بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة
لدينا الكثير من (الفنانين) الذين لا ينبغي على شبابنا اتخاذهم قدوة، وإلا ستزداد الأمراض الاجتماعية والتجاوزات السلوكية بينهم، ويكفينا ما انعكس على حياتنا عنفاً وبلطجة بسبب أعمال لهم وبسبب سلوكياتهم الحياتية.
الشباب دائماً ما يبحثون عن شخص أو شخصيات يقتدون بها في حياتهم، وغالباً ما يتخذون من المشاهير وبينهم (الفنانين) قدوة، يلبسون مثل فنان ما، يقلدونه في السلوك وفي طريقة الكلام.
يتقمصون شخصيته والشخصيات التي يمثلها حال كونه ممثلاً، يحلمون بالسير على نهجه والوصول إلى ما وصل إليه، يلاحقون أخباره ولو تيسر لهم إمكانية لقائه فسيهرولون حتى لو قطعوا لذلك مئات وأحياناً آلاف الكيلومترات.
ليس لدينا اعتراض على أن يتخذ الشباب من (الفنانين) قدوة وإن كنا نتمنى منهم اتخاذ العلماء وعظماء التاريخ قدوة لهم، ولكنها مجرد أمنية نظرية ليس لها وجود في أرض الواقع.
ما يهمنا هو مدى صلاحية (الفنانين) لأن يكونوا قدوة لأولادنا، بين نجوم الأمس واليوم لدينا من هم بالفعل قدوة بسيرهم وقصص نجاحهم وانحيازهم للفن الهادف وحسن تعاملهم مع الجمهور وسلوكياتهم في الأماكن العامة وحسن اختيارهم للأدوار التي يؤدونها والأعمال التي يشاركون فيها وتعاملهم مع الفن على أنه مسؤولية ورسالة، وليس مجرد وسيلة للشهرة والاسترزاق.
ولكن هؤلاء قلة من (الفنانين)، أما الأكثرية فلا يصلحون أن يكونوا قدوة، يتعالون على جمهورهم وزملائهم الأقل منهم شهرة، لا ينشغلون بمضمون ما يقدمون، يقبلون الخروج عن قيم المجتمع في الأدوار والأعمال التي يمثلونها.
يعيشون الحياة بالطول وبالعرض وفضائحهم تملأ مواقع التواصل، منبهرون بشهرتهم وهو ما أفقدهم التوازن النفسي ومهارات التعامل مع الآخرين، لا يتحكمون في انفعالاتهم، وصفات أخرى سلبية ليس هذا مجال ذكرها.
أبطال فيلم (ولاد رزق)!
(الفنانين) يوضعون في اختبارات الصلاحية لأن يكونوا قدوة بين يوم وليلة، وبعض من اعتبرناهم قدوة يمكن أن يأتي موقف جديد ليكشف عدم صلاحيتهم، وخلال الأيام والأشهر الأخيرة انتقل العديد من الفنانين من مكانة لأخرى عندما تمت زغللة عيونهم بالمال وتم عرض أعمال جديدة عليهم تسيء إلينا جميعاً كشعب.
ومن هؤلاء جميع أبطال فيلم (ولاد رزق 3.. القاضية)، وغيرهم ممن تم التعاقد معهم على أفلام تسيء إلينا وخصوصاً النجم الذي قدرناه ووضعناه في مكانة خاصة، ثم فوجئنا به يقبل القيام بدور نصاب مصري في موسم الحج وهو الفنان الذي كان قدوة بالأمس وأصبح غير صالح للاقتداء به اليوم!.
لا ننكر أن في مصر نصابين، ولكن رمزية هذا العمل يتجاوز الهدف منها حدود تقديم مجرد شخص نصاب، فالشعب الوسطي المعتدل دينياً يتم تقديم أحد أبنائه نصاباً خلال أداء الناس لأحد أركان الاسلام!.
(شيرين) موهبة غنائية متفردة، ورغم النجاح الذي حققته فقد كان بإمكانها تحقيق أضعافه لو سعت لتحقيق الاستقرار في حياتها وقطع دابر الفضائح التي تلاحقها.
ولو أنها تمتلك التوازن النفسي والقدرة على اتخاذ القرار السليم في حياتها والتحكم في كلامها وتصريحاتها، لكان ممكناً أن تصلح قدوة للكثير من الفتيات والنساء عشاق صوتها.
ولكن استغراقها في عالم الفضائح والأزمات وعجزها عن إدارة خصوصياتها بشكل سليم حَوّلها إلى إنسانة يتعاطف معها الناس ويتألمون لآلامها المتكررة من وراء إدمانها حباً لرجل لم يمنحها سوى الوجع والألم، ولم يحمل لها سوى الطمع والجشع.
قد يكون عاشقاً لها مثلما هى عاشقة له، ولكنه العشق القاتل والحب المؤذي الذي يفرض على نجمة في حجمها تجاوزه، فمهما كانت آلام الانفصال الحقيقي بينهما فهي لاتساوي آلام الحياة، علاقتهما وما حدث فيها من خلافات وطلاقات وإهانات وتجاوزات أصبحت حلقات مسلسلة من الفضائح على مواقع التواصل.
والفنانة التي تقبل بالإهانة لنفسها باسم الحب وتنشغل عن نجاحاتها بسلوكيات مراهقة لاتصلح أبداً لأن تكون قدوة، وينبغي أن لا تتجاوز علاقة المعجبات بها حدود الاستمتاع بصوتها طالما بقيت لديها القدرة على الغناء.
(محمد رمضان) نموذج آخر لمن لا ينبغي اتخاذهم قدوة من (الفنانين)، وهل يكون المغرور محدث النعمة قدوة؟!، هذا الفنان تجاوز العقل والمنطق في تضخم الذات والتي يمكن أن تنفجر في وجهه يوماً ما.
صفعة (محمد رمضان)
ولعل الصفعة التي تلقاها من ابن السابعة عشرة في الساحل الشمالي رداً على صفعة له، نذير لهذا الانفجار.. نعم الشاب أخطأ عندما نادى عليه بـ (محمد حمضان)، ولكن من يرد على الشتم بالصفع هو شخص فاقد للسيطرة على انفعالاته.
والنجم الحقيقي هو من يدرك أن المعجبين به أصناف من البشر، بعضهم ملتزم والبعض متجاوز، وحكمته هى التي تمكنه من إنقاذ نفسه من تنمر المعجبين، بل وبالحكمة يمكن أن يضيف الكثير إلى رصيده نتيجة تنمر بعضهم عليه.
(محمد رمضان وعمرو دياب)، كلاهما أصبح مادة لاستهجان وسخرية الناس بعد صفع كل منهما لأحد معجبيه، مع الإقرار أن كلا المعجبين مستفز، وبالتالي فكلا النجمين لا يصلح قدوة ولا ينبغي على الشباب تقليدهم في أي شيء.
(أحمد الفيشاوي)، نموذج سافر لـ (الفنانين) الذين هم أبعد ما يكونون عن الاقتداء بهم، سواء في حياته الشخصية وزيجاته وفضائحه وتصريحاته المستفزة، أو في جسمه الذي جعل منه لوحة رديئة بالتاتوه المنقوش على معظم جسده ليشوهه.
(الفنانين) السالف ذكرهم ليسوا سوى مجرد نماذج لكثر لا يصلحون قدوة لأبنائنا وبناتنا، وهذا لا ينفي عنهم أنهم كبار في الفن يملكون الموهبة، ولكنهم يفتقدون حسن التصرف والحكمة، ولذا نشاهد المناسب من أعمالهم ونستمع إلى المناسب من أغنياتهم ولكن لا تعنينا شخصياتهم ولا تعنينا تفاصيل حياتهم في شيء.