بقلم: محمد حبوشة
(ما هكذا تورد الإبل يا سعد)، مثل عربي يضرب في كل من يعمل عملا بطريقة غير صائبة ولا مناسبة، وفي حالة (محمد رمضان)، ينطبق هذا المثل عليه تماما، فهو يضرب لمن يقوم بعمل أو يؤدي مهمة بلا حذاقة أو إتقان!.
ووردت قصة المثل حيث قيل إن مالكا تزوج ودخل بامرأته، فقام أخوه (سعد) برعاية أغنامه وتوريد إبله، ولكنه لم يكن بمهارة أخيه، ولم يحسن التعامل معها مثله، ولم يرفق بها كرفقه.
وعندما عاد أخوه من إجازته رأى ما فعل (سعد) مع الإبل، فقال مالك: أوردها سعد وسعد مشتمل، ما هكذا يا سعد تورد الإبل.
والبيت يشير إلى أن سعدا أورد الإبل ماء لا تصل إليه بالاستقاء، ثم اشتمل ونام وتركها، ولم يستق لها، أي يرفع لها الماء لتشرب، فصار البيت مثلا لمن لا يجيد القيام بمهمته كما يجب.
وظني يا صديقي الأعز (خيري رمضان) أن أفعال (محمد رمضان) تتسم بالرعونة والاستكبار والغرور الذي لامبرر له على الإطلاق، أخطأ (محمد رمضان) ونال جزاءه على فعلته النكراء برد الشاب له صفعة موازية.
ومن ثم لا يحتاج (محمد رمضان) إلى التعاطف معه أو تبرير ما يصدر عنه من ردود فعل عنيفة اعتاد عليها في أعماله الفنية الرديئة، حتى كاد يتماهي مع شخصياته التي يجسدها على الشاشة في ترسيخ مخيف للبلطجة والعنف.
ظهركان (محمد رمضان)، في مقطع فيديو، تداوله رواد السوشيال ميديا أثناء محاولته الحصول على هاتف الشاب، لكن بعد رفض الشاب تطور الأمر إلى توجيه صفعة من (رمضان للشاب)، وسط محاولات المتواجدين فض الاشتباك، ليرد الشاب الصفعة بمثلها.
وانتشر الفيديو طوال الأيام القليلة الماضية فى أثناء تواجد (محمد رمضان) في الساحل الشمالي، وهو يتشاجر مع شاب يبدو أنه التقط فيديو غير لائق لمحمد رمضان الذى اندفع ناحية هذا الشاب وهو يصرخ: (طلّع الموبايل) ثم صفع الشاب على وجهه، ليرد الشاب هو الآخر بصفع (محمد رمضان) أمام الجمهور الذى التف حولهما.
انتقاد الإعلامي (خيري رمضان)
ساءني جدا كما ساء الكثيرين من أبناء الشعب المصري، انتقاد الإعلامي (خيري رمضان) قيام (محمد رمضان) بصفع شاب تحدث إليه بطريقة مسيئة في الساحل الشمالي، وصور الموقف بالفيديو، ووصف تصرف الشاب في نفس الوقت بقلة الأدب.
وقال خيري رمضان خلال تقديمه برنامج (مع خيري) المذاع عبر قناة المحور: (محمد رمضان) تتفق أو تختلف معه فهو نجم يقابله رؤساء وملوك، وهو فنان يحب الاحتكاك بالجمهور والنزول بينهم، ويقول أنا رجل شعبي ولا يرفض أي طلب للتصوير معه).
وأضاف: (الولد الصغير لما سألوه هو ضربك بالقلم ليه قال أنا روحت أتصور معاه وقلت له يا (محمد حمضان)، أصل أنا استفزيته وكنت بهرج فضربني بالقلم، فأنا مهمنيش وضربته بالقلم، وبعد كده خدوني الأمن شوية وجالي مدير أعماله والموضوع خلص، وفوجئت بنفسي تريند).
وتابع خيري رمضان: (الضرب بالقلم مرفوض، لكن الولد ده قليل الأدب ويستحق العقاب، وإحنا عندنا من فترة ومن قبل واقعة عمرو دياب فكرة التجرؤ وإن الغني المشهور ليس له أي حقوق لأنه معروف والناس بتحبه، فيقبل كل شيء وإذا خرج عن شعوره الناس تذبحه).
وأشار خيري رمضان إلى أن الفنان (محمد رمضان) كان بإمكانه أخذ حقه بالقانون قائلا: (دي قضية سب وقذف قدام الناس، والولد أحداث هيدخل مؤسسة، لكن الحق ضاع خلاص و(محمد رمضان) لم يسلك الطريق الأسلم والأصح بالقانون.
وتصرفه غير لائق، لأن النجم عليه إنه ياخد الولد من إيده يعمل له قضية، أو يعتذر له ويقبل اعتذاره.
وهنا أرصد التناقض الكبير في كلام الإعلامي (خيري رمضان) في دفاعه عن (محمد رمضان) واستنكاره في ذات الوقت رد فعل (رمضان) بصفع الشاب، قائلا: (الضرب بالقلم مرفوض)، وطالما أنه مرفوض (ياخيري)، لماذا تبرر للأغنياء والمشاهير – بحسب تعبيرك – ما يقومون به من ردود فعل عنيفة بحجة أن معروف؟
هل من حق الغني أو المشهور أو المعروف أن ينجو من أفعاله الشريرة لمجرد أنه مشهور فيشفع له: لا وألف لا (ياخيري)، فالمشاهير عليهم أن يتحملوا أفعال جمهورهم ومحبيهم وألا يقابلوا الإساءة بالإساءة برد فعل أعنف وأكثر شراسة، فيفترض أنهم قدوة للشباب.. أليسوا كذلك؟
ومن ثم ينبغي أن يتحكموا في سولكياتهم، خاصة في ظل تواجد جمع كبير من الجمهور، ولا أقول أن ضريبة الشهرة تلزمهم أن يتحملوا، بل لابد من اللجوء للقانون في أبسط قواعده للحصول على حقوقهم.
ماذا لو تجاوز (محمد رمضان) الأمر؟
كان يمكن أن تمر الواقعة – خاصة في ظل تبعات (صفعة عمرو دياب) التي كبرت وتأزمت لأنه رفض الاعتذار – لو أن (محمد رمضان) تجاوز الأمر وسلم الشاب لأقرب فرع شرطة لينال جزاءه بالقانون.
عجيب أمر الإعلاميين والذين يتعاطفون مع المشاهير، وإحاطتهم بسيج حديدي لا ينبغي أن يتعداه أحد من الجمهور الذين يتشدقون بحبهم ومساندتهم لهم، بل في أغلب الظن يعتبرون أن هذا الجمهور هو حائط الصد الوحيد لهم، عندما ينالهم قلم النقاد بالسلب.
لن أعدد أزمات (محمد رمضان) الكثيرة، والتي تعكس خلالا نفسيا يعتريه، وهو الذي اعتاد الكذب في مواقف كثيرة، فيما يلفت الدكتور (أحمد عبد الله) أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق النظر إلى أن المنافسة تؤدي دورا كبيرا في تحفيز الفرد على الكذب، حيث يرى أن الوصول إلى القمة لا يتسع للجميع، لذلك يلجأ الإنسان إلى الغش والكذب.
لقد كتبت مقالا مطولا هنا على (شهريار النجوم) قبل سنتين بعنوان (محمد رمضان.. أسطورة التفاهة في الزمن الردئ)، وقلت أن البشرية تشهد اليوم أكثر من أي وقت مضى كثيرا من مظاهر السقوط على كل المستويات.
فضلا عن تراجع في قيم ومكتسبات فلسفية كثيرة، وقد أصبحت تطبيقاتها القانونية والأخلاقية والسياسية، اليوم في محل اختبار حقيقي أمام موجات التافهين الذين أصبحوا مسيطرين على قمرة القيادة، ودفة السفينة البشرية المعاصرة.
ولقد غدت تجليات مثل هذه النظرية واقعا في تصرفات (محمد رمضان) وغيره من المشاهير، وليس على مستوى النخبة السياسية الحاكمة فحسب، بل أصابت حتى المجال العام فنيا وأدبيا وثقافيا وذوقيا.
فغابت كل الأفكار والقيم الجميلة، والإبداعات الإنسانية فكرا وفلسفة وقانونا وأخلاقا وفنا، واكتظ المشهد العام بهبوط مريب للقيم الإنسانية النبيلة والخلاقة، لتحل محلها كل رداءة وسقوط في كل شيء.
أفعال (محمد رمضان)
أفعال (محمد رمضان)، و(عمرودياب) ومن على شاكلتهما، تأتي بينما البلد على حافة الانهيار، غارقة في أزمة اقتصادية حادة وضائقة معيشية تضيق كل يوم، وأسعار فاحشة وكل فرد أو مسئول (شغال على كيفه).
وذلك وسط ظلام دامس في أفق المستقبل القريب، بينما يخرج علينا المدعو (محمد رمضان) كل يوم بقصة جديدة غاية في الفحش والتحدي، تارة في أحضان فتاة إسرائيلية يدعي عدم معرفته بها.
وتارة أخرى يذهب في سخريته القميئة من الفنانة الكبيرة والقديرة (سميرة عبد العزيز) في تحد سافر لكل القيم الإنسانية ولا أحد يردعه، فلا نقابة الفنانين تدين سلوكه القذر، ولا موقف حاسم من جانب شركة ترعاه – رغم أنفنا – تنظر في سوء سلوكه وتمنعه من بث سمومه في نفوس شبابنا في وضح النهار.
ولست أدري من هو هذا المسئول الذي يدير ظهره لنا غير عابئ بـ (أسطورة العنف والتردي) التي تسقط من عمل لآخر في براثن الفشل على جناح العنف والبلطجة وممارسة قانونهم الخاص.
الأمر يحتاج إلى إعادة النظر في تفعيل القانون الذي يخرج عليه (محمد رمضان) في كل أعماله التي ترسخ للبلطجة والعنف، حتى لا ندين شاب رد عليه صفعة مستحقة في إطار قانون الغاب الذي تروج له غالبية أعمالنا الفنية للأسف!