أصابع خفية وراء توقف عرض (الأعمال الدرامية): (ليالي الشمال، الديب، هولاكو)!
كتب: أحمد السماحي
بعد نشرنا أمس موضوع (نكشف عن مسلسلات انتهى تصويرها ولم تعرض بأوامر من جهات سيادية)، والذي استعرضنا فيه، ثلاث مسلسلات عربية مهمة جدا، لم تعرض، وتلاقي مصير مجهول حتى الآن وهى (معاوية، ودوار شمالي، وكانون)، نتحدث اليوم عن (الأعمال الدرامية): (ليالي الشمال، الديب هولاكو).
وذلك بعد وصلتنا العديد من المكالمات الهاتفية من بعض نجومنا في كل مجالات الفن، وبعض الزملاء، وكثير من الكتاب الكبار، يشيدون بفكرة الموضوع.
ومن خلال تلك المكالمات علمنا ان مسلسل (الخط الساخن) ﺗﺄﻟﻴﻒ فوزية حسين، إخراج حسني صالح، وبطولة (حسين فهمي، وسولاف فواخرجي، ونضال الشافعي) وغيرهم والذي كنا سنتحدث عنه، علمنا أنه تم عرضه لكن على استحياء شديد ومن خلال قناة واحدة.
الإشادة التى وصلتنا، وكم المكالمات الكثيرة التى تلاقيناها، جعلتنا نتابع بحماس الجزء الثاني من الموضوع، ونرصد تأثير السياسة في السنوات الأخيرة على بعض (الأعمال الدرامية) والمسرحية، أو بمعنى أدق تأثير تلك الأصابع الخفية التي تلعب من خلف ستار.
(ليالي الشمال) والمعارضة السورية
من (الأعمال الدرامية) السورية أو العربية التى تلاقي حاليا مصير مجهول مسلسل (ليالي الشمال) الذي تم تصويره في السويد منذ عامين، وكان من المقرر عرضه عام 2023 لكنه لم يعرض حتى الآن.
وعن سر عدم عرض المسلسل قال بطله ومنتجه الفنان السوري (فراس إبراهيم): والله يا صديقي المسلسل يتناول موضوعات حساسة وشائكة، تقدر تقول أنه سياسي نوعا ما!
ولعل التقلبات السياسية التى حدثت أخيرا أثرت على عدم عرضه، ففي أحد خطوط المسلسل نتحدث عن المعارضة السورية، وكيف اشتغلت على من في الداخل أيام الأزمة السورية.
وأعداء الأمس في السياسة، أصبحوا أصدقاء اليوم، ولأن هؤلاء هم المسيطرون اليوم على الفضائيات العربية فرفضوا عرض المسلسل، وهم يرددون (بلاش وجع قلب!) وبالتالي لم يعرض (ليالي الشمال)!
والمسلسل تأليف وإخراج (عماد نجار)، وتدور معظم أحداثه في إحدى الضواحي السويدية، حيث يتحدث عن المهاجرون ذوو الأصول العربية، وحياتهم ضمن المجتمع السويدي، والصعوبات التي تواجههم في مستقرهم الجديد، الذي اختاروه أو اضطروا لاختياره.
ويحاول العمل من خلال شخصيات مهاجرة وسويدية مختارة بعناية، رصد أهم وأخطر الأسباب التي تُعيق اندماج المهاجرين العرب بالمجتمع السويدي.
كما تُعيق تقبّلهم من قبل نسبة من السويديين نتيجة لمجموعة من السلوكيات السلبية غير المسؤولة التي يقوم بها بعض هؤلاء المهاجرين.
كما يسلط المسلسل الضوء على أساليب عمل جماعات الإسلام السياسي في استغلال هؤلاء المهاجرين واللاجئين لمصالحها، ومصالح قياداتها غير الأخلاقية تحت ستار الدين.
وتجنيد تلك الجماعات لعدد من النخب والمثقفين العرب ذوي التوجهات العلمانية والليبرالية المعلنة، ليكونوا واجهات صورية لها ولأجنداتها المتطرفة.
مسلسل (ليالي الشمال) عمل درامي اجتماعي معاصر من ثلاثين حلقة، يضم مجموعة كبيرة من النجوم والفنانين من أكثر من ثلاثة عشر جنسية مختلفة عربية وأوربية، منهم (فراس إبراهيم، باسم مغنية، عماد نجار، منى هلا، ماريال نلسن..
ومريم حسين، شادي مقرش، يزن السيد، ليث المفتي، هنا استنبولي، مجد ظاظا، إبراهيم منعم، إنجي اليوسف، إرينا نلسن، يورغن كارلسون، كلاس إيغيغرين، إباء المنذر، سامر الكردي..
وماغي جاي أوغلي، لولوة حسن، ماتيلدا غوستافسن)، وضيوف العمل (محمد خير الجراح، عدنان أبو الشامات، نبال الجزائري، باسم الصباح) وغيرهم الكثير.
(الديب) والتعتيم الإعلامي
من (الأعمال الدرامية) التى انتهى تصويرها، ودخلت ثلاجة التأجيلات ولا أحد يعرف مصيره حتى الآن، مسلسل (الديب)، تأليف عمر عبدالحليم، إخراج أحمد نادر جلال، وبطولة النجم الموهوب ياسر جلال.
المسلسل إنتاج شركة (سينرجي) وكان تجربة جديدة علينا فى مصر، وأيضا على مستوى العالم العربي، والشخصية التى كان يجسدها (ياسر جلال) كانت جديدة جدا عليه، ومليئة بالتفاصيل الدقيقة.
ورغم أن المسلسل مليئ بالإثارة والتشويق، إلا إنه يحمل رسالة قوية جدا، وبعد عرض (البرومو) الخاص بالمسلسل على موقع الفيديوهات الشهير الـ (يوتيوب)، تصدر التريند وأصبح حديث رواد مواقع التواصل الإجتماعي.
ورغم سعادة (ياسر جلال) بالتجربة كما ذكر معنا في عام 2021 من خلال (شهريار النجوم)، لكن المسلسل اختفى تماما وكأنه لم يكن!، وتم التعتيم عليه، ولم يعد أحد يذكره!
وتم تداول كلام كثير على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، عن أسباب منعه، بعضها سياسية، لكن بعيدا عن شائعات (مواقع التواصل الاجتماعي) تظل أسباب عدم عرضه مجهولة حتى الآن.
(هولاكو) والتاريخ يعيد نفسه
التاريخ يُعيد نفسه، شيئ غريب أن يستعيد الزمن أحداثه، وأن يسترد التاريخ صفحاته، ويعيد كتابتها مرة أخرى، وعندما اجتاحت حشود التتار بقيادة (هولاكو) بغداد الرشيد منذ مئات السنين، داست خيول التتار مكتبة بغداد.
وألقت تراثها في نهر الفرات، وقتل (هولاكو) آخر خلفاء الدولة العباسية (المستعصم بالله)، وكتب نهاية 500 عام من أكثر إنجازات الدولة الإسلامية حضارة وازدهارا.
هذه جزء من مقدمة شاعرنا الكبير (فاروق جويدة) لمسرحيته (هولاكو) هذه المسرحية الشعرية التى تعتبر من (الأعمال الدرامية) البكائية الحزينة والمرثية الدامية، وسؤال أبدي: كيف تنتهي الشعوب، وتسقط الأوطان؟!
إنها درس من دروس الماضي، وكأن التاريخ يعيد نفسه، وما أشبه الليلة بالبارحة! لأن (هولاكو) موجود في كل عصر، والحضارات الغاربة قصص لا تسقط بالتقادم.
هذه المسرحية تحمس لتقديمها على المسرح القومي المخرج المبدع الراحل (جلال الشرقاوي)، قبل حوالي أربع سنوات – كنت شاهدا على كواليسها – واشتغل الشرقاوي على النص والديكور والأزياء.
وخلال السنوات الأربع رحل نجوم، وتغير نجوم من الذين وقع الاختيار عليهم لبطولة العرض، لكن الشيئ الوحيد الذي لم يتغير هو إيمان (جلال الشرقاوي) بهذا العمل، الذي تعرض لسلسلة من الأزمات استمرت أربع سنوات.
وكان من بينها الإطاحة بالفنان (أحمد شاكر عبداللطيف)، مدير المسرح القومي السابق، وقبل رفع الستار بفترة قليلة دخل (هولاكو) ثلاجة التأجيلات ولم يعرض.
رغم روعة نص شاعرنا الكبير (فاروق جويدة)، الذي كان عودة للمسرح الشعري بعد غاب سنوات طويلة بعد آخر عمل وهو مسرحية (الخديوي) الذى قدم عام 1992، لكن كل هذا لم يشفع لعرض المسرحية.
وعرفنا من مصادر خاصة أنه حتى تعرض لابد من قرار سياسي للموافقة على عرضها!
والسؤال: هل هناك أمل في عرض تلك (الأعمال الدرامية) في يوم قريب، بعد أن ترفع الأصابع الخفية، خاصة أنه قد تحملت شركات تابعة للدول، أو شركات خاصة تكلفة إنتاجية كبيرة؟، أم نعتبرها بضاعة أتلفها الهوى، أو كانت بمثابة رياح معاكسة سرعان ما هبت ثم انتهت، ومن ثم ذهبت في دهاليز طي النسيان إلى الأبد؟!