نكشف لأول مرة عن السهرة التى سجلناها لـ (عمر الشريف) ولم تعرض حتى الآن!
كتب: أحمد السماحي
نحيي اليوم الذكرى التاسعة لأسطورة السينما المصرية والعربية النجم (عمر الشريف) الذي كتب اسمه بحروف من ذهب في سجل السينما المصرية والعربية والعالمية.
مشوار طويل، طويل، قطعه (عمر الشريف) منذ بدأ إحتراف الفن، وطوال المشوار، لم يكن الطريق مفروشا بالورد، ولكن قابله كثير من الأشواك، لكن (عمر الشريف) نجح بدأبه وصبره في إقتلاع الأشواك من طريقه.
وظل لأخر لحظة من عمره وقبل شهور من وفاته يحلم بالعمل والسينما، والفن، فرغم تربعه فوق عرش الأضواء، لكن الأضواء لم تعطه وسادة من ريش نعام، لينام عليها وينسى العمل.
(الشعراوي) و(أحمد عز)
من حسن حظي أنني أجريت مع زميلي وصديقي الكاتب الصحفي محمود موسى، حوارا مطولا نشر على حلقتين، كل حلقة صفحة كاملة، على مدى يومين في جريدتنا الغراء (الأهرام)، تحدث فيه (عمر الشريف) عن المحطات المهمة في مشواره الفني، وتعليقه على بعض الشخصيات، والأحداث التى قابلها في حياته.
وأحب الأفلام المصرية والعالمية إلى قلبه، وسر حبه للشيخ محمد متولي الشعراوي، ورغبته في تقديم فيلم عنه، وقام بتقليده لنا، ورغبته أيضا في إعادة فيلمه الشهير (إشاعة حب) على أن يقوم بدور (حسين) النجم أحمد عز.
ويقوم هو بنفس الدور الذي قدمه العملاق (يوسف وهبي)، لكنه كان خائفا أن يلعب نفس الدور الذي قدمه بعبقرية شديدة (يوسف وهبي) حيث كان (عمر الشريف) يرى أنه لا أحد يستطيع حتى هو أن يقدم الدور كما قدمه يوسف وهبي!
(عمر الشريف) وحوار لم يعرض
من المفاجأت التى تنشر لأول مرة، إنني وصديقي محمود موسى، قمنا بعمل سهرة تليفزيونية، قمنا بإعدادها، وصورتها كاميرات جريدة (الأهرام) للنجم (عمر الشريف).
وكان في ضيافته ويحاوره الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار، والمصريات الشهير، والوزير السابق لشؤون الآثار، والكاتب الصحفي (مصفى النجار) مدير تحرير جريدة الأهرام.
ويومها دار حوارا فنيا وإنسانيا رائعا بين الثلاثة، لكن لأن البعض لا يدرك قيمة الكنوز التى يمتلكها، فتم وضع الحوار في درج مكتب ولم يعرض حتى الآن!
عن الحب قال (عمر الشريف) في هذا الحوار: الحب شيئ ضروري، لكن العيب فيه، أو بمعنى آخر الصعوبة في استمراره أنه لكي ينجح لابد أن يكون حبا متساويا متكافئا من الطرفين، لا أكثر ولا أقل.
وأضاف: الذي يحدث غالبا أن يبدأ الحب متساوي الأطراف كما وكيفا، ولكن بمرور الوقت يزداد تعلق أحد الطرفين بالطرف الآخر، وسواء أكان هو أو هي البادئ بهذه الزيادة فالأمر سيان.
والنتيجة أن أحد الطرفين يزداد حبا وغيرة، فيتلاشى التوازن المطلوب، وهنا تحدث الكارثة، أحد الطرفين يزداد حبا، والطرف الآخر واقف أو يسير في الإتجاه المضاد.
وكلما زاد الحب عند أحد الأطراف قل بالتالي عند الطرف الآخر، والإنسان المفرط في الحب أناني، دائما يطلب المزيد، فإذا لم يجد صدى مساويا لحبه تولاه القلق والحيرة.
وبالتالي مزيد من الإغراق في الحب حتى يصبح حبه عبثا وليس حبا، فالشيئ إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده.
سر اختياره للدكتور (زيفاجو)
عن فيلمه الشهير (الدكتور زيفاجو) قال: إختياري لتمثيل دور (زيفاجو) له قصة، حيث كنت في (بلجراد) أمثل بعض مشاهد دوري في فيلم (جنكيز خان) وفوجئت بتليفون يطلبني من لندن.
وتحدث شخص لا يعرفني وقال لي أنه يحدثني بأوامر من المخرج (دافيد لين)، وبلا مقدمات سألني إذا كنت أوافق على تمثيل (الدكتور زيفاجو) ولم أصدق أذني!
ولكن كان واضحا أن المتحدث جاد فيما يعرضه، خصوصا عندما أكد لي أنه ينفذ أوامر المخرج الإنجليزي المشهور، ومنذ أيقنت أن العرض حقيقي، أصبحت أقضي كل وقتي في قراءة قصة (الدكتور زيفاجو) لـ (باسترناك).
وقد قرأتها أكثر من خمس مرات، ثم بدأت أقرأ السيناريو الذي بعث به إلي (ديفيد لين) مع خطاب طويل مفصل ضمنه كل توجيهاته بالنسبة لشخصية (الدكتور زيفاجو) كما يريد مني أن أمثلها.
ويضيف (عمر الشريف) والسؤال لماذا اختارني (ديفيد لين) لهذا الدور؟ الذي أعتقده أنه أقتنع بي كممثل قادر على القيام بأي دور فضلا عن أنه يعرف عني جيدا أنني ممثل مطيع للأوامر، دقيق في مواعيد العمل.
وحينما أعمل انفذ التوجيهات بكل إخلاص، وديفيد لين كان في رأيي حريصا الا يعهد بالدور إلى ممثل كبير ممن يسببون له المتاعب بكثرة ما يتفلسفون!.
والواقع أنني أحببت دور (زيفاجو) جدا، وفي رأيي أنه دور صعب، فـ (الدكتور زيفاجو) يبدو في أول الأمر انسانا خاملا لا يثيرك بتصرفاته، كل ما تستطيع أن تفعله هو أن تتطلع إلى شكله.
لهذا كان يتحتم أن يمثل الدور ممثل يتميز بأن شكله لافت للنظر، وهذه في اعتقادي احدى ميزاتي، ويبدو أن (ديفيد لين) يشاركني هذا الأعتقاد.
فقد نشرت الصحف الإنجليزية حديثا معه سئل فيه لماذا اختارني بالذات لدور (الدكتور زيفاجو) فقال: (لقد لاحظت حينما كان عمر الشريف يمثل دور (الشريف علي) في فيلم (لورانس) انه من الممثلين الذين يتمتعون بشخصية قوية جدا أمام العدسة.
لذلك فقد قررت فيما بيني وبين نفسي أن أعتمد عليه في فيلم احتاج فيه إلى ممثل بهذه الميزة، ولهذا تذكرته حينما فكرت فيمن يمثل الدكتور زيفاجو).
طارق عمر الشريف
تابع (عمر الشريف) ذكرياته عن فيلم (الدكتور زيفاجو) فقال: في الفيلم ظهر معي ابني (طارق) حيث جسد دور (زيفاجو) في طفولته.
وخلال عمله معي كانت أعصابي مرهقة بالطبع، لأنني كإنسان يعمل في السينما أقدر المسئولية، ونفقات إعادة تصوير أي منظر، وهذا ما لا يدركه (طارق) كطفل، ومن الطبيعي أن الموقف أمام الكاميرا شاق ومرهق للطفل.
وكنت أشفق عليه من تسليط الأضواء على عينيه، ومن تسليط الآلات التى كانت تحدث هواء وثلجا.
ولم تبد من (طارق) أي تصرفات غريبة اللهم إلا أنه كان إذا كلفه المخرج بالوقوف في مكان معين، قال لي: (وأنا أقف هنا ليه، ايه اللي يخليني أقف هنا؟ لأ مش عايز!) وكان هذا يسبب لنا بعض المتاعب.
أنا و(صوفيا لورين)
كما تحدث (عمر الشريف) عن النجمة العالمية (صوفيا لورين) فقال: أول مرة قابلتها ذهلت من جمال عينيها، فهي جميلة جدا، أجمل من السينما، وأنا كنت معتقدا أنها طويلة جدا.
ولهذا طلبت قبل أن أراها أن يصنع لي حذاء يعلو عن الأرض بخمسة سنتي، حتى لا أظهر أقصر منها أثناء تمثيلنا في الفيلم، ولكن اتضح أنها ليست بالطول الذي كنت اتصوره.
ولم اضطر لاستعمال الحذاء، و(صوفيا لورين) بنت بلد، ودمها خفيف جدا، تحب تهزر، وبسيطة جدا، يعني كانت تنزل المطبخ وتعمل لنا بنفسها مكرونة.