بقلم الكاتبة الخليجية: زينب علي البحراني
الكاتب الصحفي في المجال الفني – لا سيما إن كانَ من نوعية (الكُتَّاب) المُبدعين – عنصرٌ ثمينٌ من عناصر دعم نجوميَّة العاملين في مجالات الاتصال الجماهيري المُرتبطة بالإبداع الفني.
فهو وسيطٌ لترجمة زوايا غير مطروقة من شخصية الفنان أو ما يُقدمه من أعمال، مقالٌ منه قد يوجه دفَّة اهتمام الجماهير ويؤثر على مشاعرهم ويغمرها بمحبَّة الفنان أو التوق لمُشاهدة أعماله القادمة والرجوع لمُشاهدة أعماله السابقة.
ومنشورٌ على إحدى صفحات مواقع التواصُل الاجتماعي قد يؤجج الرأي العام فتستعِر ضده نيران النبذ والكراهية، و(الكُتَّاب) المُخضرمون في هذا المجال لهم (قولٌ فصلٌ) وكلمةٌ مسموعة إذا كُتبت أحيانًا (تجف الأقلامُ وتُرفعُ الصُّحُف).
لأن آراؤهم نابعةٌ عن وعي وخبرةٍ وتجربةٍ وباعٍ طويل يجعلها – أحيانًا – أعلى صوتًا من عمل الفنان نفسه.
ربما يمكننا قول أن العلاقة بين الفنان وبين (الكُتَّاب) الصحفيين في هذا المجال مصلحة فنيَّة مُتبادلة؛ فالأوَّل يستمتع ويُمتع الناس بإبداعه؛ والثاني يُساهم في تسليط الضوء على هذا الإبداع واضفاء المزيد من القيمة عليه.
لذا يحرص الفنانون الواعون على إرساء علاقاتٍ وديَّة طيبة مع الصحافة و(الكُتَّاب) الصحفيين لإدراكهم أن الاستهتار بهؤلاء أقرب إلى العبث بالنيران في هذه المهنة.
لكن بعض الشخصيَّات غير الناضجة المُستهترة التي مهما سارت بها الأيَّام على دروب التجارب تظل بعيدة عن إدراك مخاطر سلوكياتها مع من يملكون سلاح الكلمة المؤثرة.
تجاهل بعض (الكُتَّاب) والصحفيين
كثيرًا ما يتذمر بعض الفنانين من تجاهل بعض (الكُتَّاب) والصحفيين أعمالهم ظنًا منهم أنهم ضحية إقصاء أو تهميش، لكن الحقيقة أن سلوكيات الفنان مع الكاتب أو الصحفي اللامع قد تكون سببًا في نفورهم منه واستخسارهم كتابة بضع كلماتٍ عنه.
إذ ما الذي قد يدعو شخصًا للكتابة عن آخر يتعامل معه بنرجسيَّة أو وقاحةٍ أو فوقيَّة؟!، لمَ قد يكتُب عمَّن سبَق وأن اعتبره (أقل منه) ولا يستحق أكثر من أن يكون خادمًا مُسخَّرًا لطلباته؟
ولِمَ قد يُعاود الكتابة عن مخلوقٍ كتبَ عنهُ ما يُشبه المُعلقات التي تمتدح أعماله من قبل في سبيل دعم ظهوره إلى النور دون أن يحظى بأدنى بادرة تقدير أو أصغر كلمة شُكر؟!
بعض الفنانين موهوبين في استثارة المُشكلات من لا شيء بحيث يصعب التعامل معهم وتُعتبر كتابة كلمة عنهم بمثابة (قلَّة قيمة) للكاتب لأنهم يُسيؤون حتى من يمدحهم ويعتبرونه شتَمهم ما يجعل البعد عنهم غنيمة!
وبعضهم يتعمدون الانعزال في أبراجٍ عاجيَّة مُعتبرين أنفسهم من (أصحاب المقام الرفيع) الذين تتلوث الأجواء ويتنجَّس الأكسجين في عالمهم إذا تحدَّثوا مع أي مخلوق خارج تلك الدائرة.
ومنهم مَن يفيض السواد من قلبه وروحه إلى درجة التطاول على من يكتب كلمة طيبة عن فنان آخر غيرهم لأنهم يريدون الخير كله لهم فقط ويحسدون زملاءهم على أي نعمة.
عدا عن أولئك الذين يرون العالم حولهم (جحافل من الذباب) الذي لا يستحق أن يُرى أو ينجح أو يُسمع باسمه، وما مِن كاتبٍ سوي نفسيًا يدعم مثل هؤلاء المرضى بكلمة لأنهم لا يستحقون إلا التجاهُل والإهمال إلى أن تؤدبهم الدنيا وتُذكرهم بحقيقتهم ومكانهم الصحيح.
مهما كانت موهبة الفنان عظيمة
مهما كانت موهبة الفنان عظيمة، ومهاراته عالية، وإنتاجه غزيرًا في مرحلة من المراحِل، فإن لأخلاقيَّاته الدور الأوَّل في تعبيد الطريق نحو مُستقبله، ولعلاقاته مع العاملين في تلك المجالات دورًا لا يُستهان به في اجتذاب اهتمامهم نحو الاقتراب منه والتعرُّف إليه.
واستمرارية الكتابة عنه بصورة تُعزز من نظرة الجمهور الإيجابيَّة له، تلك النظرة القادرة على الارتقاء باسمه على درجات سُلم النجوميَّة، بل ربما القفز والتحليق أحيانًا.
عزيزي الفنَّان: طوِّر من شخصيّتك الإنسانيَّة قبل مهاراتك الفنيَّة، فالأولى قد تتسبب بإنقاذك إذا سقطتَ أو تمت مُحاصرتك ومُحاربتك ذات يوم فتجد من يُساندك ويقف في صفك.
لكن الثانية لن تُغنيك عن حصاد الأولى إذا تورَّطتَ بمُشكلة أدَّت إلى انفضاض الجميع من حولك، طهّر أعماقك من الغل والحسد ونظّف سلوكك من الغرور والوقاحة.
وتذكَّر أن هذه الأرض ليس عليها كبير، فالكبير يصغُر بين عشيَّة وضُحاها، والصغير يكبر بـ (تريند) هذه الأيَّام، وكما يقول السوريّون في المثل الشهير: (حاج تطوَل وتقصَر).
فابتلاء غير متوقع أو فضيحة صادمة قد يتسببان بنسف حاضرك وكل ما صنعتهُ في ماضيك دونما رحمة، ودون يدٍ تتعلَّق بها لتُنقذك وأنت تُكافح للنجاة من الغرق.