بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
منذ أيام تم الإعلان عن تدشين مركز(تكوين) لتجديد الفكر العربي وتجديد الخطاب الديني – كما يقول مؤسسيه – وكلمة تكوين يعني (البدأ)، أو البدايه وهى على اسم أول سفر في التوراه وتعني بداية الخليقة حتى سيدنا يوسف عليه السلام.
ومن هنا ثارت الشكوك حول مركز (تكوين) ومؤسسيه وأهدافه، بدءا من الاسم التوراتي، فلم يطلق عليه أصحابه أسماء دون إسقاطات مثل (تنوير، أو تجديد، أو حتي تحرير) بما يتفق مع أهداف المركز المعلنة.
ومع شكوك الاسم، جاءت شكوك المؤسسين فهم من دعاة إنكار السنه أو اللادينيين مثل (إبراهيم عيسى)، بما شكك فيه سابقا من ثوابت نبوية، و(يوسف زيدان وإسلام بحيري وفاطمه ناعوت) بما أثير حول كل منهم، ثم (ألفة يوسف) وهى لادينيه تونسية، و(فراس سواح) وهو لاديني سوري، و(نائلة أبو نادر) وهى لبنانيه تنكر الأديان.
ومن هنا جاء التشكيك الثاني، ثم جاءت أهداف (تكوين) وهى تجديد الفكر العربي والخطاب الديني، وهذا التجديد شعار قديم وجديد منذ كتابات عميد الأدب العربي (طه حسين) في هذا المجال وحتي الآن.
أما تجديد الخطاب الديني فهو أيضا موضوع قديم وجديد غالبا ما يثار لإحداث حراك في صيغ الخطاب الديني، والهدفان هما مسئولية جهات رسمية ثقافية ودينيه مع مثقفين ثقاة ودعاة ثقاة أيضا، أما التساؤلات التي صاحبت إطلاق المركز فكان منها:
هل يوجد شيئ إسمه السنه النبوية؟، هل الخمر حرام؟، لماذا لاتتزوج الأنثي أربعه؟، هل القرآن الموجود في المصحف اليوم حقيقي؟، وهل هناك أهميه للعباده والإيمان؟، وقد تتطرق هذه الأسئله العبثيه إلى مناقشة أمر وجود الخالق الأعظم من باب التطاول والشذوذ الفكري والإلحاد!!!
مكان الإطلاق بالمتحف المصري
كما أن اختيار مكان الإطلاق بالمتحف المصري الكبير بالجيزة أمر يدعو أيضا للتساؤل: هل لأن آثارنا مثار حديث يهودي؟، أم أن المتحف منارة فكرية ينطلق منها كل فكر جرئ وجديد؟، كما أن انطلاق المركز من هذا المتحف لايمكن أن يتم بدون علم الدولة وأجهزتها!!!
فهل راجعت الدولة موضوع الحدث، وهل تم عرضه علي الأزهر الشريف؟، وهل تم عرض أسماء المؤسسين والضيوف من مشاهير الفكر والإعلام والشخصيات العامة على أجهزة الدولة كماهو متبع؟
ولما كان ذلك لزاما أن يحدث، فإن التدشين تم بمعرفة الدولة وأجهزتها؟، فهل هذه موافقة ضمنية على أهداف ومؤسسي وتساؤلات ودور المركز؟، وهل هذا توجه فكري جديد بعد دعوة البيت الإبراهيمي والدين الواحد والذي تم تدشينه في الإمارات كفكرة يهودية أمريكية.
وهذا ما رفضه الأزهر الشريف لأنه يتعارض مع صحيح القرآن، وأن سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن دعوته للناس كافه بما فيهم أهل الكتاب، وهذا غض الأزهر بصره عن هذا الحدث.
وكيف لفكر (تكوين) الوليده بهذا التمويل الضخم لحملة واسعه على منصات التواصل، وكذا حفل التدشين وديكوراته ومكانه ومطبوعاته؟، ومالذي جمع هذا الطيف الفكري معا؟
ولماذا الآن بالذات، ولماذا القاهرة ولماذا المتحف الكبير وأسئلة كثيرة لا إجابات واضحه لها؟، وإذا كان الموسسين من منكري السنة النبوية، ومن دعاة التشكيك في ثوابت العقيدة، ومن أصحاب التساؤلات المريبة، ومن اللادينيين؟
فهل بقى لبس في نوايا المركز وأهدافه، وهل مستهدف أن ينطلق من قاهرة الأزهر الشريف رمز الوسطية والاعتدال؟، ولماذا صمت الأزهر ودعاته، وأين بياناته الموضحه لكل جديد وشارد في المشهد الديني؟
وهل المركز أحد ملامح الفترة القادمة، فترة الشرق الأوسط الجديد، وزمن صفقة القرن وإكتمال التطبيع، أم زمن الإلحاد والشرود الفكري؟، وهل منطقيا ونحن نحاول من فترة طويله ان نحدد ملامح خطابنا الديني المعتدل المستنير الوسطي، ونحاول تنقية كتب التراث مما أثار فيها من تطرف وتشدد وعدم توثيق؟
محتوى ديني رقمي موثق
ونحن أيضا ننادي بمحتوى ديني رقمي موثق بدلا من فتاوي الشيخ جوجل، ونحن نجاهد في محاربة مظاهر الإلحاد وحفلات الشذوذ بين شبابنا، ونحن نحاول الصد عن صورة الدين الإسلامي من حملات الإسلام فوبيا.
ونحن نعافر في أن يكون للأزهر صوته وقناته، ونحن نكافح من أجل قناة دينية معتدلة ومحتوى برامجي ودرامي عصري، كيف يتأتي هذا التناقض في مشهدنا الديني الحالي.
دعوات تطرف وتشدد وتكفير، ودعوات إصلاح وتجديد وتنوير، ودعوات إنكار وتشكيك وتغيير، فماذا حدث لنا، وماحقيقة مايحدث، ولمصلحة من، وبتمويل من؟، وإلي أين ياخذنا، وماذا يخبئ لنا فيما هو قادم؟
الله أعلم، يا أزهرنا الشريف، أنطق رأيا صائبا في هذا مركز (تكوين)، وهذه الدعوات، فالاسلام أمانة في عنقك، والسيرة النبوية مسئوليتك، وصد المشككين رسالتك، والشعوب تنتظر بيانك، والحق أحق أن يتبع.
والله خير حافظ لديننا وقرآننا وسيرتنا، وهو خير الحافظين، حمي الله إسلامنا وعقيدتنا وسيرتنا، وألهمنا الرشد والصواب، وحمى مصرنا من كيد الكائدين، وتربص المتربصين.. وتحيا دوما مصر،آمين.