بقلم المخرج المسرحي الكبير: عصام السيد
منذ إصدار قرار إنشاء جهاز الثقافة الجماهيرية في عصر الزعيم جمال عبد الناصر و الكل يدرك أنه جهاز غير هادف للربح لأن نشاطه يتعلق بالأمن القومى، فهذا الجهاز – الذى تمت تسميته فيما بعد بالهيئة العامة لقصور الثقافة – هو حائط الصد الأول ضد الأفكار الإرهابية في عموم أرض مصر.
فهو الجهاز الوحيد الذى يملك مواقع للنشاط الفني والثقافي في كل مكان بالجمهورية شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا المتمثلة في (سينما الشعب).
وتقوم فلسفة الجهاز على اتاحة الفرصة لجميع أفراد الشعب لممارسة أنشطة فنية وثقافية تزيد لديهم الوعى وتعمق الانتماء الوطنى، وتحارب كل الأفكار الهدامة عن طريق تحقيق ما يسمى بالعدالة الثقافية.
ولذا عندما تم تطويره في عصر مبارك ظل في صيغة (هيئة) أي جهاز حكومي خدمى ليس مطلوبا منه الحصول على إيرادات، بعكس الشركات والمؤسسات والوحدات الإنتاجية ذات الطابع الخاص.
ومنذ فترة وضعت (الشركة المحتكرة للإنتاج الدرامى) عينها على ذلك الجهاز بما يملك من امكانيات وأماكن، ورأت فيه لقمة سائغة تعوض بها خسائرها، فاستولت على مسارح قصور الثقافة لتقيم فيها مشروعا يسمى (سينما الشعب).
وسعت الى الاستيلاء على أسطح تلك القصور وأسوارها الخارجية لتحويلها إلى مكان لشركة الإعلانات التابعة لها – و هو ما لم يتم حتى الآن – في مقابل ماذا؟، لاأحد يعرف على وجه التحديد.
فنحن نفتقد للشفافية في أبسط الأمور فما بالك بموضوع يخص الشركة التي تدعى أنها على صلة بأعلى المستويات، وأنها فوق المحاسبة، حتى لو جارت على أنشطة تخص الأمن القومى.
قصور الثقافة توقف نشاطها
ما نعرفه أن قصور الثقافة توقف معظمها عن نشاطه الأساسى من أجل عيون (سينما الشعب) التي تعرض ما هب و دب من أفلام، فالحفلات السينمائية تبدأ من 10 صباحا (و الأطفال في المدارس و الأمهات في البيوت و الموظفين و التجار في أعمالهم) وتنتهى بانتهاء حفل منتصف الليل في الثانية من صباح اليوم التالى.
كل هذا من أجل إيرادات ضعيفة أو هزيلة (لو حسبنا عدد الحفلات بالنسبة للإيرادات، و لو وضعنا في حسابنا المصروفات من استهلاك للكهرباء والماء و حسابات الصيانة و استهلاك الأماكن و الأجهزة الى جانب المكافآت).
ولكن المشروع استمر مادامت (الشركة المتحدة) لا تتكفل شيئا يذكر، و حتى المسارح التي أُغلقت بسبب افتقارها
لشروط الحماية المدنية، تم فتحها لـ (سينما الشعب) دون أي تعديل لتلك الشروط.
وكأن المطلوب هو حماية جمهور المسرح فقط أما جمهور (سينما الشعب) فهو مؤمّن ببركة (الشركة المحتكرة)، أو أن تعليمات الحماية المدنية للعروض المسرحية فقط.
ونتاج لتعذر عمل بروفات أو عروض مسرحية إلا بترتيب مسبق وحدوث عدة أزمات في عدد من المواقع، سواء لعمل البروفات أو تركيب الديكور أو ضبط الإضاءة أو عمل بروفات نهائية.
كان آخرها منع أي عروض مسرحية من أول مايو حيث يعرض فيلم (السرب)، مما أدى الى تأخر العروض المسرحية إلى موسم الامتحانات مما يهدد بأن تصبح عروضا بلا جمهور.
أصدر عدد من المسرحيين والفنانين والمثقفين بيانا ضمنوه كل ما سبق وأرسلوه الي الدكتورة (نيفين الكيلانى) وزير الثقافة، التي سارعت بعقد اجتماع مع رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة الأستاذ عمرو البسيونى، والفنان تامر عبد المنعم رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية.
ولكن كثير من المسرحيين وبعض الصحفيين انتقدوا عدم وجود الطرف الآخر في هذا الاجتماع.
بنود محددة لعلاج المشكلة
وعلى الفور عقدت رئاسة الهيئة اجتماعا ثانيا، ضم بعض الناشطين في مجال المسرح بالثقافة الجماهيرية ليتم الاتفاق على بنود محددة لعلاج المشكلة، أصدرتها الهيئة في توجيه لكل الأقاليم الثقافية – بتعليمات من الدكتورة الوزيرة – ينص على ما يلى:
أولا: يتاح العمل في تدريبات النشاط المسرحى طوال العام حسب خطة مرسلة مسبقا إلى الإدارة العامة للمسرح، وذلك في التوقيت من الساعة الخامسة والنصف مساء إلى الساعة التاسعة والنصف مساء ،عدا أيام الخميس والجمعة.
ثانيا: بالنسبة لإجازة منتصف العام تعمل الفرق المسرحية وفقا لجداول عمل مسبقة مرسلة إلى الإدارة العامة للمسرح، في التوقيت من الساعة العاشرة صباحا إلى الساعة الثانية والنصف ظهرا عدا أيام الخميس والجمعة والسبت.
على أن تتوقف بروفات للمسرح في الأعياد الرسمية، ومنها عيد الفطر والأضحى وشم النسيم.
ثالثا: للمسرح في شهر رمضان الأحقية في عقد البروفات بالاتفاق والتنسيق مع الأقاليم الثقافية وفقا لبرامج رمضان.
رابعا: يتاح المسرح قبل العرض المسرحي بثلاثة أيام بعد انتهاء حفل الساعة التاسعة مساء بسينمات الشعب، وذلك لإجراء أعمال الديكورات المسرحية حتى الساعة التاسعة صباح اليوم التالي.
خامسا: إقامة البروفة الجنرال للعرض المسرحي لمدة يومين قبل العرض وذلك بإلغاء حفل الساعة التاسعة مساء بسينمات الشعب عدا أيام الخميس والجمعة.
سادسا: بالنسبة لأيام العروض المسرحية فتستمر بلا توقف على أن يلغى حفل الساعة التاسعة مساء بسينمات الشعب اثناء تلك العروض.
سابعا: تكليف الإدارة العامة للمسرح بتفعيل المكتب الفني في ضوء اللائحة، للعمل بشكل دائم على حل أية مشكلات تواجه تنفيذ النشاط المسرحي.
و دراسة إنشاء فرق مركزية بالأقاليم الثقافية الستة بواقع فرقة لكل إقليم تتعاون مع فرق الفنون الشعبية والموسيقى العربية التابعة للإقليم، وذلك لإنتاج عروض متميزة يتم تصويرها وتسويقها بما تضمه من عناصر مميزة في العمل المسرحي.
ثامنا: العمل على حل المشاكل المالية المتعلقة بالإنتاج المسرحي بالتنسيق بين الإدارة العامة للمسرح والأقاليم الثقافية.
تاسعا: تكليف الإدارة العامة للمسرح ببحث سبل تنفيذ التوصيات الصادرة عن لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة وذلك في ضوء إمكانيات الهيئة العامة لقصور الثقافة.
وكانت لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة قد عقدت العام الماضى مائدة مستديرة عن المسرح الأقليمى على مدار ثلاث أيام، ورأس هذه الموائد الدكتور أحمد مجاهد رئيس قسم الدراما والنقد المسرحى بكلية الآداب جامعة عين شمس ورئيس هيئة قصور الثقافة الأسبق، وبأمانة سر أعضاء لجنة المسرح:
المخرج أحمد طه المشرف الفنى لمشروع (إبدأ حلمك) بالثقافة الجماهيرية، ومهندس الديكور محمد جابر مدير الإدارة العامة للمسرح بالهيئة في ذلك الوقت، وشارك فيها مجموعة من الفنانين المتعاملين مع مسرح الأقاليم من كافة الأجيال ومسئولين سابقين وحاليين.
إلى جانب مجموعة من المسرحيين والنقاد والمثقفين المهتمين بالموضوع، ولتلك التوصيات حديث آخر.. أما محاولات استيلاء (الشركة المحتكرة) على كل مايخص وزارة الثقافة فله أحاديث أخرى طويلة.