بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة
(أحمد الفيشاوي)، فنان صنع شهرته بالفضائح والتصريحات الغريبة والسلوكيات اللامسؤولة، وليس بدور أجاده أو عمل تألق فيه، رغم أنه فنان موهوب ولا ينكر أحد أن الله أنعم عليه بقدرات على التقمص لم ينعم بها على آخرين.
ولكن خروجه عن كل القواعد المجتمعية والأخلاقية كان الأكثر إثارة وإشغالاً للناس من أي دور قدمه، ناهيك أن المسافة الزمنية بين فضيحة وأخرى له أقصر كثيراً من المسافة الزمنية بين دور أجاد فيه وآخر.
حال الفن في بلادنا وغير بلادنا غريب مريب، هو رسالة وإبداع وله من التأثير على الرأي العام ما يفوق غيره، يضم فنانين مختلفي الفكر والمزاج، بعضهم تفرض عليه موهبته التفكير في الجمهور كل وقت.
يفكر قبل أن يتكلم في عواقب كلامه، ويفكر قبل أن يخرج من بيته وقبل أن يركب سيارته وقبل أن يقبل دوراً، يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الناس، وهؤلاء هم من يصلون إلى النجومية ويتربعون فوق العرش سنوات وسنوات.
البعض الآخر يتوهم أن الشهرة تمنحه من الحقوق ما لا تمنحه لسواه، وأن حريته الشخصية تبيح له فعل ما يتعدى به على قيم المجتمع، ينفلت ويتجاوز ويسب ويهاجم ويتوهم أنه فوق الأعراف والتقاليد، وأنه يحق له أن يفعل ما يشاء في أي مكان يشاء ولا يحق للناس انتقاده.
(أحمد الفيشاوي) ينتمي لهذه الفئة المنفلتة، وبأفعاله المتتالية منذ بداية هذا القرن وحتى قبل أيام لا تسيء إليه وحده، ولكنها تسيء لأسرته أولاً ولزملائه ثانياً وللفن ثالثاً وللمجتمع أخيراً.
انفلات (أحمد الفيشاوي) ليس جديداً
ظهر في العرض الخاص لفيلمه الجديد (بنقدر ظروفك) وهو في حالة غير طبيعية، سكران، تائه، فاقد للتوازن غير واع بما يقول، تصرفاته مع من حوله تثير الاشمئزاز!
نعلم أنه يجاهر بتعاطيه الخمر بل والمخدرات بأنواعها المختلفة باستثناء البودرة على حد قوله، وقد تحدث عن ذلك بفخر واعتزاز خلال أحد لقاءاته التليفزيونية، ولا أحد يصادر حريته في أن يفعل ما يشاء داخل منزله.
ولكن حرية الإنسان عندما تعتدي على قيم المجتمع تكون حرية منفلتة مرضية للذات مؤذية لمشاعر وقيم الملايين.
انفلات (أحمد الفيشاوي) ليس جديداً، والكل تابع حلقات وحلقات من مسلسل الانفلات الأخلاقي الغارق فيه، فضائحه المتعددة وقاعات المهرجانات تشهد بذلك وخصوصاً مهرجان الجونة، يتصرف في قاعات المهرجانات أو قاعات العرض وكأنها غرفة نومه، لا حدود لديه في القول أو الفعل.
(أحمد الفيشاوي) مثل الأطفال المزعجين
تعامل مع أولاده كلقطاء، وفرض القضاء عليه أبوته لإبنته لينا عام 2004 من زوجته بورقة عرفية مهندسة الديكور (هند الحناوي)، والأمر نفسه تكرر مع ابنه من زوجته الألمانية (دنيس ولمان) التي تعرّف عليها أثناء رحلة علاج والدته سمية الألفي في ألمانيا، وتزوجها بعد قصة حب قصيرة.
وانتهى زواجهما بالانفصال بطريقة مفاجئة، ولم يعترف بابنه منها (تيتوس)، إلا بعد 8 سنوات من مولده بعد أن رفعت عليه قضية نسب، و(هند ودنيس) اثنتان من بين خمس زوجات ارتبط بهن في ظروف مختلفة واتهمته إحداهن بسرقة (خاتم سوليتير) منها.
وهو الأمر الذي تدخل فيه والده (فاروق الفيشاوي) قبل وفاته لتسوية الأمر ودياً ووأد فضيحة كبرى تظهره لصاً.
(أحمد الفيشاوي) مثل الأطفال المزعجين الذين إذا أرادوا لعبة ولم يحصلوا عليها مارسوا كل أنواع الزن أملاً في أن يتحقق لهم ما يريدون، إذا أعجبته امرأة وأراد الزواج منها ورفضته، زن عليها وأعلن على الملء رغبته.
وهو ما حدث مع الفنانة (شيرين رضا) التي تكبره بسنوات؛ هى تعاملت مع رغبته بحكمة بينما تعامل معها بالزن والمطاردة الإعلامية، من دون خجل أو استحياء.
الوشم الذي يملأ جسمه ويشوه به نفسه أمر يخصه، والحلق الذي يرتديه من وقت لآخر من شؤونه التي لم تشغل أحد، رغم أنه بذلك خارج عن كل ما لا ينبغي الخروج عنه.
ولكن خروجه على القيم المجتمعية أمر يستفز به المجتمع ويسيء به إلى غيره من الفنانين الذين يدركون أن الفن رسالة وانضباط وليس تفاهة وانفلات.
ندرك أن (أحمد الفيشاوي) غير موزون نفسياً، وأنه تائه فكرياً، ولا ننسى أنه تصوف بعض الوقت وسلك مسلك المتأسلمين من الاخوان ومن شابههم، وأنه تخلى عن ذلك ثم اتجه للمخدرات والخمور وأنكر أبناءه وتنكر لزوجاته.
ورغم ذلك فإن المجتمع لن يواصل الغفران له والتجاوز عن ترهاته، وسيتخلى عنه فناناً، والدليل أنه في الفن لا يكتفي بأنه محلك سر ولكنه يتراجع للخلف وسيتراجع أكثر وأكثر طالما ظل منفلتاً غير واع بما يفعل وما يقول.