كتب: محمد حبوشة
إن من أعظم الأدواء التي يبتلى بها المرء في هذه الحياة داء الحمق؛ فالحمق شر كله، والأحمق عدو نفسه؛ لما يسبب لنفسه من الضرر، وهو كاسد العقل والرأي لا يحسن شيئا، وهذا هو حال الكاتبة الكويتية (هبة مشاري حمادة).
اعتادت الكاتبة (هبة مشاري حمادة) أن تغوص في أعماق المجتمعات المصرية من خلال كتابات درامية أشبه بغثاء السيل، فهى كاتبة خليجية لم تصنع أية دوي في مجتمعها الكويت، فلجأت إلى تجريف المجتماعات العربية بدراما تعتمد على الإثارة لتعبر عن واقع ليس موجودا سوى في خيالها المريض.
ومن الحماقات والسفاهات التي تدل على الخفة والطيش والرعونة عند (هبة مشاري حمادة) كثيرة وعديدة، تجدها واضحة في كتاباتها الهشة على مستوى الفرد والجماعة، والحاكم والمحكوم، والرجل والمرأة.
وحالها هنا مثل الذي خرج يبارز ربه بالحرب، يكفر ويضجر ويظلم ويدمر الأخضر واليابس مغترا بقوته وبإملاء الله له هو شخص أحمق، وهذا الذي يمر على مصارع الهلكى ويشاهد عظيم قدرة الله في خلقه وانتقامه ممن يعصيه.
ويطالع السنن الكونية والشرعية ثم يظل سائرا في غيه لا يرفع رأسا بهذه الآيات البينات ولا يسارع بتوبة وحسنات ماحيات.. لا يقل في الحمق عن سابقه.
درجت (هبة مشاري حمادة) على أن تترك الحبل على الغارب لخيال فاسد وقاصر على استيعاب حكمة الشعوب، فلا هى تعنى بفهم المجتمعات التي لاتكتب عنها، ولا هى تملك حكمة الكاتب صاحب الضمير الإنساني الحي، وكأن غريزة ما تتحكم فيها.
فتأتي كتاباتها في العادة قاصرة عن التعبير بدقة عن خصوصية (مصر أو لبنان العراق)، كما جاء في أعمالها (دفعة القاهرة، دفعة بيروت، دفعة لندن) والغريب والمريب في الأمر ألا أحدا يراجعها أو يردها عن كتاباتها التي تفتقر للعقل والمنطق.
ظني أن (هبة مشاري حمادة) حالها كحال الأحمق الذي لم ينتفع بالجوارح والحواس التي أودعت فيه، ومن حسن حظها أن لم تولد في عصر (ابن الجوزى) كي يضمها في كتابه (أخبار الحمقى والمغفلين).
(هبة مشاري حمادة).. من أمثلة المغفلين
ويبدو لي أن (هبة مشاري حمادة) ومن أمثلة المغفلين الذين عرض لهم (ابن الجوزى): (هبت يوما ريح شديدة، فأقبل الناس يدعون الله ويتوبون، فصاح جحا: يا قوم لا تعجلوا بالتوبة، وإنما هى زوبعة وتسكن).
وظني أن (هبة مشاري حمادة) تتمتع بنوع من الجهل المركب، ذلك الذي يعني الجهل بالمعلومة، والجهل بأنه جاهلة بها، لأنها على حد علمي ومعرفتي بأعمالها الدرامية بداية من (سرايا عابدين بجزئيه، دفعة القاهرة، دفعة بيروت، دفعة لندن، من شارع الهرم إلى، وصولا إلى زوجة واحدة لاتكفي).
وبالطبع لابد أن استثني مسلسل (دكة العبيد) الذي لم يتضح سره سرقته بعد، وليس لدي شكا واحد بالمائة أنها كاتبته من الأساس، بل لدي يقين بأنه تم ترجمته من عدة أعمال أجنبية وليس عملا واحدا، كما يتضح لنا من المشاهدة واللغات واللهجات المختلفة.
هنا ينطبق عليها الناظم:
لما جَهِلتَ جهلتَ أنك جاهلٌ
جهلاً وجهْلُ الجهلِ
فالجهل البسيط؛ وفيه يتم فهم موضوع ما دون معرفة التفاصيل المحيطة به، ويوجد الجهل الكامل وهو عدم معرفة أي شيء عن موضوع ما، ويوجد الجهل المركب وفيه يتم فهم الموضوع بشكل مخالف للحقيقة.
وعليه يبقى النوع الأخطر هو الجهل المركب، وهو الذي يحبه البعض في هذه الظروف الاستثنائية فيرفضون النصيحة في الالتزام في البيت ويصرون على مخالفات التعليمات ولا يدركون أن الأمن والأمان وإن اختلفت أسبابه ومسبباته، فهو لا يأتي ألا بالأبواب المغلقة، والنوافذ المحكمة.
فيا عزيزتي الجاهلة (هبة مشاري حمادة)، إن كنتي كالطفل تبكين وتصرخين بصوت عال، فلا بد من إسكاتك، ولا بأس إن استخدمنا الطرق البدائية لتعودين إلى صوابك، وتهدأ نفسك.
عدم تقبلك للنصيحة هذا لا يعني أنك قادر على عبور الشارع متى ما أردتي؟ رميك الأحجار الصغيرة في البحر وأنت على الشاطئ من دون خوف لا يعني أنك قادرة على أن تغوصين في أعماقه.
وإن كنت تملك علما واسعا – وأشك في هذا تماما – فقد تملكين علما غير ضروري ولا فائدة منه في هذا الوقت، ولذلك أعتقد أن لديك متسعا من الوقت لتتقن لعبة الشطرنج على هواك!، ولهذا أقول: (لك قتلتنا يا صاحبة الجهل المركب بجهلك!).
قوة صامتة تسكن في تجاويف (مشاري)
الجهل قوة صامتة تسكن في تجاويف تكوين (هبة مشاري حمادة)، بغض النظر عن وجودك في مجتمعات توصف بأنها متقدمة أو متخلفة، الجهل آفة تضرب الناس مثلما تفعل الأوبئة، متعلمون كثر حمل بعضهم شهادات عالية في مختلف العلوم، تطبيقية أو نظرية، لكن فيروس الجهل تمكن منهم.
وهنا لدى سؤال: هل يلتقي الجهل والعبقرية، يا سيدة (هبة مشاري حمادة)؟
نعم، وفي التاريخ الكثير مما يثبت ذلك، شخص واحد يغزو رأسه وباء الجهل، فيحوله فقاعة ملغومة في دائرتها الزجاجية، تتخلق عشرات الفقاعات من خلال أعمالك الدراميا الهشة، تتفاعل بقوة ومن دون توقف.
ويتحول رأسك الموبوء معملا كبيرا معقدا من الحقد والغل على (مصر وغيرها) تنبت فيه تهيؤات تعيشين فيها ويعيش فيك، تمتلكين تلك الحالة، هبات سحرية غريبة – حسب ظنك المريض – تعيشين من خلاله في فقاعته.
فتظنين أن ما تكتبينه إبداعا ذاتيا كونا ذاتيا بكل ما فيه، فتقومين برسم خرائطك الخاصة للبشر وللحياة وتصبينها في إناء فكري بحسب خيالك القاصر، وتصنعنين لغتك العجيبة التي ستجعلين منها الأنبوب التي يدفع عبره سائل تهيؤاتك إلى وجدان الآخرين.
الجهل يا سيدة (هبة مشاري حمادة) لا يعني عدم المعرفة، بل في حالات كثير يلد من رحم المعرفة، معرفة تتجمع فيه أمراضك النفسية، تخنق ما تعلمه الجاهل من معلومات تعارف عليها البشر.
خطورة هذا الجهل أنك تمتلكين قدرات تمكن الجاهل من السطو على وجدانات وحتى عقول العوام، بل معهم بعض النخب في الكثير من الحالات، الجهل في قاموسك يبدع عبقريته التي تتحول قوة طاغية، تقنع الناس بأوهام يعيشون في مناكبها، ويجعلون منها عقيدة تستحق الموت فيها ومن أجلها.
الحقيقة أن حالة (هبة مشاري حمادة) الكتابية تشبه تنظيم (داعش) الذي يندفع فيه الرجال والنساء، يقتلون الأبرياء في عمليات انتحارية، هم جميعا ضحايا عبقرية الجهل التي سكبت براميل السم في رؤوسهم، فصار الموت عقيدة لهم كما تنزعين نحو خرافات عن المجتمع المصري الذي صوتيه في عديد من أعمالك.
ولأن الغباء يعرف أنه فعل غير عقلاني أو سخيف، ويعد الغباء صفة متنوعة، ويسبب الغباء الخسائر لشخص أو مجموعة من الأشخاص ولا يقوم بتحقيق أي مكاسب، ومن صفات الغبي الجهل والثقة المفرطة، وهذا ديدن (هبة مشاري حمادة) فيما تكتبه من دراما حول المجتمع المصري تحديدا.
مسلسل (زوجة واحدة لاتكفي)
ولعل مسلسل (هبة مشاري حمادة) الذي عرض في رمضان (زوجة واحدة لاتكفي) يمثل نوعا من الغباء العاطفي: والغباء العاطفي هو الذي يتميز صاحبه بالتبلد وفقدان القلب المحب والتعاطف مع الآخرين، والذي قد يصل بصاحبه إلى حد تحوله إلى قاتل.
فمن المعروف بأن الإيثار والتعاون والتعاطف مع مصائب البشر والمساعدة واحترام الآخر، وتقدير الكبير والتودد للأطفال، جميعها عواطف إيجابية تجاه الآخر، أما إذا انتفت هذه العواطف من نفوس بعض البشر فاعلم بأنك أمام مشروع قتلة.
في مسلسلها (زوجة واحدة لا تكفي جنحت (هبة مشاري حمادة) نحو الغباء المصلحي، وهذا الغباء ينتشر عادة عند أولئك الذين ينطلقون من أن الغاية تبرر الواسطة، والطامة الكبرى عندما تكون الغاية وضيعة والواسطة أوضع.
إذ ذاك نحصل على كائن يعمل من منطلق: كل شيء مباح إذا كان ذلك في مصلحتي، والانتهازية صورة فاقعة من صور هذا الغباء، فالانتهازية كذب مستتر لغاية مرذول، وهو ما تجلى واضحا عند (هبة مشاري حمادة) في هذا المسلسل المسيئ.
كما أن الغباء الأخلاقي يبدو واضحا عند (هبة مشاري حمادة) في مسلسلها (زوجة واحدة لاتكفي) لأنه يرتبط بالغباء العاطفي والغباء المصلحي نوع من الغباء سيئ النتائج هو الغباء الأخلاقي.
والغباء الأخلاقي في هذا المسلسل يبدو في إطاحة الفرد بكل القيم المرتبطة باحترام حق الآخر، فاحترام القيم والقواعد القيمية والقوانين الوضعية الناظمة لها هو الذي يجعل الحياة ممكنة، وغيابها يجعل الوجود الإنساني كله فوضى من سلب الحقوق.
وأخيرا، الغباء التاريخي، نوع يصيب الطغاة والجماعات الأيديولوجية وبخاصة الجماعات الدينية والقومية المتطرفة، مثلما فعلت (هبة مشاري حمادة) في تناولها الدرامي الأخير، وجوهر الغباء التاريخ عندا هو التسمر في اللحظة الحاضرة.
أو العمل على استعادة لحظة ماضية من التاريخ بشكل مشوه كما في (سراي عابدين، ودفعة القاهرة، ودفعة بيروت، ودفعة لندن) وبالتالي نفي السيرورة التاريخية وعدم الإقرار بمنطق التحول والتغير والجدة واختلاف الأحوال.
وهذا الغباء هو أخطر أنواع الغباء، لأنه مرتبط بسلوك الجماعات الفاعلة سلبا في الواقع، ويؤدي، حتما إلى توسل العنف، مهما كان نوعه ودرجته، لتحقيق ما لا يمكن تحقيقه مهما تسلح الوهم بالإرادة.
غباء (هبة مشاري حمادة)
ولعمري بأن حضور أي نوع من أنواع الغباء على نحو كبير في مجتمع من المجتمعات أمر يلقي بظله سوءاً على الحياة المجتمعية، وهو ما تلجأ إليه (هبة مشاري حمادة) في أعمالها الدرامية التي تنتمي إلى نوع من المهلهلات وليس المسلسلات الدرامية.
ومن هنا أهمس في أذن (هبة مشاري حمادة): الغباء ياسيدتي ليست له علاقة بمكان الميلاد ولا الطبقة الاجتماعية ولا مستوى التعليم، ولا لون البشرة أبيض أو أسود أو أسمر أو أصفر، هو يتقاطع مع الجميع، فاحتمال أن يكون الشخص غبياً هو سمة مستقلة عن أي سمة أخرى يتصف بها الشخص.
كما أن الغباء معطى (طبيعي) مثل توزيع البشر بين النساء والرجال، ففي الأخير نجد أن النسبة متقاربة في أي مجتمع بشري ندرسه، وكذلك الأغبياء لا يعطي الكاتب رقما لنسبة الأغبياء في المجتمع، ولكنه يؤكد أنهم أكثر من أي تصور متاح!
ولن أعدد سرقات (هبة مشاري حمادة) على مستوى الدراما الخليجية، لكن أتوقف عند مسلسل (سراي عابدي) الذي كشف عنه الكاتب الراحل (مصطفى محرم) فى تصريح خاص له:
إنه قرر بالاتفاق مع المخرجة (إيناس الدغيدى) اتخاذ إجراء قانونى ضد الجهة المنتجة لمسلسل ( سراي عابدين) حيث كلفا المحامى (جميل سعيد) بتقديم طلب للنائب العام المسلسل قبل إذاعته في mbc بسبب سرقة مسلسلهما (عصر الحريم).
وأوضح (محرم) أن خطوة تحرير دعوى قضائية ضد mbc الجهة المنتجة للمسلسل قد سبقها تقديم بلاغ لنقابة السينمائيين ضد الجهة المنتجة ومؤلفة المسلسل الكويتية (هبة مشارى حمادة)، يتهمهما بسرقة فكرة مسلسله (عصر الحريم)، حيث كان من المقرر أن تقوم نفس الجهة بإنتاجه.
وعندما أرسل نسخة العمل للشركة المنتجة عرضته على لجنة القراءة الخاصة بها والتى تضم الكاتبة (هبة مشارى حمادة)، وبدورها قامت بتكريس جهودها لوضع عراقيل أمام العمل، ليفاجئ بعدها بكتابتها فكرته ضمن مسلسل من تأليفها.
وأشار (محرم) إلى تأكده من سرقة مسلسله بعدما نجح فى الحصول على نسخة من العمل، الذى قامت (هبة مشاري حمادة) بكتابته، والتى لم يسمع عنها أو أعمالها من قبل، متسائلا: كيف لشخصية كويتية ليس لها علم ولا دراية بتاريخ مصر تكتب عملا تاريخيا عن مصر؟
الخلاصة: أن (هبة مشاري حمادة) تحتاج إلى من يتصدى لأعمالها الدرامية التي تتمتع بالحمق والجهل والغباء، ومن قبل كل ذلك السطو على إبداع الآخرين ونسبه إلى نفسها.. ظني أن هناك قوة تدفعها لغرض في نفس يعقوب، فهل عقل مستنير يوقف ترهات (هبة مشاري حمادة)؟