قصة المطربة السعودية (ابتسام لطفي) التى اعتذر لها (رياض السنباطي) بعد أن سمع صوتها!
كتب: أحمد السماحي
في يوم من الأيام كانت تربط فتاة بسيطة وكفيفة اسمها (خيرية) – عرفت فيما بعد باسم (ابتسام لطفي) – علاقة حميمة ببنات الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز، ومن خلالهن تمكنت من مقابلة الملك (فيصل)، وسألها حينما رآها كفيفة متشبثة في أيدي من معها، ماذا تتمنين يا خيرية؟ فقالت: أمنيتي حاجة وحيدة!
فقال لها أتتمنين أرضاً؟ فقالت لا، إن أمنيتي غريبة بعض الشئ يا والدي!، فقال لها الملك فيصل – رحمه الله وما هي؟ فقالت أريد أن أكون أول صوت نسائي سعودي، يغني في الإذاعة.
فقال لها ماذا؟!، قالت أن أغني في الإذاعة، فقال لها بقلب الأب رائفاً بتلك الفتاة الكفيفة، دعينا نتدارس الأمر، ولم يمض إلا شهران، وجاء القرار بالموافقه لـ (خيرية قربان عبد الهادي كشاري) بأن تغني كأول صوت نسائي سعودي في الإذاعة.
وخيرية تلك هى نفسها المطربة السعودية الشهيرة (ابتسام لطفي)، ولقد اختار لها اسمها الفني المطرب والملحن السعودي طلال مداح، فعندما انتهت من تسجيل لحنه (بتقولي فات الآوان) من كلمات لطفي زيني.
قال لها طلال ماذا أسميكِ؟ وبعد برهة من تعداد الأسامي استطاع أن يجمع مسبحة الأسماء المتناثرة بقوله (ابتسام)، يا خيرية، سوف نسميك (ابتسام لطفي) لعله يبتسم لك الزمان.
ونسبها فنيا إلى رفيق دربة وصاحب أول مؤسسة انتاج (لطفي زيني) وولد في تلك اللحظة اسمها الجديد (ابتسام لطفي) لتغني بين الإذاعة والأفراح في تلك الفترة بهذا الاسم.
روائع (ابتسام لطفي) الغنائية
وقدمت (ابتسام لطفي) العديد من الروائع الغنائية التى لا تنسى، ومن خلال هذه الروائع تعاونت مع أساطين الكلمة واللحن في العالم العربي، من هؤلاء الشاعر الكبير أحمد رامي الذي كتب لها أكثر من أغنية منها (وداع) التى لحنها لها العملاق (رياض السنباطي).
ولهذه الأغنية قصة طريفة جدا حكتها المطربة (ابتسام لطفي) في أحد البرامج، حيث قالت: في منتصف سبعينات القرن الماضي، حدث أن جاء شاعر الحب والشباب (أحمد رامي) إلى جدة لأداء فريضة الحج.
وأثناء وجوده عرفني عليه عراب الفن السعودي الشاعر والأديب واستاذي بابا (طاهر زمخشري) رحمه الله، كما تعرف عليه أبناء الأوساط الثقافية والفنية السعودية.
وقضى أحمد رامي ثلاثة أشهر بيننا بين أمسيات فن وثقافة وأغنيات وإبداع وجلسات استذكار غنائي وقصص، وحكاوي (ثومه)، كل يوم من هذا حتى فاته أداء فريضة الحج!
ومضت الأيام كأنها الحلم، وفي يوم سفره وعودته إلى القاهرة قلت له: (مش ناوي تودعني)!، فقال لي: (أنا ما أعرفش أودع)، فقلت له (حازعل)! فقال لي: (سأبعث لك رسالة، لأنني لو ودعتك حأوقع من طولي).
وغادر المكان، وكان معه (طاهر زمخشري)، وبعد حوالي سبع ساعات جاءني بابا طاهر بنص قصيدة (وداع) وأعجبت بها جدا، واحتفظت بها في مكتبي، خوفا من رفض الملحنيين السعوديين تلحين قصيدة لشاعر مصري!
وتقول (ابتسام لطفي): في هذه الفترة جاءتني دعوة لزيارة القاهرة من رئيس التليفزيون المصري، وعندما ذهبت لزيارته طلب الموسيقار العملاق (رياض السنباطي) هاتفيا قائلا: أريدك أن تلحن لابتسام لطفي؟
فرد السنباطي: وتطلع ايه؟ ومين دي (ابتسام لطفي)؟.. هى السعودية فيها أصوات؟!، لو تقدر تدفع 6 ألف جنيه، أهلا وسهلا، فقال له رئيس التليفزيون ضاحكا: على فكرة أنت راجل طماع!
بعدها بقليل عاد (رياض السنباطي) واتصل برئيس التليفزيون قائلا: سألحن لها عشان خاطرك بس أسمع صوتها.
وعندما علمت برغبته في التلحين لي، طلبت من رئيس التليفزيون أن يجعله يتصل بصديقه الشاعر (أحمد رامي)، ويأخذ منه كلمات قصيدة (وداع).
رياض السنباطي يلحن لابتسام لطفي
وبالفعل اتصل (رياض السنباطي) بصديقه أحمد رامي الذي أثنى على صوتي، مما شجع السنباطي للتعرف عليّ، وعندما سمع صوتي بالفعل، قال لي: (ابتسام أنا آسف ولن أخذ منك فلوس نظير تلحيني لك، ولقد أحسست بصوتك وبما تمتلكين من موهبة، لقد ظلمتك فسامحيني).
وتضيف (ابتسام لطفي): سعدت بكلامه جدا، واتفقنا على اللقاء، والتقينا في ستوديو 35 في الإذاعة المصرية، وسجلنا الأغنية وأهدينا نسخة للتليفزيون المصري، والإذاعة المصرية، وعند عودتي للمملكة السعودية أهديت نسخة للإذاعة.
تقول كلمات أغنية (وداع) التى كتبها الشاعر أحمد رامي، ولحنها العملاق رياض السنباطي:
ردك الله سالما لفؤادي
وطوى بيننا بساط البعاد
كيف يهنأ لي المنام وعيني
ملؤها في نواك طيف السواد
كنت لي مؤنسا وكنت سميرا
فاذا بي في وحشة وانفراد
اقطع الليل ساهرا وحراما
أن يذوق المحب طعم الرقاد
هل اذا هب من رباك نسيم
تذكر الغائب المقيم الوداد
وإذا الشمس اذنت بمغيب
تتمنى من حبه الزياد
واذا الليل جن تذكر صبا
ساهرا في هواك ناب الوساد
كلما جن للقاء سلاما
الشوق في قلبه مات ينادي
ياحبيبي وانت أغلى من الروح
واشهى من الحياة للصادي
لست انساك راحلا ومقيما
كيف انسى والعيش مائي وزادي