بقلم: مجدي صادق
ربما تشعر بحزن دفين ونحن نرى الحالة السريرية التى أصبحت عليه (السينما) المصرية ولا أحد يسرع أن يعالجها حتى إكلينيكيا بعد انخفاض نسبة المشاهدة الى اقل من 35%!
هوليوود الشرق مثلما كان يطلق على (السينما) المصرية باعتبارها أقدم صناعة في (السينما) فى افريقيا والعالم لعربى
نتذكر أن افتتاح أول سينما توغرافي لـ (لوميير) بالأسكندرية فى منتصف يناير 1897 فى حين قدم أول عرض سينمائى فى مصر فى مقهى (زوانى) بالأسكندرية يناير 1896.
ثم بعدها بسينما بالقاهرة وبورسعيد فى الوقت الذى عرض فيه أول عرض في (السينما) تجارى فى العالم كان فى ديسمبر 1865 بباريس بالصالون الهندى بجراند كافيه بشارع كابوسين بباريس!
وكان أول فيلم روائى انتجته شركة السينمائي المصرية الايطالية عام 1917 ومحمد كريم اول ممثل سينمائى مصري وفى عام 1927 تأسست غرفة لصناعة (السينما) فى مصر فقد كان هناك نشاط سينمائى أبهر العالم!
وكانت هناك المؤسسة المصرية العامة للسينما أحد دعائم صناعة (السينما) التى قتلت (كمدا) وذلك (بفعل فاعل) قدمت على مدار تاريخها أروع إبداعات (السينما) المصرية مع وجود شركات إنتاج خاصة منافسة ورائعة تاريخ الأبيض والأسود!
ولم أنس موقف بعض السينمائيين العرب فى ختام (مهرجان السينما العربية) بمعهد العالم العربى بباريس، وهم يتغامزون ويتلامزون ويسخرون من مستوى الفيلم المصرى بعد ان حصد الفيلم اللبنانى (وداعا يالبنان) لمجموعة هواة موسيقى إلياس الرحبانى)، إخراج (حكمت لبيب) جائزة أحسن فيلم.
(السينما) المصرية هى (الأم الرؤوم)
حيث وجدت الراحل أحمد زكى شامخا على المسرح، ليقول لهؤلاء الشامتين أن (السينما) المصرية هى (الأم الرؤوم) للسينما العربية والأفريقية، وإذا كانت تعانى اليوم فإنها ستتعافى قريبا وقد أهدى جائزته كاحسن ممثل للفنانة (ليلى علوي).
كانت كلمات الراحل قد فجرت داخلنا بركان من الغضب والثورة، ورغم مرور أكثر من 25 عام لازالت (المسكينة) تعانى تبحث عن من يعالجها!
أقول هذا وأن أرى شبابنا ومبدعينا دمائهم السينمائية توزعت على القبائل من حولنا، من المؤكد أن هؤلاء يعرفون قيمة هؤلاء المصريين المبدعين وهم يقدمون لهم أيدى العون والفرص لأن يتألقوا عالميا، بعد أن دخل مجال الانتاج السينمائى كل من هب ودب وأحرجوا مصر بالكثير من افلامهم!
لدرجة أن البعض كان يشارك لمجرد الوجود دون أن يحصل على (أجر) يستحقه أو حتى (بطلوع الروح)، وكانوا يقولون لهم (كويس اننا فاكرينكم)!
اقول هذا بمناسبة عرض أول فيلم صومالى (نعم صومالى!) فى مهرجان (كان) السينمائى لمخرج صومالى نمساوي، ومدير تصويره هو المبدع المصرى (مصطفى الكاشف)!
مثل هؤلاء الذين نرفع لهم القبعة هو مدير التصوير المصرى الذى يمتلك سجلاً حافلاً من الأفلام القصيرة التي حققت نجاحا كبيرا وفازت بالعديد من الجوائز، بالإضافة إلى فيلم (عيسى)، قدم الكاشف فيلمين مع المخرج (مراد مصطفى) فيلم (خديجة) الذي شهد عرضه الأول في مهرجان كليرمون فيران بفرنسا.
وفيلم (ما لا نعرفه عن مريم)، والذي شارك في عدد من المهرجانات الدولية، وفاز عنه (مصطفى الكاشف) بجائزة أفضل تصوير سينمائي من (مهرجان جاليتشنيك السينمائي).
بدأت مسيرة الكاشف المهنية في (السينما) مع الإنتاج البريطاني اليوناني (الاعتدال) أنجا كيرشنر، الذي عُرض لأول مرة في (مهرجان برلين السينمائي الدولي).
تشمل أعمال التعاون اللاحقة في الأفلام القصيرة الشهيرة (مهرجاني): (جيلان عوف)، و(جبل بنات) لـ (شيرين عاطف)، و(هذه ليلتي) لـ (يوسف نعمان).
قدم (الكاشف) 4 أفلام قصيرة أخرى في عام 2023، وهة فيلم (ماء يكفي للغرق) للمخرج (جوزيف عادل)، والفيلم السعودي (انصراف) للمخرجة (جواهر العامري)، وفيلم نهار عابر للمخرجة رشا شاهين والذي اختير رسمياً للمشاركة في الدورة 45 من مهرجان القاهرة السينمائي، وفيلم (أمانة البحر) من إخراج (هند سهيل).
القرية المجاورة للجنة
كما أسس في نفس العام شركة قاع 23 للإنتاج والتي شاركت في إنتاج فيلمي (عيسى، وماء يكفي للغرق) بشكل عام، يفتخر (الكاشف) بحصوله على 10 جوائز سينمائية مذهلة من مختلف المهرجانات حول العالم.
هذا تاريخ يعرفه القاصى والدانى مما يهتمون بصناعة (السينما) فى مصر، لكن الكثير يعطون له ظهورهم باستثناء الكثير ممن يحملون رسالة (السينما) الحقيقية واسم مصر!
ولأن العالم أصبح الآن يدرك خطورة اقتصاديات (صناعة السينما) ومدى ارتدادتها وتأثيرها عالميا فى تنشئة الاجيال الجديدة من خلال قيم ترسخها تلك الصناعة بتوجهاتها المختلفة.
فكانت (أوستريا فيلم) أو (مؤسسة السينما النمساوية) على غرار (المؤسسة المصرية العامة للسينما)، التى كانت تقدم وتدعم الفنانين والسينمائيين والمبدعين فيما يتعلق باستراتيجيات المهرجانات وانتشار الفيلم ضمن شبكة عالمية من المنصات والموزعين و(صائدي) المواهب والمبدعين.
ذا جاء اختيارهم للمخرج الصومالى النمساوى (محمد هاراوي) أو (مو هاراوي)، الذى يقدم أول فيلم روائى صومالى نمساوى يحمل اسم (القرية المجاورة للجنة) أو (The Village Next to Paradise).
وهو أيضاً أول فيلم جرى تصويره في الصومال الذى اختاران يكون المصور السينمائى المصرى (مصطفى الكاشف) مدير تصوير أول فيلم روائى (مدته 3 ساعات ونصف الساعة).
والذى رشح للعرض فى مهرجان (كان) السينمائى فى دورته الـ 77 فى 14 – 25 مايو المقبل في قسم (نظرة ما)، سانده فيها بقوة فريق من المصريين من فنيي الإضاءة حتى يتم تقديم صورة سينمائية مغايرة تليق بمهرجان سينمائى دولى!
لتتساءل كيف وصل هذا الفيلم الصومالى إلى السجادة الحمراء بالكوت دازور، كان الفيلم من بين 14 عنوانا لأفلام أخرى تعرض، خاصة وان الجمهور الصومالي لم يعتد مشاهدة تصوير عمل فني، والممثلون كانوا يشاهدون كاميرات التصوير لأول مرة؟!
تصريحات صحفية لـ (مو هاراوي)
فى تصريحات صحفية قال (مو هاراوي): (إنه لشرف كبير أن نحلم، ناهيك عن نصبح مخرجين سينمائيين!).
(مو هاراوي)، هو مخرج الفيلم القصير المشهور عالميًا (هل سيأتي والداي لرؤيتي)، الحائز على الجائزة الكبرى في (مهرجان كليرمون – فيراند)، وهى جائزة الفيلم القصير المرموقة في جميع أنحاء العالم، الذي يدور حول سجين شاب يقضي عقوبة في السجن.
وفاز عنه بالجائزة الكبرى بمهرجان (كليرمون فيران) بفرنسا، و(جائزة لولا الألمانية) 2022، كما تم ترشيحه لـ (جائزة الفيلم الأوروبي).
وكان فيلمه (الحياة في القرن الأفريقي)، الذي حذر فيه من عواقب هبوط النفايات السامة على سواحل الصومال حصل على تنويه خاص من (مهرجان لوكارنو) بسويسرا عام 2020.
وتدور أحداثه داخل قرية صومالية نائية من خلال عائلة يتنقل أفرادها بين تطلعاتهم المختلفة في ظل عالم معقد يحيط بهم، لكن الحب والثقة هما ما يجمعانهم ويمنحانهم القوة خلال مسارات حياتهم، وهى بمثابة استعارة لبلد يحمل إمكانات اللجنة، لولا الظروف التي تجعل مثل هذا الواقع مستحيلا!
ويقوم ببطولته الممثلون الصوماليون (علي فرح، وعناب أحمد إبراهيم، وأحمد محمود صليبان).
فقد فاز الفيلم بعدد من المنح الإنتاجية من بينها منحة (صندوق رلينال للسينما العالمية)، فى مهرجان (برلين) السينمائى، كما فازمشروع الفيلم بمنحة مابعد الإنتاج (20 ألف يورو) من ورش أطلس بمهرجان (مراكش) الدولى للفيلم.
بينما تم انتاجه من قبل النماساويين (سابين موزر وأوليفر نيومان)، بالتعاون مع شركة انتاج فرنسية، وهو ثاني الأفلام الروائية الطويلة لمصطفى الكاشف بعد فيلم (19 ب) للمخرج (أحمد عبد الله السيد)، والذي شهد عرضه العالمي الأول في الدورة 44 من (مهرجان القاهرة السينمائي).
حيث شارك في المسابقة الرسمية، وفاز بثلاث جوائز منها جائزة (هنري بركات) لأفضل إسهام فني في التصوير السينمائي.
لكن يبقى السؤال: هل سوف يكون فيلم المخرج الصومالى (مو هاراوي) وفيلمه الروائى الأول (اعتراف دولي) لمدير التصوير (مصطفى الكاشف) للحصول على جائزة أفضل تصوير لدخول القرية المجاورة للجنة ؟!