كتب : أحمد السماحي
بعد غياب سنوات طويلة عن الغناء طرح نجم التلحين الموهوب (وليد سعد) منذ أيام قليلة أغنية جديدة بعنوان (اللي فارق، فارق) كلمات أمير شيكو، ألحان أحمد نصرى، توزيع مهيب سليط، يقول مطلعها:
كان فين الحب وعينى بتبكى من الليالى
كان فين الود، وصوتى منبوح من الحكاوي
أنا كنت بحارب كل ليلة ماشوفته حالي
وأنا قلبى الساذج كان فاكر نفسه انه غالي
مين جانى وشافنى بدوق المر وقال ياعيني
أنا كنت بطولي فى كل حروبي طول سنين
ياما ابنك كان على نياته مين جه يواسيني
غيرونى وهدولى قلبى اللى بيأذيني
وعلى العادي كله ماشي.
اللى فارق فارق
واللى راح ماجاشي
وعلى العالى لا فارقالي.
ومنذ طرحت هذه الأغنية على موقع الفيديوهات الشهير (اليوتيوب) وأنا في حيرة من أمري، وكل يومين أدخل وأسمعها، ليس حبا فيها.. أحب فيها إيه بس!، لكن حبا في صوت (وليد سعد) الذي افتقدته كمطرب.
صدمة ودهشة من (وليد سعد)
كنت أدخل أسمع واسكت، لكن وعلى رأي الست أم كلثوم (سكت والدمع اتكلم)!، حيث أصابتني الأغنية بالصدمة والدهشة مما أسمع!
وصدمتي واندهاشي راجعة لحبي وعشقي لكل ما يلحنه الملحن الموهوب (وليد سعد)، لأن (وليد) أحد (أسطوات) الموسيقى المهرة الذين أمتعونا على مدي 30 عاما تقريبا بكل رائع وجميل.
وقدم ألحانا مليئة بالعاطفة، ومطرزة بالشجن الذي لملم شتات روحنا وحفظها من العطب بفعل الزمن، والبشر، والوحدة، والوجع والفقد، والحب، والحنين، والعزلة، والخوف، والترقب.
ومن يرجع لتاريخ الغناء خلال الثلاثة عقود الماضية يجد أن ألحان (وليد سعد) كانت حديث الشارع المصري والعربي، وأخرجتنا من حدود الواقع الضيقة إلى عالمٍ رحب فسيحٍ، وحققت انتشارا رهيبا، وجماهيرية ضخمة لنجوم الغناء الذين غنوها.
وعندما غنى (وليد سعد) بصوته بعض الأغنيات القليلة المتناثرة التى كان يطرحها على فترات متباعدة، كان رائعا، لأن إحساس (وليد سعد) في الغناء إحساس متفرد خاص به وحده.
إحساس يشبه إحساس (بليغ حمدي) في الغناء، إحساس يحتضنك ويهدهد روحك، وتشعر أنه يغني لك وحدك، رغم أنه لا يمتلك صوتا جميلا، لكنه وكما يقول المأثور الشعبي: حسه حلو!
(وليد سعد) واللي فارق فارق
هذا الحس الحلو جعلني أبحث عن تسجيلاته التى قام بغنائها، سواء بصوته أو لبعض المطربيين واحتفظ بها، ومن حين لآخر كنت أطالبه بطرح أغنية جديدة بصوته.
لهذا ما صدقت طرح أغنية (اللي فارق، فارق) واعتبرتها عيديته لي، ولعشاق صوته بمناسبة عيد الفطر المبارك، لكن عندما سمعت الأغنية لعدة مرات أصابتني صدمة شديدة هل أكتب عن الأغنية أم أتجاهلها؟!
وحاولت بالفعل تجاهلها، وسألت نفسي معقولة ما يفعله (وليد سعد) بنفسه، وليد الذي انطلق بألحان تحمل كلماتها منظومة قيمية مهمومة بالعاطفة، والحب، والرومانسية، واالعزة، والكرامة.
والعدل، والحرية، دار به الزمن ليقدم كلمات تحمل معاني الذل والاستسلام لحبيب يتفنن في تعذيبه، وماذا أكتب عن أغنية تقول بعض كلماتها:
وعلى العادى كله ماشى اللى فارق فارق، واللى راح ماجاشى
وعلى العالى لا فارقالى اللى نقصوا نقصوا، ولا يشغل بالى
لا نعرف على وجه التحديد ماذا أراد (وليد سعد) أن يقول أو يقصد في (على العادى كله ماشي) ولا نجرؤ على سؤاله عن قصده في (ياما ابنك كان على نياته مين جه يواسينى)، وما دور الأم في أغنية المفروض أنها عاطفية عن غدر حبيب!
لا نريد أن نسأل لأن من الفجاجة والفظاظة أن تسأل شاعرا أو فنانا ماذا تقصد؟، هل تستطيع أن تفكر في إهانةٍ أكبر من تلك؟!
لكننا نستطيع معا أن نخمن، أليس كذلك؟ نستطيع استنطاق تجاربنا الفردية والجمعية لتخبرنا أن الشاعر الفحل (أمير شيكو) صاحب الأوزان المكسورة، والتعابير الخاطئة في بحور الشعر يقصد أن الحب وحش (كخه) ابعدوا عنه!، وكذلك الحياة، وأموت وأعرف هو بيتكلم عن الحب وعذابه، ولا عن الحياة ومأسيها!
نزوة (وليد سعد) غير المشروعة
المهم يا سادة يا كرام لا أريد أن أطيل عليكم لأنني أعتبرت رائعة (وليد سعد) الجديدة هذه (نزوة غير مشروعة) أحب أن يخوضها إرضاء لشيئ ما بداخله، هذه النزوة التى أعتبرها بمثابة نزوة رجل متزوج من ملكة جمال، ويخون هذه الملكة مع الشغالة!.
أسئلة مشروعة لوليد سعد
لكن هناك عدة أسئلة تحيرني أريد طرحها حتى تشاركوني في همي قبل أن أنهى كتابة هذا الموضوع، السؤال الأول من نصح( وليد سعد) هذا الملحن الموهوب أن يغني لأول مرة لملحن آخر؟!، وياريت هذا الملحن موهوب أو لديه شيئ مختلف، ولكنه ملحن على ما تفرج!
والسؤال الثاني هل (وليد سعد) محتاج مال أو شهرة ليغني أغنية من على قارعة الطريق مليئة بالأخطاء النحوية، والجمل المرتبكة غير المفهومة، والمعاني الساذجة السطحية التى لا تغني ولا تثمن من جوع، والتى لن تضيف شيئا في رصيد (وليد سعد)، حتى ولا في رصيده المالي!
كلمة أخيرة لوليد سعد
(وليد سعد): رجاءا بحكم حبي لك، ووصية صديقتي المطربة الكبيرة (وردة) بالأهتمام بك، ابتعد بحق موهبتك التى نقدرها ونحترمها ونفتخر بها، ورصيدك من الأغنيات الناجحة الكثيرة جدا عن مثل هذه النزوات الغنائية.
ولا يغرك نجاح فقاقيع الغناء وغربان الملاهي الليلية وتكوينهم لثروات لأن هؤلاء مصيرهم سلة زبالة التاريخ!، وعود بنا إلى الألحان والأغنيات التى تذكرنا بالعصر الذهبي للغناء وتوصلنا إلى عتبة الحلم، وتُسلمنا للخيال الخصب الخلاق.