بقلم الكاتب الصحفي: أحمد الغريب
تحترف إسرائيل صناعة (الكذب) وإلصاق الاتهامات بالغير، وبالطبع لمصر حظ وفير من الاتهامات والعداء الذي لا ينقطع مطلقاً، رغم عن أن القاهرة يربطها اتفاق سلام مع تل أبيب منذ نحو 4 عقود.
ورغم من تبذله من أقصى جهد لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، لكن ظل العداء وكيل الاتهامات لمصر كما هو، فالمتابع للمشهد يتفاجئ من كم الهجوم و(الكذب) التي تروج لها منظومة الإعلام الإسرائيلية ومن وراءها بطبيعة الحال.
قطاعات واسعة من وسائل الإعلام الأمريكية التي لا تجد حرجاً في خدمة المواقف السياسية والأمنية الإسرائيلية والتماهي معها، تارة لخدمة رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) ومحاولة إنقاذه من كم المصائب على المستويين الداخلي والخارجي.
وتارة أخرى كدعم للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية لتجاوز تلك الحرب بأي طريقة كانت حتي ولو بالكذب أو بالتدليس.
أخر ما جرى الترويج له بـ (الكذب) هو ما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية، ونقلت فيه تقرير شبكة (سي أن أن) الأمريكية الفاضح، قبل أيام الذي ادعى كذباً (إن مصر غيرت بهدوء شروط اقتراح وقف إطلاق النار الذي وقعت عليه إسرائيل بالفعل في وقت سابق من هذا الشهر.
ما أدى في نهاية المطاف إلى إحباط صفقة كان من الممكن أن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين، وتحدد مساراً لإنهاء القتال مؤقتاً في غزة، ومن ثم جاءت تصريحات الفريق أول محمد زكي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي.
وذلك خلال فعاليات مشروع تدريب تكتيكي للجيش الثاني الميداني، الخميس 23 مايو، التي شدد فيها على الدور الهام والفعال الذي تقوم بها الدولة المصرية لمساندة القضية الفلسطينية على مدار التاريخ وأن الموقف الحالي يتم التعامل معه بأقصى دراجات الحكمة لدعم القضية والحفاظ عليها ومساندة الأشقاء الفلسطينيين.
موقف مصر من القضية الفلسطينية
وهذا يأتي على أساس حل الدولتين، كجرس إنذار للجميع من خلال تأكيده على أن موقف مصر من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير ولا يقبل الشك أو التأويل، ولا يمكن تشويهه من خلال تقارير صحفية أو تلفزيونية تعمل علي خدمة توجهات وأهداف محددة.
كما رفضت مصر جملة وتفصيلاً في بيان حاسم وقاطع لرئيس الهيئة العامة للاستعلامات (ضياء رشوان)، كل ما أوردته الشبكة الأمريكية ومن وراءها الإعلام الإسرائيلي من (الكذب).
عبر فيه عن موقف القاهرة التي أكدت على أن تلك الأكاذيب قد تدفع الجانب المصري لاتخاذ قرار بالانسحاب الكامل من الوساطة التي يقوم بها في الصراع الحالي، مع تحميل مصر الأطراف المعنية.
وخاصة تلك التي تروج للـ (الكذب) حول الموقف المصري المسؤولية الكاملة عن الكوارث الإنسانية غير المسبوقة وحرب الإبادة بقطاع غزة.
كذلك قطعت القاهرة الطريق على وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية، بتصريحات هامة للدكتور محمود مسلم، رئيس لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام بمجلس الشيوخ.
أكد فيها على أن مصر دولة كبيرة ومحترفة ودولة مؤسسات ولديها أجهزة أمنية على مستوى عالٍ من الكفاءة والاحترافية تتعامل في مثل هذه الأمور، وأجرت العديد من الاتفاقات السابقة بين فلسطين وإسرائيل، وهي دولة سلام وتعمل لنشر السلام في المنطقة.
مشيراً إلى أن مصر تمارس أقصى درجات ضبط النفس في تعاملها مع إسرائيل وما تفعله من تجاوزات، ومع ذلك يشن الإعلام الإسرائيلي هجمات على مصر ويتهمها بأنها تمول حماس بالأسلحة وأنها لا تفتح معبر رفح، موضحًا أن هذه التصريحات الإسرائيلية أقرب أن تكون اتهامات جزافية ليس لها من الواقع شيء.
وتزامن تقرير الشبكة الأمريكية، الذي وجد صداً واسعاً له في الإعلام الإسرائيلي، مع حملة منظمة ربما يدرك المتابع له إنها غير معتادة كماً وكيفاً ومضموناً سلبياً متعدد الأقلام والتوجهات، لكنه في النهاية يتطابق مع وجهة نظر تخدم المصالح الإسرائيلية وتعبر عنها.
الحملة الإسرائيلية على مصر
قد يفُسر سبب الحملة الإسرائيلية على مصر، بأن مرده هو إعلان مصر عزمها التدخل رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.
وهو القرار الذي سبقه إعلان مصر إنها تدرس خفض مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، على خلفية العمليات العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر.
وهو الأمر الذي من المؤكد إنه لم يلق قبولاً لدى تل أبيب وعليه جاء القرار بزيادة وتيرة الهجوم الإعلامي على القاهرة، لكن كان هناك من يتصدى لتلك الحملة ويدافع عن موقف مصر الثابت.
بطبيعة الحال لن تتراجع منظومة الإعلام الإسرائيلية عن (الكذب) في مواقفها حيال القاهرة، ربما قد تهدأ حيناً عاصفة الأكاذيب، لكن حتماً ستعاود تل أبيب مجدداً للهجوم على مصر املاً في النيل منها وطمعاً في الانتقاص من قدرها ومكانتها.
فالمسافة بينها وبين مصر تظل دوماً صفر، فلا مسافة بينهما في المواقف والتوجهات مهما حاولت إسرائيل لأكاذيبها.