* حرص المخرجون دوماً أن يضعوا (عبد الحليم حافظ) في قمة حالات التضحية خاصة (بركات) صاحب فيلم (أيام وليالي) و(بنات اليوم).
* هناك علاقة واضحة بين هذا الدنجوان الفقير الأصيل وبين الغرف الضيقة التي تسكنها الشخصية
* ليس هناك دور استثنائي يخرج عن الدنجوان بالنسبة لعبد الحليم حافظ في مجموع أفلامه.
* كان هناك تكرار للشخصية الطموحة من فيلم لآخر، فلم تحدث إضافة أو تغير سوى في بعض الأفلام التي يتسم بها هذا الشاب
* في فيلم (موعد غرام) هو (سمير) الدنجوان الحقيقي الذي تمتلأ مفكرته بأسماء عشرات البنات، بما يعني جاذبيته للجنس الآخر
* لم تبتعد كثير من الشخصيات التى جسدها (حليم) عن شخصيته الحقيقية، حيث عاش حياة يغمرها الكفاح والطموح، وأصبح في أعلى مكانة في عالمنا الغنائي
بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم
مازالنا نتابع أول حلقات (دنجوانات السينما)، والتى خصصنا أول حلقاتها عن المطرب الكبير (عبدالحليم حافظ) بمناسبة ذكرى ميلاده، التى تذكرناها أمس 21 يونيو، واليوم نستكمل دنجوانية (عبدالحليم حافظ) من خلال أفلامه.
في فيلم (أيام وليالي) كان (عبد الحليم) هو الطالب الجامعي الذي يعيش مع أمه وزوجها وأبنه، في وسط اجتماعي أفضل نسبياً حتي يعرف ذات يوم أن أباه الفنان يعيش في عزلة بسبب أدمانه الخمر.
هذا الشاب المأزوم في إحدى القضايا يلجأ إلي أبيه لمساندته في أمر يخصه، وينجح في أعادة الأب إلي عالمه الأفضل كفنان تشكيلي، وتمكن من إعادة الزوجين القديمين إلى أحضانه.
هو أذن دنجوان بصورة مقاربة، ويتمثل هذا في موقفه النبيل من زميله الذي اتهم ظلما في أنه داس علي أحد الضحايا وهرب.
عبد الحليم و(حكاية حب)
دنجوان هنا مؤرق بين أخيه القاتل وهو ليس أخيه ولكن ابن زوج الأم، وبين صديقه المقرب، إذن يجب أن يكون الدنجوان نبيلاً قبل أن يكون ثريا أو وسيما أو أنيقاً.
وقد حرص المخرجون دوماً أن يضعوا (عبد الحليم) في هذا الإطار خاصة (بركات) صاحب فيلم (أيام وليالي)، وأيضا (بنات اليوم)، حيث يكون الدنجوان في قمة حالات الضحية.
فهو يسعي إلي التقريب بين صديقه الذي يعيش معه في الشقة الضيقة، وبين (سلوي) التي يحبها، و(سلوي) هذه تحب الشاب الذي خطب أختها (ليلي)، وعلي كل طرف أن يقدم التضحية من أجل إسعاد الطرف الأخر.
هناك علاقة واضحة بين هذا الدنجوان الفقير الأصيل وبين الغرف الضيقة التي تسكنها الشخصية، هذه الصورة تتجدد في (أيام وليالي، أيامنا الحلوة، شارع الحب، معبودة الجماهير).
كما أنها تتسع قليلا جدا في أفلام مثل (يوم من عمري) وتصبح شقة أسرة في (حكاية حب) وشقة في عمارة في فيلم (فتي أحلامي).
والشخصية التي نعيش معها لم تعرف معني الزواج أبدا لكنها تعرف معني الصداقة، ويتم انتقال حليم غالباً إلي أماكن أكثر اتساعا بفضل الشهرة، وأموال المجد والغناء مثلما حدث في فيلم (حكاية حب) و(معبودة الجماهير).
عبد الحليم و(الوسادة الخالية)
كان هناك تكرار للشخصية الطموحة من فيلم لآخر، فلم تحدث إضافة أو تغير سوى في الأفلام التي يتسم بها هذا الشاب فهاهو الفقير الذي يصبح مطربا مثلما حدث في فيلم (موعد غرام).
ولكنه في كثير من الأفلام هو شاب عادي يغني لنا ولحبيبته حسب الموقف دون يكون طموحا في الشهرة فهو شاب ناجح في أعماله المالية في (الوسادة الخالية).
وقد تأتي الأغنيات من أطراف أخرين مثل (أسمر يا سمراني) بصوت (فايزة أحمد)،
ولم يكن (عبد الحليم) سوي موظف بسيط يحب جارته في فيلم (البنات والصيف)، وكل ما يأمله أن تبادله المشاعر رغم أنه يغني من أجلها مرتين.
وفي فيلمه الأخير (أبي فوق الشجرة) فهو الطالب الجامعي الذي يذهب مع زملاءه في الصيف ويقع في غرام راقصة في ملهي ليلي ويقضي معها أيام الإجازة، ويفاجيء أن أباه الذي جاء يبحث عنه في المصيف وقع أيضا في غرام نفس العاهرة، فيسعي إلي إنقاذ أبيه.
هنا فقط تبدو فقط قدسية الأب في واحد من المواقف النادرة من الابن الدنجوان الواقع في الخطيئة، وينقذه منها بعد أن يكون قد تغير كثيراً.
ليس هناك دور استثنائي يخرج عن الدنجوان بالنسبة لـ (عبد الحليم حافظ) في مجموع أفلامه.
عبد الحليم و(دليلة)
ففي فيلم (دليلة) هو الكهربائي صاحب الصوت القوي الذي يحاول أن يغير مهنته، ويقع في حب امرأة ثرية هي نسخة مشابهة لحبيبته المريضة (دليلة).
وتكمن روح الشخصية في الحب المتبادل بين (دليلة) وحبيبها، والذي أصبح مطربا مشهورا، والذي لا يشعر بالارتياح إلا بوجود (دليلة)، ولهذا انفصل عن زوجته الثرية.
أما في فيلم (موعد غرام) فهو (سمير) الدنجوان الحقيقي الذي تمتلأ مفكرته بأسماء عشرات البنات، بما يعني جاذبيته للجنس الأخر بسبب تعدد وسامته وقدراته.
البطل هنا لا نعرف عنه أي شيء!، لا ينتمي إلى أسرة، وكأنه نخلة منزوعة الجذور، لا أب، ولا أم، ولا أهل!
لا يوجد إلا (نوال) الصحفية التي تتعامل معه على أنه كاذب يجيد الكلام حتى تنجح في تحويلة إلي شخص مسئول، وتصاب بالمرض وتحاول الابتعاد عنه بلا جدوي.
لعل الفيلم الوحيد الذي كان هناك للبطل أسرة كاملة هو فيلم (الوسادة الخالية)، فالأب عبد الوارث عسر يتعامل معه بحسم في مسالة رغبته في الزواج وهو مازال طالبا.
كما أن الأم (فيكتوريا حبيقة) فإنها بالغة التعقل، لم تكن سبباً في أحزان ابنها، بل راحت تواسيه، ولعل الممثلة هنا كانت إحدى الأمهات القليلات في أفلام (عبد الحليم حافظ).
بالإضافة إلي (فردوس محمد) التي أدت دور الأم الضريرة البسيطة في فيلم (حكاية حب)، نحن هنا أيضا في إطار اجتماعي فقير فالأسرة قليلة العدد تسكن في حي كرموز بالإسكندرية.
عبد الحليم و(الخطايا)
وليس هناك من عائل، كما أن للبطل شقيقاً، وهو أمر لم يتكرر في الأفلام الأخرى مع (عبد الحليم) حتي لو كان (حسن يوسف) قد قام بدور الأخ في (الخطايا) حيث تبادل الأخوان اللذان يدرسان في كلية الهندسة المواقف النبيلة أثناء الأزمات الكبري.
لعل (عبد الحليم حافظ) بهذه الصور كان يجسد شخصيته في الحياة، وهو الذي تربي بدون أبوين وتولت أخته رعايته.
وكانت هى الأقرب للأم البديلة الحنينة التي جسدتها (زينات صدقي) معه في بعض الأفلام ومنها (أيامنا الحلوة، ومعبودة الجماهير).
ولذا فإن كل هذه الشخصيات لم تبتعد عن عبد الحليم الحقيقي الذي عاش حياة يغمرها الكفاح والطموح، وأصبح في أعلي مكانة في عالمنا الغنائي، وسوف تظل هذه الأفلام حية في وجدان كل من يشاهدها عديدا من المرات.
من سمات هذه الرحلة هو الصدقات العميقة التي ربطت بين الشخصيات التي جسدها عبد الحليم حافظ وبين أصدقاءه المخلصينن، والذين جسدهم (عمر الشريف، وأحمد رمزي، وعبد السلام النابلسي، وعبدالمنعم إبراهيم) من ناحية و(حسين رياض، وسراج منير) من ناحية أخرى.
وكلها تجسيد حي للنبل الإنساني، وكل هؤلاء يستحقون أن نتعرف عليهم كدنجوانات بارزين كلا في مرحلة عمرية خاصة به.
