كتب: محمد حبوشة
الفنان الكبير والقدير (محمد صبحي)، هو قامة مصرية كبيرة، وصاحب فكر وعقيدة راسخة في الإيمان بالوطن، ويسعى دائما إلى بث بذور الأمل في نفوس المصريين، مؤكدا أن هذا البلد يستند إلى حضارة عريقة لا ينبغي أن نبددها في تفاهات الفن والفكر والثقافة في ظل ترهل الأعمال الفنية الحالية.
في حوار لا يخلو من المتعة والسباحة في بحور الفكر والفن والثقافة مع الإعلامي القدير (حمدي رزق)، أفصح الفنان (محمد صبحي) في برنامجه (نظرة) عن مسرحيته الجديدة التي تحمل عنوان (فارس كشف المستور)، وهى استكمال لمسلسلة (فارس بلا جواد) الذي أذيع في رمضان عام 2002، وأحدث ضجة عالمية في وقته.
ومن هنا فالمسرحية الجديدة تعتمد على وصية تركها (حافظ نجيب) لابنه الذي سلمها لحفيده (فارس)، ومن ثم هنا تحمل المسرحية عنوان (فراس يكشف المستور)، وهو من جيل الألفية، حيث كان العدو يلعب من تحت الطاولة، لكن العدو الآن يواجهك بوقاحة.
بوعيه المعروف قال (محمد صبحي): نحن نعيش في ظل المؤامرة العالية الكبرى، وبالتأكيد مصر لها النصيب الأكبر من هذه المؤامرة، لأن المخطط بدأ بالصهيونية والماسونية.
وتطرق الفنان (محمد صبحي) إلى نظرية المؤامرة قائلا: (برنارد لويس) عام 1982 رسم خريطة اعتمدت من الكونجرس عام 1983، بحضور كونداليزا رايس وبرجينسكي، وهو كلام مكتوب ومنشور.
وساق (محمد صبحي) مثالا على المؤامرة العالمية قائلا: نيكولا تسلا العالم العبقري العظيم، الذي عمل فوق الألف اختراع، وكتب في مذكراته قبل أن يموت: (أن مئات الاختراعات التي قام بعملها أخفاها عن الأمريكان لأنها ضد البشرية).
وفاجأ (حمدي رزق) الفنان (محمد صبحي) موجها سؤال: أنت مهووس بنظرية المؤامرة؟
ليرد (محمد صبحي): ألا نضع احتمال 1. % وتنام، لماذا؟، لأن التجارب تثبت تأثيرها على الأمة العربية في أوائل القرن، ألم يكن (وعد بلفور) مؤامرة؟
المؤامرة لاتشغلني إذا فهمتها
وبالمناسبة يقول (محمد صبحي): أنا لاتشغلني المؤامرة إذا فهمتها وعندي وعي بها سأضع 1% إنها حقيقية، خاصة أن عدوك يكشف لك بشكل سافر عن نواياه، فبعد أن كان الشيطان يخبئ ما سيفعله أصبح واضحا.
والدليل يشير (محمد صبحي) إلى خطاب نيتنياهو في الكونجرس: (أنا مؤمن بسفر ونبؤة أشعيا، في إشارة إلى أن سيناء ونهر النيل جزء أصيل من أملاك إسرائيل، وطبعا نحن نتهكم على ذلك ونستنكر حدوثة، لكن نبؤة أشعيا تؤكد ذلك عندما يجف نهر النيل.
ويؤكد (محمد صبحي): عندما تفقد وعيك بالحكمة العالمية لن تحقق شيئا لوطنك ولا تستطيع أن تدافع عنه، وعيك بالحركة العالمية هو الذي يحمي داخلك، ولهذا لابد أن نعلم أولادنا أن يتعلموا ويعوا ويمرنون حواسهم في صناعة أشياء مجيدة للوطن.
لكن عندما تعرف أن القوة الحقيقية لوطنك تكمن في شعبك المتعلم، الذي يحافظ على تراثه، وتطور تكنولوجيا ولكن لم يستخدم التكنولوجيا لهدمه، الغرب صنع مواقع التواصل الاجتماعي، ونحن نفرح لها، لكنك لاتعي أنه صنع التكنولوجيا لهدمك.
وأشار (محمد صبحي) أن هذه المواقع صنعت لهدم الأسرة والمعلم، وهدم القدوة، ولقد قال الرئيس السيسي في أحاديثة (اللي عنده وعي بيتعذب)، وهذه حقيقية للأسف!
عندئذ سأله (حمدي زرق): هل أنت معذب؟
رد عليه سريعا: جدا لأنني فاهم، هل يعقل أن المنظمات العالية تقف وقفة جبارة مناصرة للكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين الذين يقتلون ببشاعة، ويتهجرون ببشاعة، ويتم تصفيتهم ببشاعة.
وأكد (محمد صبحي) أن أمريكا هى المعلم لإسرائيل، ولعل الكيان الصيهوني تم زرعه أولا في أمريكا، والدليل (عندما وقف بنيامين فرانكلين)، وخطب في الأمريكان 1887، وقال لهم: (لابد أن ينص الدستور الأمريكي على عدم هجرة اليهود، لأنهم سيبتلعون الولايات المتحدة الأمريكية.)
وأكد (فرنكلين): أنهم سيسيطرون على البنوك والإعلام، والخطبة موجودة ومطبوعة، وقمت بتنزيلها في مسلسل (فارس بلا جواد)، ألم نلحظ أن ما تفعله إسرائيل في الأرض المحتلة العالم الغربي يناصره.
تهجير الفلسطينيين إلى سيناء
ونوه (محمد صبحي) إلى أن هناك ضغط من جانب إسرائيل على تهجير الفلسطينيين إلى سيناء طبقا لنبوة أشعيا، إنطلاقا من إيمانه الكامل بأن سيناء هى ملكه، ولو تعاطفت مصر مع الفلسطينيين من منطق الأخوة، كان سيتم تنفيذ المخطط الصهيوني.
انتقل (حمدى رزق) إلى ضفة أخر من الحوار سائلا (محمد صبحي) أمازال (فارس) مهموما بالقضية؟
يرد (محمد صبحي): فارس كاشف المستور، ومن هنا أصبحت قضيته حياة أو موت، وأحب أنوه أن المسرحية كوميدي وميوزكال، لكن من خلال ماتراه: هل وطنك فعلا معرض لمؤامرة؟.. إذن ماهو الحل؟.. ما هو الحل للأجيال القادمة أو التي تعيش حاليا؟
المصيبة أنك لم تكن قارئا للمشهد – هكذا قال (محمد صبحي): لحدود المؤامرة أة أنك لا تفهمها، هناك أربعة جبهات على مصر، ولأول مرة في التاريخ هى مهددة: (الجنوب على حدود السوادن، ليبيا، سيناء)، و(البحر الأحمر بطوله وعرضه حتى جيبوتي والصومال).
ويحذر (محمد صبحي): طبعا نحن نعرف أن هناك قواعد عسكرية إسرائيلية، ومن هنا نسأل لماذا هى موجودة؟، خاصة أن إسرائيل تتأمر مع أثيوبيا، وتشجعها على حرمان مصر من نيلها.
ويبقى الأخطر – على حد قول (محمد صبحي) – : من الذي أعطاهم إشارة البدأ بعد أحداث 25 يناير، بعدما غادر مبارك الحكم؟
وسأله (حمدي رزق) هل أنت مسجون في سجن انفرادي؟
يرد (محمد صبحي بأسى) وحزن: عندما أقول أنني نشأت على مفكرين، وأدباء، ومؤلفين وشعراء، وفنانين كبارا تتلمذت على أيديهم، فلما أصبحت نجما بمواصفات النجم في السوق عام 1975، باشتغل وسط 32 فرقة (أرش كومبليه)، في ظل وجود (عادل إمام وفؤاد المهندس).
عندما يكون هناك 32 مسرحية منهم (3-4) ضعاف، إذن لدينا 28 مسرحية تحدث حركة ثقافية، وعليك أن ترى الأعمال التي قدمت على المسرح القومي، في (الستينيات والسبعنيات والثمانينيات والتسعينيات).
كان هناك منافسة بين مسرح الدولة والقطاع الخاص، ولكن اليوم عندما أعرض بمفردي، هذا ما ولد لدي شعور باليتم، ومن هنا على رأي والدي (أحس باليتم.. يعني أنا مسجون!
أنا أركب حصان جيد
قلت ذات مرة: أنا أركب حصان جيد، وحرصت على ذلك طوال الوقت، ماهو الشرف والخبل أنا أسابق 9 أحصنة عرجاء، وأصل لخط النهاية وأهلل وأصرخ على أنني وصلت؟
وهذا يعني – على حد قول (محمد صبحي) – كلما كانت الحركة الفنية عظمي تجعل أي مبتدء خائف يصنع عمل سيئ يقل عن نظرائه، كنا نشاهد عبد الرحمن الشرقاوي وصلاح عبد الصبور، وميخائيل رومان ورشاد رشدي، وسعد الدين وهبة، قائمة يصعب أن تراها اليوم.
ويتساءل (محمد صبحي) في دهشة: من قتل الفن، وضرب الدراما التلفزيونية في مقتل؟!
هى كلمة (ورشة)، كيف يمكن أن يجتمع (5-6) كي يكتبوا مسلسل؟، وأضرب مسلسل: 3 مسلسلات في رمضان مع اختلاف موضوعاتها، نجد زوجة تخون زوجها مع أخوه.
يتدخل (حمدي رزق): لكن هذه الروش نسق غربي قدم إلينا؟
يرد (محمد صبحي)، هذه مصيبتنا لأننا نقلد، أولا التفسير العلمي لها ليس (ورشة)، اسمها (ستديو الممثل: Actor studio)، التي اخترعها (ستانسلافسكي) في الاتحاد السوفيتي.
اسمها (ستديو) يعني معمل، ما يعني تفاعل الفنان، لكن الورش عندنا أصبحت تجارة، وهذا أمر خطير، لأن حزام الوطن الفكر والثقافة، ومن ثم يقدم فنا يسمو بالوجدان، ويحافظ على تراث هذه الأمة.
الذي حمى مصر في تاريخها على مدي سنين وقرون (المرأة)، والمرأة اليوم نحن نصدرها على أنها نموذج سلبي.
هناك من يتشدق بقول لابد من تعرية المجتمع، وهنا أقول له ليست هذه حرية إبداع، هذه حرية هدم للوطن، لقد عالجت العشوائيات في مسلسل (يوميات ونيس) عام 1996، لكن الأب حول تلك الخرابة إلى جنة.
أنا أقدم لك الشرير حتى تكره شره، وهنا أتطرق إلى لماذا يعلم الغرب الأطفال المثلية، هنا نعود إلى المليار الذهبي، وأظن أحد لايقول أنها ليست مؤامرة، لأنها مكتوبة على ألواح جورجيا بتسع لغات منها اللغة العبرية واللغة الفرعونية كما يبدو في شكل المثلث الذي يتصدر اللوحة باللغة الفرعونية.
انهم يخططون للمليار الذهبي
وأعود للمليار الذهبي، تقول اللوحة يكفي مليار واحد على وجه الكرة الأرضية وباقي البشر يعدمون، لكن ماهي وسائل الإعدام؟، هو ما حدث الآن، يقولون من عشر سنوات يتم تقديم فيلم عن (كورونا)، ونحن نضحك، ولعلم صنعوا نفس الأعراض والمصل، ويطهر فيروس (كورونا).
وينبه (محمد صبحي): هذا المشروع الصهيوني منقوش على الحجر موجود ومكتوب، وحتى يحقق المليار الذهبي هناك خطوة، وهى اللعب بالعقيدة، انظر لبرتوكولات حكماء صهيون، التي لانريد أن نقرأها، لقد تم بيع 2 مليون نسخة من هذا الكتاب بعد عرض (فارس بلا جواد).
حتى يتم تصفية 7 مليار، لابد من خطوة، وهى توحيد الديانات، وقد أعلنوا الديانة الإبراهيمية من عام ونصف، في إشارة إلى ذوبان الأديان في ديانة واحدة دون ذكر موسى أو سيدنا محمد أو المسيح.
إذن علينا أن نقف عند (إبراهيم) باعتبار أن كل البشر مؤمنين به، ولكن لم يفكر أحد ماهو أصل الديانة الإبراهيمية؟، عليك أن ترجع لألواح جورجيا وقصة المليار الذهبي، واقرأ الـ 24 برتوكول، نحن الآن في البرتوكول الـ 19 أو 20، إذن باقي (4-5) بروتوكولات.
الفن جزء أصيل في الترفيه، وكل المفكرين الذين قدموا أعمال مثل (نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس) في السينما كنا نضحك ونتسلى في السينما.
حمدي رزق يرد على (محمد صبحي) إذن أنت تقصد أن الأعمال مخلية من الوعي؟
هنا يرد (محمد صبحي): هناك استثناءات، هل أنت يهمك الإعلام في مصر، ولا يهمك إعلام مصر خارج مصر؟
إذن يهمك أن إعلامك يصل للعالم كله، هل يصل مشوه ولا يصل لأحد يثق فيه ويسمعه؟ وهل يؤكد أن للإعلام رسالة، والفن كذلك لابد أن يكون له رسالة، بحيث عندما تصدر للعالم ويراها، هذا ما كان يحدث في مصر من عشرين ثلاين سنة.
كان الفنان في الوطن العربي إذلم يدخل مصر وقدم فنه لايصبح نجما، وعلينا أن نحافظ على هذا، نريد تقديم فن يفيد ويرفع من قيمة الإنسان، لا ندعي فلسفة أو خطب، الناس تصرخ من الضحك، لكنك تعرف كيف تكتب الكوميديا؟
الكاميرات تذهب للتفاهات
ومن هنا لابد للمؤلف أن يعود من جديد، الكاميرات لا تذهب سوى للتفاهات، خناقة طلاق سوف تذهب الكاميرات لها على الفور، لكن لو هناك عالم تخرج من جامعة عين شمس، وعمل اختراعات تفيد البشرية لا تذهب له كاميرا واحدة.
هنا أنهى حمدي رزق حواره في الحلقة الأولى من برنامجه (نظرة) الذي استعرض فيه رؤية (محمد صبحي) عن نظرية المؤامرة، وغيرها من مخططات الغرب ضد مصر، وكذلك تعرض لكيفية أن يكون الفن مفيدا للإنسانية ويعلي من شأن الوطن.
وفي الحلقة الثانية قال الفنان (محمد صبحي) تحدث عن أحوال الفن في مصر وما يدور من الإصرار على إذاعة أعمال بعينها، بينما أعمالي مصيرها الدخول في ثلاجة التأجيلات، والأمر لايقتصر عليّ فقط بل هناك أسماء كبيرة يجلسون في بيوتهم للأسف!
وتطرق (محمد صبحي) إلى قيمة العمل في حياة المصريين، قائلا: نحن نفتقد ثقافة العمل والإنتاج، كل شعوب الأرض تعمل منذ الصباح الباكر حتى نهاية اليوم، بينما نحن نعشق الإجازات، وليس لدينا تقدير حقيقي للزمن.
سأل (حمدي زرق) سؤالا مباغتا: هل نحن بحاجة لتجديد الخطاب الديني؟
لقد قلت للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر: جملة (لا للحوار الديني) يعني أنه لا أحد يتحدث في الدين بلا ضابط، لافتا إلى أن فتح المجال لأي شخص يريد الحديث عن الدين تسببت في حدوث أزمات، وهذا هو المخطط الخارجي.
وأضاف الفنان (محمد صبحي) أن هناك من يريد أن يستهدف ويضرب السنة، وانزعجت من قيام مؤسسة (تكوين) لأن هذا صراع بين مندوبين الله وآخرون يريدون أن يكونوا مندوبين هم الآخر، ولهذا انزعت من الإعلان عن (تكوين)!، نعم لحرية التفكير ولكن لا لخناقات الفتنة.
وتابع قائلا: طالبت من الإمام الدكتور (أحمد الطيب)، شيخ الأزهر بعمل حوار ديني بين أهل الدين فقط، والإخوان كانت تدرس الجهاد للأطفال في سن الصغير، مع اختيار الآيات القرآنية حسب هواهم.
لن أعلن موعد اعتزالي
وبشأن الوعي لدى الفرد، استطرد (محمد صبحي) قائلا: (الوعي هو قراءة الغير ووضع احتياطات وخطوات استباقية).
وحول الصراع الأمريكي بين ترامب وبايدن، اختتم قائلا: (أشعر أن ما حدث لترامب مسلسل، ولو دعيت للتصويت في انتخابات أمريكا لن أصوت لأنهم جميعا ينفذون مخطط الصهيونية).
وأردف محمد صبحي: (عندما أفكر في الاعتزال لن استخدم التريند، ولن أعلن عن موعد اعتزالي، أنا مش هقول إني اعتذرت، أنا حتى لو مش هقدم عمل فني، هعلم شباب ومطربين وراقصين وفنانين ليقدموا مسرحيات، اعتزال الفن لا يعني اعتزال الحياة.
واختتم (محمد صبحي) حديثا ذو شجون وشئون بقوله: (كل اللي قدمته دا من فن عبارة عن بروفة، لسه مقدمتش عرض اللي أنا عاوزه، عايز أطور الفن، كل اللي فات بروفة، نفسي أقدم العرض)، أعني أن العالم والفنان لا شاطىء لهما، فلابد أن يبحر ويبحر إلى الممات.
ساعة ونصف تقريبا قضيتها مع (محمد صبحي)، و(حمدي رزق) في حالة من المتعة والنشوة وحمدت الله كثيرا على وجود فنان بهذا الحجم والقيمة في حياتنا، ومن هنا أتمني له طول العمر والصحة، حتى يمتعنا أكثر من غزير معرفته وفنه وثقافته.