رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: (ولاد رزق.. القاضية) جعجعة بلا طحن!

بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة

(ولاد رزق.. القاضية)، فيلم الضجيج والزوابع، فيلم صوته أعلى من باقي الأفلام التي تنافسه حالياً في دور العرض، ليأتي عليهم بالقاضية التي لا تترك لهم فرصة للتنافس معه، توفرت له ما لم تتوفر لغيره من الأفلام من حملات في الدعاية وفي الضجيج الإعلامي الداعم له دون غيره، كاميرات لا تلاحق أبطاله فقط للترويج له.

بل تطارد معهم كل من كان له مكان في العرض الخاص الذي أقيم في مدينة الرياض السعودية، والذي تجاوز مفهوم العرض الافتتاحي لأي فيلم عبر تاريخ السينما المصرية والعربية.

وتجاوز حفلات افتتاح المهرجانات التي لا تحتفي بفيلم وإنما بأفلام آتية من الشرق والغرب مع أبطالها للتنافس على جوائز مادية وتكريمات إعلامية ومعنوية.

الضجيج المثار حول (ولاد رزق.. القاضية)، لم يحدث مع بداية عرضه قبل عيد الأضحى بأيام، ولكنه امتد منذ ما قبل تصويره، فقد بدأت الحملة الدعائية الصاخبة له منذ اليوم الذي قررت فيه هيئة الترفيه السعودية دعمه مادياً ودعائياً، مقابل تصوير مشاهد الأكشن في الرياض، ليتم توليف حبكته السينمائية على مقاس موسم الرياض.

ليتحول من فيلم سينمائي إلى إعلان ترويجي لموسم الرياض في إطار سينمائي جذاب مليء بالمطاردات والحكايات، وبصنعة لا تقل إبهاراً عن أفلام (سيلفستر ستالون، توم كروز، ليام نيسون، أرنولد شوارزنيجر، بيرس بروسنان،بن أفليك) وغيرهم.

اعتدنا أن نحضر ونتابع العروض الافتتاحية للأفلام بحضور أبطالها وقليل من المقربين منهم من الفنانين الذين يشاركونهم من باب المجاملة أو الدعم، وهو ما لا يختلف عن العرض الخاص لفيلم (أولاد رزق.. القاضية) في مصر.

ولكن العرض الافتتاحي الذي شاهدناه في السعودية غيّر المفاهيم وبدّل الثوابت، وأكّد أن حضور العرض الخاص لفيلم سينمائي لا يكون تقديراً لأبطاله بقدر ما يكون تنفيذاً لإرادة منظميه.

(تركي آل الشيخ)، أصبح  الراعي الرسمي للفن العربي

(تركي آل الشيخ).. الراعي الرسمي للفن

والمنظم للعرض في الرياض لم يكن شخصاً عادياً ولكن شخصية ذات نفوذ مادي وسلطوي كبير في عالم الفن العربي اليوم، وهو المستشار (تركي آل الشيخ)، الذي أصبح  الراعي الرسمي للفن العربي.

بقرار منه يرفع فنان إلى الأعالي وبقرار يهدم آخر، بقرار أوحى لقطاع من الناس ولو وهماً أن (ولاد رزق.. القاضية)، أفضل ما أنتجت السينما العربية عبر تاريخها، وبقرار منه جعل من كانوا يساندون (محمد سلام) في أزمته مع (بيومي فؤاد).

يغيرون أقوالهم ويمحون ما كتبوه سابقاً دفاعاً عن موقف (سلام) على مواقع التواصل ولعله لم يعد خافياً على أحد التغيرات المريبة في مواقف المخرجة (كاملة أبو ذكري) بعد نيلها الرضا وتوجيه دعوة لها لحضور العرض الافتتاحي للفيلم في الرياض.

لتنضم إلى جوقة (القاضية) القادمين وهم لا يدركون إذا ما كان هذا الفيلم بداية انطلاق السينما المصرية إلى العالمية أم أنه بداية (القاضية) عليها!

الضجيج المصاحب لعرض (أولاد رزق) متعدد الأصوات متفاوت المستويات؛ تحس معه وكأنك أصبحت في سوق شعبي تسيطر عليه فوضى صوتية متعددة المصادر، لا تستطيع معها التمييز وتفقد القدرة على التركيز.

تداخلت الرياضة في الفن، ومثلما كان الفيلم هو (القاضية) على طموحات وآمال أبطال الأفلام المنافسة له، تم استغلاله ليكون الفتنة (القاضية) على روح التسامح بين الأهلي والزمالك.

من خلال استفزاز النادي والجمهور بالإعلان الذي موله (آل الشيخ) متباهياً لكل من (إمام عاشور ومحمد مجدي – أفشة – ومحمد عبد المنعم) لاعبي النادي الأهلي بالإضافة إلى  (مارسيل كولر) المدير الفني للنادي الأهلي.

وروج خلاله لاعبو النادي الأهلي لفيلم (ولاد رزق3) مستخدمين كلمة (القاضية) في إشارة إلى (قاضية أفشة) الشهيرة في نهائي القرن، والتي حصل فيها النادي الأهلي على بطولة دوري أبطال أفريقيا.

هذه الزوبعة كان يمكن أن تكون مستحقة لو وجدنا في الفيلم قيمة ورسالة، ولكنه للأسف لا يحتوي سوى على القيم الهدامة، عصابة بل عصابات من الحرامية والنصابين يتم تجميلهم حتى يحبهم رواد السينما ويتشبه بهم الشباب.

ألفاظ خادشة وإيحاءات جنسية ولغة مبتذلة، عنف وتدمير وتخريب، تصارع على الساعة المرصعة بالألماس، مطاردات وأكشن، تجميل الحرام وتقديمه على أنه الحل بعد فشل (ولاد رزق) في التوبة والعودة إلى طريق الحرام، عاهرات وعلاقات محرمة.

باختصار هو فيلم يدعو لكل الموبقات ويشوه كل القيم الجميلة

فيلم يدعو لكل الموبقات

باختصار هو فيلم يدعو لكل الموبقات ويشوه كل القيم الجميلة، وبعد أن كانت عصابة (أولاد رزق) تعمل في عين الصيرة وفي مصر، تجاوز نشاطهم الحدود وانتقلوا إلى الرياض.

وتجاوزت المبالغة العقل والمنطق بقدرتهم على اختطاف ملاكم عالمي وسرقة الساعة الثمينة منه.. منتهى الاستخفاف بعقول المشاهدين ومنتهى الاستهانة بمفهوم الأمن وقدرات الدول.

فيلم عالي الجودة في الصنعة السينمائية، ولكنها سينما للهدم والتخريب، وحتى يكتمل النجاح كان الزج بأسماء نجوم محبوبين فيه، وبعد (أحمد عز وعمرو يوسف وآسر ياسين وكريم قاسم) يأتي الدور على (كريم عبدالعزيز).

والغريب أن ملامحهم جميعاً لا توحي بإمكانية أن يكونوا نصابين وبلطجية، ولكنها الضرورة حتى يتحقق الضجيج وتثور الزوابع ويحقق الفيلم الإيرادات غير المسبوقة وتتحقق لموسم الرياض الدعاية المستهدفة.

نعم، الفيلم نجح، ولكنه النجاح الذي يخلّف وراءه دماراً قيمياً، ويزرع لدى الأجيال الناشئة حب العنف، لم يكن (القاضية) على الأفلام المتنافسة فقط ولكنه (القاضية) على كل جميل في السينما والمجتمع، وجعجعة بلا طحن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.