بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان
خلال الفترة التي قضاها الأمير الشاعر (بدر بن عبد المحسن) في القاهرة.. كنا لا نفترق.. كلما اقتربت منه سبرت أغوار شاعر حقيقى ..عرفت منه أنه نشأ في بيت كان له أكبر الأثر على تكوينه حيث كان والده محباً للعلم والأدب.
ولديه مكتبة ضخمة تضم العديد من الكتب، وكان مجلس والده دائما مليئا بالعلماء والأدباء، وكبار المفكرين في ذلك الوقت، مما أورث الأمير (بدر بن عبد المحسن) حبه للأدب والشعر.
حكى لى الأمير (بدر بن عبد المحسن) أنه قد درس مراحله الابتدائية بين السعودية ومصر، والمتوسطة في مدرسة الملكة فكتوريا في الإسكندرية، ودرس المرحلة الثانوية في الرياض كما درس في بريطانيا وفي الولايات المتحدة الأمريكية.
كان الأمير (بدر بن عبد المحسن) صاحب ألقاب عديدة في السعودية فهو (مهندس الكلمة، وأيقونة الشعر السعودي)، وهو من أهم رواد النص الشعرى الحديث، وأحد المغيرين في ملامح القصيدة الشعرية السعودية.
حتى أنه عام 1973 قد تولى رئاسة الجمعية السعودية للثقافة والفنون، كتب الغالبية العظمى من أغانى طلال مداح مثل (ما أطولك ليل، ويا طفلة تحت المطر)، ومعظم أغانى محمد عبده مثل (مركب الهند، والرسايل)، وكتب لعبد الله الرويشد، وفيما بعد كتب لكاظم الساهر، و صابر الرباعى، وأصاله و غيرهم .
في يوم من الأيام دعاني أنا والمستشار علي السيد علي نائب رئيس مجلس الدولة لحفل مذاع علي الهواء لنجاة.. طلبت مني الفنانه لبلبة أن أكتب لها بعض الأبيات الشعرية تقدم بها كل فنان أو فنانة في الحفلة.
كان مع المستشار علي السيد زوجته السيدة (حكمت الشربيني)، والتي عرفني الأمير (بدر بن عبد المحسن) من خلال برنامجها (صورة شعرية)، الذي كانت تقدمه في إذاعة الشرق الأوسط.
غادرنا الحفل أثناء وقوف (نجاة) علي المسرح وهى تغني، قالت السيدة حكمت: علي فكرة (نجاة) زعلت مننا جدا و شاورت بإيديها باستغراب .
السهرة مع الأمير (بدر بن عبد المحسن)
أكملت السهرة مع الأمير (بدر بن عبد المحسن)، كان الفنان (محمد عبده) يأتي لتحيتنا ببدلته البيضاء ليلقي علينا التحية ثم يتجه لجناحه الخاص.. قال لي الأمير (بدر بن عبد المحسن): مش هاتصدق إذا قلتلك ان أنا ما اعرف شي عن شكل العمله لحد دلوقتي.
وكان يقول لي دائما: إوعي تترعب من كلمة أمير،أو كلمة صاحب السمو الملكي عندنا في العيلة مئات ممن يحملون هذه الصفات.
في أوقات كثيره كان يدعوني للجلوس حول حمام سباحة الفندق.. المضيفات يحضرون لنا ما نطلبه بالمايوه البكيني.. لا حظت أنه لم ينظر لمضيفة واحده نظرة تحمل رائحة الشهوة.. كان يحكي لي دائما عن خطيبته التي هى ابنة ولي العهد الأمير (خالد) الذي أصبح ملكا بعد ذلك .
بعد أيام قال لي المستشار علي السيد: أنا عايز أعزم صديقك الأمير (بدر بن عبد المحسن) ردا على عزومتنا على حفلة نجاة.. أنا حجزت لينا كلنا في حفلة (وردة) لأنه مش أحسن مننا.
وبالفعل غادرنا الحفله أثناء غناء (وردة)، وقالت السيده حكمت: على فكره يا جماعة (وردة) زعلت جدا اننا مشينا وهى بتغني!
بعد فترة دعانا المستشار علي السيد – رحمة الله عليه، لنقضي يوما في نادي هليوليدو الذي يرأس مجلس إدارته.. تركنا أنا والأمير (بدر بن عبد المحسن) والسيده زوجته والمطربه ذات الصوت المسرسع التي اكتشفها بليغ حمدي.. تحدثنا في أكثر من موضوع، وأن أمنيته كانت ملخصة في شئ واحد: هو أن يراني.
هنا تدخلت المطربه المسرسعه في الحديث موجهة الكلام للأمير (بدر بن عبد المحسن): شوف يا سيادة الأمير، الحفله اللي جايه هاغني غنوة لسموكم.. وغنوة للأستاذ إبراهيم رضوان، ونشوف غنوة مين اللي هاتنجح.. يعني مين أحسن من التاني.
الأمير يتعجب من عصبيتي
لحظات وانفجرت غاضبا موجها لها أبشع الكلمات.. لاحظت أن الأمير قد تعجب من عصبيتي.. وعلمت منه أنه بعد ذلك سألهم عن أسباب غضبي؟، فقالو له: هذا هو الوجه الحقيقي للشاعر (ابراهيم رضوان).. و أنه لن يصلح للإقامة في المملكة لأن كل أفكاره شيوعيه.. و..و ..
حتى الآن لا أدري: هل أثر هذا الكلام عند الأمير (بدر بن عبد المحسن)، فلم يرسل لي العقد الذي اتفقنا عليه.. ولم يبلغني بمصير ديوان (القديسة) الذي أخذه مني لطبعه بالسعوديه ولا أعلم عنه شيئا حتي الآن.
كان عندي أمل أننا سنلتقي في يوم من الأيام بالسعوديه خصوصا بعد أن أبلغني قبل موته بعدة أسابيع تليفونيا أن المستشار (تركي آل الشيخ) يعلم أنك أستاذي.. وأنه أبلغه أنه سيقيم ليلة بمهرجان الرياض خاصه بأغنياتي مع الفنان محمد نوح .
يا بدر كان عندي أمل..
نرجع نعيد الماضي.. نتكلم سوا
كنت الأصول والمحتوي
والبدر ليل و نهار..
بيضوي في المكان
إنسان بمعني الكلمة..
طوفان المحبة والأمان
والشمعدان للشعر في ليل الأدب
سبحانه هو اللي وهب..
ليك القبول عند الجميع
فارقتنا يا بدر.. كان قلبك ربيع
وعنيك جناين حب حاضنة
في القلوب
آه يا حبيب القلب.. يا نخل الدروب
في مصر.. كنت تدوب..
وكانت مصر ليك..
هى الحبيبة الملهمة
روحك بتسبح في السما
والذكري..هي اللي ما زالت..
شايلة ريحة سوسنك
كان الياقوت يا بدر غنوة ف مخزنك
ودموع جميع الناس
يا صاحبي بتحزنك
كان الهدوء..
هو قانونك في الحياه
غنوة محبة أصيلة..
تهدي في اللي تاه
كان ارتباطك بالإله يا بدر..
يشبه للصلاه
من كتاب (مدد مدد).. سيرة ذاتية لبلد