(زوزو ماضي).. عازفة البيانو، صاحبة المقطوعات الموسيقية، التى قضت 9 أشهر في السجن! (2/2)
* بعد نجاحها في فيلم (يحيا الحب) ثار الحب عليها فابتعدت عن السينما 6 سنوات
* عملت في الإذاعة المصرية كعازفة بيانو بأجر، وألفت مقطوعات موسيقية باسمها
* كانت أمنيتها بعد اشتغالها بالسينما أن تقترن شهرتها في التمثيل بشهرتها في عالم الموسيقى
* تعطل بها المصعد مع يوسف وهبي فعملت في فرقة (رمسيس)
* بحكم ثقافتها تعرفت على الشاعر خليل مطران فعملت في الفرقة القومية المصرية
* زارت صديقة لها فتعرفت على زوجها تاجر المخدرات الذي أدخلها السجن
كتب: أحمد السماحي
مازالنا مع مشوار الفنانة الكبيرة (زوزو ماضي) التى اشتهرت في أدوار المرأة الأرستقراطية، خاطفة الرجال، التي تتمتع بجاذبية خاصة، وجمال غامض.
في الحلقة الماضية، تعرفنا على حياتها الشخصية الثرية في بني سويف، وزواجها من ابن عمها، وهى في سن الخامسة عشر.
وتعرفها على زوجة (محمد ناجي) شقيق الشاعر الكبير (إبراهيم ناجي)، وتوطدت علاقتهما، ومن خلالها تعرفت على الشاعر (إبراهيم ناجي).
وظروف تعرفها بالمخرج (محمد كريم)، وعملها في فيلمها الأول (يحيا الحب)، وهذا الأسبوع في باب (مظاليم الفن) نستكمل مشوار (زوزو ماضي) الفني والشخصي.
ثورة الأب
بعد نجاح (زوزو ماضي) في فيلم (يحيا الحب) بدأت العروض السينمائية والمسرحية تنهال عليها، وعندما علم والدها باتجاه ابنته إلى التمثيل، ثار ثورة عارمة، وقرر مقاطعتها هي وزوجها.
وكان يقول لمن حوله الذي منعني عن قتلها، أنها ليست في بيتي، وليست تحت طوعي، وهذا ما جعل زوزو ماضي تتأخر في تقديم فيلمها الجديد، حيث ابتعدت عن السينما لمدة 6 سنوات.
في هذه الفترة وهى نهاية ثلاثينات القرن الماضي، وبعد ثورة الأب وغضبه من عمل ابنته في مهنة التمثيل، قررت (زوزو ماضي) أن تتجه للإذاعة المصرية للعزف على البيانو.
ونترك (زوزو ماضي) تحكي بنفسها ظروف عملها في الإذاعة كما جاء في مجلة (الكواكب) عام 1958 تحت عنوان (في مفترق الطرق).
العزف على البيانو
حيث تقول: (أنا أجيد العزف على البيانو، ولي مقطوعات موسيقية من تأليفي يعرفها جيدا هواة العزف على البيانو، وكانت أمنيتي بعد اشتغالي بالسينما أن تقترن شهرتي في التمثيل بشهرتي في عالم الموسيقى.
وقد بلغ من شغفي بالعزف على البيانو أنني كنت أبدي استعدادي لصديقاتي للعزف على البيانو في حفلاتهم، وكثيرا ما كنت أقيم حفلات أدعو إليها الصديقات إلى بيتي.
ورغم أن هذه الحفلات كانت تكلفني ماديا إلا أن التكاليف لم تكن تهمني، وكان يكفيني أن أسمع التصفيق وعبارات الإعجاب.
وقد حدث أن تلقيت خطابا ذات يوم من محطة الإذاعة المصرية تعرض عليّ فيه العزف على البيانو أمام الميكرفون لمدة عشر دقائق كل أسبوع.
ونجحت في إذاعتي الأولى نجاحا جعل الإذاعة تخصص لي عشر دقائق كل أربعة أيام، وكانت الإذاعة تدفع لي مبلغا محترما، وكنت أنفق كل هذا المبلغ في وجوه الخير، وأصبحت بعد إذاعاتي في الراديو معروفة كعازفة للبيانو.
(زوزو ماضي) وفرقة رمسيس
مازالت (زوزو ماضي) تواصل ذكرياتها الفنية فتقول: حدث ذات يوم أن دعيت إلى حفلة عند إحدى الزميلات بمناسبة عيد ميلادها، وكانت هذه الزميلة تسكن في الدور السادس بإحدى العمارات.
ولما دخلت المصعد وجدت (يوسف وهبي) داخل المصعد، وتبادلنا التحية، فقد كانت الصلة بيننا سطحية، وبين الدور الرابع والخامس تعطل المصعد فجأة.
وانتظرنا حتى انتهى عامل المصعد من إصلاحه، وفي خلال فترة الانتظار التى طالت لمدة عشر دقائق، عرض علي (يوسف وهبي) أن أعمل ممثلة مسرحية!
ورغم عدم معرفتي بأصول التمثيل المسرحي قبلت العرض، وفي اليوم التالي حضرت التدريبات المسرحية وأصبحت فيما بعد إحدى ممثلات مسرح (رمسيس).
قدمت (زوزو ماضي) العديد من المسرحيات مع فرقة (رمسيس) لصاحبها يوسف وهبي، من هذه المسرحيات (بنات الريف، لوكاندة الأنس، كرسي الأعتراف، راسبوتين، بنت الهوى، بيومي أفندي) وغيرها.
(زوزو ماضي) والفرقة القومية
بحكم حب (زوزو ماضي) للثقافة تعرفت في إحدى الصالونات الثقافية على الشاعر الكبير (خليل مطران) والذي اختارها للعمل في الفرقة القومية المصرية التى كان أول مدير لها عام 1935 .
وهى الفرقة التى أدت للحركة المسرحية خدمات جليلة، وأعمال مسرحية عظيمة، وشاركت (زوزو ماضي) – كما يذكر الناقد (عبدالغني دواد) – في أكثر من سبعين عرضا من عروض (الفرقة القومية المصرية).
وكان من أبرز هذه العروض أعمالها مع المخرج (فتوح نشاطي) الذي قدمها في العديد من العروض المسرحية التى أخرجها منها (أوديب الملك) لسوفوكليس، (الست هدى) للشاعر الكبير أحمد شوقي، و(ابن مين فيهم) اقتباس عمر وصفي .
ولم يقتصر مشاركة (زوزو ماضي) على المخرج (فتوح نشاطي)، فعملت مع العديد من المخرجين الآخرين منهم زكي طليمات في مسرحية (قطر الندى) تأليف عباس علام.
وعملت أيضا مع الفنان سراج منير الذي أخرج مسرحية (النائب العام) لفردريش، ومع عمر جميعي في (الأستاذ كلينوف) تأليف كاترين برمسون.
(زوزو ماضي).. و(الذلة الكبرى)
لم تنس (زوزو ماضي) في ظل زحمة عملها في المسرح، وتحقيقها للشهرة، حبها الأول السينما، فبعد حوالي 6 سنوات، من بطولتها لفيلم (يحيا الحب) عادت للسينما.
حيث وقع اختيار (حسني بك نجيب) مدير ستديو مصر عليها لتقوم ببطولة فيلم من إنتاج الاستديو هو (الزلة الكبرى)، قصة وحوار يوسف جوهر، سيناريو وإخراج إبراهيم عمارة، وبطولة (أنور وجدي، وحسين رياض وروحية خالد) وغيرهم.
وحقق الفيلم نجاحا كبيرا، جعل اسم (زوزو ماضي) يتردد بقوة، ويقبل عليها المنتجين والمخرجين، فقدمت أفلاما كثيرة منها (غرام وانتقام، مدينة الغجر، قتلت ولدي، الفنان العظيم..
وبنات الريف، مجد ودموع، النفخة الكدابة، نجف، أرض النيل، أول نظرة، ضربة القدر، أمل ضائع، العقاب، اللعب بالنار، الصيت ولا الغنى، نرجس، قسمة ونصيب، أولاد الشوارع، حكم القوي..
والأسطى حسن، الحب المكروه، الحرمان، بيت الطاعة، المقدر والمكتوب، الأرض الطيبة، المجرم، علشان عيونك، أمريكاني من طنطا، دموع في الليل، قلوب حائرة، دليلة، غريبة، الطريق المسدود) وغيرها الكثير، والتى وصلت تقريبا إلى 70 فيلم كان أخرها فيلمي (البنت اللي قالت لا) و(القضية رقم 1) عام 1983.
أسلوب (زوزو ماضي) التمثيلي
يقول الناقد (عبدالغني داوود) عن أدوارها السينمائية: رغم أن أدوارها في المسرح والسينما كانت تقريبا متشابهة من ناحية التركيب الإنساني فهي إما إمرأة أرستقراطية لعوب كما في فيلم (الأسطى حسن).
أو أم منحرفة كما في فيلم (الطريق المسدود) إخراج صلاح أبوسيف، حيث تقوم بدور الأم التى انحرفت بعد موت زوجها، وتحرض بناتها على الفساد طمعا في الرفاهية وحياة اللهو.
رغم تشابه الأدوار التى لعبتها، إلا أنها كانت تصبغ كل شخصية من الشخصيات التى تقوم بأدائها بصبغة خاصة لا يمكن أن تتكرر في شخصية أخرى من دون مبالغة أو تكلف.
ولهذا كان المشاهد يتوقع منها في كل عمل جديد شيئا مختلفا، من دون أن تحاول الخروج على النص أو أن تفتعل الصنعة، ولهذا كان لا يمر دورها مرورا عابرا من دون أن يلفت إليها الانتباه.
الدخول إلى السجن
أما عن حياتها الشخصية فبعد زواج استمر حوالي 15 عاما من ابن عمها انفصلت (زوزو ماضي) عنه بفعل الملل وانشغلها في الفن، وتزوجت رجل آخر يدعى (كمال عبدالعزيز) كان سببا في دخولها السجن بحيازة تجارة المخدرات.
وتعالوا بنا نعرف الحكاية كما جاءت في مجلة (الجيل): حيث ذكرت (زوزو ماضي) أنها تعرّفت على زوجها الجديد بعد زواج ابنتها (إيفون) بشهر واحد فقط، عندما كانت مدعوة لحفل عيد ميلاد صديقة لها في مصر الجديدة، لم تزرها في بيتها أبدًا.
وعندما وجّهت إليها هذه الزميلة الدعوة خجلت (زوزو ماضي) وقالت لنفسها: (لابد لي من مجاملتها بهذه المناسبة، سأذهب لمدة عشر دقائق).
وفي تلك الليلة تصادف وجود (كمال) هناك، ولم يكن يعرف أحدهما الآخر، وحدث التعارف بينهما سريعا، وفي اليوم التالي اتصل بها (كمال) يدعوها لتناول العشاء معه فقبلت، وفي اليوم الذي يليه قال لها: (عايز أتجوزك)!
فقتالت له: (إسمع يا كمال أنا لا أعرف عنك شيئًا، سوى أنك دخلت قلبي، وشعرت من أول مرة تكلمت فيها معايا بأنك وضعت يدك على جرحي ومنعت نزيفه.. وعشان كده مش حسأل عنك! لأني لو سألت حلاقي ناس كثير يمتدحوك، وناس يذموك، وعشان كده، أنا حقصر الطريق وأخدك زي ما أنت!)
بعد 9 أشهر فقط من الزواج داهمت الشرطة منزلهما بتهمة إتّجار الزوج في المخدرات، وتحديدًا الحشيش، وتم القبض على زوزو مع زوجها كمال!
وظلت (زوزو) بالسجن لمدة 9 أشهر حتى تم إعلان براءتها، فيما حكم على الزوج بالمؤبد لمدة 25 عامًا، وحصلت (زوزو ماضي) على الطلاق وهو داخل السجن.
(زوزو ماضي) ومسرح التليفزيون
تجاوزت (زوزو ماضي) أزمة السجن بسرعة، وعادت إلى الحياة الفنية من دون أن تخلف هذه الأزمة أي مضاعفات أو آثار جانبية عليها، فقدمت في السينما (بنت 17، سيدة القصر، سكر هانم، أنا وأمي.
والعاشقة، بلا عودة، جوز مراتي، زيزيت، عودي يا أمي، يوم الحساب، خذني بعاري، الجبل، حب في القاهرة، الخروج من الجنة، معسكر البنات، أيام الحب) وغيرها.
وعندما بدأ مسرح التليفزيون في بداية الستينات، انضمت إليه وقدمت أعمال ناجحة منها (الطريق المسدود) مع نعيمة وصفي، وحمدي غيث، و(نرجس) مع سهير البابلي، وحسن عابدين.
وظلت تواصل العمل الفني ما بين المسرح والسينما والإذاعة، لكنها ظلت وفية جدا للسينما حتى رحيلها في 9 أبريل عام 1982.