عماد زيادة.. صدقه في الأداء يشعرك أن لا يمثل!
بقلم: محمد حبوشة
عندما نقول أن هذا الممثل (حقيقيا)، فهذا يعني أنه صادق ومقنع، قادر على عدوى المشاهدين بمشاعره، ويجعلهم يصدقونه ويتابعونه، على الرغم من أنك تقف أمام شاشة تلفزيونية؛ كل ما عليها غير حقيقي طبعا.
الفنان (عماد زيادة) يتمتع بفطرة يمارسها الناس في حياتهم اليومية، فهو يملك القدرة على العيش والتأقلم الاجتماعي والإنساني مع الآخرين، والظهور بشكل يناسب شخصياتنا ضمن الجماعة التي يظهر ضمنها.
ينسب إلى الإمام (علي بن أبي طالب) قوله في الإنسان: (وتحسب أنك جرم صغير، وفيك انطوى العالم الأكبر)، فما بالك بالإنسان/ الممثل، أو (الإنسان داخل الإنسان)!، وهذه واحدة من الخصائص التي تميز فن التمثيل عند (عماد زيادة).
وهذا ما يجعله فن إشكالي في معناه وفي طبيعته البشرية والجمالية والمهنية، فهو سهل ممتنع، واضح غامض، بسيط مركب وشديد الخصوصية، وهو (أولاً وقبل أي شيء فن تورية ومجاز.
أن تمثل يعني: ألا تمثل، أو كما قال (ستانسلافسكي) المؤسس لهذا الفن: أن تكون حقيقيا في ظروف غير حقيقية، أي في ظروف نصنعها نحن: ديكورات، ملابس، مؤثرات، مكياج، إضاءة، ونؤمن بها، ثم نتصرف بصدق، كما لو كنا نعيشها حقا! وعبارة كما لو هى الفارق بين النسخ الفوتوغرافي للواقع، وإعادة إنتاجه فنيا.
(عماد زيادة) يمثل وكأنه لايمثل، لهذا يبدو حقيقيا وصادقا في كل مشاعره التي يستخرجها أثناء أداء دور ما كما حدث في تجسيد شخصية رجل الأعمال (ياسين الألفي) في مسلسل (نعمة الأفوكاتو).
فن التمثيل عند (عماد زيادة)
لايعتمد فن التمثيل عند (عماد زيادة) على الرشاقة والتقنية البدنية فحسب، ولا على الاستعراض، أو التقليد المتقن للأشخاص (علما أنها كلها، تدخل في باب المهارة الفنية)؛ بل يعتمد كذلك على الروح والأحاسيس والخيال والعوالم الداخلية للشخصية التي يلعبها.
إن أخطر شيء يمكن أن يواجه الممثل (عماد زيادة)، هو تجسيد الحالات المتكررة كثيرا في الحياة وفي الدراما، مثل: الاعتراف بالحب، الخوف، السرقة، التحية، الدهشة، لكنه يعي يحصن نفسه من الوقوع في (الكليشة) والتقليد، وكيف يبتكر تعبيرات جديدة لهذه المشاعر/ الأفعال؟.. هذا هو سؤال الفن.
إن المدهش والممتع في الممثل المجتهد (عماد زيادة)، هو قدرته على عرض وإضافة أفعال بشرية، وتوليد مشاعر إنسانية محددة وواقعية بالتأكيد (سلوك/ فعل)، بواسطة مهاراته الفنية، وضمن ظرف حياتي معطى.
ولأنه من الممثلين الموهبين، فهو ذاك الذي يمتلك القدرة على فهم وخلق طبيعة بشرية حقيقية، وتوليد مشاعر وأحاسيس صادقة، وإعادة إنتاج شخصيات وأنماط إنسانية لا حدود لها؛ ينبشها من الحياة العادية، ومن خزانة الذاكرة الانفعالية.
ثم يقوم بتجسيدها أمامنا، بإتقان ساحر، مضيفا إلى تلك النماذج البشرية التي نعرفها نموذجا جديدا): طبائع نموذجية، في ظروف نموذجية )كما عرف (إنجلس) الواقعي.
من خلال جسد الممثل (عماد زيادة)، والذي يبدو من خلال التمثيل، ليكون الصورة المرئية للآخر، من هنا ندرك أن يكون الجسد لديه فرجة للآخر، إذن الجسد يقوم بحركات ما وهى فيزيائية وروحية.
هي حركات اندماجية من هاتين الخاصيتين للجسد البشري الجانب الفيزيائي والجانب النفسي الروحي، وهذا الجسد الفرجة كما أشار إليه (بارت)، حيث يكون فرجة للجمهور في المناسبات العامة كالأعياد والاحتفالات والرقصات الطقوسية، أو جوانب من الحياة الاجتماعية كما في الدراما التلفزيونية.
توازن الجسد لابد أن يكون متوازنا ذهنيا وجسديا وإحساسا لدى (عماد زيادة)، بهذه المكونات الثلاثة نشكل الجسد الإنساني، وهذا الاهتمام بالإحساس، هو ما يجعل حضورية الجسد على شاشة التلفزيون، كحالة استمرارية متيقظة من حيث الانتباه والتفاعل الجسدي والأدائي الذي يصاحبة اللفظ والحوار.
أننا نرى الحركة، نرى الفعل، ونحس بالحركة ونحس بالفعل، يؤثر الممثل (عماد زيادة) فينا ونتأثر بالفعل المنقول إلينا منه كممثل، وبالتالي فإن المعرفة التي نطلبها على شاشة التلفزيون يحملها جسد الممثل الحي.
(عماد زيادة) يخاطب فينا أشياء عدة
إنه (عماد زيادة) الإنسان الذي يخاطب فينا أشياء عدة، أولها العين وهى الجارحة التي ترى الحركة والفعل، والعقل الذي يتصور ما هية ما يحدث الآن، ويخاطب أجسادنا التي تبدو منفعلة ومتفاعلة مع الممثل، كما حدث مع (ياسين) في (نعمة الأفوكاتو).
فنحن استطعنا كمتفرجين أن نحس بلغة جسده تلعب كما يلعب جسد الممثل، وهذا اللعب متقلب حسب الدور والحدث المعرفي الذي يرسل إلينا، فلا بد أن العاطفة تتغير من حالة إلى أخرى.
فجسد المتلقي عندما يشاهد مأساة حدثت لنعمة، يتفاعل مع طبيعة الحدث الذي يراه بالحزن والألم والتفكير الاستهجاني مثلا، وكذلك عندما يرى الكوميديا، يتحرك الجسد ويستجيب للفرح والأمل، والبعد الاستهجاني كحالة مضحكة تهكمية مثلا.
لهذا فجسد الممثل (عماد زيادة) حرك فينا كل الأشياء سواء المدركة أو التي نتحسسها بالبعد الخيالي أو استجابة للحركة الجسدية، والتي ربما تكون إرادية وغير إرادية، فالخوف لا يمكن أن يكون في لحظة ما إرادي لدى المتلقي لأنه حالة فجائية، وكذلك الفرح.
أما لدى هذا الممثل فهو حالة إرادية؛ لأنه يملك معرفة مسبقة عما سيجري على شاشة التلفزيون، ولكننا نستثني من ذلك الارتجال الذي يكون خارج نطاق التدريب والمعرفة المسبقة في أحيان كثيرة كما كان يفعل من ارتجالات في دور (ياسين الألفي).
وأكد (عماد زيادة) إن الذي أثر في الجمهور في (نعمة الأفوكاتو) ليس السيارات بل شخصية وحنية (ياسين الألفي)، وطريقة تعامله مع الإنسانة التي يحبها ورحمته مع الموظفين الذين يعملون معه.
على أثر شخصية (ياسين الألفي) تصدر (عماد زيادة) عجلة البحث جوجل وجميع المنصات بعد دوره الرائع وأداءه العبقري، والذي استطاع من خلال تلك الشخصيه والأداء المتميز أن يتربع على عرش الدراما خلال هذا العام.
ولم تكن تلك المره الأولي التي يخطف بها الانظار في أعماله، فبرغم قلة أعماله إلا انه صاحب حضور ملفت وكاريزما خاصة لاينساها المشاهد خاصة انه يختار أعماله بدقة.
ولايسعي (عماد زيادة) للكم قدر سعيه للكيف، ولعل من أبرز صفاته هى التلقائيه والصدق في الأداء، وعدم التكليف وملامحه المعبره بشكل واضح تساعده علي ذلك مما يجعل المشاهد يصدقه، ويتفاعل معه ويؤثر فيه وفي وجدانه.
حيث تصدر الترند وأصبح فتي أحلام الفتيات بعد مواقف الشهامة والرجولة مع (مي عمر) ضمن أحداث العمل، وأصبح نجم الأفيشات والكومكسات على صفحات التواصل الاجتماعي كنموزج للرجل المطلوب وفتا أحلام كل الفتيات.
فنان من طراز خاص
ولقد أثبت الفنان (عماد زيادة) أنه فنان من طراذ خاص وراقي لايتكرر ولا تجد شبيه له في هذا الزمان، ونتمنى أن نجده بكثره في الاعمال القادمه بأدوار عظيمه تليق بقدره ومكانته التى تربع علي عرشها دون غيره .
بدأ (عماد زيدة) مشواره الفني في بداية الألفية الثانية من خلال بعض الأدوار المسرحية والسينمائية والدرامية، حيث شارك في مسرحية (بودي جارد) مع (عادل إمام)، وفي فيلم (أمير الظلام)، وشارك في مسلسلي (العراف وأستاذ ورئيس قسم).
شارك في بطولة مسلسل (رمضان مبروك أبو العملين حمودة) مع محمد هنيدي، كما قدم دورا محوريا في مسلسل (أغلي من حياتي) مع محمد فؤاد ،وشارك أيضا في بطولة مسلسل (المرافعة) ومسلسل (أبو البنات) مع مصطفي شعبان وفيلم (بوحة) مع محمد سعد.
كما شارك في فيلم (العشق والدم) عام 2002، فيلم (السفارة في العمارة) في عام 2005، فيلم (مجانين نص كم) في عام 2007، فيلم (الديكتاتور) في عام 2009، فيلم (المشخصاتي) في عام 2003، وفيلم (آخر ديك في مصر) في عام 2017.
كان لعماد زيادة حضورا ملحوظا في مسلسل (سكة الهلالي) مع يحيى الفخراني، ومسلسل (ماما في القسم) الذي شهد عودة سميرة أحمد للساحة الفنية بعد غياب طويل.
تعاون (عماد زيادة) مع (محمد رمضان) في عدد من الأعمال الفنية المختلفة كان أولها مسلسل (الأسطورة)، ثم مسرحية (أهلا رمضان)، ليأتي بعدها دوره في مسلسل (نسر الصعيد).
ليبدأ عام 2019 بمسلسل (ولد الغلابة) مع (أحمد السقا) بشخصية صعيدية جديدة، حيث يجسد شخصية (رشوان تاجر) المخدرات الذي يدخل في صراح مع عيسي الغانم (أحمد السقا) ليحصل علي مخزن المخدرات وبيعه لحسابه.
شارك الفنان (عماد زيادة) في مسلسل (نسل الأغراب) والذي تم عرضه في رمضان عام 2021، وقد شارك فيه مجموعة من أهم النجوم وعلى رأسهم النجم (أحمد السقا)، والنجم (أمير كرارة) والنجمة (مي عمر) وغيرهم، وفي موسم رمضان 2024 جسد دور (ياسين الألفي) في مسلسل (نعمة الأفوكاتو).
بدايات (عماد زيادة)
يقول (عماد زيادة) عن بداياته: (البداية سنة 98 مع عادل إمام في (بودي جارد) أول عمل فني، وقدمني لإنه بيحب يقدم الوجوه الجديدة، وروحت للزعيم عادل إمام علشان أمثل في مسرحية (جزيرة القرع) لابنه (محمد إمام) ورشحني لمسرحية (بودي جارد).
وأضاف: (الدخول من بوابة عادل إمام أسطورة الأساطير كان حلم والدور جميل وكان الدور لطيف لشباب في المسرحية)، وتابع: الفرصة الثانية مع الزعيم عادل إمام في فيلمي (أمير الظلام، السفارة في العمارة) ومسلسلي (أستاذ ورئيس قسم، و العراف).
وأشار (عماد زيادة) إلى أبرز الدروس التي تعلمها من (عادل إمام) بقوله: (اتعملت من الزعيم احترام المهنة وكيفية احتراف المهنة وأساسيات الشغل وهي احترام المواعيد، وكان عادل إمام، يقول احترم مهنتك ومهنتك تدي لك ما تستعجلش على العطاء احترم شغلك وهتاخد كل دا قدام).
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام للفنان (عماد زيادة) الذي استطاع أن يتربع على عرش الدراما 2024 من خلال دور رجل الأعمال (ياسين الألفي) في مسلسل (نعمة الأفوكاتو) بطولة الفنانة مي عمر، وأصبح مطلب الفتيات بعد مواقف الشهامة والرجولة مع (نعمة) ضمن أحداث العمل.