كتب: محمد حبوشة
كتب زميلنا العزيز، الكاتب الصحفي الكبير (عادل السنهوري)، في موقع (اليوم السابع) عام 2014، مقالا كاشفا بعنوان (الإعلام المفترى عليه فى أزمة الكهرباء)، قائلا: إنه لا يتصيد الأخطاء لأحد، ولكن أزمات الحكومة وارتباكها فى التعامل مع الأزمات التى تشهدها مصر وآخرها كارثة الخميس المظلم، لا يمكن السكوت عنها.
وليس مطلوبا من الإعلام بتنوعه أن يتحول إلى أبواق دعائية لتبرير أزمة الحكومة دون مراعاة معاناة الناس البسطاء ونقل همومهم واختناقهم من توالى الأزمات التى لا يتحمل أعباؤها سواهم.
وأضاف (السنهوري): من غير المنطقى أو المقبول أن يتحدث الإعلام لغة واحدة ترضى عنها السلطة، إذا كانت تصب فى صالحها وتبرر للناس أفعالها وتهون من أزماتها وكوارثها، فى زمن ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبعد ثورات شعبية كان مطلبها الأساسى هو الحرية بمفهومها الشامل.
ويتفق معى الكثيرون على أن الإعلام فى مصر ما زال داعما ومساندا لنظام ما بعد 30 يونيو، ولم يتجاوز بالشكل الذى يمكن توجيه اللوم عليه أو اتهامه بأنه السبب فيما يحدث فى مصر من أزمات مثل أزمة (الكهرباء) مثلا.
خطر في بالي هذا المقال الآن في مناسبة أزمة (الكهرباء) الحالية، خاصة حين قال: ماذا كان مطلوبا من الإعلام أمام كارثة الإظلام وانقطاع الكهرباء عن مصر لأكثر من 6 ساعات، هل كان مطلوبا منه أن يتجاهل الأزمة ويتغنى ويعدد مزايا الانقطاع والنعمة التى لا يشعر بها المصريون من وراء انقطاع (الكهرباء).
وهنا أتساءل مع (السنهوري): هل يبرئ وزير الكهرباء ورئيس الحكومة من الأزمة، وأنهم كمسؤولين ليسوا مسؤولين، هل الإعلام قاصر ولم يبلغ الرشد، وفى حاجة إلى إعادة تربية وتوجيه.
الفشل فى إدارة الأزمات
أعتقد أن الإعلام ليس سبب الأزمات والكوارث، وإنما الفشل فى إدارة الأزمات هو السبب الحقيقى فى جعل مصر (دولة أزمات) تفتقد ثقافة إدارة الأزمة وحكوماتها المتعاقبة، ومنها في القلب أزمة انقطاع (الكهرباء) المتكرر حاليا.
ومن ثم ينبغي على الإعلام المصري في لحظته الراهنة أن ينحاز للمواطنين البسطاء من أبنا هذا الشعب، بعد أن كثرت حوادث انقطاع (الكهرباء) والتسبب في موت العديد من المواطنين، سواء في المصاعد، أو أولئك الذين يعيشون على أنبوب الأكسجين.
تحاول وسائل الإعلام المصرية التابعة للدولة على مدار أشهر الاتكاء على أزمات الدول الأخرى المماثلة لأزمات مصر لاسيما انقطاع (الكهرباء)، وارتفاع الأسعار لتبرير عدم قدرة الحكومة على معالجتها.
ومن هنا ينبغي على وسائل الإعلام أن تجد حلولا موازية لأزمة شح الغاز باقتراح مبادرة جريئة تطالب فيها الدولة برفع الجمارك عن (ألواح الطاقة الشمسية)، كي يتمكن المواطنين من الاعتماد على البديل الأخضر، الذي ناشدت وتناشد حكومات العالم بضرورة التحول نحو الطاقة الخضراء.
الألواح الشمسية هى الخيار الأفضل، بديلا لاستخدام الكهرباء، خاصة أنها صديقة للبيئة وتعمل بتكلفة أقل وبشكل متواصل لا ينقطع، في اتاحة الألوح الشمسية شريطة رفع الجمارك عنها وتوفيرها بأسعار في متناول الناس.
دور الإعلام في الانحياز للمواطن بأن تبتكر الحول المناسبة في توفير المساحة المخصصة، لإنشاء المحطة الشمسية كملك خاص للمنشأة أو حق انتفاع لمدة 25 عاما، هذه أولى الخطوات لإنشاء محطة بديلة للكهرباء.
ثم تعاين الشركة المنفذة المكان، ومتابعة استهلاكات العميل وحساب قدرة المحطة على تشغيل الأجهزة الكهربائية طبقًا للقواعد، ثم يتم إعلام شركة (الكهرباء) لإجراء المعاينة لها وعمل القياسات المطلوبة وتحديد النقاط المتاح استخدامها.
هل يصعب على الإعلام أن يرشح لنا كيف يتم ربط الألواح الشمسية (المحطة) على الشبكة واستبدال العداد بعداد صافي القياس وتشغيلها، ويتم تركيب الألواح وفقا لعدة عوامل من أجل توفير الكفاءة الأفضل في توليد (الكهرباء) التي يحتاجها المستخدم.
على الإعلام أن يتحدث تفصليا وأن يشارك المواطن في توضيح الفوائد التي يحظى بها مستخدم الألواح الشمسية، تقليل قيمة فواتير الكهرباء الشهرية بشكل كبير.
وتعمل على حماية سقف المنزل من بعض العوامل الجوية، التي تؤثر عليه بشكل سلبي عند تساقط الثلوج والأمطار أو سطوع الشمس، كما أنها تعمل على زيادة كفاءة أنظمة التبريد، فضلًا عن الحد من الانبعاثات الضارة.
ألواح الطاقة الشمسية هى الحل
مهمة وسائل الإعلام ياسادة أن توفر لمتابعيها معرفة كل ما يخص ألواح الطاقة الشمسية للمنازل، وذلك ضمن خدمة مستمرة تقدمها لجمهورها في مختلف المجالات، وتوضيح أن ألواح الطاقة الشمسية، تستخدم الخاصية الكهروضوئية، من أجل تحويل طاقة ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية.
ظني أن الإعلام منوط به شرح كيف تعتبر أنظمة الطاقة الشمسية خارج الشبكة مثالية للعيش في الأماكن النائية أو المواقع التي لا توجد بها بنية تحتية للشبكة ومؤخرا لمواجهة انقطاع الكهرباء المجدول لمواجهة أزمة الطاقة.
المنازل التي تعمل بنظام الطاقة الشمسية خارج الشبكة تعمل بشكل منفصل عن الشبكة، وبالتالي فإن انقطاع الكهرباء لا يؤثر عليها على الإطلاق.
تعمل هذه الأنظمة عن طريق توليد الطاقة خلال النهار وتخزين تلك الطاقة الزائدة في البطاريات في الليل، عندما لايتم توليد الألواح الشمسية، يتم تزويد المنزل بالكهرباء المخزنة في البطاريات.
كما على وسائل الإعلام بدلا من إلهائها الناس بقضايا تافهة تخص بعض الفنانين، أن تشرح مميزات اعتماد منارلنا على الطاقة الشمية، نظرا لعدم وجود اتصال بالشبكة، حيث لا توجد أيضا فاتورة لـ (الكهرباء)، وه إحدى أفضل الطرق لتحقيق منزل خال من الطاقة.
وربما أيضا عليها أن توضح الجانب السلبي لهذه الأنظمة، في أنك تحتاج إلى مجموعة كبيرة من الطاقة الشمسية وبنك كبير للبطاريات، حتى يكون لديك القدرة الكافية لتزويد منزلك بالطاقة لعدة أيام، حتى في ظل الطقس غير المناسب، وهذا بالطبع يتطلب رفع الجمارك عن الألواح والبطاريات حتى تصبح حلا جذريا لأزمة (الكهرباء).
أليس من الأجدى أن تطلق وسائل الإعلام مبادرة بالتعاون مع الحكومة بتوفير ألواح الطاقة الشمسية كتكنولوجيا لها استخدامات معينة، وتعتبر حل اقتصادي وممتاز لحالات بعينها وفي حالات أخري قد لا تعتبر الحل الأمثل نظرا لاعتبارات مادية أو فنية.
البطاريات هى الجزء الأعلي تكلفة عند التركيب وفي الصيانة أيضا، لذا دائما المحطات المربوطة بالشبكة للاستخدامات المنزلية أو الاستخدامات بدون بطاريات كطلمبات الري يزال دائما الاختيار المفضل، ومن هنا فإن مبادرة كتلك التي اقترحتها تساهم في شرح أبعاد استخدامات الطاقة السمسية.
مبادرة إعلامية لإيجاد الحل
كما أن هذه المبادرة تمكن المواطن من اتباع خطوات مخاطبة شركة توزيع الكهرباء التابع لها للإشراف على أعمال التركيب ومعاينة المكان، لأن الاسطح المليئة بالظل لا تصلح كما يجب التوجه للحى لاستخراج تصريح بأعمال التركيب أعلى سطح المنزل.
وفي حالة وجود سكان بالعقار يتقدم رئيس اتحاد السكان الشاغلين بالعقار بطلب استخراج التصريح أما اذا كان العقار ملكية خاصة يتقدم مالك العقار بطلب التصريح بتركيب المحطة.
بعد ذلك تقوم باختيار إحدى الشركات المتخصصة في تركيب المحطات الشمسية لتركيب محطة على سطح منزلنا، وتقوم بمراجعة شركة توزيع الكهرباء التابع لها لمعرفة هل تلك الشركة مسجلة ومعتمدة لدى وزارة (الكهرباء) أم لا.
ومن أهم مميزات المبادرة هى توضيح آلية المحاسبة بعد تركيب محطة طاقة شمسية أعلى منزلك، يتم باستخدام نظام صافي القياس، هو نظام يقوم بموجبه صاحب المحطة بتنفيذ محطة شمسية وربطها بالشبكة ويتم تركيب عداد تبادلي يقوم بحساب الطاقة الموردة والمستهلكة من الشبكة.
وتلتزم شركة التوزيع بناء على قراءة العداد التبادلي بمحاسبة العميل، وتصدر فاتورة شهرية توضح فيها قيمة الطاقة المباعة من الشركة إلى العميل والموردة من العميل إلى الشبكة أي عبارة عن مقاصة يدفع المشترك قيمة الطاقة المستخدمة شهريا بعد نفاذ انتاجه.
أما في حال وجود فائض في إنتاج المحطة بعد التسوية، فيضاف هذا الفائض لرصيد المشترك للشهور التالية من السنة، وعند وجود رصيد للمشترك في نهاية العام المالي، – بعد التسوية – لاستهلاكه في نهاية شهر يونيو من كل عام.
وتقوم شركة التوزيع بشراء هذا الفائض، بسعر يكافئ متوسط تكلفة الطاقة الكهربائية المنتجة، طبقا لآخر تقرير لتكلفة الخدمة يصدر عن الجهاز وبالنسبة للمحطات (أعلى أسطح المنازل) تكون تعريفة الكيلو وات ساعة من الطاقة الشمسية للمنازل 84.8 قرش .
وعن امكانية تقسيط تكلفة إنشاء محطة شمسية أعلى المنازل تتنبنى المبادرة مخاطبة البنوك حاليا بتمويل مشروعات تركيب الألواح الشمسية فوق أسطح المنازل، وقد أدرجت بالفعل بعض البنوك برامج قروض لتمويل تكلفة تركيب المحطات الشمسية لتوليد الكهرباء أعلي المنازل.
وتشترط هذه البنوك لتقديم القروض ان يتم توفير مساحة كافية لإنشاء الخلايا الشمسية والأسطح والألواح، والبطاريات وغيرها من مستلزمات توليد الطاقة الشمسية، وهو ما يأتي في إطار توجه قطاع (الكهرباء) لزيادة الاعتماد علي الطاقة النظيفة.
وأخيرا: هل تستعصي مثل تلك الأفكار على إعلام متخم بتفاهات القضايا، مع أن مهمته الأساسية في تقديم خدمات حقيقية تشعر المواطن بأن ينتمي إلى بلد عريق أعجز العالم بحضارته منذ فجر التاريخ؟!.. ظني أنها أفكار نيرة لو أحسنا تفعيلها.