* أحلى تكريم تحصل عليه (وردة)، هو تكريم وحب الجمهور لها، وهذا التكريم دائم وقائم حتى اليوم، وأصادفه يوميا
* نبيلة عبيد كانت أكثر فنانة وفية في الوسط الفني لوالدتي، ولن أنسى لحسين الجسمي مجيئه لحضور جنازة والدتي
* ليس لدي أغنيات جديدة لوردة، ولو كان عندي أغنيات لم تطرحها (وردة) فليس من حقي أن أطرح هذه الأغنيات.
* أنزعجت من أغنية (حرمت أحبك) وقلت لماما دي زعيق!، ورغم هذا أصرت على غنائها!، الحمد لله أنها لم تكن تسمع رأيي في اختيار الأغاني.
* خالي مسعود هو الذي أحضر لها الملحن الجديد صلاح الشرنوبي للبيت
* فساتين وردة التى قامت بإحياء الحفلات بها عند شقيقتي (وداد) تحتفظ بها.
حوار: أحمد السماحي
12 عاما مرت أمس على رحيل أميرة الغناء العربي وملكته المتوجة فوق عرش الطرب (وردة)، التى حققت لنفسها الحب، والشهرة، والمركز، والصيت، والنفوذ، والثروة.
غنت (وردة)، ونجحت واستمرت، وظلت أكثر من نصف قرن تسعدنا بغنائها وتنسينا همومنا وأحزاننا، وطوال مشوارها الفني حملت اسم بلدها الجزائر، لتكون أول وآخر مطربة عربية يرتبط اسمها الفني باسم بلدها.
أسعدني الحظ بالاقتراب من هذه العملاقة، في سنواتها الأخيرة، وطوال سنوات معرفتي بها كانت مثالا للطيبة والصدق، والتواضع، وكانت بيننا علاقة حب واحترام وتقدير، ومحبتي لها كانت من الأمور المستقرة في نفسي.
وذلك لأنني كنت أعشق صوتها وأغنياتها، وأحتفظ بكل ما غنته في مكتبتي الغنائية، وهى كانت تعلم ذلك، لهذا خصتني بالعديد من الحوارات والتصريحات الفنية، آخرها كان حوار طويل نشر على صفحة كاملة في جريدتنا الغراء (الأهرام) بعد طرح ألبومها الأخير.
كنت من المقربين لها، وكنت أرى فيها نموذجا للفنان الحقيقي الصادق الذي مهما قابله من رياح وهبوب وعواصف يتعامل مع الأيام ومتاعبها بصلابة وإرادة من الفولاذ، فلا يستسلم أمام أي عقبة ولا ينحني لأي عاصفة.
تحية لروحها الطاهرة وذكراها النقية.. أجرينا هذا الحوار مع ابنها الكبير (رياض قصري) الذي عاش على ضفاف عبقرية صوت مطربتنا الكبيرة (وردة).
في هذا الحوار يكمل (رياض قصري) بعض الجوانب في شخصية (وردة)، بتفاصيل صغيرة، صغيرة، هى طعم الحياة وملمسها ومذاقها، ويبوح رغم طبيعته الصامتة ببعض أسرار الماضي الذي كان، فإلى نص الحوار:
* بعد مرور 12 عاما على الرحيل هل حصلت (وردة) على التكريم المناسب لها، وما هو التكريم المناسب لها سواء في مصر التى عاشت ونجحت فيها، أو في موطنها الجزائر التى كانت خير سفير لها؟
** حصلت (وردة) في حياتها وبعد رحيلها على العديد من التكريمات من رؤساء وملوك دول، هذا غير تكريم العديد من المهرجانات الفنية، والجهات الرسمية، وكل هذا التكريم بالتأكيد يشرفني ويسعدني.
لكني أرى أن أحلى تكريم تحصل عليه (وردة)، هو تكريم وحب الجمهور لها، وهذا التكريم دائم وقائم حتى الآن، وأصادفه يوميا، فبمجرد علم البعض بأنني ابن (وردة) يبتسم لي، ويشيد بوالدتي وفنها، وطيبتها، وأخلاقها.
وأعتبر ابتسامة الناس هذه، والكلمات الطيبة التى أسمعها يوميا عن فنها، وأغنياتها ووقفتها على المسرح سواء في مصر أو الجزائر أو غيرها من الدول العربية، هو أحلى تكريم.
وهو التكريم الحقيقي لها، مع احترامي الشديد لكل الجهات الرسمية التى كرمت أو ستكرم والدتي.
* هل يوجد أحد من النجوم لديه وفاء لذكرى وردة وعلى اتصال دائم بك؟
** بهدوء قال: لا أنتظر من أي نجم أن يكون على اتصال دائم بي، أو أن يقف بجانبي، أو يساندني، لأنه بصراحة يقف بجانبي بصفتي إيه؟!
وبصراحة أكثر أنا أحب وأحترم الناس الذين ساندوا، ووقفوا بجوار والدتي وهى على قيد الحياة، فأنا مثلا عمري ما هنسى وقفة وحب ودعم ومساندة النجمة الكبيرة (نبيلة عبيد) لوالدتي في كل الأزمات الصحية وغير الصحية التى تعرضت لها ماما.
فـ (نبيلة عبيد) كانت أكثر فنانة وفية في الوسط الفني لوالدتي، ولا أنسى أيضا مجيئ المطرب الكبير حسين الجسمي لحضور جنازة والدتي.
كما لا أنسى كل النجوم الذين يساهمون في تخليد ذكراها من خلال إعادتهم غناء أغنياتها في التكريمات والمهرجانات والبرامج التى تقام لها بصفة دائمة وسنوية.
* بعد رحيل المطربة الكبيرة وردة فوجئنا بظهور أغنية (أيام) كلمات منير بوعساف، ألحان بلال الزين، التى قمتم بتصويرها بطريقة الفيديو كليب، هل يوجد لديك أغنيات جديدة لم تظهر للنور بعد للسيدة وردة؟
** لا يوجد لدي أي أغنيات جديدة لم تطرح بعد، والأغنية الوحيدة التى طرحت بعد رحيلها، كانت أغنية (أيام) وهذه الأغنية تحديدا كنا نجهز لتصويرها ككليب وهى على قيد الحياة، لكنها رحلت أثناء التجهيز لهذا الكليب.
فوجدت بعد رحيلها، أنه من الواجب علي أن أنجز هذا الكليب بناءا على رغبتها وحبها لظهوره، وبالفعل قمت بإنجازه مع المخرج الجزائري مؤنس خمار.
وبصراحة لو كان عندي أغنيات جديدة، لم تطرحها (وردة) لسبب ما مثلا عدم رضائها عنها، فليس من حقي أن أطرح هذه الأغنيات، لأنني في النهاية أنا مين حتى أكسر إرادة أمي وأطرح أغنية هي لم تكن تريد طرحها؟!
فرحيل (وردة) ليس معناه أن أتوقف عن احترام إرادتها، وتنفيذ تعليماتها.
* بحكم قربك منها في السنوات الأخيرة هل كنت سببا في ظهور أغنية للنور هى لم تكن مقتنعة بها وغنتها بسببك ونجحت؟
** كنت قريب من والدتي في الثلاثين سنة الأخيرة، وعمري ما كنت سببا في نجاح أي أغنية، لسبب بسيط وهو أن كل الأغنيات التى قامت بغنائها (وردة) ونجحت كانت من اختيارها.
فهى التى كانت تسمع، وهى التى كان لديها الرؤية الفنية، والبعد في الرؤية، بمعني أن البعض كان يسجل لها الأغنية على العود، فهي كانت تلتقط الجديد في الأغنية التى تسمعها ملحنة على العود.
وليس هذا فقط، لكن كان لديها الرؤية في كيفية تنفيذ اللحن الذي سمعته على العود، من خلال الفرقة الموسيقية، والعازفين، والآلات، والمكساج.
لكني لا أنكر أنها كانت تطلب رأيي أحيانا، وكنت أعبر عن ما أشعر به، و في النهاية كان القرار لها حسب إحساسها باللحن والكلمات.
* هل رفضت أغنية لها وأصرت هى على غنائها وحققت هذه الأغنية نجاح؟
** بحب شديد مصحوب بضحكة هادئة قال: عمري ما رفضت لها أغنية، لكني أتذكر وهذا سبب ضحكي أنني كنت في أمريكا وبعد عودتي أسمعتني بروفة لأغنيتها الجديدة وقتها (حرمت أحبك).
وعندما سمعتها انزعجت جدا، وقلت لها: (ماما ده زعيق، مش غناء!، ايه اللي عجبك في هذه الأغنية؟!) فردت علي قائلة: (عجبني كلامها، ولحنها فيه رتم وإيقاع).
وأصرت على غنائها والحمد الله أنها لم تسمع كلامي!، حيث حققت الأغنية – كما يعلم الجميع – نجاحا كاسحا وكسرت الدنيا.
في النهاية ما أريد قوله في هذه المسألة أنني لم أكن مصدر يوما لجلب الأغاني لها كما ردد البعض، الذي كان يقوم بهذا الدور خالي (مسعود) فهو الذي كان يتابع الساحة الغنائية بصورة جيدة.
ومستمع جيد لكل الجديد، ويجلس على المقاهي، ويعرف نبض الشارع المصري، ويأتي لوالدتي بكل ما هو جديد، فهو الذي أحضر لها الملحن الجديد (صلاح الشرنوبي) الذي تعاونت معه في العديد من الألبومات الناجحة بداية من (بتونس بيك).
وأضاف ضاحكا: الحمد لله أنها لم تكن تسمع رأيي في اختيار الأغاني، وكلمة للتاريخ أريد أن أذكرها (وردة) هي التى كانت تختار ما تغنيه.
وعندما تحب لحن ما لا يمكن لإنسان أن يثنيها عن هذا الاختيار، والعكس صحيح عندما لا تحب أغنية لا يمكن لشخص أن يقنعها بغناء هذه الأغنية.
* ما الصفة التى كنت تحبها فيها، وما الصفة التى كنت لا تحبها؟
** الصفة التى كنت أحبها فيها هى حبها للحياة، وانبهارها وشغفها بالأشياء التى تحبها، وحبها لفنها، وحبها للأكلات الطيبة، وأكثر شيئ كنت أحبه عند أمي حنانها، وطيبة قلبها.
والصفة التى لا أحبها هى نفسها التى أحبها وهى تلقائيتها، فأمي كانت طفلة تلقائية جدا.
لكن هذه التلقائية كانت تسبب لي أحيانا نوع من الحرج، فمثلا يمكن أن يعزمنا شخص ما صديق لنا أو قريب على العشاء، فكانت أمي تبدي رأيها في الأكل بصراحة شديدة.
وكانت صراحتها أحيانا تسبب لي حرجا، فهي كانت طبيعية وعفوية جدا، وليس لديها نفاق أو مجاملات، لهذا كنت أطلب منها وأترجاها عندما نذهب للأكل عند شخص ما ألا تقول رأيها بصراحة.
وكنت أقول لها: (يا ماما بليز لو ما عجبك الأكل لا تقولي رأيك بصراحة، لو صاحب الدعوة سألك عن عدم أكلك، قولي له أنك مش جعانة)، هذه هى (وردة).
* كيف كانت العلاقة بينك وبين والدتك مطربتنا الغالية وردة؟
** كانت علاقتي بأمي رائعة جدا، في البداية كانت علاقة أم بولدها، وبعد سنوات وعندما بدأ ظهور المشاكل الصحية، انقلبت العلاقة، إلى علاقة أب بابنته.
ولكن في كل المراحل التى مرت بينا، كانت أمي طيبة جدا، وحنونة جدا، جدا، عبارة عن كتلة حنان، وقد لمس هذا الحنان وانبهروا به كل من اقتربوا منها.
وحتى عندما تزوجت زوجتي، كانت العلاقة بينهم علاقة أم بابنتها، وذلك لأن ماما الله يرحمها كانت تكسب قلب أي شخص بتلقائيتها وحنانها وطيبتها وعفويتها ونقائها.
* هل فكرت يوما في كتابة كتاب أو عمل فيلم وثائقي عن والدتك؟
** حاليا أجهز لمشروع سينمائي عن قصة حياة والدتي، وأتمنى إنجازه في أقرب وقت ممكن حتى يظهر للنور.
* أين ذهبت فساتين السيدة وردة سواء فساتين الحفلات أو ملابسها العادية، هل قمت بإهدائهم لأحد؟
** الملابس العادية، تم توزيعها على بعض أفراد من العائلة، أم الفساتين التى قامت بإحياء الحفلات بها، فهي عند شقيقتي (وداد) في مصر، تحتفظ بها.