(مديحة يسري).. الجميلة التى أطالت عمر الرومانسية في السينما المصرية (2/2)
* عدد الأفلام التي عمل فيها (مديحة يسري ومحمد فوزي) ليس كبيرا واعتمدت على قصص حب مؤثرة، فيخيل إلينا أنها كثيرة العدد
* أغلب أدوار (مديحة يسري) أمام (عماد حمدي) كانت رومانسية وعاطفية يتعرض فيها الحب لصدمات بالغة القوة
* في قصص الحب التي جسدتها (مديحة يسري) كانت غالبا المرأة التي تفقد الرجل لأسباب متباينة ثم تعود اليه من جديد
* التعاون المستمر بين مديحة يسري وعماد حمدي ساعد على إطالة الرومانسية في قصص السينما المصرية، وجعل للمرأة جمالها في ما بعد مرحلة الشباب.
بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم
التقي محمد فوزي بزوجة المستقبل النجمة الجميلة (مديحة يسري) سينمائيا للمرة الأولي عام 1945، في فيلم (قبلة في لبنان) سيناريو وإخراج أحمد بدرخان، كان فوزي في بداية حياته الفنية.
وكذلك (مديحة يسري) التى جسدت دور الزوجة التي تسافر الي لبنان، وهناك فإن (فتحية) تعلم أن زوجها خانها مع امرأة أخرى.
وتتعرف أثناء إجازتها في لبنان على شاب، وتقرر أن ترتمي في أحضانه كنوع من الانتقام لكرامتها، إلا أنها عندما تعود إلى القاهرة فإن الشاب الذي قبلها في لبنان يلاحقها دن أن يعرف أنها متزوجة!
(مديحة يسري) و(محمد فوزي)
إذا نظر إلي عدد الأفلام التي عمل فيها (محمد وفوزي) و(مديحة يسري) ابتداء من عام 1945 حتي طلاقهما فإن عدد هذه الأفلام ليس كبيرا، كما أن أغلبها ضائع في التاريخ، هذه الأفلام اعتمدت علي قصص حب مؤثرة، فيخيل إلينا أنها كثيرة العدد.
وهذه الأفلام هى: (فاطمة وماريكا وراشيل، ونهاية قصة، وآه من الرجالة)، من إخراج حلمي رفلة، ثم (من أين لك هذا) 1952، و(بنات حواء) إخراج نيازي مصطفي 1954.
وكان اللقاء الأخير في فيلم (معجزة السماء) اخراج عاطف سالم 1956، وفيها جميعا قصص حب تتعرض لبعض المتاعب تقوم فيها (مديحة يسري) بدور المرأة العنيدة، القوية التي تكابر في الحب، وبعد الكثير من المواقف الكوميدية فانها تمتثل، وتقبل أن ترضخ لقانون الرجل.
في فيلم (فاطمة وماريكا وراشيل) نجد فتى ثري يدخل في أكثر من علاقة مع ثلاث فتيات من ثلاث ديانات مختلفة، (راشيل) اليهودية التي يدعي أمامها أنه من نفس دينها.
و(ماريكا) اليونانية المسيحية التي تكتشف (راشيل) علاقته بها، و(فاطمة) المسلمة التي يحاول والده أن يزوجه إياها، ولاتعلم أن الشاب الذي أرسله أبوها كي يخطبها قد تنكر في زي خادمه.
وأنها وقد ارتدت ملابس وصيفتها الدميمة، قد وقعت في حب الرجل الذي حاولت التهرب منه.
بنات حواء وبراعة الإبياري
الجدير بالذكر أن كاتب أغلب هذه الأفلام هو (أبو السعود الإبياري)، الذي برع في اقتباس الشخصيات النسائية، ففي فيلم (بنات حواء) تبدو (مديحة يسر) صاحبة المشاريع التجارية الكثيرة، ورئيس جمعية المرأة تساوي الرجل التي تؤمن بعدم الزواج.
وتراهن فنانا تشكيليا صدمته في الشارع أنها لن تقع أبدا في حبه، فيثير غيرتها عن طريق أختها، فيرق ويلين قلبها، قامت بدور الأخت هنا المطربة (شادية).
لكن شخصية (حكمت) التى جسدتها (مديحة يسري) في الفيلم كانت بالغة الجاذبية، ما أكد أنها لم تكن في حاجة الي أن تكون مطربة لتضطلع بالبطولة، حيث جسدت (شادية) دور أختها، وتفوز (حكمت) بحبيبها بعد الكثير من الشد والمد.
والغريب أن الاثنتين قد التقيتا معا في فيلم آخر وتنافستا مجددا على قلب الرجل نفسه في فيلم (أقوي من الحب)، إخراج عز الدين ذو الفقار 1954، وجسد الرجل هنا (عماد حمدي).
(مديحة يسري) و(عماد حمدي)
كان (عماد حمدي) من النجوم الذين عملت معهم (مديحة يسري) كثيرا، فهو الممثل الذي تنافست عليه ممثلات تربعن علي عرش البطولة قرابة ربع قرن، فعمل معهن بشكل متكرر في دور العاشق.
وكان أغلبهن ممثلات لا يجدن الغناء مثل: (فاتن حمامة، وهند رستم، وسميرة أحمد، ومديحة يسري)، وبعضهن مطربات عملن معه كثيرا مثل (شادية، وصباح، وهدى سلطان).
أغلب أدوار (مديحة يسري) أمام (عماد حمدي) كانت رومانسية، وعاطفية يتعرض فيها الحب لصدمات بالغة القوة، لكن الحب سوف ينتصر في النهاية، خاصة أن كان هناك طرف آخر، مهما اقترب فإنه سوف ينحني أمام العاصفة.
وسيترك الريح تدفع الحب الأول إلى بر الأمان مثلما حدث في أول لقاء سينمائي جمع الاثنين معا، وهو (من غير وداع)، إخراج أحمد ضياء الدين، فنحن أمام زوجة تم القبض علي زوجها البرئ.
وقضي في السجن عدة سنوات، وصار عليها أن تتولي تربية ابنتها، ولم تعلم أن الزوج (مجدي) قد أطلق سراحه، وأه لم يستدل على عنوانها، وتزوج من صاحبة المزرعة التي يعمل بها.
وذلك بعد أن صارت مجنونة بحبه، ولاتلبث الزوجة أن تعرف مكان زوجها، ويصبح علي الزوجة الثانية المريضة أن تضحي بحياتها وحبها كي يلتئم شمل أسرة مجدي. ويبدو الأمر متشابها، لكن بشكل عكسي في فيلم (أقوي من الحب) فهناك طبيبة لديها أسرة، والزوج فنان تشكيلي، فقد يده اليمني، ويعاني أن امرأته منشغلة دوما عنه وعن أولادها، في الوقت الذي يقابل فتاة تؤمن به كفنان، وتدخل حياته بقوة، وقبل أن تتزوج منه ظهرت الزوجة خاضعة، كي تستعيد زوجها.
(مديحة يسري).. وقصص الحب
في قصص الحب التي جسدتها (مديحة يسري) كانت غالبا المرأة التي تفقد الرجل لأسباب متباينة ثم تعود اليه من جديد، مثل دورها في فيلم (وفاء).
فهي في هذا الفيلم الزوجة التي يطردها زوجها من داره لأنها واقعة في غرام رجل ضرير، تعمل معه كي تدبر المصاريف لعلاج زوجها الذي سوف يكتشف الحقيقة.
وفي فيلم (حياة أوموت) لكمال الشيخ هى الزوجة التي تترك بيتها ليلة العيد، والزوج يعاني من أزمة قلبية، وتذهب ابنته الوحيدة لإحضار الدواء من صيدلية بعيدة عن المنزل.
وفي فيلم (أرض الأحلام) لكمال الشيخ أيضا هى الفتاة التي تحب مهندسا، إلا أن ابن عمها يدبر المكائد كي يتزوجها، ويستولي على الأرض المليئة بمعدن الحديد، حتي تتكشف الأمور.
وقد عمل الثنائي (مديحة يسري) و(عماد حمدي) في أغلب أفلامهما مع كلا من (كمال الشيخ، وعز الدين ذو الفقار) الذي أخرج لهما أيضا رائعة (إني راحلة)، وهى رواية (حب قدري) عن يوسف السباعي.
هذا الحب المكتوب عليه النهاية الحزينة، كما ترويها صاحبة القصة عقب موت حبيبها في الكوخ الذي جمعهما معا، وتقرر أن تترك مذكراتها، وأن تموت معه، بعد أن أشعلت الكوخ.
يبدو أن الناس تحب هذا النوع من القصص والتضحيات، وأطرف ما في هذا الثنائي، أن طرفيه ظلا يعملان معا طوال سنوات النضج والنمو، فلما صارا أكبر سنا عملا معا في أفلام (قلب يحترق، وفاء إلى الأبد).
وهذا الأخير يدور حول الرجل الذي أصابه الندم، لأن منقذه من الغرق قد مات أثناء انقاذه ما أصابه بالندم، وحاول أن يرتبط بزوجته كنوع من الندم والتكفير عن الخطيئة.
ظاهرة لم تحتفي بها السينما المصرية
شهدت التحولات الجسمانية في جسد ووجه (مديحة يسري) الكثير من التعاون في عمر مابعد الأربعين في أفلام منها (الخطايا) لحسن الإمام 1962 حيث صار المشييب علامة.
وصارا أبوين لشابين تخرجا في الجامعة في فيلم أثار الكثير من الشجن، وقد التقيا أيضا في عام 1963 في فيلمين هما (العريس يصل غدا) لفطين عبد الوهاب، وأدت فيه دور امرأة ناضجة عليها أن تتزوج من حبيبها القديم.
وراحت تدبر معه كيف يتزوج أخوه الأصغر من ابنتها حتي يخلو لهما طريق الاقتران، وهناك أيضا لقاء آخرجمعهما في فيلم (سلاسل من حرير)، وهو العاشق الناضج الذي يحب امرأة من سنه إلا أنها منشغلة بشاب يصغرها بسنوات.
حتي كان اللقاء الأخير بينهما في فيلم (النصف الآخر) المأخوذ عن رواية لعبد الحميد جودة السحار، ومن إخراج أحمد بدرخان حول أرمل يعاني أن أولاده صاروا كبارا.
ولكل منهم مشاكله، حتي يلتقي بامرأة تناسبه في السن، ويقرر الزواج منها رغم معارضة بعض الأبناء، ويتزوج منها سرا ويعيش معها نوعا جديدا من المشاكل.
وكما نرى فإن هذا التعاون المستمر ساعد على إطالة الرومانسية في قصص السينما المصرية، وجعل للمرأة جمالها في ما بعد مرحلة الشباب.
وهى ظاهرة لم تحتفي بها السينما المصرية إلا على يدي (عماد حمدي)، و(مديحة يسري) التي كان لجمالها دوما جاذبيته مهما حوله الزمن.