خناقة بين (إسماعيل ياسين) و(شكوكو) على صفحات مجلة (الجيل الجديد)!
فى بداية عام 1953 طلبت مجلة (الجيل الجديد) من النجمين الشهيرين (إسماعيل ياسين) و(محمود شكوكو) أن يقولا أرائهما فى بعضهما البعض من خلال باب للمجلة بعنوان(آراؤهم فى بعضهم)، فتعالوا بنا نقرأ ماذا قال كلا منهما، حتى نعرف أن زمن الفن الجميل كان فيه أيضا (غيره وآسافين).
رأي “إسماعيل ياسين” في “شكوكو”
فى البداية يقول (إسماعيل ياسين) : عاصرت هذا (المنلوجست) الشب – أي البالغ من العمر 43 سنة – منذ عهد طويل وعرفت الشيئ الكثير عنه، وفى الواقع أن هذا “المنلوجست” ليس منلوجست حرب!، فانه قديم فى هذا الميدان، ويقول المنلوجات منذ 12 سنة قبل الحرب.
وأشهد انى كنت من المعجبين به كـ (منلوجست) يقول المنلوجات البلدية والأغاني من نوع الموال، وبلغ من إعجابي به أني كنت ألازمه دائما فى حفلاته التى كان يقدمها – وقتئذ – فى الحواري والأزقة منذ عام 1941، والذي بدأت أعرفه فيه منذ هذا التاريخ فقط لا غير.
غيرت رأيي فيه منذ بدأ (يتقنزح)
ويضيف (إسماعيل ياسين) كانت ملازمتي له في هذا الحين على سبيل التشجيع فقط لأن هذا النوع الذي تخصص فيه كان نوعا جديدا بالنسبة له، وهو في الحقيقة من أنسب الأشياء له، ولكني لم ألبث أن غيرت رأيي فيه منذ بدأ (يتقنزح) ويحشر نفسه فيما لا يعنيه، ويقدم اسكتشات واستعراضات من تأليفه وتلحينه وإخراجه وتمثيله وغنائه أيضا، وإن كنت لا أنكر أن له اسكتشات ناجحة من تلحين الشيخ (زكريا أحمد) والموسيقار (محمد عبدالوهاب).
ولكن من أين له المال لكي يستمر فى الإنفاق على وضع موسيقى اسكتشات لكبار الملحنيين، أن من الخير له أن يعرف قدر نفسه وحدود مواهبه ويعود إلى أداء منلوجاته البلدية التى لا يجاريه فيها أحد.
ثم اشفقت على هذا – الشب – عندما وقع في حبائل بعض المتعهدين الجشعين واقنعوه بتأليف فرقة استعراضية باسمه لاستغلاله، فإن العقلية التى فى رأس (محمود شكوكو) هى عقلية – شب – طيب تجعل من السهل الضحك عليه وجعله بقرة حلوبا لكل مستغل، ويسألني البعض لماذا لا أقبل الاشتراك معه على الشاشة؟
وأجيب على هذا السؤال بقولي: إنني لا أحب أن أطعن فى استعداد هذا (الجدع) ومواهبه وأقول اني لا أحب الظهور معه فى فيلم واحد لكي لا أطغي عليه، ففي الواقع أن روحه فى السينما ليست خفيفه كما هي على المسرح.
ويتطر (إسماعيل ياسين): لقد عاشرت (محمود شكوكو) طويلا وقمت معه برحلات أثناء عملنا فى فرقة (الكسار)، وكنت فى هذا الوقت (واخده تحت باطي)، لأنه كان جدع طيب وساهي، وفى الحقيقة أن الفنان لو كان طيب ما ينفعش فى الزمن ده، ولذلك أوجه إليه نصيحة بحكم زمالتنا القديمة، وهى أن يترك الاشتغال بالصالات، لأنها لا تليق به وبسنه.
وإذا كانت الحالة – ولا قدر الله – تتطلب منه العمل من أجل الرزق فهو يستطيع أن يقدم حفلة واحدة أو حفلتين فى الشهر على مسرح محترم حتى لا (يزهق) الناس منه! ومن كثرة ظهوره فى الصالات يوميا، وأن كان فى الحقيقة (ما بيزهقش).
وكلمة أخيرة لابد منها يقول (إسماعيل ياسين): وهى أن هناك (منلوجيست) كثيرين ظهروا أخيرا محاولين تقليده، عن طريق منلوجات صعيدي وقناوي وعن طريق (عبدالعزيز) وغيره، ولكن بصراحة لا أحد استطاع تقليده لأن خفة الروح مش موجودة عند كل انسان، إن عيب (محمود شكوكو) الوحيد هو أن اسمه أكبر منه.
رأي شكوكو فى إسماعيل ياسين
يقول (محمود شكوكو): يفاخر (إسماعيل ياسين) بأنه نجم سينمائي لامع لا يخلو فيلم من ظهوره فيه، وهذا لأن السينما ليست فنا بل صناعة يستطيع أن ينجح فيها أي ممثل يجئ من الشارع، بعكس المسرح الذي يحتاج إلى مواهب واستعداد، والدليل على هذا أن عبقري المسرح الكوميدي فى مصر المرحوم (نجيب الريحاني) كان يكره السينما ويفضل المسرح عليها لأن المسرح حياة والسينما آلات.
وإذا سألتني عن السبب فى كثرة ظهوره على الشاشة فإني أقول لك، أن هناك مؤلفا سينمائيا ذائع الصيت يؤلف جميع روايات أفلام السينما، وهى كلها من نوع واحد، يرسم فى كل رواية منها دورا لـ (إسماعيل ياسين)، فتضطر شركات السينما إلى إظهاره فى هذا الدور، وبهذا يغمر السوق بأفلامه، على عكسي.
فلم يظهر لي بعد المؤلف الذي يكتب الأدوار المناسبة لي مثل (إسماعيل ياسين)، وأكون نجما سينمائيا لامعا مثله، ويرحم الله أيام زمان عندما كنت أمثل فى الأفلام دور البطل ويمثل هو معي فى نفس تلك الأفلام أدوار الكومبارس.
ويضيف (شكوكو): (إسماعيل ياسين) إنه كان يعمل معي في رحلات فرقة (الكسار)، وكان واخدني تحت باطه (وهذا صحيح، فإنه لم يكن، واخدني تحت باطه) فقط وانما كنت أحمل له حقيبته أيضا، لأنه كان من شدة بخله وتقتيره على نفسه، لا يستطيع أن يدفع قرشا واحدا للشيال، فكنت أقوم له بهذه المهمة مجانا ولوجه الله!!
الدنيا حظوظ وقسم وأرزاق
وأحب هنا أن أهمس بكلمة فى أذن (النكاتست) العظيم (إسماعيل ياسين) الذي قامت شهرته على النكتة، فأقول له من أين تأتي بهذه النكت ومن الذي يؤلفها لك؟!، وإذا عجزت عن الجواب فإن لدي إسم هذا المؤلف واسم الشخص الذي ينقلها إليك عنه في الخفاء.
(يا سي إسماعيل لايمها بقى وخلي الطابق مستور)، فإن الغرور إذا كان قد تملكك لأن مخرجي السينما يعيشون على حركاتك التهريجية التى أكل عليها الدهر وشرب، سيضطرون فى النهاية للرجوع إلى، وأنت لا تنسى أن هناك ممثلين كبارا مثل (زكي رستم) بقي ذات مرة أكثر من ثلاث سنوات بعيدا عن الشاشة حتى سعت إليه أخيرا.
وتعرف كذلك أن ممثلا ممتازا مثل (محسن سرحان) بقى هو الآخر دون أن يظهر فى فيلم واحد، ثم عاد للظهور مرة أخرى ليغمر سوق السينما بأفلامه.
الدنيا حظوظ وقسم وأرزاق ويا بخت من عاش قانع، وعمل بمنلوجي المعروف الذي يقول: (وأعيش معاك وأكلها بدقة).
مجلة (الجيل الجديد) العدد ( 58) الصادر يوم الأثنين 2 فبراير 1953 .