في ذكراه الخمسين: تعرف على (علي إسماعيل) .. رائد التنوير الموسيقي
* تأثر في مؤلفاته وألحانه بموسيقى الجاز العالمية، وقدمها بروح مصرية
* ساند فرقة رضا وقدم لهم أروع أعمالها الموسيقية والغنائية
* أنشأ فرقة ” الثلاثي المرح” وجعل “محمد عبدالوهاب” يلحن لها
* قدم روائع الموسيقى التصويرية للعديد من أفلام السينما المصرية
* أغنياته الوطنية وتوزيعاته صعب أن تسقط من الذاكرة والوجدان
كتب : أحمد السماحي
احتفلنا اليوم 16 يونيو بالذكرى الخمسين لرحيل الموسيقار المتجدد والمتطور (علي إسماعيل)، هذا الموسيقار العالمي من حيث التقنية الفنية، المصري من حيث الروح التى تنبعث من جملته الموسيقية وإشعاعه الفني، والذي تذكرنا أعماله بخان الخليلي، وحي الأزهر، والحسين، والسيدة زينب.
ولد (علي إسماعيل) في 28 ديسمبر 1928، لأب موسيقي يعمل يعمل في الموسيقات العسكرية الملكية، وقد ورث (علي إسماعيل) حب الموسيقى والعزف على الآلات الموسيقية من والده، وحاول والده أن يثنيه عن السير فى طريق الفن والموسيقى، لكنه لم يفلح فى هذا، حتى أنه لم يكمل دراسته فى مدرسة الصناعة الزخرافية، فكان يهرب منها ويذهب لتعلم الموسيقى بفرق الجيش.
معهد الموسيقى المسرحية
وعندما افتتح المعهد العالي للموسيقى المسرحية انضم له (علي إسماعيل) مع (عبدالحليم حافظ، وكمال الطويل، وسيد إسماعيل، وأحمد فؤاد حسن، وعبدالعظيم محمد”) وغيرهم، وأثناء الدراسة كان يعمل في الفرق الغنائية والملاهي الليلية ليعول نفسه.
ومع بداية الخمسينات التحق (علي إسماعيل) بالإذاعة المصرية، ولحن العديد من الأغنيات لركن الأغنية الخفيفة الذي كان يشرف عليه (عبدالحميد توفيق زكي)، وأثناء ذلك قدم العديد من المنولوجات الإجتماعية الناقدة لـ (ثريا حلمي، وعمر الجيزاوي، ومحمود شكوكو، سعاد وجدي)، فضلا عن تقديمه الأغنية المتطورة سريعة الإيقاع لعدد من الأصوات الدارسة مثل (عبدالحليم حافظ، فايدة كامل، عادل مأمون)، وغيرهم.
(الأرض وبين القصرين)
يعتبر (علي إسماعيل) مع (إبراهيم حجاج، فؤاد الظاهري، أندريا رايدر، ميشيل يوسف) رواد التنوير الموسيقي في مصر، ولهم فضل كبير على التأليف الموسيقي والسينما المصرية، فكثير من جملهم الموسيقي التى استمعنا إليها فى الأفلام محفورة فى الذاكرة والوجدان.
هل يستطيع أحد منا أن ينسى لنجمنا (علي إسماعيل) موسيقاه فى أفلام مثل (حسن ونعيمة، الايدى الناعمة، الارض، المماليك، يوم من عمري، البنات والصيف، بين القصرين، قصر الشوق، غرام فى الكرنك، أدهم الشرقاوى، “أبى فوق الشجرة، أجازة نصف السنة، صغيرة على الحب، مراتى مدير عام، معبودة الجماهير، الحقيقة العارية، شفيقة القبطية، العصفور، حرامى الورقة، الاختيار، رمال من ذهب)، وغيرها الكثير.
ملك الجاز
يحسب للراحل (علي إسماعيل) أنه كان متجددا ومتطورا فى موسيقاه، وكان أحد عشاق موسيقى (الجاز) الذي قدم كثير من مؤلفاته الموسيقية واللحنية من وحيها، حيث كان متأثرا جدا بهذا النوع من الموسيقى، سواء في موسيقاه التى قام بتأليفها أو في كثير من أغنياته التى لحنها، لـ (عبدالحليم حافظ، عادل مأمون، نادية فهمي، ثريا حلمي، شريفة فاضل، عايدة الشاعر)، وغيرهم، لكنه قدم موسيقى (الجاز) بروح مصرية خالصة.
فرقة رضا و(حلاوة شمسنا)
كما يحسب لـ (علي إسماعيل) مساندته للأخوين (محمود وعلي رضا) عندما أنشأ فرقة (رضا) عام 1959، فوقف بجوارهما وكان رئيس الفرقة الموسيقية، ومؤلف الموسيقى لكل الرقصات والتابلوهات الاستعراضية وطاف معهم أغلب دول العالم، من أهم ألحانه لهم (الأقصر بلدنا، حتشبسوت، حلاوة شمسنا، رقصة المجنونة، وسماح النوبة، رنة الخلخال، الناي السحري، وفاء النيل) وغيرها الكثير جدا سواء من الأغنيات أو المؤلفات الموسيقية الخاصة بالرقصات.
في مجال الأغنية نجد أن أغنياته تتردد طول العام وفى كل المناسبات الوطنية والاجتماعية، فهو كان الجندي المجهول في توزيع كل أغنيات (عبد الحليم حافظ) الوطنية، خاصة التى لحنها الموسيقار (كمال الطويل) مثل (المسئولية، بلدي يا بلدي، صورة، مطالب شعب)، كما لحن لـ (حليم) العديد من أغنيات البدايات مثل (يا مغرمين، حبيبي في عينيه، فى الليل، غني وغني) وغيرها.
دع سمائي ورايات النصر
ومن منا ينسى له نشيده الوطني الرائع (دع سمائي) الذي غنته المطربة الثورية (فايدة كامل) أثناء العدوان الثلاثي على مصر، وهو الذي لحن لـ (شريفة فاضل) أنشودتها الخالدة (أم البطل)، وهو أيضا صاحب نشيد (رايحين شايلين فى ايدنا سلاح.. راجعين رافعين رايات النصر)، والذي كان النشيد الرسمي للإذاعة المصرية أثناء حرب أكتوبر، وغنت له (شادية) فى حرب العبور أيضا (راحة فين يا عروسة يا أم توب أخضر).
الثلاثي المرح
وتعتبر تجربة (علي إسماعيل) مع (الثلاثي المرح) من أجمل ما قدم في فترة الستينات، حيث قدم لهم العديد من أغنياتهم التى ما زالت تتردد حتى الآن مثل (مانتاش خيالي، العتبة جزاز، شكلاته وعين جمل، يا أسمر يا سكر)، وغيرها من الأغنيات التى حققت نجاحا كبيرا لهذا الثلاثي، ورسمت لهم الطريق، وشجعت غيره من الملحنيين للتعاون معهم في مقدمة هؤلاء الموسيقار “محمد عبدالوهاب”.
الجوائز
حصل (علي إسماعيل) على العديد من الجوائز العالمية والمحلية منها (وسام العلوم والفنون عام 1961، والجائزة الأولى عن موسيقى فيلم – أجازة نصف السنة 1964- ووسام من الملك حسين، وشهادة تقدير من المهرجان العالمى التاسع بصوفيا 1968، وجائزة المهرجان القومى للأفلام الروائية 1971).
فضلا عن (جائزة الموسيقى الشعبية من تركيا 1970، وجائزة مهرجان جمعية الفيلم،عن موسيقى فيلم – العصفور- 1973، وكذلك فيلم – حكايتى مع الزمان – وجائزة جمعية النقاد وكتاب السينما عن مجموع أعماله 1975، وجائزة الدولة التشجيعية عام 1975).
الرئيس السادات
كان الرئيس الراحل (محمد أنور السادات) يحب (علي إسماعيل) ويعتز بمشواره الفني، لهذا قام بافتتاح متحف له فى منزله في حفل حضرة كبار رجال الدولة، في ذكرى رحيله الأولى يوم 13/6/1975.
الرحيل
رحل (علي إسماعيل) عنا حياتنا في مثل هذه الأيام عام 1974، وكان رحيله فجأة في أثناء بروفات مسرحية (كبارية) بمسرح (الشيخ ريحان) بالقاهرة، أي رحل وهو (يفن) ويعمل في إنتاج موسيقاه الرائعة.