حوار أجراه الكاتب الصحفي: مجدي صادق
(خالد الحجر)، مخرج يتمتع بموهبة خاصة، مكنته من أن يقدم تجارب مختلفة في السينما العالمية والمحلية، خاصة من خلال تواجده لفترة طويلة في انجلترا، ومازال هنالك خيط يربطه بين القاهرة ولندن.
في الحلقة الماضية تحدثنا عن بداياته ومراحل تطوره في الإخراج السينمائي واليوم نستكمل حواره الممتع حول مسيرته الطويلة في السينما المصرية، واحتكاكه بمهرجانات العالم فإلى التفاصيل:
* هل مازلت تمتلك شركة انتاج سينمائى بانجلترا ؟ وهل قدمت من خلالها افلاما سينمائية مصرية او انجليزية ؟
** (خالد الحجر): نعم لاتزال الشركة موجودة وأقدم من خلالها أفلام لولدى انتاج مشترك وقدمت باسم الشركة انتاج فيلم (أحلام صغيرة) للحصول على منحة كتابة له رغم أن المخرج يوسف شاهين قام بإنتاجه، وهناك أعمال أخرى باسم الشركة مثل فيلم (الشوق) قبل أن ينتجه المنتج اللبنانى (محمد ياسين).
* منذ عام 1985 عملت كمساعد للمخرج الكبير الراحل (يوسف شاهين) فى أفلام ثلاث لكنك لم تسير على دربه وكان لك مدرسة سينمائية مختلفة، وهى مزيج من المدرسة الإنجليزية والأمريكية، لكن متى نرى مدرسة (خالد الحجر) للأجيال القادمة من شباب المخرجين؟!
** (خالد الحجر): كنت محظوظ وأنا عمرى 21 سنة للعمل مع المخرج الكبير الراحل (يوسف شاهين)، حيث كنت أحد المساعدين له فى ثلاثة أفلام تعلمت منه الكثير مثل حب السينما والإخلاص فى عملك.
وقد انتج لى أول فيلم قصير لى اسمه (انت عمري)، وأول فيلم روائى وهو (أحلام قصيرة) عن حرب السويس بطولة (صلاح السعدنى وميرفت أمين)، وهو إنتاج مشترك لافلام مصر العالمية وقناة (زى دى إف) الألمانية.
وهذا كان أول إنتاج مشترك بين مصر وألمانيا، أنا اعتقد أن لكل مخرج مدرسته الفنية وله فكرة، وليس معنى أنى تعلمت على أيدى مخرج ما أن أقلده بالضبط.
فهناك العشرات من المخرجين تخرجوا من مدرسة (يوسف شاهين)، لكن لكل واحد منهم مدرسته الخاصة مثل (عاطف الطيب ويسري نصر الله وأسماء البكرى وعاطف حتاتة)..
واعتقد قبلهم (أشرف فهمى) قد عمل معه لكن كان له مدرسة خاصة، وكلهم عملوا أفلام مختلفة طبقا لفكره واتجاهه، وأى نوع من السينما يحبها فأنا مثلا أحب سينما (صلاح ابو سيف) جدا و(شادى عبد السلام)، وهى مدارس فنية مختلفة.
وطبعا لما تعلمت فى إنجلترا وحصلت على الماجستير فى الإخراج والسيناريو من الكلية الوطنية للسينما هناك، وهى من أكبر الكليات فى أوروبا، وكنت واحد من الخمسة الذين تم اختيارهم من بين 600 تقدموا.
إذ كنت أول مصرى يدخلها كمخرج أفلام روائية، فأنا تأثرت بكل تأكيد بالسينما الأوروبية ومخرجيها مثلما تأثرت بالمخرجين والسينما المصرية، فأنا باعتبر نفسى مدرسة مختلفة خليط من الاثنين !
* بدأت سينمائيا سواء أفلام درامية طويلة أو قصيرة أو وثائقية لكنك دخلت مجال الدراما التليفزيونية فلماذا جاء هذا الاختيار وايهما تفضل؟، وأين انت من المسرح، فهل فكرت يوما فيه ؟!
** (خالد الحجر): أنا عملت مسرح وأنا فى الجامعة، لكنى اتجهت إلى السينما، وقد قدمت كل الأنواع: أفلام قصيرة وأفلام طويلة (10 أفلام ) و(4 مسلسلات طويلة).
وأنا باحب التنوع وأجرب كل شئ، فالمخرج عليه أن يجرب كل شئ، وقد اشتغلت فترة فى (إم بى سى) من لندن، وعملت برامج تليفزيونية، لكن اتفق معك أن فكرة المسرح فكرة هايلة، وهناك مجال يتعمل مسرح هنا فى مصر أو المملكة العربية السعودية.
التجارب المسرحية بالسعودية تجارب جميلة، فكانت فرصة جيدة أمام المخرجين المصريين، فأنا فاتح ذراعى لأى تجربة فنية أخرى، فهى فى النهاية فى تاريخ وخبرات المخرج هذا التنوع !
كيف رأيت شاشة دراما رمضان؟، وماهى المسلسلات التى خطفتك كمخرج؟، وماذا جال بخاطرك وأنت تشاهد هذا الكم من الدراما فى شهر واحد ؟!
** (خالد الحجر): بأمانة!، بالنسبة للمسلسلات أنا ضعيف جدا فى مشاهدة المسلسلات، أنا عملت أربع مسلسلات يمكن شاهدتهم مرة واحدة، ليس لدى الرغبة أن أشاهد مسلسل 30 يوم، فلاتستهوينى هذه الفكرة، حتى المسلسلات الأجنبية فأنا أحب فقط مشاهدة الأفلام، وبالتالى لا أقدر أن أجيب على سؤالك ايه الحلو وايه خطفنى !
فيلم (حب البنات) رغم أنه منذ عام 2004، إلا أنه لايزال فى وجدان الشباب والفتيات بعد أكثر من 20 عاما، فلماذ جاءت (توليفة) الفيلم أكثر استدامة؟، مالذى اكتشفته كمخرج كبير؟
** (خالد الحجر): فيلم (حب البنات) يحتاج إلى دراسة بجد، لأن الفيلم عندما عرض الفيلم فى شهر فبراير فى (فالنتين) وحتى الآن لايزال يعرض، وهو فيلم منذ عشرين عاما.
المفاجأة أن عليه إقبال غريب، فالجماهير متفاعله مع أحداث الفيلم بالغناء والرقص ومشاعر رومانسية كبيرة بأحداث الفيلم، وعندما تشاهد الفيديوهات تندهش من حالة البهجة والانبهار لفيلم منذ 20 عاما، وهو ما أسعدنى كثيرا وحملنى كثير من المسؤوليات.
الغريب عندما بدأنا فى الإعداد وإخراج هذا الفيلم قلت وقتها لتامر حبيب أن الفيلم (ده هيعيش مع الناس مش عارف ليه !)، وهذا كان إحساسى خاصة وأنا كنت لسه راجع من بره ولدى شحنة إيجابية عالية انعكست على كل (كاست) الفيلم.
فقد كان الحب يربطهم والتعاون وحالة من البهجة، وهذا ظاهر فى الفيلم، ومن أهم أسباب نجاحه أيضا قصته وصدق الأداء وألوانه والطريقة التى تم بها إنتاجه، والطريقة التى أخرج بها والعلاقات الاخوية التى ظهرت فى الحب وكم الحنان والدفء فى مشاعر الأخوات وهو مانحتاجه اليوم.
وهذا الفيلم ذهب إلى 48 مهرجان سينمائى (تخيل ! )، ولاقى ترحيب وجوائز الجمهور، مثلما حدث فى أحد المهرجانات بأسبانيا، وأذكر أن مخرجة أسبانية بلجنة تحكيم أن قالت بعد مشاهدتنا لأفلام الدم والفقر والحروب وغيرها، كان فيلم (حب البنات) أشبه بطاقة دخل منها الهواء !
* هل كتبت قصة فيلم خاصة وقد كتبت الكثير لكن تبحث لقصتك عن مخرج آخر لها؟ وإذا حدث افتراضا من المخرج الذى ترشحه لقصتك؟ ولماذا؟
** (خالد الحجر): لو كتبت أى قصة لابد أن أقوم أنا بإخراجها بنفسي، لكن يمكن إخرج لمخرجين أو كتاب آخرين.
خاصة وأن إحساسى بالقصة التى كتبتها يختلف كثيرا لو أسندت لمخرج آخر مثل الكثير من أفلامى (حرام الجسد، أحلام صغيرة، جريمة الإيموبيليا، غرفة للإجار) اللى نفذته فى إنجلترا، فهى أفلام حاسسها قوى وتعبر عني، فلا أقدر أن يخرجها أحد غيرى !
* رحيل (زكى فطين) كان له تأثير كبير عليك كصديق ورفيق رحلة طويلة، وأصبح ملازما معك مثلما أرى، هل فكرت يوما فى صنع فيلم ولو قصير عن حياته، خاصة وهى تجربة مرضية فيها الكثير من الأحداث والمواقف الانسانية ؟
** (خالد الحجر): الراحل (زكى فطين) حتى الآن لم أصدق أنه رحل، فهو يعيش معي وأفكر فيه دوما، لكن أن أكتب أو اعمل عنه فيلم عن حياته اليوم من الصعب عليّ لأن رحيله حتى الآن تأثيره عليّ لايزال.
وكى أصنع فيلما عنه احتاج إلى وقت، ويمكن حياته وصراعه مع المرض وعلاقة الحب التى جمعتنا يمكن يظهر فى يوم ما من الأيام فى فيلم، لكن اليوم (مش) مستوعب انه رحل عن دنيانا !
* (شيهانة) الذى قدمته عام 2019 رصدا لجرائم داعش، وهو فيلم سعودى، ألم تفكر فى تكرار مثل هذه النوعية من الأفلام التى ترصد تنظيمات جهادية متطرفة؟، وهل لديك أعمالا سعودية الآن فى ظل الطفرة التى تعيشها صناعة السينما السعودية حاليا؟
** (خالد الحجر): (شيهانة) هو أول فيلم ينتجه التليفزيون السعودي، وهذا كان شرف لى كمخرج مصرى، فالأستاذ (داود الشريان) كان وقتها رئيس التليفزيون السعودى هو من قام باختيارى باقتراح وتوصية من الراحل )ألبير حداد) رحمه الله و(جابي خورى).
وقد حقق الفيلم نجاحا كبيرا فى السعودية ولاقى إعجاب الجماهير بالمملكة وحصد الفيلم العديد من الجوائز، ففى مهرجان بالمغرب حصل على أفضل فيلم عالمى وجوائز لأحسن ممثلة وأحسن مونتاج، وبالفعل لدى مشاريع أخرى مع منتجين سعوديين سيتم الإعلان عنها فى وقتها إن شاء الله.
* متى تستفيق السينما المصرية من الحالة التى تعيشها منذ سنوات؟، وهل أنت متفاءل بمستقبلها فى ظل اختفاء دور العرض السينمائى وتحويلها إلى مجمعات سكنية أو غير ذلك؟
** (خالد الحجر): السينما صناعة تعتمد أساسا على المنتج، فحسب اتجاهه الفكرى والسياسى والثقافى هو من يحدد نوعية الأفلام التى يرغب إنتاجها بالصورة التى يراها، لكن فى فترة ازدهار السينما المصرية منذ الثلاثينات والخمسينات حتى السبعينات ترى كم تطورت صناعة السينما.
إذ كان فكر المنتج هو المسيطر والموجه لأنه الشخص الأول الذى يقوم بشراء القصة والسيناريو ويختار (الكاست ) بأكمله، لكن ثقافة اليوم مفهومها أصبح كيف أحقق ربحا من خلال أفلام مبهرة شكلها امريكاني.
صحيح تحقق ربحا كبيرا لكنها سوف تختفى من التاريخ باعتبار أن الفيلم تم تقليده ومعظم المخرجين السينمائيين اليوم هم الشاطرين فى التقليد (للأفلام الأمريكية)! بعيدا عن أي فكر.
أما المخرجين أصحاب الفكر المختلف اتجهوا لصناعة أفلام (اندبندنت) أو (مستقلة) التى تعتمد على تمويلات أغلبها على التمويل الأجنبى بالتعاون مع التمويل الداخلى، فهى أفلام تحمل فكرا ورؤية ورسالة أو أفلام يصنعونها بطريقتهم.
وأنا اتجهت إلى هذا الطريق فى فيلمين (جريمة الإيموبيليا، وحرام الجسد) وأيضا (الشوق) أفلام صنعت بعيدا عن (أسلوب السوق!، رغم أن لدينا شباب مخرجين يذهبون بأفلامهم للمهرجانات.
ولدينا أيضا كتاب وشركات انتاج كبيرة أيضا تدفع بالسينما المصرية، ومثلما قلت: أبحث عن المنتج فى أى بلد تستطيع أن تحدد إلى أين تذهب الصناعة !
* أخيرا: ماذا تعد الآن من مشروعاتك الفنية، سواء سينما أو دراما تليفزيونية؟
** (خالد الحجر): أحضر الآن فيلم اسمه (الحب كله)، تأليف (السيد فؤاد) إنتاج (شريف مندور)، بطولة (إلهام شاهين وحورية فرغلى) ممثلين كتير، وهناك عقود أخرى فى الطريق.