بقلم الفنان التشكيلي الكبير: حسين نوح
كان الزخم الرمضاني هذا العام مميزاً أولاً بفكرة الـ 15 حلقه مما يجعل الكاتب يضع الفكرة ويستعرض تطور الاحداث في إجاز ونبتعد عن التطويل والمنولجات الطويلة وبطء المشاهد والمونتاج في زمن البوست والسرعة والتوك توك واليوتيوب زمن (شبكات التباعد) العجب!
فما يحدث على (شبكات التباعد) الاجتماعي ونقاد اليوتيوب وما أكثرهم هو أكبر دلالة عن حالة السيولة التي أصابت مجتمعات شبكات التباعد، فملايين من النقاد والنتيجة مجرد كثير من هرتلة ووجهات نظر وانطباعات تعتمد علي الحب والاستلطاف والكره.
وأحياناً النفسنة.. نعم فنحن مجتمع متعدد الطبقات والثقافات، فالبعض يكره البطلة لشكلها وطريقة بكائها، وأشاهد كلمات مثل (دمها تقيل بتبكي)، ومن يحب البطل ومن يرى أن البطل وسيم ولا يجوز أن يكون شرير.
وأخرى تكره البطله فهي زوجة المخرج وشغال لقطات لوجهها وتلك انطباعات ساذجة، ومن يحب البطله لملابسها وأخري تتحدث ما هذا المستوى من المعيشه والعربات.
وآخر هو فيه ناس بتلك الحال ولا يدرك أنه أكيد يوجد، فتلك طبائع البشر والبشرية يا جهابذة، (شبكات التباعد) انطباعات كثيره فالتليفون في اليد مع ملايين وفقط يضع بوست ويعبر عن مابداخله.
أدرك أن تآثير ذلك على الفن والفنانين عجيب ويأتي بنتائج عكسية، فبعض الفنانين أصدقائي في كل مناحي العملية الفنية منهم لا يشاهد (شبكات التباعد)، بل البعض منهم لايمتلك حساب على الفيس بوك ولايتابع.
ما تفرزه (شبكات التباعد)
وأجد أن بعضهم يحدثني أنه لا يقرأ حتي ما يكتب من النقاد، وهنا فقد أصبح البعض يكتفي بما تفرزه (شبكات التباعد) وتاه النقد الموضوعي والمهني.
المشكله مصر دائما كانت تاريخ في الدراما العربيه ويطلق عليها هوليود الشرق ويؤكد ما أقول حين نطالع اعظم مائة فيلم عربي في تاريخ السينما فتجد أفلام تقدم دراما وقيمة مضافة وإبداع فني.
وأذكركم ببعض أفلام مثل (الأرض وشيئ من الخوف والزوجة الثانيه والمومياء وشروق وغروب وغرام في الكرنك وفي بيتنا رجل ومولد يادنيا، ثرثرة فوق النيل والمستحيل).
ومنذ (زينب والعزيمة) كم من روائع جعلت مصر تفتخر بمبدعيها ولديها عظماء في كل أنواع الإبداع الفني من تمثيل وإخراج وتصوير ومونتاج وموسيقي.
تميز وتفرد سجلته الأفلام ودراما (أسامه عكاشه وعبد المنعم الصاوي ووحيد حامد ويسري الجندي ومحمد جلال عبد القوي ومحفوظ عبد الرحمن ود. مدحت العدل وكثيرون تواروا ويشاهدون من منازلهم.
لكنه زخم يعرفه كل من عمل في مجال الفنون والإبداع، فهل منهم من لا يدرك قيمة (عبد العزيز فهمي في التصوير و(شادي عبدالسلام) في التصميم والإخراج، و(فؤاد الظاهري) في الموسيقى، و(علي إسماعيل وأندريا رايدر) وأيضاً (بليغ حمدي) إلى (راجح داود) و(عمر خيرت) تلك أمثلة من آلاف من المبدعين.
هل تعلمون لماذا تميز الابداع؟، والإجابة لدينا حقائق فنيه عشقت الإبداع ولم تعشق النجومية فقط وتوابعها من عربات ومظاهر أصبحت عند بعض الفنانين هى كل الطموح.
وأصبح المال والمظهر أهم من حب العمل والاهتمام بالقيمة الفنية، وليتنا نلقي نظرة موضوعية على نجوم هذا الزمن العجيب، لدينا عظماء في كل المناحي، ولكن فنون مسارح الصيف وسينما الأعياد.
ثم مسلسلات موسم رمضان وكوميديا الاسكتشات ونجوم الراب ونجوم المهرجانات ونجوم جمهور التوكتك والعشوائيات التي تحاول الدولة جاهدة التخلص منها ولكنها أفرزت فنانيها وبعض القنوات تأتي بهم لزيادة عدد المشاهدين فهم غالبية.
وكما يحدث في برامج رمضان فبعضهم يعرض المبلغ الكبير علي الفنان أو لاعب الكرة ويأتي بهم، ومنهم نجوم العشوائيات ويكون البرنامج هو مجرد إهانة مدفوعة الاجر ونشر فضائح للبعض ومهازل للبعض وطلاق البعض وخيانة البعض الآخر.
سيطرة النقد الانطباعي
وحبذا أن يغضب النجم ويعود وتزداد الحلقه سخونه ويختار الفنان بين كرامته أو المبلغ بعد التصوير، والنتيجه عار يقدم ويراه الجمهور، والبعض ينتشي ويمصمص شفتاه امتعاضاً أو استحساناً ويرانا العالم والدول الشقيقه وهنا سؤال وما هو السبب وما الحل!
اراه سيطرة النقد الانطباعي على (شبكات التباعد)، فلدينا عدد قليل جداً من النقاد الحقيقيين والمتميزين لديهم ضغط شديد ولا وقت لديهم، فهم في الحفلات والمهرجانات ومعظم القنوات ولا تستطيع معلقة سكر تحلية حمام سباحة.
والواقع المحزن والصادم أنه ورغم وجود معهد النقد الفني، ولدينا نقاد أعرف قدرهم، إنما هم خارج الصورة ونادراً ما أشاهدهم، فبعد أن كان لدينا (عبد القادر القط والدكتور علي الراعي ودكتور جابر عصفور وعبد المنعم تليمة وكمال الملاخ والدكتورسمير سرحان ونهاد صليحه وعلي أبوشادي وسمير فريد وكمال رمزي).
أصبح المشهد الفني الآن لايعتمد علي المهنيه فقط، بل اراه يعتمد علي قدرتك علي التواجد وتسويق ذاتك وتلك مهارة لا يمتلكها كثيرون.
فأن تتواجد في كل الحفلات وترتدي ملابس تناسب كل مصيف أوحاله أوعيد ميلاد أو سبوع أو احتفال لأحدهم، فقد تزوج أو أخذ جائزة إنما هي مهارات مكتسبة لا يجيدها البعض.
وأبطال تلك التظاهرات والحفلات هم دائما نجوم كل التجمعات الفنية في مصر وخارجها، وبالحتميه هم نجوم إنتاج المواسم من الأعياد وأفلام الصيف وموسم رمضان، والجديد الإعلانات وأصبحت باب رزق مهم يعتمد عليه بعض الفنانين الآن!
لقد سيطرت حالة النقد علي الجميع وتجاهل الفنانون الكبار أو معظمهم النقد ككل، والواقع أن النقد الفني ودور الناقد هو قاطرة لتجويد وتحسين مسار الحركة الفنية ومنه يدرك الفنان بوصلة اتجاهه، فلا فن بدون نقد موضوعي مهني.
وفي حال يتوارى النقد الموضوعي هنا يظهر ناقد لكل مواطن ومجرد انطباعات على (شبكات التباعد) تضر بالإنتاج الدرامي وتتسبب في تراجع الإبداع، وأرى أنه لدينا كل عوامل التميز الفني، فلدينا كتاب مثقفون ويدركون قيمة النص ونفتخر بهم.
الفنون إرسال واستقبال ولابد من توافقهما، فلكي تقدم فنون واعية تؤثر في المجتمع عليكم بإعادة الطبقه الوسطي رمانة الميزان، فمنها ما يؤثرون في الطبقه الشعبية وفي الريف والنجوع .
ويأتي هنا دور المدرسه والجامعات والنشاطات الفنية والتصالح مع قيم الجمال والإبداع، ثم الاهتمام بالثقافة والتنوير فتقل فنون العشوائيات وتأثيرها على العقل الجمعي للمجتمع.
هذا إن أردنا استعادة الريادة ودور الفن في تنمية الوعي والولاء والانتماء، ولنا في دراما غيرت من القوانين مثل (جعلوني مجرماً وأريد حلاً وكلمة شرف وعفوآً أيها القانون) ومسلسل (تحت الوصاية).
تلك عظمة الفنون المرتبطة بالواقع، ويحدث بينهما تماس لصالح المواطن.. مصر تاريخ وتنطلق وتستحق.