(زكي رستم).. ابن الذوات الذي عشق التمثيل ومات وحيدا
بقلم الأديب الكبير: سامي فريد
ابن الذوات (زكي بك رستم)… المتمرد… أشهر أعزب ..
لم يكن يشغل حياته سوى الفن، وهو سليل عائلة من الباشوات، فوالده هو (محرم بك رستم)، أما جده فهو (محمود باشا رستم) الضابط الكبير بالقوات المسلحة، وفي قصره كان ميلاد الحفيد (زكي رستم)، بحي (الحلمية) في 15 مارس عام 1903.
مسار حياة (زكي رستم)
ما الذي يغير مسار حياة (زكي رستم)، ليوقف مسيرة تعليمه عند البكالوريا ويرفض دخول كلية الحقوق بعد ما عشق الفن وقرر أن يكون واحداً من رجاله..
المصادفة كانت هي الكلمة الفاصلة في حياة هذا الممثل..
المصادفة التي التقى فيها (زكي رستم) بالفنان عبدالوارث عسر الذي لمح في وجهه علامات الممثل الواعد فألحقه باحدى فرق الهواة المسرحية، وكانت هذه هي نقطة التحول في حياته..
أصرت الأسرة على أن يترك الفن وينضم لكلية الحقوق حفاظا على تاريخ الأسرة وعلاقة والده بالزعيمين (مصطفي كامل ومحمد فريد)، وسمعة جده الباشا رجل الجيش..
الاستمرار في طريق الفن
وأصر (زكي رستم) على الاستمرار في طريق الفن حتى عندما خيرته أمه بين الفن والتحاقه بكلية الحقوق فاختار الفن وأصر عليه وعلى التمرد على تقاليد الأسرة لتسقط أمه مشلولة من الصدمة وتظل مشلولة حتى وفاتها..
من فرقة الهواة إلى جورج أبيض إلى عزيز عيد وفاطمة رشدي إلى الفرقة القومية إلى أول بطولة سينمائية له اختاره لها محمد كريم في فيلم (زينب) الصامت ليبدأ مشواره العجيب والغريب عبر 240 فيلما في السينما، لم تحتفظ لنا منها سوى بـ 55 فيلما وصار الباقي مجهولا لا يعرف أحد مصيره..
مجلة (باري ماتش) الفرنسية
والغريب فعلا أن (زكي رستم)، كان يجيد كل الأدوار.. فهو رئيس العصابة وهو الموظف البسيط المطحون وهو الباشا المتجبر وهو الأب الحنون والجد الذي يغني لحفيدته والسياسي الذي لا قلب له ولا هم إلا مستقبله السياسي..
وهو كما سمته مجلة (باري ماتش) الفرنسية رائد مدرسة الاندماج.. وأورسون ويلز المصري.
عاش (زكي رستم) لا يحب من الوسط الفني سوى (عبدالوارث عسر وسليمان نجيب).. رفض الزواج ورفض أن يستعين بالسماعة في التمثيل لأنها تحرمه من الاندماج بعد ما بدأ ضعف السمع يتسلل إليه وإلى آخر عمره بعد أن فقد السمع تماما، وكان يرفع صوته أثناء تمثيل آخر أفلامه “إجازة صيف” لدرجة أنه بكى لأنه لا يمكن أن يسمع ملاحظات المخرج له أثناء التمثيل..
اعتزال زكي رستم التمثيل
عاش (زكي رستم) حياته وحيدا في شقة بعمارة يعقوبيان بوسط البلد بجوار سينما ميامي في 24 شارع طلعت حرب.. وكان من عادته الخروج كل صباح للتمشي
مع كلبه الولف، ولم يكن يقيم معه في شقته سوي خادمه العجوز الذي قضى في خدمته أكثر من ثلاثين عاما.
اعتزل (زكي رستم) التمثيل نهائيا عام 1968 وكان يقضي معظم وقته في القراءة ولعب البلياردو..
وتشهد حياته بموقفه الوطني الذي قد لا يعرفه الكثيرون عندماعرضت عليه شركة أفلام كولومبيا بطولة فيلم عالمي فرفضه عندما علم بقصته قائلا: (مش معقول أبدا أمثل في فيلم بيعادي العرب.. مش ممكن!!).
وهو بطل مصر في رفع الأثقال.. وهو الذي كانت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة تخاف من التمثيل أمامه بسبب اندماجه وتحكي أنه دفعها مرة من أمامه في أحد المشاهد وتقول: “حسيت أني أنا طرت في الهوا!!”
وكانت نهايته الحزينة عندما مر بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى مستشفى دار الشفاء حتى وفاته المنية يوم 15 مارس عام 1972، لكن لم يعلم بوفاته أحد ولم يمش في جنازته!!
من أشهر أفلامه:
(المتهمة والعزيمة وليلى بنت الصحراء والاتهام وكفري عن خطيئتك والوردة البيضاء والضحايا وزينب وخاتم سليمان والنائب العام وضحايا المدينة وعدو المرأة وهدمت بيتي والسوق السوداء والصبر طيب وقصة غرام والحياة كفاح ورصيف نمرة 5 وحب ودموع وموعد مع ابليس وصراع في الوادي وبائعة الخبز وقلبي على ولدي..
وبنت الأكابر وحكم قراقوش ومسمار حجا والنمر وانا الماضي ومعلهش يا زهر والحرام وبقايا عذراء ويوم بلا غد وأعز الحبايب وأنا وبناتي والخرساء وملاك وشيطان ولحن السعادة ونهر الحب والهاربة وامرأة في الطريق ولن أبكي أبدا والفتوة وإغراء وإجازة صيف).