بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
نعاني جميعا منذ فتره من مسلسل انقطاع (الكهرباء) اليوم، تحت مسميات عديدة، تارة لتخفيف الأحمال، وتارة لوجود نقص في الغاز والمواد المشغله لمحطات التوليد.
وأسباب أخري منها نقص الموارد في العمله الصعبه لاستيراد هذه المواد وأخرى لأنها أزمة عالميه لإرتفاع حرارة الأرض وتغيرات المناخ.
ومهما كان السبب الحقيقي لهذه الأزمة الخانقة، فإن تداولها إعلاميا أدي لتفاقم السخط عليها لعدم المصارحة في شرح وإقناع المواطنين بالأسباب.
فضلا عن غياب المختصين والمحللين لهذه الأزمة، وعدم بث تنويهات وإرشادات لترشيد الاستهلاك في نواحي حياتية كثيرة، مثلما كنا نفعل في أزمة ترشيد استهلاك المياه بشكل خاطئ ومفرط سابقا.
ورغم أن الإعلام هو الذي تحدث من أعوام عن دخول شركة (سيمنس) الألمانيه مجال توليد (الكهرباء)، وهو الذي بشر بدخول عصر محطات التوليد العملاقة.
وهو الذي أعلن دخول مصر عصر الإنتاج الكهربائي الكبير وإستعدادنا لدخول عصر التوليد بالمحطات النووية، وهو الذي أثلج صدور أهل مصر بقرب نهاية أزمة انقطاع الكهرباء.
وأمام هذه الأزمه في هذه الأجواء الحارة جدا، ومع توالي أضرارها على صحة المرضي وعلى الأطفال وعلي الطلاب وعلى المصانع التي توقفت، ومع تعدد مصائب توقف الأسانسيرات وتعطيل عمل المستشفيات وغيرها بسبب انقطاع (الكهرباء).
فإن هذا التناول الإعلامي القاصر وغير المتخصص وغير المنطقي، عجز علي أن يقنع المواطن بالوضع الصحيح لهذه الأزمة.
تصدير (الكهرباء) بالدولار
ومع غياب الشفافيه والشرح والتحليل من جانب المختصين، ذهبت الشائعات إلى مذاهب أخري في التناول الشعبي لهذه الأزمة، فمرة تقول الشائعات أن السبب وراء الأزمه هو تصدير (الكهرباء) بالدولار في أوقات الذروه لتحصيل العمله الصعبة.
وكان الرد الشعبي: هل الدولار أهم من صحتنا ومصالح طلابنا ودوران عجلة إنتاج مصانعنا ومزاجنا العام المتقلب بسبب هذه الأزمة، وأزمات المعيشة الأخرى.
مرة تروج الشائعه إلى أن مناطق كثيره يقطنها شخصيات مهمة في كافة المدن الجديدة والكموندات، لاتنقطع عنها الكهرباء، وأيضا معظم مباني خدمات العاصمه الإداريه ومدينة العلمين الجديده وأحياء راقية أخرى.
وذهبت الشائعه إلي أن العشرة ملايين لاجئ من دول عربية مختلفة هم سبب هذه الأزمه وسبب ارتفاع أسعار تكلفة المعيشة في مصر في ظل أوضاعها الحالية، ودفع المغرضون بالخروج والتظاهر لكل هذه المبررات الخاطئة.
وتزامن ذلك مع تغييرات الحكومه وتغييرات الهيئات الإعلاميه المرتقبة، وكذا احتفالنا بذكري ثوره 30 يونية التي انصهر فيها المصريون في بوتقة واحدة للتخلص من شبح جماعة الإخوان الكريهة التي كادت تخرج مصر من التاريخ.
إضافة إلي أزمات دول الجوار وأثارها السلبيه علينا، ومهما كان السبب ومهما كان الأثر ومهما كان هدف المغرضين، إلا أن إعلامنا العاجز عن التعبير عن قضايا الوطن لايرد ولايصد ولا يوضح.
واكتفي بتأويلات البسطاء ومروجي الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي، تلك التي تشعل حرب شعواء على الدولة المصرية، وخاصة الحكومة التي أصبحت عاجزة عن تقديم حلول عملية ترحم المواطنين من قسوة حرارة الجو ونار الأسعار.
وأصبح لسان حال الشارع يقول: طالما تقدم خدمة غالية السعر فليس من حقك قطعها مادمنا مستمرين في دفع مقابلها، وتلك أبسط حقوق المواطن المكلوم بشظف العيش الكريم الذي يعاني انقطاع (الكهرباء).
والحقيقة ليست كهذا القول أو ذاك، وانشغل الإعلاميون بتشكيل الحكومة المرتقبه وتغييرات هيئاتهم وحفلات الصيف بالساحل وأمور إعلامية أخرى، تخرج عن نطاق اهتمام المواطن البسيط.
فهل من الصعب أن يطلع علينا مسئولا صادقا يتمتع بنوع من الشفافية والموضوعية، يوضح سبب المشكلة، هل هو سوء الاستخدام من جانب المواطن، أو يكمن في قلة الغاز والسولار لتشغيل المحطات التي تولد (الكهرباء)؟
مشروعات (سيمنس) لإنتاج الطاقه
أم عدم توافر العمله الصعبة؟، أم أهمية التصدير للخارج؟، وهل ستظل المشكلة طويلا؟، وهل لم تؤثر مشروعات (سيمنس) لإنتاج الطاقه في حلحلة المشكلة؟، وهل سيستمر اللغط الشعبي حول مشكلة انقطاع (الكهرباء)؟
وهل يترك الشارع لأزماته نهبا للشائعات والثرثرة دون نصح وإرشاد؟، وهل سيظل الإعلام منعزلا في أزمات المصريين؟
لعل القادم خيرا، أما عن تغيرات الهيئات الإعلامية المرتقبة ومواصفات كوادرها والمطلوب منها وخططها الداخليه والخارجية، وعن غلق المحلات بعد 10 مساءا عقب صلاة العشاء مباشرة في توقيتنا الصيفي المقيت.
وعن الأزمه المفتعلة مع الأخوه السودانيين وملامح الموقف المصري والتناول الإعلامي لملف السودان، فلنا حديث مفصل قادم إن كان في العمر بقية.. حمي الله مصر.. وتحيا دوما مصر.. آمين.