20 عاما على غياب (محمد قنديل) الذي غني لمصر والدول العربية أجمل أناشيدها الوطنية (1)
كتب: أحمد السماحي
نحيي هذه الأيام الذكرى الـ 20 لرحيل واحدا من أجمل وأعذب الأصوات العربية، وهو المطرب (محمد قنديل)، الذي رحل عن حياتنا يوم 9 يونيو عام 2004.
(محمد قنديل) الذي نتفائل عندما نستمتع إلى صوته في الصباح وهو يغني (يا حلو صبح، يا حلو طل) فصوته عنوانا للتفاؤل عندما يحب، وعنوانا للشجن عندما يشدو الشجن، فموهبته فياضة عذبة، عذوبة نهر النيل.
أسعدني الحظ بالاقتراب من هذا العملاق، الذي كان من نجوم (الصمت) ولا يتحدث للصحافة كثيرا، ووثق في وأحبني ودللني كثيرا، حيث كنت الصحفي الوحيد الذي أجريت معه أكثر من حوار.
كان آخرهم حوار مع المطرب الكبير (محمد قنديل) نشر في مجلة (الأهرام العربي) على أربع صفحات قبل رحيله بعام تقريبا، هذا الحوار الذي يستشهد به عشاق الطرب على كثير من مواقع الأغاني مثل (سماعي).
حيث تطرقنا في الحوار لكثير من ذكريات المشوار، وخلافه مع الموسيقار (كمال الطويل) بسبب أغنية (يا رايحين الغورية)، وسر غناء (عبدالحليم حافظ) لهذه الأغنية؟
كما تطرقنا لعدم تلحين الموسيقار (محمد عبدالوهاب) له إلا أغنية واحدة وطنية عبارة عن نشيد جماعي جمعه مع (وردة، وهاني شاكر، وياسمين الخيام) فى بداية الثمانينات.
وغيرها من الذكريات التى كان سعيدا وهو يرويها لي، وكان يقطع ذكرياته أحيانا ليطمئن على العصافير التى كانت تملأ منزله.
غنى (محمد قنديل) عشرات الأغنيات الوطنية والثورية والحماسية التى واكب بها كل الأحداث التى مرت على مصر، فهو والمطربة (شادية) لم يتركا مناسبة وطنية واحدة، إلا وقدما لها أغنيات تتغنى بالحدث.
ولم يكنا يغنيا تمجيداً لحكام أو لقائد، بل كانت أغنياتهما تعبيراً خالصاً عن حب الوطن، وانحيازهما للشعب.
(قنديل) أول من غنى لثورة يوليو
عندما اندلعت ثورة يوليو 1952 كان (محمد قنديل) أول من غنى لها بعد انطلاقها بأيام قليلة، حتى قبل أن يتأكد من نجاحها، مؤكداً فيها على الكرامة الإنسانية التي ما زلنا ننادي بها حتى اليوم.
فغنى من كلمات الشاعر حسين طنطاوي (ع الدوار، ع الدوار، راديو بلدنا فيه أخبار) التى يقول في مقطع منها (ارفع راسك .. إوعى تطاطي .. ولا تنذل لغير العاطي).
(محمد قنديل) وقناة السويس
توالت أغنيات (محمد قنديل) لمصر، وبعد خطاب التأميم سارع وحكي بصوته وأهدي الجماهير أجمل وأشجي مجموعة من الأغنيات التى تحدثت عن القناة، سواء كانت أغنيات منفردة أو صورأو برامج غنائية.
وكانت البداية مع أغنية (مرشد القنال) كلمات عبدالفتاح مصطفى وألحان عزت الجاهلي والتى يقول فيها:
من بورسعيد للسويس رواح
فايت ع المرة وع التمساح
دي الوقتي انا المرشد وليا قنالي
قولي يا مركب قولي نبهي السواح
وغني (محمد قنديل) أيضا أغنيته الجميلة (سفينة رايحة وسفينة جاية) التى يغني في أحد كوبليهاتها قائلا :
شوف كام سفية معدية رايحة وجاية
متمتعة بالحرية في بلد أحرار
من قبل ما تخش المينا اي سفينة
دفع الرسوم يصبح لينا
قنالنا نعرف سكاتها واتجاهاتها
ده جدي هو اللي فحتها وأنا خدت التار..
وقدم أيضا أغنية رائعة أخرى باسم (قناة السويس) يقول في مطلعها:
يا وابور يا معدي.. عدي
دى قنالنا وهدى.. هدي
عدي… بحرية يا ريس
دى قنال مصرية يا ريس
وكانت آخر أغنياته المنفردة في هذه الفترة أغنية بعنوان (يا ريس البحرية) التى يشيد فيها بمجهود رجال البحرية، وسهرهم من أجل راحة الشعب المصري، والتى يقول فيها:
يا ريس البحرية يا مصري
يا ابوالعرق مصري يا ابوالكفاح عربي
على القنال سهران
يا سهرانيين لاجل ما تعدى العباد
قنديل وصور غنائية تحتفي بالقناة
كما ذكرنا في البداية لم يقتصر غناء (محمد قنديل) على الأغنية التى تتغنى بالقناة فقدم صورة غنائية مدتها نصف ساعة تحمل عنوان (قصة القنال) شعر مرسي جميل عزيز، وألحان أحمد صدقي.
وشاركه الغناء (سيد إسماعيل، وحورية حسن، وعصمت عبدالعليم)، وهي من أجمل الصور الغنائية التى عبرت عن حفر قناة السويس، وفى أحد المقاطع الصورة يغني (محمد قنديل) على إيقاع العمال وهم يحفرون القنال :
افتح باب القنال باب الرزق الحلال
عبي وشيل وشيل وعبي
أوعى تقول الحمل تقيل
دق الصخر وشق البحر
وخلي جانين العز تسيل
لجل بلادنا وعز ولادنا كله يهون
وقدم (محمد قنديل) أيضا برنامجا غنائيا مدته ربع ساعة بعنوان (فرح القنال) كتبه مرسي جميل عزيز، وألحان عزت الجاهلي، وشاركه الغناء (آمال حسين، وعصمت عبدالعليم، وأحمد عبدالله)، والمجموعة، وفيه يقول:
الكورس: شوف عندك يا سلام واتفرج على القنال
من بعد الاحتلال وظلم الإحتلال
قنديل: يا وابور الساعة اتناشر يا مبحر ع القنال
يامين يجول لبويا ودعنا الاحتلال
عدينا من هوسنا وفتنا كوبري أسنا
يا شوق اللي هوتنا من نسمة القنال
يا قطر طير وعدي وعلى القنال
وهدي نقول يا بحر ودي بنسلم ع القنال
وكان آخر برامجه الغنائية عن القناة بعنوان (القنال) كتبه فتحي قوره، وقام بتلحينه على فراج وفيه قدم أغنيته الشهيرة (إدفع الرسوم لمصر) التى يقول فيها:
مصر كانت للقنال، والقنال أصبح لمصر
يلا هتعدي القنال، أدفع الرسوم لمصر
قنديل والسد العالي
مع بداية الستينيات من القرن الماضي احتشدت مصر بكل طوائفها خلف مشروع السد العالي، وفي حفل أضواء المدينة الذى أقيم في أسوان للأحتفال بوضع حجر الأساس لبناء السد العالي.
وذلك يوم 9 يناير 1960 ، وحضره الزعيم جمال عبدالناصر، وبعض القادة العرب والأجانب، غنى (محمد قنديل) أكثر من أغنية جميلة عن السد منها (حديد أسوان) كلمات عبدالفتاح مصطفى، وألحان أحمد صدقي.
وأيضا (أعمل لنا مفتاح) كلمات صلاح جاهين وألحان أحمد صدقي
في عام 1975 وبعد قرار الرئيس السادات الجرئ بإعادة الملاحة الدولية للقناة ظهرت العشرات من الأغاني تحتفل بالحدث الذى حول القناة مجددا إلى عروس
وقدم (محمد قنديل) أغنيته المبهجة الجميلة (أدى القنال) كلمات سعيد عبدالرحيم وألحان محمود الشريف، توزيع سامي ترك وفيها يقول:
أدي القنال يا مصر زي ما هي
بنت السويس مصرية مية المية
عروسة نقاوة ولا يوم هانت
والزفة ودموع الفرح عربية
كما غني لحرب أكتوبر أجمل أناشيدها من هذه الأناشيد، نشيد (أجمل بلد، بلدي، أشجع ولد، ولدي) ألحان الموسيقار أحمد فؤاد حسن.
قنديل والعالم العربي
لم يقتصر عطاء (محمد قنديل) على الغناء لمصر فقط، ولكنه غنى وساند بصوته الثورات العربية، وكفاحها ضد الاستعمار الأجنبي مردداً : (حي على الكفاح) فكان صوته ملهباً للثائرين الأحرار في الجزائر حتى احتفل معهم في عيد الاستقلال.
وغنى (قنديل الغناء) لكلا من (تونس، واليمن، وليبيا، وسوريا، والجزائر، وفلسطين، والكويت، والأردن، والسودان)، ولكل البلاد العربية، داعياً لـ (وحدة ما يغلبها غلاب) تجمع العرب تحت راية واحدة.
غدا نستكمل رحلة محمد قنديل مع أناشيده للعالم العربي