بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة
(محمد صبحي) بتاريخه الإبداعي الحافل عصي على الاغتيال، والكبار لا يمكن أن يغتال تاريخهم الصغار، ومهمة حاول بعضهم النيل من الرموز فمصير محاولاتهم الفشل، بل ومزيد من الإيمان بقيمة الرمز، ليجد أن الحقيقيين من الناس يجندون أنفسهم للدفاع عنه.
(محمد صبحي) ليس أول فنان كبير، ولا أول شخصية عامة يحاول الفارغين فكراً ووطنية اغتياله عبر (بوستاتهم) عديمة الفائدة على مواقع التواصل الاجتماعي، أو عبر مقالاتهم في صحف ارتضت أن تكون منصات اعتداء على المختلفين معهم أو مع (سادتهم).
وهى صحف تحولت بفعل السلوكيات غير المهنية إلى نشرات لا يقرأها حتى من يحررها، ليكون كاتب المقال هو من يقرأه، ويشاركه قراءته من كلفه بكتابته على أقصى تقدير.
الخلاف بين الفنان (محمد صبحي) والشركة (المتحدة للخدمات الإعلامية) خلاف مشروع بين فنان وشركة مسؤولة عن معظم الانتاج الفني في مصر ومالكة لمعظم قنوات العرض.
طرفان تعاقدا سوياً على أن يخرج وينتج ويمثل الأول بطولة مسرحيات ليعرضها الثاني في قنواته لقاء مقابل مادي يدفعه للأول ووفق شروط محددة، وكان من بين هذه المسرحيات واحدة مر أمرها بسلام وتحمل اسم (نجوم الظهر).
وثانية تحمل اسم (عائلة اتعمل لها بلوك)، وهي التي أثارت الأزمة، فباعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين غضب (محمد صبحي) لعرض المسرحية المذكورة في وقت ارتآه غير مناسب خصوصاً وأنه العرض الأول لها.
وزاده غضباً حذف بعض مشاهد أو لقطات حسب قوله، فأصدر بياناً عبر فيه عن غضبه معلناً خلاله اتخاذ إجراءات قانونية ضد المتحدة.
أفعاله المخالفة للتعاقد
كان من الطبيعي أن ترد (المتحدة) على بيان الفنان الكبير وتؤكد التزامها الكامل للبنود المتعاقد عليها وأنه هو الذي ارتكب مخالفات عددتها ضمن بيانها، وأعلنت أنها هي التي ستلجأ للقضاء بسبب أفعاله المخالفة للتعاقد.
المسؤولون في الشركة قرأوا العقد بطريقة تدين (محمد صبحي)، وبصرف النظر عن كونهم محقين أو مدّعين فليس أمامهم سوى الدفاع عن أنفسهم، ورغم ذلك فإن الحق يقول أن موعد عرض المسرحية لم يكن مناسباً، وهو بند واحد نناقشه هنا ومنه يستخلص القارئ النتيجة لعله يساعد في تكوين رأي.
اعتدنا منذ صغرنا على أن تعرض قنواتنا التليفزيونية المسرحيات المعادة والمكررة في سهرة الخميس، حيث يتجمع جميع أفراد الأسرة، وعلى أكثر تقدير يبدأ العرض عند العاشرة، ويسبق العرض دعاية لأيام.
فما بالكم لو كانت المسرحية جديدة وهذا هو عرضها الأول، ويتم عرضها وسط الأسبوع وفي وقت متأخر! من الطبيعي أن تحقق أدنى نسبة مشاهدة، حيث يمنع الناس عن المشاهدة التزامهم بالذهاب للعمل صبيحة اليوم التالي.
وبذلك يكون لـ (محمد صبحي) الحق في اعتباره أن موعد العرض تسبب في اغتيال المسرحية.
لـ (محمد صبحي) الحق في أن يغضب، وللمتحدة الحق في أن ترد، ولكن ليس من حق بعض الصحفيين المبادرة لإعلان ولائهم للمتحدة بالسعي لتشويه مسيرة فنان كبير، عرفناه مبدعاً ملتزماً، يوظف قدراته الإبداعية للتعبير عن هموم ومشاكل الناس، لم نره متاجراً بالفن، صاحب موقف، وكل عمل في أرشيفه يحمل رسالة هادفة.
الغريب أن بعضهم اقتطع مشاهد من بعض أعماله لاقناع الناس بأنه فنان مبتذل، وكأننا لا نعرف تاريخه ولا نحفظ أعماله بل وحوارات بعضها.
وزاد الطين بلة استعانة بعضهم بكلام على لسان فنانة تدعي أن (محمد صبحي) حاربها وتسبب في ابتعادها عن الفن وهجرتها إلى كندا، وكأن (محمد صبحي) هو الذي يتحكم بالفن المصري برمته، وإذا كان كلامها صحيحاً فلماذا لم نشاهدها في أعمال مع فنانين آخرين؟!
(محمد صبحي) ليس عالماً
أما قضية الأرض مسطحة وليست كروية التي حاولوا استغلالها للترويج أن (محمد صبحي) فنان جاهل، فهذا موضوع مازال يثير الجدل بين علماء الفلك، بعضهم يؤكد أنها كروية وبعضهم يقول أنها بيضاوية والبعض يثبت أنها مسطحة.
و(محمد صبحي) ليس عالماً متخصصاً في هذا المجال، ولكنه رجل يحب القراءة والاطلاع والتعرف على كل جديد، وماقاله ليس سوى نظرية لأحد العلماء نقلها صبحي للجمهور، ولا يمكن اتخاذها وسيلة لتشويهه سوى لدى من عجزوا عن العثور على ما يشوهونه به فنياً فلجأوا إلى السعي لمحاسبته كعالم متخصص في علم الفلك.
عموماً: حسناً فعل الفنان الكبير الدكتور أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية، بسعيه ونجاحه في وأد هذه الفتنة بين فنان كبير وشركة انتاج كبيرة، وعدم ترك الحريق يكبر ويتسع بما يسمح للانتهازيين في ممارسة انتهازيتهم لذبح قيمة فنية مصرية كبيرة.
رغم أنهم فشلوا وسيفشلون لأن الجمهور المصري يعرف قيمة كباره، ويتطوع للرد على من يحاولون النيل منهم، ولعل حالة الغضب من المتحدة وتابعيها على السوشيال ميديا يكفي لإثبات أن كبار مصر ليسوا للاغتيال وأن محو تاريخ أي منهم عصي على أصحاب السطوة وحاملي الأقلام المسمومة.
mahmoudhassouna2020@gmail.com