(أحمد سالم).. الدنجوان الذي تزوج (أسمهان، وكاريوكا، ومديحة يسري)، وعاش حياة حائرة.
دونجوان.. مصطلح عالمي مأخوذ من اللغة الأجنبية يعني (السيد خوان) وهو شخصية تاريخية حقيقية استوحي منها الأدباء والموسيقيين وكتاب المسرح أعمالهم بشكل متكرر، وقابلنا مثل هذه الشخصية في الحياة في أماكن بعنيها من وقت لآخر، هذه الأماكن تعكس الثراء والأناقة والجمال والعلاقات العاطفية القوية والجاذبية.
هذا السيد هو رجل أنيق وسيم جذاب يشد انتباه النساء من الوهلة الأولي، ويقعن في غرامة ويطلبن وده، قد يكون مخادعا فينتقل بين أحضان فاتنات الزمن والمكان.
وينسج من حوله الكثير من التفاصيل هذه التفاصيل تثير شهية الكاتب وفضول المشاهد أو الكاتب.
وفي عالم السينما استطاعت الكاميرا أن تصورلنا مثل هذا الرجل النادر من خلال عدة نماذج فرأيناه يرتدي أفخم الملابس ويهتم بتسريحه شعره وتهذيب شاربه.
وارتداء أفخم الملابس وقد يضع الغليون في فمه، وهو في الغالب شاب في مقتبل العمر، وسوف يصير صاحب جاذبية مهما مر به الزمن.
فالشيخوخة قد تزيده أناقة، وليس هناك فاصل واضح بين أدواره السينمائية، وبين حياته الخاصة، فهو في كل الحالات مصدر أشعاع وجاذبية وقبول.
* قام (أحمد سالم) بأعمال عديدة في مجال السينما، منها الإنتاج والإخراج، والتمثيل، والإدارة، وفي وسط هذه الرحلة القصيرة يكون عاشقا وزوجا لجميلات العاصمة
* لم يعش أكثر من 39 عاما وتزوج خمس مرات، وأنتج ومثل وأدار استديو مصر
* كان أول طيار، وأول مذيع يقول (هنا القاهرة).
* إذا أردت أن تري (دونجوان) حقيقيا فشاهد أفلام (أحمد سالم) علي (اليوتيوب)
بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم
سوف نتعرف علي أبرز هذه الشخصية من خلال سلسلة من المقالات، ونقدم الصورة السينمائية، والحياتية لكل منهم، ومنهم علي سبيل المثال (أحمد سالم)، و(سليمان نجيب، أنور وجدي، أحمد مظهر، رشدي أباظة، وحسين فهمي)، وأسماء أخري.
الكثيرون منهم أغلبهم أبناء الطبقة الراقية بما يؤهل لهم التوغل في المجتمعات الأستقراطية لعل هذا السبب جعل صناع السينما يقومون باكتشافهم.
ويقدمونه في تلك الصورة البراقة التي عرفناها بعضهم عاش سنوات قليلة مثل (أحمد سالم) والكثيرون تجاوزا سينما الكهولة دون أن يفقدوا البريق ما يعني أن الدونجوان قد يموت لكنه أبدا لم لن يصير باهتا.
متعدد المواهب (أحمد سالم)
(أحمد سالم) هو أبرز الأسماء في هذه القائمة فهو ابن النصف الأول من القرن العشرين ومولود 1910 ولم يعش أكثر من تسعة وثلاثين عاما.
وقد انطبقت عليه كافة صفات العبقري قصير العمل فهو متعدد المواهب، ومتعدد العلاقات النسائية، ويعمل في أكثر من مجال.
وهو يحمل التفسير الحقيقي لكلمة نجم لكل ما فيها من سطوع وأشراق وضوء خلاب فهو مثلا (أول طيار) مصري يتعلم الطيران.
ويقود طيارته وسط المخاطر العديدة قادما من لندن إلي القاهرة بمفرده في طائرته، بعد أن أنتهي من دراسته، وهو في الحادية والعشرين من عمره.
كما أنه أول مذيع تعرفه الإذاعة المصرية حينما ردد بصوته الرخيم (هنا القاهرة)، ثم هو رجل الاقتصاد المتميز الذي يعمل مديرا لـ (استديو مصر)، ويقوم بإنتاج الأفلام الأولي المتميزة.
ومنها (وداد) و(نشيد الأمل) لأم كلثوم، ثم صار بطلا في فيلم (أجنحة الصحراء) عام 1937 .
الزواج من جميلات السينما
يقوم (أحمد سالم) بأعمال عديدة في مجال السينما، منها الإنتاج والإخراج، والتمثيل، والإدارة، وفي وسط هذه الرحلة القصيرة يكون عاشقا وزوجا لجميلات العاصمة.
ويتزوج من الفنانة (تحية كاريوكا)، ولكنهما انفصلا بعد سفره لفلسطين، ثم تزوج من المطربة (أسمهان)، والتى كان يغير عليها بشكل كبير.
وقد حدثت بينهما مشاجرة كبيرة، مما جعلها تستدعى الشرطة، وحدث تبادل إطلاق نار بينهما، وأصيب برصاصة، ظلت داخل جسده لسنوات وأودت بحياته.
فبالرغم من أنه لم يمت منها إلا أنه مات بسبب الآلام الناتجة عنها طوال خمس سنوات، حيث قرر عمل عملية جراحية توفي بسببها.
أما الزيجة الثالثة لـ (أحمد سالم)، فكانت من الفنانة (مديحة يسرى)، إلا أنه انفصل عنها أيضًا، هذا غير (خيرية البكري)، و(أمينة البارودي).
أحمد سالم و(الماضي المجهول)
كان (أحمد سالم) مصريا بالغ الجدية، متعدد المواهب، وقبل أن يكون مديرا لـ (ستديو مصر) يتولي إنتاج أفلاما مهمة قامت ببطولتها أم كلثوم، وأيضا فيلم (لاشين) أول الأفلام التى منعتها الرقابة.
قام في النصف الثاني من الأربعينيات، بتكثيف عمله كممثل، ومنتج، ومخرج، وكاتب سيناريو، وقد كانت حياته دوما مليئة بالجدل.
فهو الذي اكتشف الفنانة (كاميليا)، وقيل أنه عاش قصة حب ملتهبة معها، وحول حياته معها قدمت السينما فيلم (حافية على جسر الذهب) بطولة حسين فهمي، وميرفت أمين، وعادل أدهم.
كما أنه عاش حياة عاطفية ساخنة مع جميلات السينما وارتبط بالزواج من بعضهن، وكان نجاح فيلمه (الماضي المجهول) من أخراجه عام 1946 بمثابة علامة مميزة في مسيرته السينمائية، ويبدو أن نجاح الفيلم جعله في حالة حذر، أو لنقل تيمن!.
فقام بإنتاج وتمثيل أفلامه التالية علي نفس الغرار، فالبطل اسمه (أحمد علوي) في هذه الأفلام، وهو إنسان ينتمي الي الطبقة الراقية التي جاء منها (أحمد سالم) نفسه.
وهو أقرب الي (الدونجوان) تعشقه النساء، ويعمل في وظائف قيادية، وعلي رأسها البحث العلمي، والطب، هذا البطل مصاب بفقدان الذاكرة مايدفع الجمهور للتعاطف معه.
أحمد سالم و(المستقبل المجهول)
اذا كان (أحمد علوي) فقد ذاكرته في (الماضي المجهول)، فإن الفتاة (نادية) في فيلم (المستقبل المجهول) عام 1948، هى التي فقدت الذاكرة، وقد جسدت دورها هنا (مديحة يسري) التي قيل أنها كانت زوجته في الفترة نفسها.
وقد استعان هنا أيضا بالمطربة (نور الهدي) التي عملت معه في أكثر من فيلم منها (المنتقم ) و(حياة حائرة).
وباعتبار أن (أحمد علوي) هنا واقع بين مريضته التي تزوجها وهو حريص علي علاجها بعد أن فقدت أهلها في الحرب رغم وساوسها.
فان الممرضة (سميرة) التي تحبه صارت هى الوجه الملائكي الذي تفوز صاحبته بالطبيب بعد أن تملك الشر من زوجته التي أنجبت له ولدا.
كما أن (أحمد سالم) كان يميل إلى الاستعانة بممثلين على رأسهم (بشارة واكيم) والفنان النوبي (محمد كامل).
من (الماضي المجهول) الي (المستقبل المجهول) دون أن نعرف ماذا يعني الفيلم واسمه؟! سوي أن هناك أشارة في بداية أحداث الفيلم تشير إلى عام 1941.
بإعتبار أن الفيلم تدور أحداثه في الأسكندرية، وكانت (نادية) ضحية للغارات، وفقدت الذاكرة، وانتابتها الرغبة في الانتقام من زوجها، حين أحست أن مشاعر زوجها تحولت إلى قلب الممرضة.
كما جاء علي لسان (أحمد علوي) في السيناريو والحوار الذي شارك فيهما الروائي يوسف جوهر، ومن المؤكد أن (أحمد سالم) استحسن هذا النوع من العناوين.
وهو يقدم في تلك الفترة أيضا فيلما باسم (رجل المستقبل)، وكان يضم أيضا (مديحة يسري، وبشارة واكيم، وسعيد أبو بكر).
وإذا أردت أن تري (دونجوان) حقيقيا فشاهد أفلام (أحمد سالم) معا علي (اليوتيوب) واستمتع بهذه الرحلة التي يمكن اختصارها في عنوان واحد من هذه الأفلام التي قام ببطولاتها وإخراجها وهو (حياة حائرة).