تلك الأعمال الهدامة، (بلاش) تدفع ثمن تذكرة سينما حتى تشاهد عمل يهاجم دينك، خليهم يخسروا ثمن إنتاج الفيلم).
وحتى كتابة هذه السطور لم تتوقف حملات الهجوم على فيلم (الملحد) والعاملين فيه، من قبل الذباب الإلكتروني.
الذباب الإلكتروني والهجوم والمدح
الحقيقة أن مثل هذه الحملات هى أسوأ ما تصنعه وسائل التواصل الاجتماعي، فالذباب الإلكتروني أو اللجان الإلكترونية، أحد أهم أسلحة الحرب الإلكترونية الحديثة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وهى لا تحتاج إلى تكاليف مالية كبيرة، ولا ترسانة فتاكة من الأسلحة، بل مجرد حواسيب وروبوتات مبرمجة وفيروسات تكفي لإلحاق أضرار وتأجيج صراعات.
فالذباب الإلكتروني هو عبارة عن حسابات وهمية مبرمجة وموجهة باتجاه معين، وبطرق ممنهجة تدار عن طريق برمجيات ومواقع تقوم بكتابة التعليقات والإعجابات وإعادة التغريد تلقائياً.
حيث تعمل على إنشاء وسوم (هاشتاجات Hashtags)، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي للدفاع عن وجهة نظر معينة، أو الهجوم على وجهة نظر مخالفة، ضد أشخاص أو دول بهدف التأثير على الرأي العام.
كذلك تستخدمه الشركات العالمية للترويج لمنتجاتها لرفع مستوى المبيعات، والتفوق عل منافسيها مقابل تقديم مبلغ مالي لصانعي الروبوتات.
سرقة فكرة فيلم (الملحد)
الغريب أن الذباب الإلكتروني بعد أن شنوا حملة ممنهجة ضد فيلم (الملحد) وصناعه، ويبدو أنهم فشلوا في الإصغاء لهم من قبل الجمهور الذي أصبح على علم بمثل هذه الحملات القذرة.
بدأت حملة أخرى تدعي أن الفيلم مسروق من فيلم مصري آخر بنفس الإسم بعنوان (الملحد) سيناريو وحوار وإخراج نادر سيف الدين، تم إنتاجه عام 2014.
وبطولة (صبري عبدالمنعم، حسن عيد، ياسمين جمال، محمد هشام، ليلى عز العرب، مازن معضم، ندى بهجت) وغيرهم.
والفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية، وتدور أحداثه حول ابن لأحد الدعاة اﻹسلاميين المشهورين، الذي يتجه نحو اﻹلحاد، وهو ما يثير حفيظة أسرته والمقربين إليه نظراً للخلفية الدينية التي تربي فيها.
كما يتطرق الفيلم في ثناياه للمدى الذي وصل إليه انتشار الاتجاه نحو اﻹلحاد في مصر.
والحقيقة أن لا أحد يستطيع أن يجزم أن الكاتب الموهوب (إبراهيم عيسى)، يمكن أن يسرق قصة فيلم، ويقدمها على إنها من وحي خياله.
ولكن يجوز لأن القصة حقيقية، فيمكن أن يكون مبدعنا (إبراهيم عيسى) وضعها نصب عينيه وبنى عليها موضوع فيلمه الجديد (الملحد)، لكني على ثقة تامة أن الفيلمين لا يشبهان بعض إلا في الاسم فقط.
تكرار أسماء الأفلام
ظاهرة تكرار أسماء الأفلام موجودة منذ بدايات السينما المصرية بداية من فيلم (صلاح الدين الأيوبي) عام 1941، تأليف السيد زيادة، إخراج إبراهيم لاما، وبطولة (بدر لاما، بدرية رأفت، محمود المليجي، أنور وجدي، منسى فهمي، بشارة واكيم) وغيرهم.
مرورا بفيلم (نادية) تأليف يوسف جوهر، وإخراج فطين عبدالوهاب الذي قدم عام 1949، وكان بطولة (عزيزة أمير، محمود ذو الفقار، سليمان نجيب، شادية، شكري سرحان، صلاح نظمي) وغيرهم.
ثم قدمت السينما المصرية فيلما آخر بعد 20 عاما بعنوان (نادية) قصة وحوار يوسف السباعي، إخراج أحمد بدرخان، وبطولة (سعاد حسني، وأحمد مظهر، وعماد حمدي، ونور الشريف، وملك الجمل، وسيف عبدالرحمن) وغيرهم.
وفي عام 1956 قدمت السينما فيلم (أرض الأحلام) قصة محمود صبحي، وإخراج كمال الشيخ، وبطولة (مديحة يسري، عماد حمدي، فريد شوقي، سراج منير، عبد الوارث عسر، وداد حمدي، توفيق الدقن، فاخر فاخر) وغيرهم.
كما قدمت السينما المصرية فيلم آخر بنفس الفيلم عام 1993، وكان قصة وسيناريو وحوار هاني فوزي، إخراج دواد عبدالسيد، وبطولة (فاتن حمامة، ويحيي الفخراني، وهشام سليم، وأمينة رزق، وعلا رامي) وغيرهم.
هذه عينة بسيطة جدا من أفلام كثيرة تم تكرار أسمائها طوال مسيرة السينما المصرية التى تعدت الـ 120 عاما.
كلمة أخيرة
من حق المبدعين الموجودين حاليا في مصر أن يقدموا ما يحلو لهم من تجارب فنية، طالما هذه التجارب لاتؤذي المجتمع المصري، ولا تحض على الرذيلة والفسق، والفجور.
ويقول جورج برنارد شو في مقدمة مسرحية (القديسة جون) عام 1934: (الخوف قد يدفع الناس إلى الغلو في التطرف، والخوف الذي يوحي به كائن متفوق، هو خوف من نوع غامض، لا يمكن التغلب عليه بالمنطق السليم لأنه لا يخضع لمنطق أو لقياس).
وفي ظني أن الخوف من أفكار (إبراهيم عيسى)، المبدع الموهوب، كما يقول (برنارد شو): هو خوف من نوع غامض لا يمكن التغلب عليه بالمنطق السليم، ومناقشته في أفكاره.
ولكن على الفور ينشط الذباب الإلكتروني ويحاول وأد هذه الأفكار قبل خروجها للناس، حتى لا يتأثروا بها، ويفكروا، لأنهم يريدونهم جهلة معدومي الإرادة، سهل تضليلهم والتأثير فيهم.