بقلم الكاتب الصحفي: مجدى صادق
أقول لكم بصراحة اننى صدمت !
نعم صدمت عندما حصل فيلم شون بيكرعن فيلمه (أنورا) على جائزة السعفة الذهبية وهو يدعو لبيع أجساد النساء على طريقة الأوليجارشية الروسية الرأسمالية وسط تصفيق لاكثر من 10 دقائق!
وصعقت أيضا عندما قالت (جريتا جيرويج) مخرجة (باربي) الحاصل على أكبر أرقام فى تاريخ السينما، رئيسة لجنة تحكيم مهرجان كان فى نسخته الـ 77 بعد أن اعلنت فوز بيكر بالجائزة، أعتقد اننى سأتغير إلى الأبد كمخرج بسبب هذه التجربة !!
لم يلتفت أحد لفيلم (فرانسيس دى كوبلا) الذى تفوق على نفسه فى هذا الفيلم بسبب موضوعه ومضمون الفيلم، فى حين فاز ذهبت ثلاث جوائز من بين جوائز المسابقة الاساسية لكان إلى موضوعات عنوانها (الجنس).
وعلاوة على (أنورا) جاء فيلم (إميليا تيريز) الذى حصد جائزتين (لجنة التحكيم وأفضل تمثيل نسائى لممثلة متحولة جنسيا)، وهو يحكى قصة رئيس عصابة لاتينية يريد استبدال جنسه، بينما نال (جيسى بليمونز) جائزة أفضل ممثل عن فيلمه (أنواع اللطف)، وكان دوره دور رجل مزدوج الممارسة الجنسية أوالشاذ جنسيا !
ناهيكم عن فوز متحولات جنسية بجائزة أفضل ممثلة لأول مرة، حيث حصلت (كارلا صوفيا جاسكون) على الجائزة عن المسرحية الموسيقية الجريئة (إميليا بيريز) التي تلعب فيها دور زعيمة مخدرات مكسيكية تتحول إلى امرأة فلا غرو!!
ويبدو أن توجه لجنة التحكيم مهتمة هذه الدورة بالأمور الجنسية أكثر من اهتمامها بأى مضمون آخربعد انتشار مايسمى بالهوس الجنسى الذى زاد بصورة صارخة بسبب مواقع التواصل الاجتماعى، ونرى (جسد المرأة) سلعة تباع على منصات وسائل التواصل.. ربما!!!
لماذا حظى فيلم (أنورا) بالقبول
(واقرأوا معى ماقاله بيكر للصحفيين بعد فوزه: فى رأي فى عالم العاملين فى مجال الجنس، فهى مهنة ووظيفة يجب احترامها، لأنها مصدر رزق ويجب الاتجار بأى شكل من الأشكال، وكيف يستخدمون اجسادهم فى معيشتهم، والأمر متروك لهم ليقرروا)!
وتتساءل لماذا حظى فيلم (أنورا) بقبول (جريتا جيرويج) الكاتبة ومخرجة فيلم (باربي) التى قادت لجنة التحكيم فى المهرجان، وقد وصفته وهى تعلن عن فوزه بجائزة السعفة الذهبية ( بانه صادق وغير متوقع).
وقارنته بكوميديا (لارنست لوبيتش) مخرج فيلم (نينوتشكا)، و(هوارد هوكسفي) فيلميه (تربية الطفل، والسادة يفضلون الشقراوات) !
واختيار (جيرويج) لفيلم (لوبيتش) كان صائبا وغريبا، لأنه رغم انتاجه عام 1939 كفيلم كوميدى رومانسى أمريكى من بطولة (جريتا جاربو) التى حصلت عن دورها فى هذا الفيلم على الأوسكار كأفضل ممثلة.
يحكى أيضا عن الأوليجارشية الروسية التى أطاحت بها الثورة الروسية عام 1017، واستولوا على مجوهراتها وبيعها فى العاصمة الفرنسية، واعتمد المخرج أيضا على (لعبة الجنس)!.. هذا فقط على سبيل المثال لجيروينج !
وكان الفيلم قد فاز متفوقاً على منافسة شرسة من فيلم (كل ما نتخيله كضوء) لبايال كاباديا، وفيلم (بذور التين المقدس) لمحمد رسولوف، اللذين حصلا على جائزتي الجائزة الكبرى والجائزة الخاصة على التوالي.
فالبطلة راقصة فى ملهى للتعرى اسمها الحقيقي (أنورا/ ميكى ماديسون)، لكنها تفضل اسم (آنى) الذى ينفى جذورها الأوزبيكية، ويجعلها أكثر امريكية عمرها لايتجاوز الثالثة والعشرين عاما (!).
تقابل شاب (إيفان) روسى أبله بأحد نوادى العراة، حيث كانت تتلوى بالرقص الممثير مما دعى (إيفان/ مارك إيدلشتاين) بدعوتها لتقابله للجنس مقابل المال لمدة اسبوع (!).
لكن حياتها تأخذ منعطفا دراماتيكية عندما تكتشف أن الشاب هو ابن ملياردير روسى من طبقة الأوليجارشيين، اذ تتطور العلاقة بينهما حتى يعرض عليها الزواج لينقلب حلمها بالسعادة الى ليلة جنونية تخوضها.
عندما تعرف عائلة الشاب فترسل رجالها لإنهاء الزيجة والتخلص من تلك (العاهرة)، حيث يأخذونها فى رحلة ليلية حافلة بالأحداث الدرامية، ومايقوله بيكرفى فيلمه (فان فآني) التى ترقص عارية للرجال كل ليلة لاتزال تؤمن بالحب.
(المومس الفاضلة!!!)
وهو مايذكرنى بقصة جان بول سارتر (المومس الفاضلة!!!) تؤمن بكبريائها وترفض أن يمسها من تحبه حتى لو كان الثمن أن تعود مرة أخرى للملهى الليلى وممارسة الجنس لمن يدفع !
كل تلك الأحداث فى إطار كوميدى للتخفيف من حدة المشاهد والأحداث الميلودرامية، كما عودنا دائما فى أغلب افلامه، وحتى لايتهم الفيلم بانه فيلم (إباحي)!
وما يجعل عمل (بيكر) فريدًا من نوعه هو أنه يوازن بين الطبيعة الواقعية المدروسة بعمق والفكاهة والإنسانية حول المضطهدين أو المهمشين !
وبيكر (26 فبراير 1971)، مثلما نعلم وجه مألوف فى مهرجان (كان)، وقد أحدث ضجة لأول مرة مع فيلمه (مشروع فلوريدا)، شاركه فى الكتابة (كريس بيرجوتش) بالتعاون مع شقيقته (يوث) كمنتجة.
الممثل الإباحى (سايمون ريكس)
والفيلم الذى ظهر عام 2017 يرصد شخصية أم وابنتها تعيشان على هامش المجتمع، كان أول ظهور سينمائى للعديد من الممثلين، وهو لفتاه تبلغ من العمر ست سنوات تعيش مع أمها العاطلة عن العمل فى فندق بولاية فلوريدا بعد أن رفضت على ممارسة الجنس مع عملاء (نادى الرعاة)
وهى التى تعمل راقصة فى هذا الفندق لتبحث عن عمل آخر من بائعة عطور إلى جليسة أطفال، وأخيرا لاتجد سوى الجنس عبر الانترنت.
فهذا هو (بيكر) الذى يؤمن بأن (الجنس) لغة تغير أحداث العالم، حيث قدم الممثل الإباحى (سايمون ريكس) فى فيلمه (ريد روكيت) عام 2021، الغريب أيضا أنه كتب قصة الفيلم مع صديقه (كريس بيؤجوش) أيضا وعرض ايضا فى مهرجان (كان) بنسخته 74 وتم إدراجه أيضا ضمن أفضل عشرة أفلام لهذا العام !
لاتنس أن أول فيلم روائي طويل لبيكر هو أربع كلمات من الحروف، وهو فيلم يدور حول مظهر ووجهات نظر ومواقف ولغة الشباب في أمريكا أيضا الواقع الجنسى !
وفلسفة (بيكر) قالها فى إحدى اللقاءات على هامش مهرجان (كان) بعد فوزه: لقد خالطت بائعة الجنس والهوى وأدركت أن هناك مليون قصة من هذا العالم، وإذا كان هناك هدف واحد من كل هذه الأفلام فساقول: إنه سرد قصص إنسانية نأمل أن تكون عالمية !
بقى أن اقول أن (بيكر) متزوج من (سامانثا كوان)، وهى المنتجة للعديد من أفلامه، وهى من أشد المؤمنين برسالته عبر هذه النوعية من (السينما) لابن مدينة (سوميت) بولاية نيوجيرسى !