كتب : أحمد السماحي
من قلب بساتين الياسمين، جاءت (لطيفة) إلى الوسط الفني المصري، تحمل بين جوانحها مزيجا من الشجن ورقة الصوت العذب، وفى عينيها يلمع بريق النجومية، هى قيثارة حب إن شئت، ومناضلة فى معركة الفن الهابط إذا أردت أيضا، كل نبضة فى قلبها تؤمن بقيمة الفن وقداسة رسالته، منذ حضورها لم تبهرها أضواء النجومية.
وكرست (لطيفة) وقتها لدراستها الموسيقية وعمل تاريخ فني هام، لهذا ارتبطت منذ بدايتها بالعمالقة سواء في مجال الكلمة أو التلحين، وكان ظهورها في منتصف الثمانيات حدث فني كبير، وشجعها الموسيقار محمد عبدالوهاب، وتبناها الشاعر الكبير مرهف الحس (عبدالوهاب محمد) الذي كونت معه ثنائيا فنيا ناجحا حتى رحيله، ولحن لها العمالقة (أحمد صدقي، بليغ حمدي، محمد الموجي، خالد الأمير، عمار الشريعي)، وغيرهم.
الاستماع إلى مطربتنا بهية الطلة (لطيفة) هو وقت استفيد به تماما، لأنه يترك في نفسي شيئاعظيما أعيش به يومي وليلي، ويملأ نفسي بالخير والصدق والجمال والمتعة، ويظل في وجداني وأحاسيسي فترة طويلة، فصوت لطيفة نابعا من القلب، ولذا يدخل بسهولة ونفاذ إلى القلوب، في أداء مهذب ونظيف وراق، وأغاني لطيفة لها معان مختلفة عند الناس المختلفة، ولكنها بالنسبة لي تعني الروح، إنها تخاطب روحي بذكاء ورشاقة.
أغنيات (لطيفة) التي تخاطب روحي
وحينما أتحدث عن أغنيات (لطيفة) التي تخاطب روحي، فإنني أتحدث عن الدفء، عن الفهم، عن الحرارة، عن العاطفة، عن القلق، عن الحزن، عن السعادة، عن عدم السعادة، عن الحب، عن الإخفاق في الحب، عن الحب من جديد، عن القلب، عن الحياة، عن الانفعال، عن البكاء، عن البكاء من فرط السعادة، أو البكاء من شدة الألم، عن حقيقة أصبحت خيالا، أوخيالا يكاد من إلحاحه أن يصبح حقيقة، عن الألوان المحددة، وليست الرمادية، عن أشياء كثيرة جدا.
هى ملكة متوجة بلاشك على عرش الغناء الرومانسي الرقيق في عصرنا الحديث، ليس لأنها تملك صوتا عذبا نقيا فحسب، بل لأنها تشكل في حد ذاتها مجموعة من المشاعر والأحاسيس التي تملك القدرة على ترجمة ما يجول بخاطر العشاق والحيارى في دنيا الحب والغرام، وتحلق بهم عاليا في سماء الأحلام.
منذ أن وطأت قدماي (لطيفة) أرض القاهرة، قادمة من تونس الخضراء حاملة بين جوانحها عبق ياسمينها الأبيض الناصع الملوء برائحة النشوة، وهو الذي صنعت منه ملكة (قرطاجنة) أو قرطاج (عليسة) تاجها الأبيض كرمز للقوة والنقاء والجبروت، ومن ثم فقد حكمت شعبها بالعدل والحكمة، حتى غدت رمزا للأنوثة في حكمة بالغة على أرض العرب قديما.
إنها النجمة العربية (لطيفة) التي تحمل ملامح (عليسة) في حدة ذكائها وحكمتها، كما ظهر منها في التصرف بعالم الموسيقى والغناء على جناح الاجتهاد والعمل بجدية، مخاطبة الجمهور العربي على اختلاف أشكاله وألوانه، بلهجاته المختلفة، حتى صارت أيقونة رومانسية متوجة على رأس الأغنية العاطفية، ووطنية من طراز رفيع في الأغنية الحماسية، ومجددة بمنتهى العصرية في القوالب الحديثة التي تتطرق إلى كافة الموضوعات الاجتماعية.
قدمت في كليبهاتها نموذج للمرأة التي تعرف كيف تتحدى وتتمرد معبرة بلوكات مختلفة من الأزياء التي تعبرعن حال إمرأة تعيش لحظات الغيرة والاستفزاز من تصرفات حبيبها الخائن، وهى تحرص دائما أن تكون كلها بالمناسبة من تصميمها، وهى تحرص أيضا على أن تناسب الأجواء من ألوان وإكسسورات وإضاءة تعكس الحالة المزاجية لها في أثناء الغناء.
(عشاق جمالك) لبهجت قمر
وحدوتة اليوم عن أغنية كتبها متعدد المواهب السيناريست والشاعر (بهجت قمر) من وحي إعجابه بصوت (لطيفة)، ولحنها الموسيقار (بليغ حمدي) في الفترة التى لحن لها أغنياتها الأولى (عوافي يا هوي، وحضرة صاحب المحبة) وسجلتها مع أغنية (مسا الجمال على حبايبنا)، لكن لظروف لا أحد يعرفها إلا (لطيفة) خرجت أغنية (مسا الجمال) ولم تخرج أغنية (عشاق جمالك) التى كتبها (بهجت قمر) ولحنها (بليغ حمدي) واليوم ننفرد بنشر كلماتها:
عشاق جمالك قالوا
عن دلالك
جراح قلوب المغرمين
مالنا ومالك
ليل يا عين يا ليل
كل الحبايب يا قمر
عاشقين جمالك
دي أختك يا قمر
والبدر خالك
للعاشقين مبتدا
والمنتهى عندك
وأنا قلبي مش حمل
ده مسكين ومش قدك
سيبنا في حالنا يا قمر
وروح لحالك
مالناش فى الحيرة
والسهر ولا في دلالك
علشان جمالك قالوا عن دلالك
…………………………………………………………………………………………..
لينك أغنية “مسا الجمال” من قناة لطيفة على اليوتيوب