(سهير رمزي): لم أبحث عن الإغراء، ولم يخطر ببالي مسألة اعتلاء عرشه! (3/3)
* بعض المخرجين، والمنتجين ينظرون إلى بعض الممثلات كسلعة لجلب أكبر عدد من المتفرجين
* كانت (سهير رمزي) من أبرز من قدمن الإغراء على طريقتها، وأيضاً على طريقة المخرجين الذين دفعوها إلى ذلك!
يعد فيلم (المذنبون)، النموذج الأمثل لما يكون عليه الجنس في السينما المصرية.
(سهير رمزي) تقول: مجنونة كل فنانة تسجن نفسها بإرادتها في لون محدد، لأنها بذلك تحرم نفسها من فرص النجاح والتألق في كل مجال إبداعي
بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم
من الواضح أن (سهير رمزي) لم تقدم بما لها من فتنة في كل أفلام حقبة السبعينات التي مثلتها الإغراء، بل عملت في أدوار خلت تقريباً من الإغراء.
مثل أدوارها في أفلام (لقاء هناك، ورحلة الأيام، وعالم عيال عيال، والوالدين إحساناً) عام 1976.
ولكن (سهير رمزي) كانت إذا عادت إلى أدوار الإغراء، فإنها تقدم نفسها بشكل ملفت للنظر مثلما حدث في أفلام (أين المفر، ومع حبي وأشواقي ، والمرأة هي المرأة ، ورجل فقد عقله، والبنات عايزة إيه ).
ولسنا هنا بصدد تقويم هذه الأعمال فنياً، وإنما نحن في هذا الحديث نحاول إلقاء الضوء على ما تمثله الفنانة من أدوار إغراء.
فمن الواضح أنه كلما مرت السنون، كلما تخلت الممثلة عن هذه الأدوار، لكن ذلك لم يحدث بشكل نهائي، لدرجة أنها في أحد آخر أفلامها ارتدت المايوه على الشاطئ، وذلك في لقطة تم تصويرها عن بعد.
سهير رمزي.. (مع حبي وأشواقي)
قدم بركات (سهير رمزي) في أدوار الإغراء، وجعلها ترتدي المايوه في أفلام من طراز (مع حبي وأشواقي) عام 1977، فهناك لقاء بين (نادية) والشاب (حمدي) في إحدى الجزر اليونانية.
وفي هذه الجزيرة ارتدت من ملابس ما يتراءى لها، وما يناسب المكان، والجزيرة، خاصة المايوه القطعتين، وبرنس.
وقد صور (الكراس الدعائي) للفيلم على غلافه الخارجي صورة تجمع بين الاثنين على الشاطئ، وقد تمددت نصف عارية، أما هو فقد بدا ببنطال جينز فقط ، وقد هم بالإقبال عليها .
وقد عاش الحبيبان في الفيلم داخل هذه الجزيرة يرتعان من الحب، ثم تمددت الممثلة بالمايوه فوق الرجل في مشهد آخر.
ولاشك أن هذه المشاهد قد تتبدد من ذهن المتفرج، بعد سنوات من مشاهدتها، لكن متابعة المطبوعات الإعلانية من هذا الطراز تجعل المرء يتأكد أن المخرجين، والمنتجين ينظرون إلى بعض الممثلات كسلعة لجلب أكبر عدد من المتفرجين.
وقد حدث ذلك في أفلام أقل أهمية من الناحية الفنية، حتى وإن كانت لمخرجين من طراز بركات.
(سهير رمزي) بعيدا عن الإغراء
قبل أن نتوقف عند فيلم جمع بين ما تتمتع به (سهير رمزي) من فتنة، وبين أهمية الفيلم الفنية، وهو (المذنبون)، فمن المهم أن نشير مجدداً أن الممثلة لم تتوقف فقط عند هذه الحدود .
ففيلم (الطائرة المفقودة) يصورها مضيفة لا تود خطف زميلها الطيار من زوجته، وفي فيلم (حتى لا يطير الدخان) قامت بدور خادمة، تعمل لدى شخص تحبه.
ورغم أن الطلاب يغتصبونها داخل غرفة، فإننا لا نشاهد واقعة الاغتصاب إلا من خلال تعبيرات وجه الطالب الذي تحبه.
سهير رمزي و(المذنبون)
يعد فيلم (المذنبون) إخراج سعيد مرزوق الذي قدم عام 1977، النموذج الأمثل لما يكون عليه الجنس في السينما المصرية، لدرجة أن المرء يشعر كأنه في بيت للهيب الجنس.
فهناك متعة جماعية تقريباً في بيت الممثلة (سناء/ سهير رمزي) حيث تدعو إلى منزلها نماذج عديدة من أشخاص تعرفت عليهم في أماكن عديدة.
من هؤلاء مدير المجتمع التعاوني الذي يدبر لها كميات كبيرة من التموين اللازمة لسهراتها الماجنة الجماعية.
ومنهم ناظر المدرسة الذي سرب لها أسئلة الامتحان من أجل عيون تلميذ هو ابن صديقة لها، وأشخاص عديدون، بعضهم كان له اتصال جنسي مباشر بها.
والفيلم يبدأ بمقتل الممثلة، وهى نائمة في سريرها، تبدو وقد انكشف أغلب صدرها، وهناك في هذه الغرفة حدثت أشياء كثيرة.
الجريمة كما سوف نكتشف سببها جنسي في المقام الأول، حيث قام الخطيب بقتلها بدافع الغيرة ..
ويصور الفيلم (سناء) باعتبارها امرأة مليئة بالشهوة، يشبعها الجنون الجنسي لاغير، وهى امرأة سادية بالغة الحسن والحسية.
شهوة بمجرد النظرة الأولى
يمكن لأمثالها أن يقرأ الرجال ما يستبد بها من شهوة بمجرد النظرة الأولى، مثلما حدث مع الشخصية التي جسدها (عادل أدهم)، فهذا الرجل شاهدها في النادي، فاتنة في ملابسها، تطلب الرغبة في عينيها.
وهذا الرجل يبيع جسده من أجل النساء، يتعرف عليهن، ويمارس معهن الجنس، ثم يطلب ثمن ا لمتعة التي صنعها لكل منهن.
وقد كشفت علاقته بها عن هويتها الجنسية، فقد أخفى سلسلة مفاتيح كي يتصل بها، وفي بيتها فإنه لا يغازل ولا يعرض نفسها عليها، بل بلكمات مقتضبة يشرح لها ما يريد.
وفي غرفة نومها، فإن أول شئ يفعله معها، هو قيامه بصفعها صفعة قوية للغاية، وعلى صوت مؤثرات زاعقة، وتنهدات، وغنج، نعرف قوة ما يحدث فوق الفراش!
هذا الفراش الذي تعلوه صورة لامرأة عارية تماماً، بما يعكس وحشية اللقاء الجنسي بين الاثنين، وفي أعقاب اللقاء، تبدو المرأة بالغة الارتياح، وكأنها لا تشبع إلا بهذه السادية البالغة العنف، وفوق الفراش.
والرجل العابر في حياة (سناء) نصف عار، تسأله إن كان سيعود مرة أخرى، فيؤكد لها أنه سيأتي بعد أن يطلب منها مبلغ مائة جنيه – (سلف ودين ) – ، وهو ينطق بهذه الجملة بما يوحي أنه لن يرد المبلغ، وأن كل شئ قد تم بدرجة مائة بالمائة.
ورغم وجود هذا الرجل في حياتها، فإن هناك أكثر من رجل أتوا إلى نفس الفراش ، منهم الطبيب الذي يقوم بالإجهاض.
ومنهم رجل سياسة، يبدو ذا منصب مرموق، ما أن يصل ، بنظارته السوداء، حتى يثير التساؤل من حوله، وما أن تراه الممثلة، حتى تصعد إلى غرفتها التي تنتظره فيها، وتترك كل المدعوين كي تشبع جسدها الملتهب.
ويكون خطيبها صاحب العيون الوحيدة التي ترصدها، لكنه يجبن عن الصعود إلى الغرفة لضبطها أثناء ممارسة الحب مع هذا السياسي.
وما أن ينصرف الرجل، حتى يدخل عليها، وقد تمددت فوق السرير، تتصرف معه كأنها تنتظره، وهو الرجل الذي لم يمسها من قبل جنسياً، كما يبدو من أحداث الفيلم، فتفتح له ذراعيها، كأنها مستعدة للمزيد من الارتجاف.
ويرتمي الشاب في أحضانها، وتركز كاميرا (مصطفى إمام) من الجانب على صدرها، وقد بدا كأنه سينكشف، ثم يقوم الخطيب بطعنها فتبدو الحياة كأنها تنعدم من المرأة، من خلال توقف النهد عن الحركة .
ويهرول الخطيب هارباً، كما يمثل خطة ساذجة في أبعاد الشبهة عنه، تبدو بعيدة تماماً عن الواقع، وليس مجالنا هنا مناقشتها .
نحن في هذه المتابعة، نتحدث عما يمثله الإغراء في السبعينيات، فلاشك أن (سهير رمزي) من أبرز من قدمن الإغراء على طريقتها، وأيضاً على طريقة المخرجين الذين دفعوها إلى ذلك.
(سهير رمزي) والإغراء
في آخر الثمانينيات، وفي مجلة (فن) تحدثت (سهير رمزي) إلى الكاتب الصحفي (أشرف إيهاب) عن الإغراء في حياتها، ويهمنا هنا أن نقتطف ما قالته، ليعكس وجهة نظرها.
وكانت قد قلصت أدوارها في هذا النوع من الأفلام، حيث تقول: ( لم أبحث في يوم من الأيام عن الإغراء ، ولم يخطر ببالي مسألة اعتلاء عرش الإغراء الذي لم يعد له وجود، لأنه كان مرهوناً بفترة زمنية وجيل مضى.
اليوم مع وجود السينما، وانتشار التلفزيون، ورواج المسرح فمجنونة كل فنانة تسجن نفسها بإرادتها في لون محدد، لأنها بذلك تحرم نفسها من فرص النجاح والتألق في كل مجال إبداعي.
وهى مجالات تختلف في طبيعتها ونوعية أعمالها اختلافاً بيناً، فالإغراء الذي قدمته كان مرتبطاً بقضايا وموضوعات جريئة ومن واقع الحياة.
ففي (ثرثرة فوق النيل) لعبت دور الموظفة البسيطة التي تعول أسرة كبيرة العدد ولا تملك لمواجهة أعباء الحياة سوى شبابها وجمالها .
في (المذنبون) قدمت النجمة الطفيلية التي تعيش عالم الضياع وانحدار القيم في مجتمع فاسد يطمع فيها .
الآن أحاول أن أعيش عمري، وأبحث عن الأدوار التي تناسب المرحلة التي أعيشها وتعبر عن واقعها وأزماتها النفسية والاجتماعية والاقتصادية.
لكن ماذا يمكن أن يبقى من الجمال الذي مثلته، إذا كان عدد كبير من هذه الأفلام أقل أهمية.
وبالتالي فإن أفلاماً مثل (عضة كلب، والرحمة يا ناس، وكلاب الحراسة، والدرب الأحمر، والحلال والحرام)، لم تؤكد بالمرة أننا أمام ممثلة حاولت استغلال موهبتها في التمثيل، وكان ذلك كله ضد تاريخها الفني الذي خلفته ورائها.