عندما اعترف لنا (يوسف شاهين) بقطع شرايينه من أجل فاتن حمامة، وحبه لكاميليا!
كتب: أحمد السماحي
نحيي غدا 28 يوليو الذكرى السادسة عشر لرحيل المخرج المصري العالمي (يوسف شاهين)، صاحب الرؤية الخاصة جدا في عالم الإخراج، وواحد من القلائل الذين سحرنا بأفلامه المتنوعة.
والتى أنبت لها جناحي فراشة، ولونها بألوان قوس قزح، وزين صدرها ورأسها بريش الطاووس الملكي، حيث كان (يوسف شاهين) يملك بين أصابعه أقواسا سحرية يعزف عليها أنغاما تجعلك تنسى نفسك فترقص ألما أو فرحا.
والمشوار الطويل الذي قطعه (يوسف شاهين) بدأب وعزيمة لاتعرف الكلل، أتاحت له تحقيق أسلوبه الشخصي على الشاشة، فبينما تنسب بعض الأفلام لهذا النجم أو تلك النجمة.
لا تنسب أفلام (يوسف شاهين) إلا له، فنقول: فيلم (يوسف شاهين) ولا نقول فيلم النجم (فلاني) أو النجمة (الفلانية)!، فهو كان قادرا على تحريك الممثلين بعصا سحرية تجعلهم يكشفون كل ما في أعماقهم، ويظهرون أمامنا وكأننا نراهم للمرة الأولى.
يوسف شاهين وأفلامه
لهذا فسينما (يوسف شاهين) مغروزة في قلوبنا ووجداننا بسكين مرصع بالجواهر، وكذلك مغروسة في قلوب نجوم هذه الأفلام، فيكفي أن النجمة الكبيرة (هند رستم) ذكرت لي في أحد حواراتنا وفي أكثر من حوار تليفزيوني: (كل أدواري في كفة، وهنومة في كفة)!.
وفي ملف قمت بعمله للفنان الكبير (محمد توفيق)، وكان يشارك معي في الملف صديقي (جمال الكشكي) رئيس تحرير مجلة (الأهرام العربي) الآن، ذكر لنا أنه ندم ندما شديدا لأن دور (قناوي) في فيلم (باب الحديد) طمع فيه (يوسف شاهين) وقام بتمثيله بدلا منه بعد أن عرضه عليه!.
كما ذكرت لي النجمة الكبيرة (محسنة توفيق): أنه لو كان الأمر بيدها لمثلت في كل أفلام (يوسف شاهين)، حتى لو كان دورا صغيرا.
وصرحت أنها ندمت ندما شديدا لأنها رفضت القيام ببطولة فيلم (اليوم السادس) لاختلاف وجهات النظر بالنسبة لتقديم الدور على الشاشة بينها وبين (يوسف شاهين).
ما جعل المخرج المصري العالمي يغضب منها، ويسحب الدور ويعطيه للمطربة العالمية (داليدا)، وعندما عادت من السفر، ووجدت الدور ذهب إلى (داليدا) بكت حزنا وألما، لأن الشخصية أكثر شخصية قربا من شخصيتها الحقيقية.
(يوسف شاهين) و(فاتن حمامة)
من الأشياء التى أعتز بها أنني أجريت العديد من الحوارات مع المخرج العالمي (يوسف شاهين)، سواء التى قمت بإجرائها وحدي، أو مع الزميلة (علا الشافعي)، أو الصديق (محمود موسى).
ونظرا لخفة ظل (يوسف شاهين)، وجرأته، وصراحته، استغليت مرة في أحد الحوارات التى نشرت على حلقتين في مجلة (الأهرام العربي).
وكانت معي الزميلة (علا الشافعي)، أنه كان في حالة نفسية جيدة جدا، ويضحك (ويهزر) معانا، وسألته بجرأة أقرب إلى (الوقاحة): لماذا قطعت شرايين يديك عندما تزوجت (فاتن حمامة) من (عمر الشريف)؟!
فنظر لي بقوة، وسرح ثواني وتلعثم في الكلام، لأن المعلومة لم يكن أحد يعرفها وفوجئ هو بها، وتوقعت أن يطردني أنا وزميلتي، لكنه سألني بتلعثم:عرفت مممممنننن فييييين المعلومة أو الزفت دي؟، فقلت له بصوت واهن ضعيف خوفا من بطشه: من مجلة فنية قديمة!
وتدخلت الزميلة (علا الشافعي) وهي ترتجف، وعيينيها تلومني على أنني سألت هذا السؤال وقالت له: أصل (السماحي) يا أستاذ عنده أرشيف فني ضخم سواء مجلات فنية قديمة، أو صور أبيض وأسود لنجوم الزمن الجميل.
فقال الأستاذ بعد أن هدأ: كنت بحبها!، كنت بحب (فاتن حمامة)، وشعرت بالخيانة من الطرفين سواء منها هي، أو من (عمر الشريف) الذي تحديت به كل العاملين في الوسط الفني الذين لموني أنني أعطيته دور البطولة مرة واحدة، في فيلم (صراع في الوادي).
وضحك (يوسف شاهين) وهو يستكمل: بس الحقيقة كانت (فاتن) عندها حق (الواد) كان زي القمر، كان حلو أووي، قوامه، ومشيته، وهيئته، كله جميل إلا صوته، كان صوته (مسرسع وعالي جدا)!
فأخذته أمام البحر في إسكندرية، وفي يوم كان فيه عاصفة شديدة جدا، والموج عامل شوشرة جامدة، فقلت له كلمني، وابتعدت عنه، حيث كنت أريد أن أشرخ صوته شوية، لكي أعطي له على الأقل بحة.
وبالفعل حدث ما تمنيته، وقبل بطولة فيلم (صراع في الوادي) أخذته وعرفته على (فاتن)، وطلبت منه أن يمثل أمامها، فبذكائه الشديد مثل أمامها باللغة الإنجليزية.
وضحك (يوسف شاهين) واستكمل كلامه قائلا: ونظرا لعدم معرفة فاتن باللغة الإنجليزية في هذا الوقت، أثنت عليه، ووافقت أن يقوم بدور البطولة أمامها، ونجح فيلم (صراع في الوادي) وأصبح عمر الشريف نجما، ولم أتوقع بعد الذي فعلته معه أن يخونني، ويتزوج (فاتن حمامة)!
وبعد نشر الحوار في مجلة (الأهرام العربي) تم تدوال معلومة، (قطع يوسف شاهين شرايينه، بسبب فاتن حمامة)، وأصبحت سؤال كثير من برامج الفضائيات، لكننا كنا أول من نشرها.
(يوسف شاهين) و(كاميليا)
في هذا الحوار أيضا استغليت سعة صدر مخرجنا العالمي (يوسف شاهين)، وسألته بهمس: من فترة كنت بكتب مذكرات (رشدي أباظة)، وقال في أحد الشرائط التى كنت أفرغها أنه كان بيحب (كاميليا)، أثناء عمله معها في فيلم (إمرأة من نار)!
وفجأة ظهر له منافس في حب (كاميليا)، وهو مساعد المخرج (يوسف شاهين)، والسؤال يا أستاذ: هل أحببت (كاميليا)؟، رد وهو يضحك: ومممممين مممميحبش (كاميليا)؟
واستكمل قائلا: (رشدي) كان بكاااش كبيرر، (كاميليا) كانت بنت حلوة أووى، وساذجة أووي، وكنت تحبني كصديق لأني كنت أضحكها وهى أيضا كانت تضحكني، لأنها لا تعيش على الأرض معانا.. كانت مشغولة بجمالها والأزياء والسهرات والمعجبيين، هذا كله عالمها.
رحم الله المخرج الكبير (يوسف شاهين) موسيقار السينما المصرية الذي أمتعنا بأفلامه المتنوعة المليئة بالثراء الفني والجمال والعذوبة والجدل والإثارة.