في ذكرى رحيل الملك (فاروق) عن مصر، ننشر المحذوف من أغنية (سلوا قلبي) لأم كلثوم
كتب: أحمد السماحي
(نحن فاروق الأول ملك مصر والسودان، لمّا كنا نتطلب الخير دائما لأمتنا ونبتغي سعادتها ورفاهيتها، ولمّا كنا نرغب رغبة أكيدة في تجنيب البلاد المصاعب التي تواجهها في هذه الظروف الدقيقة..
ونزولا على إرادة الشعب، قررنا النزول عن العرش لولي عهدنا الأمير أحمد فؤاد، وأصدرنا أمرنا بهذا إلى حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا، رئيس مجلس الوزراء للعمل بمقتضاه).
هذا نص وثيقة التنازل عن عرش مصر التى كتبها الملك (فاروق) في قصر رأس التين في مثل غد 26 يوليو 1952، وبها كتب نهاية حكم أسرة محمد علي باشا، لينهي صفحة الملكية من تاريخ مصر.
وذلك بعد ثلاث أيام من قيام ثورة 23 يوليو التي ستكتب لاحقا تاريخ الملك (فاروق) على مزاجها الخاص!، وتنسب له الكثير من الاتهامات بالفساد المالي والأخلاقي، وسط خلاف بين المؤرخين على صحتها حتى اليوم!.
لكن من الأشياء الثابتة والتى ستظهر في كتابي الجديد (مصر تغني الملك فاروق) أن كل مطربيين مصر غنوا للملك (فاروق) أروع الأناشيد الوطنية.
من أبرز هؤلاء كوكب الشرق (أم كلثوم) التي غنت له العديد من الروائع المجهولة والتى لا تذاع إطلاقا، والتى طلبت أم كلثوم بنفسها بعد أن تأكدت من نجاح ثورة 23 يوليو، حرق تسجيلات كل هذه الأغنيات.
(سلوا قلبي) وفاروق عبد العزير
لكن من بين الأغنيات التى تذاع حاليا بصفة مستمرة، خاصة في المناسبات الدينية، قصيدة (سلوا قلبي) كلمات الشاعر الكبير أحمد شوقي، وألحان رياض السنباطي.
هذه القصيدة تغنت بها (أم كلثوم) في شهر يناير عام 1946 عندما أحبت أن تشدو بأغنية في حب رسول الله، فلم تجد أفضل من رائعة (سلوا قلبي) المأخوذة من قصيدة (ذكرى المولد النبوي الشريف).
واختارت أم كلثوم منها 21 بيتا، تنتهي عند (وما للمسلمين سواك حصن / إذا ما الضر مسهموا وثابا).
وصادف فى هذا الوقت أن حضرصاحب الجلالة الملك (عبدالعزيز آل سعود) لأول مرة لمصر، فطلبت أم كلثوم من الشاعر(محمد الأسمر) الذى غنت له من قبل (زهر الربيع).
أن يضيف لقصيدة (سلوا قلبي) ستة أبيات تحية لملك السعودية وأيضا للملك (فاروق)، لتصبح عدد أبياتها 27 بيتا.
وظلت الإذاعة المصرية وعلى مدى عام كامل تذيع قصيدة (سلوا قلبي) بأبياتها الـ 27، حتى جاء مولد النبي عليه الصلاة والسلام التالي، فحذفت الإذاعة الأبيات الخمسة التى كتبها الشاعر (محمد الأسمر) بطلب من أم كلثوم، التى قدمت فى نفس العام قصيدتها الثانية في مدح الرسول (نهج البردة) التى حققت نجاحا كبيرا.
(سلوا قلبي) بأبيات الأسمر
هذا الأسبوع في باب (محذوفات الأغاني) وبمناسبة الذكرى الـ 72 لرحيل الملك (فاروق) عن مصر، ننشر قصيدة (سلوا قلبي) بأبياتها الـ 27، وستجدون الأبيات المحذوفة التى كتبها محمد الأسمر مكتوبة باللون الأحمر:
سلوا قلبى غداة سلا وتابا لعل على الجمال له عتابا
ويُسأل فى الحوادث ذو صواب فهل ترك الجمال له صوابا
وكنت إذا سألت القلب يوما تولى الدمع عن قلبى الجوابا
ولي بين الضلوع دم ولحم هما الواهي الذى ثكل الشبابا
تسرب فى الدموع فقلت ولى وصفق فى القلوب فقلت ثابا
ولو خُلقت قلوب من حديد لما حملت كما حمل العذابا
ولا ينبيك عن خلق الليالى كمن فقد الأحبة والصحابا
فمن يغتر بالدنيا فإني لبست بها فأبليت الثيابا
جنيت بروضها ورداً وشوكاً وذقت بكأسها شهدا وصابا
فلم أر غير حكم الله حكماً ولم أر دون باب الله بابا
وأن البر خير فى حياة وأبقى بعد صاحبه ثوابا
نبي الخير بينه سبيلا وسن خلاله وهدى الشعابا
وكان بيانه للهدى سبلا وكانت خيله للحق غابا
وعلمنا بناء المجد حتى اخذنا أمرة الأرض اغتصابا
وما نيل المطالب بالتمنى ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وما استصعى على قوم منال إذا الأقدام كان لهم ركابا
أبا الزهراء قد جاوزت قدرى بمدحك بيد أن لى انتسابا
فما عرف البلاغة ذو بيان إذا لم يتخذك له كتابا
مدحت المالكين فزدت قدرا وحين مدحتك اقتدتُ السحابا
سألت الله فى ابناء دينى فإن تكن الوسيلة لى أجابا
وما للمؤمنيين سواك حصن إذا ما الضر مسهموا ونابا
وكيف ينالهم عنت وفيهم يدا ملكين
بل روضتين طابا إذا (الفاروق) بإسم الله نادى
رأى عبدالعزيز قد استجابا، فصن يا ربنا الملكين
واحفظ بلادهما وجنبهما الصعابا هما فجر العروبة أبصرته
فقالت يومي المرجو آبا، إذا اتحدت أسود الشرق عزت
عروبتهم وصدر الشرق غابا.